![]() |
رِحْلَةٌ إِلَى الشَّرْقِ الجَبَلِيِّ
رِحْلَةٌ إِلَى الشَّرْقِ الجَبَلِيِّ
رَآهَا ذَاتَ مَرَّةٍ صُدْفَةً ، وَهْيَ تَرِدُ إِلَى البِئْرِ مَعَ أُخْرَيَاتٍ . كَانَتْ صَبِيَّةً تَسْتَعِدُّ بِثَبَاتٍ لِطَيِّ سَنَتِهَا الرَّابِعَةِ بَعْدَ العَشْرِالأُوَلِ . تَمَيَّزَتْ عَنْ بَقِيَّةِ مَالِئَاتِ المَاءِ بِبَيَاضٍ صَافٍ وَ مَلاَمِحَ رَقِيقَةٍ مُتَنَاسِقَةٍ ، إتَّحَدَتْ وَ أَفَاضَتْ عَلَى العُيُونِ سِحْرًا طَغَى وَ أَسَرَ كُلَّ رَانٍ إِلَيْهِ . وَهَبَهَا الخَلاّقُ عَيْنَيْنِ تُمَارِيَانِ الغَزَالَ سَوَادًا وَاتِّسَاعًا ، وَتُنْـزِلاَنِ الوَيْلاَتَ بِمَنْ تَرْشُقَانِهِ . تَعَوَّدَتْ مُنْذُ مُدَّةٍ تَمَلِّي الجَمِيعِ فِيهَا ، فَلَمْ تَعُدْ تَأْبَهُ بِاعْوِجَاجِ الرِّقَابِ صَوْبَهَا ، وَلاَ بِاتِّسَاعِ البَآبِئِ النَّهِمَةِ ، المُلْتَهِمَةِ ... إفْتَتَنَ بِهَا ، كَغَيْرِهِ ، أَيَّمَا فِتْنَةٍ . تَمَنَّى لَوْ طَالَت بِهِ لَحَظَاتُ الوِصَالِ النَّدِيَّةِ ، لَكِنَّ رِفَاقَهُ أَتَمُّوا تَثْبِيتَ خَشَبَةِ البِئْرِ ، وَتَنَادَوْا لِلْمُغَادَرَةِ . عَصَفَتْ بِهِ بِعُنْفٍ ، مَشَاعِرُ مُبْهَمَةٌ ، وَوَدَّ لَوْ يَسْأَلُ عَنْهَا مَنْ مَعَهُ . لَكِنَّ الخَوْضَ فِي هَذِهِ المَسَائِلِ قَدْ يُكَلِّفُهُ حَيَاتَهُ ، فَالأَعْرَافُ عِنْدَهُمْ تَسْمُو عَنْ تَنَاوُلِ المَوَاضِيعِ المُتَعَلِّقَةِ بِالشَّرَفِ . سَانَدَهُ الحَظُّ عِنْدَمَا حَيَّاهَا عَبْدُ الحَمِيدِ الذِي كَانَ مَعَهُمْ ، وَلاَمَهُ الجَمِيعُ ، بِغَيْرَةٍ مَخْفِيَّةٍ ، عَلَى ذَلِكَ . فَبَرَّرَ حَرَكَتَهُ بِتَهَكُّمٍ قَائِلاً : " أَنَا مَيِّتٌ ، سَوَاءً مِنَ الكَلاَمِ مَعَهَا ، أَوْ مِنْ حُبِّي لَهَا " . وَ ضَحِكَ غَيْرَ مُدْرِكٍ أَنَّ فِي الجَمْعِ عَيْنًا اِحْمَرَّتْ غَضَبًا ، وَأَنَّهَا المَرَّةُ الأَخِيرَةُ التِي يَكُونُ فِيهَا مَعَ أَصْحَابِهِ ... فَفِي مَسَاءِ ذَاتِ اليَوْمِ ، قَدِمَتْ لأَبِيهِ الغَافِلِ مَجْمُوعَةُ رِجَالٍ وَطَالَبُوهُ بِالرَّحِيلِ فَجْرًا ، وَإِلاّ فَلَنْ يَضْمَنَ أَحَدٌ حَيَاةَ إِبْنِهِ المُسْتَهْتِرِ . كَانَ الأَبُ عَجُوزًا نَفَقَ السَّوَادُ فِي رَأْسِهِ وَأَضْنَتْهُ السِّنُونُ المُتَتَابِعَةُ ، لَيْسَ لَهُ مِنْ خَلِيفَةٍ إِلاّ وَلَدٌ طَائِشٌ أَطَاحَ بِهَيْبَتِهِ وَجَنَى عَلَى كِبَرِهِ غَيْرَ عَابِئٍ . خَضَعَ لِلأَمْرِ المَحْتُومِ ، وَلَمْ تُشْرِقْ الشَّمْسُ إِلاَّ وَهْوَ يَتَّكِئُ عَلَى عَصَاهُ خَلْفَ المَرْحُولِ المُتَبَاعِدِ عَنِ الدُّوَّارِ ، يُغَالِبُ دَمْعًا يُلِحُّ عَلَى فِرَاقِ عَيْنَيْهِ كَمَا فَارَقَ صَاحِبُهُ أَهْلَهُ وَذَوِيهِ بِلاَ إِرَادَةٍ مِنْهُ . وَمِنْ يَوْمِهَا لَمْ يُعْرَفْ مُسْتَقَرُّهُ ، وَلاَ مَا حَدَثَ لِلْغِرِّ الغَبِيّ ِ. شَاعَ الخَبَرُ مُمَزِّقًا الآذَانَ ، لَكِنَّهُ شَفَى غَلِيلَ العَاشِقِ وَنَزَلَ عَلَى نَفْسِهِ نُزُولَ النَّدَى عَلَى شِفَاهِ النَّرْجِسِ ، فَقَدْ عَرَفَ نِسْبَةَ مَحْبُوبَتِهِ ، وَ أَحَسَّ أَنَّ الفَتَاةَ لَنْ تَكُونَ لِغَيْرِهِ . عَادَ عَدِيدَ المَرَّاتِ لِلْبِئْرِ ، عَلَّهُ يُصَادِفُهَا ، إِلاّ أَنَّهُ كَانَ فِي كُلِّ عَوْدَةٍ يَكْرَعُ مِنْ كَأْسِ الشَّوْقِ بِلاَ آرْتِوَاءٍ . فَكَّرَ فِي مُفَاتَحَةِ أُمِّهِ عَنْ آمَالِ خِطْبَتِهِ ، لَكِنَّهُ عَدَلَ عَنْ ذَلِكَ سَرِيعًا ، فَهْوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ تَحْدِيدِ هَوِيَّةِ فَتَاتِهِ ، وَ وَالِدَتُهُ مُجَرَّدُ حَامِلٍ الرِّسَالَةَ لأَبِيهِ ، وَلِلأَخِيرِ القَرَارُ الصَّائِبُ ، فَإِمَّا الرَّفْضُ وَ إِلاَّ خِطْبَةُ إِبْنَةِ أََخِيهِ الدَّمِيمَةِ ، حَسْبَمَا جَرَتْ عَلَيْهِ الأُصُولُ : الإِقْتِرَانُ بِبِنْتِ العَمِّ لِلْحِفَاظِ عَلَى نَقَاءِ الدَّمِ وَالسُّلاَلَةِ . مَرَّتْ عَلَى ضَحِيَّةِ التَّقَالِيدِ لَيَالٍ كَبَّلَهُ فِيهَا جَلِيدُ العَجْزِ ، وَ أَحْرَقَهُ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ مِنْهَا بُرْكَانُ العِشْقِ . فَآنْبَرَى سَابِحًا فِي مَلَكُوتِ السُّهُومِ وَالجَرْيِ خَلْفَ سَرَابٍ آخِذٍ كُلَّ يَوْمٍ فِي التَّنَائِي . لاَحَظَ الأَهْلُ زَهْرَتَهُمْ تَذْوِي تَدْرِيجِيًّا فِي أَوْجِ الرَّبِيعِ ، وَلَمْ تَلْقَ أَسْئِلَتُهُمْ غَيْرَ الصَّمْتِ المَرِيرِ ... صَادَفَ أَنْ اهْتَدَى أَبُوهُ إِلَى دَفْعِهِ لِلرَّحِيلِ مَعَ القَافِلَةِ ، عَلَّهُ يَنْجُو مِنْ أَسْرِ نَفْسِهِ . وَكَانَ الشَّرْقُ الجَبَلِيُّ وِجْهَةَ المَجْمُوعَةِ فِي نِطَاقِ مُقَايَضَةِ مَا أَنْتَجَتْهُ الأَيْدِي وَ الأَرْضُ وَ المَاشِيَةُ بِمَا يُقَابِلُهُ لَدَى البَرْبَرِ مِنْ زَيْتُونٍ وَحُبُوبٍ . طَالَتِ الطَّرِيقُ وَ شَقَّتْ عَلَى الرَّاكِبِ وَ المَرْكُوبِ . إِسْتَمْتَعَتْ فِيهَا السَّمُومُ وَ تَفَنَّنَتْ فِي لَفْحِ الوُجُوهِ وَ الأَيْدِي وَ السِّيقَانِ . وَلَمْ تَفِلَّ فِي المَرِيضِ بِحُكْمِ اغْتِبَاطِهِ بِأَوَّلِ رِحْلَةٍ لَهُ ، وَ لأَنَّ تَرْكِيزَهُ آنْحَصَرَ فِي الإِنْصِهَارِ ضِمْنَ الخَيَالِ مَعَ عَاصِفَةِ قَلْبِهِ ... وَصَلَ الرَّكْبُ بَعْدَ ظُهْرِ رَابِعِ يَوْمٍ إِلَى الجَبَلِ ، وَتَفَرَّقَ المُسَافِرُونَ فِي مَسَارِبِهِ ، كُلٌّ حَسَبَ مَعَارِفِهِ وَاحْتِيَاجَاتِهِ. فَلَزِمَ الفَتَى شَيْخَ الدُّوَّارِ ، وَسَاعَدَهُ فِي تَوْجِيهِ الخِرَافِ وَ تَجْمِيعِهَا كُلَّمَا شَرَدَتْ . كَانَ عَلَيْهِمَا الوُصُولُ لِمَقْصَدِهِمَا قَبْلَ هُبُوطِ الظَّلاَمِ ، لَكِنَّ المَسْلَكَ الوَعِرَ تَحَالَفَ مَعَ الرِّيحِ الشَّامِتَةِ وَ كَبَّلاَ حَرَكَاتِهِمَا حَتَّى هُجُومِ المَارِدِ الأَسْوَدِ . وَكَانَ لِزَامًا عَلَى العَجُوزِ حَطُّ الرِّحَالِ ، فَحَثَّ صَاحِبَهُ عَلَى دَفْعِ لاَبِسَاتِ الصُّوفِ إِلَى غَارٍ لَيْسَ عَنْهُمْ بَعِيدًا . وَ عِنْدَمَا بَدَأَ اللَّيْلُ فِي ابْتِلاَعِ الفَضَاءِ الرَّحْبِ ، كَانَ الإِثْنَانِ يَدْفَعَانِ لِلْكِلاَبِ مَا تَيَسَّرَ مِنَ التَّمْرِ وَالحَلِيبِ أَمَامَ الحُفْرَةِ الجَبَلِيَّةِ ، وَالثُّغَاءُ المُطْمَئِنُّ فِي جَوْفِهَا يُبَدِّدُ سُكُونَ المَدَى ... بَعْدَ عَشَاءٍ جَافٍّ خَفِيفٍ عَلَى الضَّوْءِ الخَافِتِ المُنْبَعِثِ مِنَ الفَتِيلِ الصَّغِيرِ ، انْزَوَى كُلٌّ مِنَ الرَّفِيقَيْنِ فِي رُكْنٍ بَاحِثًا عَنْ أَحْضَانِ الرَّاحَةِ . وَسَرِيعًا ، تَلاَعَبَتْ بِالشَّيْخِ أَمْوَاجٌ عَاتِيَةٌ مِنَ الشَّخِيرِ . أَمَّا الآخَرُ ، فَرَاحَ يَعْتَصِرُ ذَاكِرَةً كَلَّتْ مِنْ اسْتِحْضَارِ الوَجْهِ المُشْرِقِ ، وَلَمْ تَجُدْ عَلَيْهِ بِغَيْرِ العَيْنَيْنِ الغَادِرَتَيْنِ ، فَاكْتَفَى قَانِعًا . حَانَ مِنْهُ تَمَلْمُلٌ خَفِيفٌ ، أَحَسَّ عَلَى إِثْرِهِ بِوَخَزَاتٍ فِي زِنْدِهِ ، خَالَهَا عُودًا عَالِقًا بِكُمِّ قَمِيصِهِ ، لَكِنَّ الإِحْسَاسَ الخَفِيفَ تَحَوَّلَ سَرِيعًا إِلَى حُرْقَةٍ مُتَصَاعِدَةٍ وَخَدَرٍ مُوجِعٍ فِي الأَنَامِلِ . كَشَفَ رِدَاءَهُ لِيَصْعَقَهُ مَرْأَى ذِرَاعِهِ مُصْطَبِغًا بِزُرْقَةٍ وَانْتِفَاخٍ ، مَعَ نُقْطَتَيْنِ صَغِيرَتَيْنِ مِنَ الدَّمِ الأَسْوَدِ . سَرَتْ فِيهِ رِعْدَةٌ شَدِيدَةٌ ، لِعِلْمِهِ أَنَّهَا عَلاَمَاتُ لَدْغَةِ الزَّوَاحِفِ . سَارَعَ بِتَقْرِيبِ الفَتِيلِ مِنْ مَرْقَدِهِ مُرْتَجِفًا ، فَأَلْفَى شَقًّا خَفِيًّا تَرَاءَتْ مِنْ خِلاَلِهِ رَأْسٌ عَرِيضَةٌ ، شَدِيدَةُ السَّوَادِ ، يَنْبَعِثُ مِنْهَا لِسَانٌ طَوِيلٌ فِي حَرَكَةِ كَرٍّ وَ فَرٍّ مُتَوَاصِلَةٍ . زَادَ إِرْتِبَاكُهُ ، إِلاَّ أَنَّهُ عَجَّلَ بِتَنَاوُلِ عَصَاهُ وَحَشَرَهَا بَيْنَ مُهَاجِمِهِ وَالشَّقِّ الذِي يَحْمِيهِ . تَعَالَى الفَحِيحُ مُنْذِرًا ، وَسَعَى الجِسْمُ الأَسْوَدُ للتَّمَلُّصِ مِنَ الحِصَارِ فِي الْتِوَاءَاتٍ جُنُونِيَّةٍ . إِسْتَمَاتَ المُصَابُ فِي تَكْبِيلِهِ لِلْعَدُوِّ ، وَاسْتَنْفَرَ بِفَزَعٍ المُبْحِرَ فِي يَمِّ الأَحْلاَمِ . فَنَهَضَ الأَخِيُر مُتَثَاقِلاً ثُمَّ انْتَصَبَ وَاقِفًا لَمَّا أَدْرَكَتْ عَيْنَاهُ النَّاعِسَتَانِ حَقِيقَةَ المَأْزِقِ . تَنَاوَلَ بِدَوْرِهِ عَصَاهُ ، وَ ثَبَّتَهَا بِدِقَّةٍ عَلَى أُمِّ الزَّاحِفِ ، ثُمَّ رَصَّهَا بِكُلِّ مَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَغِلٍّ ، حَتَّى شُلَّتْ حَرَكَةُ السَّامِّ . حَمِدَ العَجُوزُ رَبَّهُ عَلَى النَّصْرِ ، وَ تَسَاءَلَ مُتَمْتِمًا عَنْ سَبَبِ خُرُوجِ الثُّعْبَانِ فِي هَذَا الوَقْتِ البَارِدِ مِنَ السَّنَةِ . وَالتَفَتَ بِإِعْيَاءٍ لِشَرِيكِهِ لِيُلْفِيهِ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ ، ظَنَّ الظَّافِرُ ، وَهْوَ يَرُشُّ المَاءَ عَلَى وَجْهِهِ مُبْتَسِمًا ، أَنَّهُ مَصْدُومٌ مِمَّا حَدَثَ . غَيْرَ أَنَّ الشَّابَّ أَفَاقَ وَ أَمَاطَ الثَّوْبَ عَنْ مَكَانِ إِصَابَتِهِ ، فَبَادَرَ الشَّيْخُ إِلَى سِكِّينِهِ يَشْحَذُهَا فِي ارْتِعَاشٍ وَقَلَقٍ ، وَأَحْدَثَ جُرُوحًا صَغِيرَةً فِي مُنْغَرَزِ النَّابَيْنِ . أَخَذَ يَمُصُّهَا بِعُنْفٍ وَيَبْصُقُ مَا تَجَمَّعَ فِي فِيهِ مِنْ دَمٍ وَسُمٍّ . ثُمَّ تَنَاوَلَ أَعْشَابًا جَبَلِيَّةً مُقَاوِمَةً لِلسُّمُومِ ، فَجَعَلَ مِنْهَا عَجِينًا رَخْوًا ، بَسَطَ أَغْلَبَهُ عَلَى اللَّدْغَةِ ، وَرَبَطَهَا بِإِحْكَامٍ بِخِرْقَةٍ ، وَ طَلَبَ مِنَ الفَتَى مَضْغَ البَاقِي عَلَى مَهَلٍ مَعَ الحِرْصِ عَلَى البَقَاءِ مُسْتَيْقِظًا حَتَّى لاَ يَطَالَ الأَذَى نَاظِرَيْهِ . طَالَ الوَقْتُ وَ المُسْعِفُ يَسْعَى بِيَأْسٍ لإِلْهَاءِ طِفْلِهِ ، حَتَّى لاَحَظَ فِي جَزَعٍ أَنَّ المِسْكِينَ قَدْ اسْتَسْلَمَ لِسُلْطَانِ المَوْتِ المُؤَقَّتِ . فَطَفِقَ يُرَتِّلُ مَا تَيَسَّرَ مِنَ الذِّكْرِ ، طَالِبًا مِنْ مَوْلاَهُ الرَّحْمَةَ وَحُسْنَ المَآلِ . وَكَانَ بَيْنَ الفَيْنَةِ وَ الأُخْرَى يَتَحَسَّسُ الجِسْمَ المُنْكَمِشَ الذِي نَزَّ العَرَقَ الغَزِيرَ ، وَارْتَعَدَ تَحْتَ بَرَاثِنَ الحُمَّى وَ الأَلَمِ .. وَلَمْ يَطُلِ الأَمْرُ ، حَتَّى أَمْسَكَتْ الهَلْوَسَةُ بِزِمَامِ مَا تَبَقَّى مِنْهُ ، فَأَظْهَرَ لِسَانُهُ المَعْقُودُ مُا عَصَفَ بِحَيَاتِهِ ، وَكَشَفَ المَسْتُورَ المُحَرَّمَ دُونَ وَعْيٍ أَوْ إِدْرَاكٍ . زَمَّ الشَّيْخُ شَفَتَيْهِ فِي عَصَبِيَّةٍ ، فَالمُتَحَدَّثُ عَنْهَا كَانَتْ بِنْتَ أُخْتِهِ ، وَالوَلَدُ يَخْنُقُ خَافِقًا مُمَزَّقًا ، لَنْ يُشْفَى إِلاَّ بِالوِصَالِ ... وَلَّتْ اللَّيْلَةُ بِمُعَانَاتِهَا وَ آلاَمِهَا ، وَ نَجَا الفَتَى مِنَ الكَارِثَةِ . لَكِنَّهُ عَجَزَ عَنْ غَيْرِ التَّمَدُّدِ وَلِسَانُهُ ثَقِيلٌ مِنْ كَثْرَةِ الوِشَايَةِ بِمَكْنُونِ الذَّاتِ المُعَذَّبَةِ . بَادَرَ العَجُوزُ لِسَوْقِ دَوَابِّهِ أَمَامَهُ بَعْدَمَا إِطْمَأَنَّ عَلَى اسْتِقْرَارِ حَالَةَ النَّاجِي ، وَلَمْ يُلَمِّحْ إِلىَ مَا بَلَغَ أُذُنَيْهِ مِنْ إِعْتِرَافَاتٍ قَاتِلَةٍ ، وَتَوَارَى خَلْفَ الجَبَلِ طَالِبًا شَارٍ لِمَا يَعْرِضُ وَلَوْ بِالخَسَارَةَ . عَادَ بَعْدَ سُوَيْعَاتٍ لاَهِثًا وَلَيْسَ مَعَهُ غَيْرُ الكِلاَبِ ، فَنَادَى رَفِيقَهُ لَكِنَّهُ لَمْ يُلَبِّ النِّدَاءَ ، فَاقْتَرَبَ مِنْهُ وَهَزَّهُ بِلَهْفَةٍ ... وَرَجَاءٍ ... |
رد: رِحْلَةٌ إِلَى الشَّرْقِ الجَبَلِيِّ
[align=center][table1="width:95%;"][cell="filter:;"][align=center]سرد محكم ،ممتع ومشوق أخ زهير يحسسنا أنها بداية لسلسلة أو رواية و ليست مجردة قصة قصيرة و كذلك هي النهاية المفتوحة.
لاأعرف إن كانت بنيتك أن تضيف للقصة تتمة أو حلقات أخرى لكنني أخالك قادرا على ذلك . لك تقديري و تحيتي[/align][/cell][/table1][/align] |
الساعة الآن 53 : 08 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية