![]() |
المارد وحمية الدم
المارد وحمية الدم [align=justify] أظلم الجو و اكفهر ، وغامت السماء ، ودمدمت الرياح مثيرة نقعا وأسى في نفوس ثائرة جامحة . ماذا يهم إن غنم الأسد أو اندحر؟ إن فاز الحصان أو خسر؟.. طفح الكيل وبلغ السيل الزبى والقلوب الحناجر . حتى البحر لم يعد ملاذا من أجل السكينة وبث الشكوى ، وصار عرضة للارتجاج قبل أن ترتج قشتالة أو كاليسيا أو كاطالونيا .. الداء وبيل والشر مستطير و الحمية لا تجديها " العزائم" و لا الولائم نفعا . الحمية تكتنفها بعض الغرابة في زمن متخم بكل ما لذ وطاب ، وبكل ما يدغدغ البطنة ويمحو الفطنة . لكنها حمية تبعث على الأمل بعد أن استشرى الداء في العظام حتى طال النخاع ... جسد مثخن ، دوده يثير الغثيان .. والبحر ؟.. آه لو كان هذا البحر الذي فقد نصاعته منا يسد رمقه ، وليت سماءه تعج بسلوى تطهر بطنه من العفن . هل يكفي ؟..لا ، فللحمية طقوس ومراسيم يجب اتباعها بخشوع وابتهال... الدم.. أول وصفة لها .. يسفك دم عجل له خوار ، و بقرة صفراء ذات أوصاف محددة ، ثم يخلط الدمان ، ويحمل الخليط إلى ضريح ناء حيث يملأ شمعدان منه بعد أن تنتزع شمعاته . يلي ذلك انتظار اكتمال البدر ليعج أديم السماء بالنجوم المتلألئة . ينتقى منها واحدة ، ويرش عليها بالسائل القاني قبل أن ينتهي الليل... الليل... مهد الأحلام ومنبع أنات النفوس الصامتة ، الرازحة تحت وطأة العيون المتربصة . سينتهي الليل بعد أن ينام الوطواط منهكا ، ويستيقظ الديك مؤذنا ، وينطلق الهدهد عابرا المسالك والممالك ليعود بأشهى الأخبار، عل وعسى يبرأ هذا الجسد العليل الذي حارالحكماء في تشخيص دائه قبل أن يسعفهم القدر ودنو الخطر ببصيص من نور اهتدوا به إلى كون هذا الجسد مملوكا ، وأن مالكه مارد من أخبث المردة الذين عاثوا في كل الأجساد فسادا . قال حكيم من الذين غاصوا في أعماق الأسفار وحفظوا المتون ودرسوا كل الألواح:" لا يهم الزمن.. أربعون حولا ، أو مائة ، أو حتى ألف لا يعني خلود المارد في الجسد ، شرط أن تتبع الحمية بكل عناية و إصرار.. عندئذ – يؤكد الشيخ الوقور- إما النزوح وإما الحلول والذوبان.." أما زميله ، وهو خبير في اصطياد المردة بطريقته الخاصة ، فأردف قائلا :" كم من مارد حل وارتحل ، تشبث ونزح... كيف؟... أنا أضيف إلى حمية الدم عملية استئصال مضغة سوداء تعري المارد و تظهره على حقيقته ، فلا يبدو منه سوى سوأة تزكم الأنوف ، ومذلة تثير الاشمئزاز... والويل كل الويل لمن تثير المسكنة شفقته أو تحرك الذلة أوتار رحمته ." وحين يتشنج الجسد وتلتحم مفاصله ، يكون مفعول الحمية قد بدأ يسري ، في انتظار اليوم الموعود حيث يلفظ المارد إلى غير رجعة ، تائها إلى ما لا نهاية . [/align] |
رد: المارد وحمية الدم
لم تفْضِ بي هذه القصة إلا إلى منتهى واحد: فلسطين الجروح... وجروح فلسطين أراها خاطرة أو مقالاً أكثر منها قصة، فعمق فكرتها نأى بها عن معالم القصة الواضحة استمتعت بكل حرف هنا، وبكل سطر لم يخل من إشارة أو رمز دام لك الإبداع رفيقاً مخلصاً أستاذي الكريم |
رد: المارد وحمية الدم
اقتباس:
أهنئك على هذه القراءة المتمعنة و اهنئ نفسي على اكتساب قصتي لقارئ مثلك . كل الشكر والامتنان لك على تجاوبك . بكل المحبة . |
رد: المارد وحمية الدم
آخر النصوص التي قرأتها لك، -ربما بسبب اختياري للعناوين- جعلتني أراها محزنة كقصص السيد " فاضل" لكن الأسلوب المشوق هو نفسه، ومتعة متابعة السرد دائمة الحضور.. حتى إني رأيت أيضا " كليلة ودمنة" في قصتك ، والعنوان جعلني أعود للمصباح السحري....
ويحتاج نصك هذا قراءة متأنية |
رد: المارد وحمية الدم
اقتباس:
فشكرا لك خولة على اهتمامك . |
الساعة الآن 37 : 12 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية