منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   الخاطـرة (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=30)
-   -   ليتنا نبقى صغاراً (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=19621)

حكمت خولي 27 / 03 / 2011 47 : 11 PM

ليتنا نبقى صغاراً
 
ليتنا نبقى صغاراً

تراخى نبيل واستسلمَ لهباتٍ من النسيمِ العليل
راحتْ تداعبُ روحه برقتها وعذوبتها .
كان يجلسُ تحت سنديانةٍ عتيقةٍ تربطه بها
أواصرُ محبةٍ وصداقةٍ قديمةٍ .
وفجأةً بدأت الذكرياتُ تنقرُ بأناملِها الخفيةِ
على بابِ مخدعِ عقلِه الباطني تحفِّزُه على التنبُّهِ والإستيقاظ .
وراح شريطُ الصور والذكريات يمرُّ
أمام ناظريهِ بطيئاً متهادياً وكأنه يدعوه
للتوقفِ عند كلِّ ما يُثيرُ اهتمامه ويُشغلُ نفسهُ .
وفجأةً توقف به الشريطُ عند مرحلةٍ من الفتوةِ الأولى
كان فيها طيباً ووديعاً يحملُ في قرارةِ
نفسهِ أحلاماً وأمنياتٍ ورديةً زاهية .
كان يطفحُ قلبه بمحبةِ الناسِ والغيرةِ على مصالحهم
وتقديم كلِّ عونٍ ومساعدةٍ لأيٍّ كان .
لم تكن روحه تختلجُ إلاَّ بالخيرِ والمثلِ الإنسانيةِ الساميةِ ...
وكان يذهلُ ويستغربُ من عالمِ الكبارِ
كيف تتقاذفهم أعاصيرُ البغضاءِ والكراهيةِ ،
فيتطاحنون على مكاسبَ ماديةٍ كم كان يراها سخيفةً وتافهةً ...
وكم كان يحقدُ على ذلك العالم لما يراه فيه من شرٍّ
وآثامٍ ومفاسد .
وكم كان يتمنى لو يكبرُ بسرعةٍ ليصبحَ قادراً
على أن يفعلَ ويؤثرَ في ذلك العالم فيُصلحه ويغيِّرُه وينقيهِ .
وراح شريط الذكريات يدورُ من جديد
بطيئاً يُريه كيف أخذت العواصفُ والأعاصيرُ
تهبُّ عليه تحاولُ أن تقتلعه من جذورِه ،
أعاصيرُ الكبارِ وشرورهم ،
شهواتهم التي لا تشبعُ وجشعهم الذي لا يرتوي .
وبدأ الصراعُ القاتلُ في نفسِه ،
كيف يحافظُ على نقاءِ وطهارةِ الطفولةِ فيه
في هذا الخِضمِّ الأهوج المتلاطم من الحاجيات والمتطلبات
التي تنوءُ بثقلها على روحه الوديعة .
وحافظَ نبيلُ على أصالةِ نفسِه وعلى جذورِه
المتشعبةِ والمتأصلة في الخيرِ ومحبةِ الإنسان .
ويدورُ الشريطُ ونبيلُ يتأملُ بمرارةٍ وألم وبفرحٍ وغبطة .
بمرارةٍ وألم لأنه عجزَ عن تغيير العالم ِ حولهُ ،
كان كل شيءٍ أقوى منه ، فقد ترسَّخَ الشرُّ في ترابِ هذا العالمِ،
عالمِ الكبار ، وأصبحَ فلسفةً ومذهباً،
لهما دعاةٌ ومروِّجون وأساتذةٌ مدافعون .
وبفرحٍ وغبطةٍ لأنه استطاعَ أن يحافظَ
على صفاءِ روحهِ وأن يوجِّهَ سفينةَ حياتِه
نحو الشطآنِ الآمنةِ رغم كلِّ الأنواءِ والعواصف ....
وما يعزيهِ ويواسي قلبَه الجريحَ ما كان يلاقيه
في طريقِه من ورودٍ وأزاهير كانت أسمى غاياتِها
ومثار فرحتِها أن تفوحَ بعبقِها لتملأ أجواء الأرضِ
بأزكى الروائحِ دون أيِّ مطلبٍ أو أجر .
واكتشف في محصلةِ حياتِه أن للروح النقيةِ
فرحاً ولذةً يفوقانِ كلَّ مباهج وملذاتِ الجسد .
وتيقنَ أن مباهجَ الروح ، بثمارِها وأزهارِها ،
هي الأبقى والأخلد وما تبقى من سواها فسرعان ما يزولُ ويذبلُ ....
وأخيراً أصبح يُشفقُ على الكبار ويتمنى لو يداوي أمراضهم ...
فهم جاهلون أعمتْ عيونَهم سفاسفُ الدنيا
وأغلقتْ على بصائرِهم بتلبُّدِ الحسِّ والعقلِ فأصبحوا عبيداً
في زنزاناتِ شهواتهم ونزواتهم ..
وتمنى أخيراً لو يصوغُ من دموعِ قلبِه وروحِه
سياجاً يحمي به صغارَ العالمِ من شرورِ وتوحُّشِ الكبارِ
ويساعدهم ليكبروا ويحافظوا على الطفولةِ في قلوبهم وأرواحهم .
حكمت نايف خولي / من قبلي / أنا كاتبها



نوره الدوسري 01 / 02 / 2012 14 : 08 PM

رد: ليتنا نبقى صغاراً
 

الاستاذ الفاضل / حكمت الخولي

ليتنا كنا صغار

طالما رددناها في أصعب المواقف وأحلكها

فالطفولة براءة وبياض وعالم لاشر فيه ولاضغينه

عالم يكون الإنتصار فيه للحق وأهله والطيبين

عالم لا الأسود فيه وأرد

ولا الرمادي مقبول
عالم مستوي ومستقيم
لا عوجاج فيه



أستاذنا الفاضل /

سرد رائع كان كهبة النسيم التي أخذتنا إلى عالم كنا فيه

ومازلنا نحلم به

والصادق منا لايزال يرى الدنيا بعين الصغار

رائع

وحياك الله في نهر القصة التي زهت بقلمك

تقديري

نوره الدوسري

عبد الحافظ بخيت متولى 01 / 02 / 2012 00 : 09 PM

رد: ليتنا نبقى صغاراً
 
ليتنا نبقى صغارا
عنوان كاشف عن حالة الحنين الى الطفولة حيث البراءة والطهر ومتن الخاطرة الذى لا يقل اهمية عن متن القصة كاشف عن بطل جل اهتمامه البراء والنقاء فى عالم دنسته الرذيلة والخبث وصار معتما بغياب القيمة
وسرد ممتع اعتمد على لغة كاشفة ونقية وارى ان تحولها سيدى الى قسم القصة
كل محبتى وعظيم تقديرى

Arouba Shankan 14 / 09 / 2012 01 : 07 PM

رد: ليتنا نبقى صغاراً
 
[frame="11 95"]
وشكرا للوجدان المفعم حنينا للطفولة
أحسست بغصة اليتم ،أحتاج لأن أعود طفلة
خاطرة أقرب للقصة بسردها
فيض تحية
[/frame]

شيماء البلوشي 14 / 09 / 2012 29 : 09 PM

رد: ليتنا نبقى صغاراً
 
وليتنا نبقى صغارا ..
ولكننا كبرنا .. وعصفت بنا الحياة ..

تحياتي وتقديري لك استاذي الفاضل :)

رشيد الميموني 14 / 09 / 2012 28 : 11 PM

رد: ليتنا نبقى صغاراً
 
مهما كبرنا ، يبقى جزء من طفولتنا متجذرا فينا ..
هناك من يكبت هذه الطفولة المتجذرة وهناك من يعيش على سجيته كأنه طفل .. بكل براءته وعفويته .
نص ممتع حقا ويمزج الخاطرة بالقصة ..
دمت مبدعا أخي حكمت .
مع كامل مودتي .

خولة السعيد 26 / 08 / 2020 37 : 01 PM

رد: ليتنا نبقى صغاراً
 
خاطرة قصصية...
فعلا...
ليتنا نبقى صغارا

عزة عامر 29 / 12 / 2020 01 : 02 PM

رد: ليتنا نبقى صغاراً
 
ويحزنني أن ثلة من الذين تأملوا وحلموا وأنكروا على العالم شره ، ثلة من تلك الثلة تشرنقوا في ظلمة خوفهم !! والتي منعتهم دهشتهم ، وحبسهم حذرهم من تغيير العالم أو حتى التأثير فيه ، والثلة الأخرى انساقت إلى ذلك العالم واندمجت في شروره ، بينما تاه المتشرنقون في أنفسهم ، وانفصل الطيبون وتعب عليهم الباحثون ، وانهكت الحياة .
بعض الخواطر تأخذ بالإنتباه ، وبعضها يأخذ باللب ، وبعضها يلامس الروح كما لامست تلك روحي .


الساعة الآن 04 : 05 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية