منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   الشعر المعاصر (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=295)
-   -   من شعر يوسف الخطيب2 (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=20584)

عبد الحافظ بخيت متولى 18 / 06 / 2011 18 : 02 AM

من شعر يوسف الخطيب2
 
في أَذانِ العَصْرِ..
كانتْ تنَحَني مَرْكَبَةُ الشَمسِ إلى الوادي،
ويَلتاعُ صَهيلاً فَرَسُ الموتِ المُطَهَّمْ..
أَعطِني نَاراً.. و قِيثاراً..
سَأُهدي الصَّمتَ سِكُّينَ أغانيَّ
وأُلقي شعراءَ التاجِ في قعرِ جَهَنَّمْ !!..
أَعطِني ناراً.. و قِيثاراً..
أُغنُّي الليلَ غِرنَاطيةَ الأشْجانِ..
ولِيذهَبْ بهمْ عَرَّابُ مَدريدَ إلى قعْرِ جَهَنَّمْ!!..
في أَذانِ العَصْرِ..
كانَ الموتُ سَكرانَ ثُمالاتِ الشرايينِ،
وَيُورِي زُرْقَ أَنْيابِ الشياطينِ، و يَنهَمْ..
إنني أُشْهِدُكَ، اللَّهمَّ،
أنَّ الموتَ سَرَّاقٌ يهوديٌ
و يَسْقي مِنْ دَمِ الأَطْفالِ
مَعْجُونَةَ «فُوريم» على كَوْنٍ مُهَدَّمْ..
في أَذانِ العَصْرِ..
كانَت وردَةٌ قدْ سَفَحَتْ أَشذاءَها الريحُ..
و كانَ الغَيْمُ حِنَّاءً على الأُفْقِ، و عَنْدَمْ..
عِنْدَما جِيءَ بِهِ مِنْ ضفةِ النَّهْرِ
على أَذْرُعِ أَتْرابٍ،
وشُقَّتْ حُفرَةٌ، في الحُرجِ، شَرقيَّ المُخَيَّمْ..
في أَذانِ العَصْرِ..
دَلَّى رَأْسَهُ في أَبَدِ الصَمْتِ
سِوى ما حَجَرٍ في قَبْضِ يُمْناهُ..
يقولون.. تَهَجَََّ لَفْظَ «أُمُّي»، و تَكَلَّمْ..
فخُذي أَعْوامَهُ التِسعَةَ في حِجْرِكِ..
رِفْقاً..
أرضِعيهِ لَبَنَ الروحِ، إلى الريُّ،
هنا آخِرُ ما عُصفورُ أَحشائِكِ يُفْطَمْ..
في أَذانِ العَصْرِ..
كان الريحُ زَمَّارَ تَبَاريحَ
يُغَنُّي، في زُرُوعِ السَفْحِ
تَغْريبَةَ أعْشاشِ العَصافِيرِ
عَلى أضْلاعِ قِيثارٍ مُحَطَّمْ..
عِندَما حَفَّ بِهِ غَسَّالَةُ المَوْتتت
على تَشرِيحةٍ مِنْ خَشَبِ البَلِّوطِ
سَحَّتْ غَيمَتا رَنْدٍ.. و كافورٍ..
سخاءَ اللَّهِ.. حَتى يَتَحمَّمْ..
في أَذانِ العَصْرِ..
كانَ الحزنُ صُعلوكاً على قارِعَةِ الدَرْبِ
أتى يَسْأَلُنا زَاداً..
فَبِتْ لَيْلَكَ فيِنا، طارقَ الليلِ المُلَثَّمْ..
هذِهِ الخَمْرُ التي تَشْرَبُ كَنْعانُ
عَتِيقُ الجُرْح من عِيسى..
و قطْرُ الدَمْعِ مِنْ مُقْلَةِ مَريمْ..
في أَذانِ العَصْرِ..
كانت طِفْلَةٌ تَرْكُضُ خَلْفَ النعْشِ
لما لاذَ دُورِيٌّ إلى نَافِذَةِ الكُوخِ، و حَوَّمْ..
ما تُغَنُّي تِلكُمُ الجَوقةُ
في أعلى أراجِيحِ السَماواتِ..
وما الوَردُ الذي يضفرُ رِضوانُ،
وحتى الجِنِّ، والأَفلاكُ.. ماذا تَتَرنَّمْ ؟!..
في أَذانِ العَصْرِ..
لَمَّا سُدَّ بَابُ القَبْرِ.
صَلَّى، في نَسيمِ القِبْلَةِ، السَّرْوُ عليهِ..
وعَبيرُ الزَعتَرِ البَريُّ.. سَلَّمْ..
فأَدِرْ، يا أَيِّها الساقي، عَلينا الكَأْسَ..
لا بأسَ..
أَظنِّ اللَّهَ لَمَّا أَبدَعَ الإِنسانَ
خَلْقاً.. طَيَّ خلْقٍ..
كانَ مِنْ فَرْطِ خَيالٍ، وجَمالٍ، يَتَأَلَّمْ !!..
كانَ مِنْ فَرْطِ خَيالٍ، وجَمالٍ، يَتَأَلَّمْ !!..
------------------------------------------------------------------------------------------
الليلةَ ينبعُ من دمهم نهرُ الأُردُنِّ
ثلاثةَ أَوديةٍ من عَسَلٍ قانٍ
لِثلاثةِ أزمانٍ
فيصيرون وَضُوءَ الأَرضِ ، وَضُوءَ الشمسِ
يصيرون غداً ، والآنَ ، وذِكرى أمسِ
ثلاثةَ أَثلاثٍ في جَمْعِ أَحَدْ ..
الليلةَ ينضُجُ من دمهم تُفَّاحُ " الصفصافِ "
وَكَرْمَةُ " ترشيحا " ..
والليلةَ يَـتَـعَـمَّـدُ في دمهم أَطفالُ أَرِيحا
والليلةَ يشتعلُ " الجَرْمَقُ " فاكهةً ونبيذاً
ويُضِيءُ على البَرِّيـَّـةِ زيتونُ صَفَدْ ..
الليلةَ هُم آتونَ العُرْسَ ثلاثةَ عُرسان
وثلاثةَ أَقمارٍ تَتَغسَّلُ في جدولِ بُستانٍ
فَتَضَرَّجْنَ الحِنَّاءَ نِساءَ فِلسطينَ ..
تَطَـيَّـبْـنَ الأَنداءَ نِساءَ فلسطينَ ..
تَـفَـتَّـحْـنَ مُروجاً خضراءَ نساءَ فلسطينَ ..
عليكنَّ الليلةَ أن تحملن ثلاثةَ آلافِ وَلَدْ !!..
لِيَجِيءْ في هذي الليلةِ جيلُ الوعدْ ..
الجيلُ المعقودُ النُّطفةِ من أَلَـقِ البرقِ
وتحت هزيمِ الرعدْ ..
الجيلُ الصاعقةُ البارقةُ
الأَجنحةُ ، الأَشرعةُ ، الأَنواءْ ..
لِيَجِيءْ في هذي الليلةِ من بطنِ الأرضْ
الجيلُ الرافعُ بالضَمِّ مدينةَ " نَعَمٍ "
من " لاءِ " الرفضْ ..
الجيلُ الـمَـغْـذُوَّةُ عيناهُ رحيقَ الشمسِ
الـمَتْلُوَّةُ أُذُنـُـاه أَساطيرَ الشهداءْ ..

لِيَجِيءْ في هذي الليلةِ من لَبَنِ الحزنْ
الجيلُ الـمَطْلَعُ ، موسيقى الكَوْنِ ..
الجيلُ التشكيلُ ، الـتأصيلُ
العربيُّ اللونْ ..
الجيلُ الحبُّ ، الأَشواقُ ، الفَرَحُ ، الإِشراق
الجيلُ الفاتحةُ الصادحةُ جروحَ الأَرضِ
بلابلَ ، وجداولَ ، وحدائقَ شُعراءْ ..
أَنْ تَلِدَ امرأةٌ قَمَراً أَسمرَ ..
أَن يرضعَ ، أَن يلعبَ ، أَن يكبرَ ..
أَشهدُ أَنَّ اللهَ جميلٌ
والليلةَ وَجْدٌ وحنانْ ..
يامرأَةً من دِجلةَ تَسَّاقَطُ بَلَحاً
في أرضِ فِلسطينَ
أَيا نخلةَ عَذَقٍ تشتعلينَ
تَحُلِّينَ جدائِلَكَ الذهبيةَ في شمسِ الـجَرْمَقِ .....
يا امرأَةً من حَلَبٍ ،
يا ساقيةَ حليبٍ ترتحلينَ
فَتَسقِينَ بِوادي الأُردُنِّ بساتينَ الزنبقِ .....
يا امرأَةً من أَعلى النيلِ
ومن أَقصى المغربِ والمشرقِ .....
أَقَرَأتُنَّ وَصِيَّـتَهم ؟؟..
أَكتبتنَّ وَصِيَّـتَهم !!..
أَنتنَّ الآنَ ـ نِساءُ العَرَبِ ـ الوحدةُ ، والـحُبُ
و أَنتنَّ الأرحامُ الأَثلامُ ، وأَنتنَّ الـخِصبُ
و أَنتنَّ كُرومُ الصبحِ
الواعدةُ خلاصَ الإنسانِ .. خُلوصَ الإِنسانْ ..

أَنتنَّ الآنَ ـ نِساءَ العَرَبِ ـ حليبُ الثورةِ
لِدْنَ ذُكوراً ..
أَرضِعنَ ذُكوراً ..
وَدِّعنَ إلى النصرِ ذُكوراً ..
فَلْتَكُ صرخةُ غَضَبٍ عربيٍّ في هذي الأرضِ
وشهقةُ سيفٍ عربيٍ في وجه الطغيانْ !!..
أَنْ تَلِدَ امرأَةٌ قَمَراً أَسمرَ ..
أَنْ يتوشَّحَ من دَمِهِ الوطنُ
قِلادةَ ياقوتٍ أَحمرَ ..
أَنْ يَتَدَهْنَ من دَمِهِ العنبرَ ..
قُل شيئاً آخرَ غيرَ الشعرِ ،
وخلفَ حدودِ الأَوزانْ ..
فَلْتَكُ هذي الليلةُ حُباً في مجدِ اللهِ
وفي الأرضِ سلاماً ،
والناسِ
و داليةً تشعلُ طِلَىً
و نجوماً ، وَ حِلَىً
و أَساوِرَ من ذهبٍ ، و قلائِدَ من ماسْ
فَلْتَكُ هذي الليلةُ وَصْلاً و جَمالا
وَ حُلولاً في العالمِ و خيالا
و يتيماً من مَكَّةَ بالقدسِ
يُلَوِّنُ بستاناً قَمَرِيِّــا
وَ مَخاضَ امرأَةٍ في جذعِ النخلةِ بالقِبلة
و جنوناً عُذْرِيِّا
و مجيئاً عربــيَّــاً عربيا
في حَشْرَجةِ الأَرضِ ، و في أَوجاعِ الناسْ ..
فَلْـتَكُ هذي الليلةُ عيدَ الأعيادِ
و أُغنيةَ الميلادِ
وَ عَوْدَةَ شعبٍ عربي تقرعُ في فَرَحِ الأَجراس ..
و أنا يا وَلَدا أَعتزِلُ الندمانَ الليلةَ
كي أَشربَ في موتِكَ عَلْقَمَ كلِّ الأَرضِ
و حنـظَلَها ..
كي آتِيَ جبهتَكَ السمراءَ بِإِكليلٍ
من حَبَقِ اللَّطرونِ
فَأفرِدَ خُصُلاتِكَ للريحِ ، و أَجدِلَها ..
و أَهيمَ على كل جهاتِ الأرضِ
أُناديكَ ، و أَصرخُ في إِثْرِكَ :
إِذهبْ !!.. لا تذهبْ !! ..
إِرجعْ !!.. لا ترجعْ !!..
أَنا لست بقاتـِـلِكَ الآخرِ يا وَلَدا ..
أَنا سَلَّحـتُكَ للنصرِ الكَلِمَةَ و الـحُبَّ
و أَجنحةَ الفَرَحِ الأَعلى ..
وَ سَأُقـتَـلُ من بَعدِكَ ..مِن قَبلِكَ ..
ثُلْثَ ثلاثةِ أَصحابٍ في ليلِ الفردانْ !!..
الليلةَ هم آتونَ العُرْسَ ثلاثةَ عُرسانٍ
و ثلاثةَ أَقمارٍ تَتَغسَّلُ في جدولِ بستانٍ
فَتَضرَّجنَ الـحِناءَ .. نِساءَ فِلسطينَ ..
تَطَـيَّـبنَ الأَنداءَ .. نِساءَ فِلسطينَ ..
تَـفَـتَّـحنَ مُروجاً خضراءَ .. نِساءَ فِلسطينَ ..
عَليكُنَّ الليلةَ أن تحملنَ ثلاثةَ آلاف وَلَدْ !!..
------------------------------------------------------------------------------------------

سُدىً تتبرَّجُ الكلماتُ يا بيروتُ
ليس يموتُ
عَصْفَ النارِ، والإعصارِ
غيرُ الظلمِ.. والظُّلمهْ..
وَتَبْـقَيْنَ البِشارةَ.. والمَجِيءَ...
ولهفةَ الميلادِ.. والعُريَ المُضيءَ..
ووحدكِ العذراءُ..
فامتلئِي بِأبكارِ الرُّؤى نِعمهْ..
سُدىً تَتَغَيَّثين مناهلَ الصحراءِ
لا وَعْدٌ على بَرِّيةِ الأحقافِ
غيرُ مَدافنِ الأسلافِ..
لا برقٌ يَشُقُّ أُنوثةَ الغيمه..
هنا التَأَمَتْ صلاةُ " الغائبِ العربيِّ "،
ثم قرأتُ فاتحتي
لأضرحةِ الشهامةِ.. والفداءِ..
عليهما الرحمه!!..

أَسَيِّدتي كأنَّ حريقَ هذا الكهفِ
يصقلُ منكِ حَدَّ السيفِ،
يُنْشِبُ من لهيبِ أضالعِ الشهداءِ
كُلَّ أَظافرِ النقمه
كأَنَّ غداً يَدُقُّ رِتاجَ هذا البابِ،
يَغسِلُ حُرقةَ الأهدابِ في فَرَحٍ
ومِنْ قُزَحٍ
يُفَسِّرُ في دهاليزِ الدجى حُلْمَهْ
كأَنَّ جِراحَ من سقطوا
تصيرُ براعِمَ الرُّمَّانِ
أشعلها بجبهتِكِ الصباحُ
وحُمَّت الأقداحُ بين عرائشِ الكَرمهْ
وأُقسمُ بالندى والشمسِ، يا بيروتُ
إذ يَتَضَرَّجُ النَّعمانُ في دَمِهِ
فَمِن فَمِهِ
يُشِعُّ التوأمانِ.. الجُرحُ.. والبسمه..
وأَحدِسُ أن قلبي الآنَ ذو نبضينِ..
أَصباهُ.. وأَنضجهُ.. العذابْ..
كأنَّ لَذْعَ النارِ طَعْمُ قصائدي!!..
وَتَفَتَّحتْ في رأسِيَ الحكمه!!..
أَقولُ لكم...
" إذا كان الإمامُ بلا وَضُوءٍ
" لن تجوزَ صلاتُها الأمَّهْ..
أَقولُ لكم...
"تَباركَ شعبُنا العربيُّ، بعد اللهِ،
" غيرُ جبينِهِ مَنْ يحملُ الوصمه..
أَقولُ لكم...
" سُدىً شَرَّقتُ في لُجَجِ السَّرابِ،
" وباطلاً غَرَّبتُ في تيهِ العذابِ،
" وكلُّ ما أدركتُ أن ضَيَّعتُ بوصَلَتي
" وراءَ خُرافةِ القمه!!..
2
مَذاقُ النصرِ في قاموسِكَ العربيِّ
فاكهةٌ مُحَرَّمَةٌ،
وَطَعْمُ القهرِ.. كبريتٌ.. ومِلحُ..
وتَنحبِسُ الغيومُ على حلاقيمِ الثُّلومِ
وجُرحُ شعبِك فاغرٌ
من ألفِ فاجعةٍ يَسُحُّ
سأَلتُ الله.. عفوَكَ..
كم تَنِـزُّ قُروحنا عَبَثَ الرياح..
ولم يَمَسَّ القومَ قَرْحُ!!..
أَتنهدمُ القبورُ على القبورِ
ويَمَّحِي بأديمِ هذي الأرضِ آدمُها
وما يَنْهَدُّ للطاغوتِ صَرْحُ؟!..
كأَنَّ مَدى المُحيطِ.. إلى الخليجِ..
مُدىً تَعيثُ بمسلخٍ
فيكونُ جزارٌ.. وأبقارٌ.. وصلحُ..
ويَطلعُ، بَعْدُ، أكثرُ من "مُسَيلمةٍ"
وتلتمعُ الدُّمى
وَيَعُمُّ هذا الكونَ قُبْحُ!!..
لِمَن تَلِدُ النساءُ إذنْ؟!..
إذا لم يغزُ ليلَ القدسِ.. قِدِّيسٌ..
ولم يُنجِز على الطاغوتِ رمحُ؟!..
بَلى.. حَبِلَتْ.. فَأَثْقَلَتِ الخِيامُ
فَثَمَّ في بطنِ الظلامِ
يَهِمُّ بالميلادِ.. تَكوينٌ.. وصُبْحُ..
تكاد تفيضُ بالآتين أرحامٌ،
وتأزفُ.. من مخاضِ القهرِ.. أيامٌ،
وأَعلامٌ مجنحةٌ.. وفتحُ..

لأنَّا غَيْثُ رائعةِ المواسمِ
حيث نسقيها جوارحَنا
سَيُمرِعُ في الربى.. وَرْدٌ.. وقمحُ..
سَتُومِض، بَعْدُ، أشواقٌ،
وَتَنْهَلُ من رحيقِ الشمسِ أحداقٌ،
وَيَالنَهَارِ عملاقٍ سَيَصحُو..
ويطلعُ، بعدُ، في قاموسِكَ العربيِّ
أجراسٌ.. وأقواسٌ..
وَفَوْحٌ يغزِلُ الرؤيا.. وَبَوْحُ..
3
أَظُنُّ هناك إخبارِيَّةً عن نَبْضِ قلبِيَ
في أضابيرِ المَباحِثِ
أن جِنَّاً من طُيوفِ القدسِ تسكنُني
أظنُّ هناك تعميماً على كل المَخافِرِ
أنَّ وزنَ حقائبي
أوزانُ أشعارٍ.. وأحلامٌ تؤرِّقُني
أظنُّ هناك مَلْصُوقاً بِجُدرانِ المدينةِ
يَستَحِلُ دمي،
وأنَّ سماحةَ المُفتي يُزَنْدِقُني..

لذلك يشربُ العُشَّاقُ خمرَ قريحتي،
وأُهَرِّبُ الآمالَ، في الآلامِ
ذَوْبَ الشوقِ.. في الشَّجَنِ
فما هَمِّي إذا لَوَّنتُ بالأضواءِ
أَحداقَ النجومِ على أساريرِ السماءِ..
هل الرقابةُ بَعْدُ تَشطُبني؟!..
رضيتُ جَزاءَ عِصياني
ويُعرَفُ مَنْ هُمُ الشعراءُ،
لا مِن خِلْعَةِ السلطانِ..
بل من فادحِ الثمنِ!!..
تَظَلُّ لِيَ السماءُ، وَخَفْقُ أَجنحتي،
ومِزماري.. وأُغنيتي..
ومعنى الروحِ تُرْعِشُ هَيكلَ البَدَنِ
لأنَّي لم أَبِعْ، بِمَزادِهم قَلَمي،
وما بَدَّلتُ جِلدةَ وجهيَ العربيِّ..
لم أَسقُط.. ولم أخُنِ..
ولكنْ، صُغْتُ نَبْضَ الحرفِ،
وَهْجَ السيفِ..
واستبقيتُ لي عُمْراً، وراء العمرِ
إن وَغْدٌ سَيَقْتُلني!!..

وأُقسِمُ، بَعدُ، يا نفطَ العُروبةِ
أن هامةَ سَرْوَةٍ بالقدسِ
أَقربُ عند أبوابِ السماء..
فما ابتغاءُ شفاعةِ القطران، بالوطنِ؟!..
----------------------------------------------------------------------------
يفتُو .. شِنكو ..
أَنا ، يُحكَى ، أَني آخرُ هِنـديٍّ أحمرْ
لن تلمعَ .. مِن بعدي ..
حَرْبَةُ هَـمَـجِـيٍّ في الشمسْ !!..
لكني ...
وَ مَقابِـرِ أَجدادي في عُرْيِ الصحراءْ ..
وَ عِـظامِ الموتى ..
وَ رُفاتِ الشهداءْ ..
لن أَحمِـلَ في روحي وَشْــمَ القُـطعانِ المدنيِّـه
لو صِيغت ذَهَـباً أَصفادُ الحُـرِّيه !!..
مِن هذا أنا – في القِشرةِ- مَوْشُــومٌ
في الصَّدغِ .. وفي أَرنَـبَـةِ الأَنفْ ..
والصَيَّادُ الـحَـضَـرِيُّ .. "الخوفْ"..
يَـطرُدني في غابـاتِ الفولاذِ المشتبكه
يَـتَـعَـقَّبني بين الأَدغالْ
حتى الكولورادو !!..
حتى الأورال ْ!! ..
أنا يُـحكَى أَنـي إِنســانُ الكهفْ ..
الإِنسان الـحَجَرِيُّ الأَوَّل ..
وَ يُـخَـيَّلُ لي، اللحظةَ ، أَنِّـي زِنجيٌّ أَعزَلْ
أَنِّـي الإِنسانُ .. بِتَسمِـيَـةِ "الوحشِ"!!..
يُباغِتُني الوحشُ .. بِـتَسـمِيَةِ " الإنســانْ" ّّ..
و ضَجيجُ رِهـانْ
في حَـلْـبَـةِ رُوما
يَصِـمُ الدنيا عاراً .. وَ يَصُـمُّ الآذانْ
فَلْتَـصدَحْ أَبـواقُ القيصرْ!!..


أَنا ، يُـحكَى ، أَنـي "مامُوثٌ" في البَـرِّيَّـة
لُـقْـيَـةُ أَثـَـرِيٍّ في مُـغُـرِ البحر الـمَـيِّتْ
و أُصادُ .. وأُسلَخُ .. في البيتِ الأَبيضْ ..
رَجَلٌ آرِيُّ أَبيضْ ..
يَستَقطِرُ من شَــــحمي آبارَ الزيتْ
أَيـُـضِـيءُ على موسكو .. تِـمثالُ الحريَّـه !!..
إِيفتـو .. شِــنكو..
ضَعْ أَيضاً ، في شِعرِكَ ، أَنـي هَـمَـجِـيُّ العصـرْ
الشِّريرُ .. البدويُّ ..
الصاعدُ من روحِ الشيطانْ
اللَّاسامِيُّ .. الآكِلُ لحمَ الإِنسانْ :
" آنّ فرانك..
" دريفوس..
" روبي شــتاين!!..

لِـتَـهِـسَّ مَلِـيَّاً في "بابي يار "
" الأَسـماءُ الرَخْصَةُ كَغُصونٍ في نيسانْ " !!..
ولأنـي- في القصةِ- لم أَزل الهنديَّ الأحمْر
فـأَنا لَـوْثُـةُ موسوليني..
و أَنـا الجِـنِـيُّ الســاكنُ في هتلـرْ ..
أنـا كُنتُـهُمـا .. في الرايخِ .. وفي روما ..
في صورةِ إِنســانٍ مُـتَحضِّـرْ !!..
وَهَسيسُ العُشْـبِ على ســفحِ الشــهداءْ
في " بـابـي يـار " !!..
لا يَرثي مَـيْـتاً .. لا يَـتَـأَوَّدُ مِن حُزنِ ..
هو يَلعَنُني..
هو يَستَصرِخُ كُـهَّـانَ الشــعرِ " الأَحرار !! " ..
حتى : لَـتَـكادُ تُـضِـيءُ الكلماتْ !!..
لتَـكاد تَـبِـيضُ حَساسينَ ، بُطونُ الحَـيَّـاتْ !!..
" يا عارَ الإِنسانِيَّةِ أَن يبقى في الدنيا
" عربيٌّ حَـيَّـا ..
" في الرملةِ .. في يافا ..
" في أَقصى الصحراء ..
" ما بَـقِـيَـتْ عُــشـبه
" تحنيها الريحُ على سفحِ الشهداء !!..
" في " بـابـي يـار " !!..
إِيفتو .. شِـنكو ..
لـم تَـنْـتَــهِ بَـعْـدُ اللعبهْ ..
فكمـا يَـتَـقـنَّـعُ وجـهٌ منا، بالوجهِ الآخرْ
كبُـكاءِ ضميرِ العالم في أُغِـــنـيَّــةِ حُبْ
كَـتَـفَـتُّـحِ سُــنبلةٍ مَـلأَى تحت غَمـامـةِ حـربْ
فكذلكَ ..
في الأرضِ السُــفلى من " سـفحِ الشهداءْ " !!..
- فـي " بـابـي يـار " -
سَــفحٌ مجهولٌ لم تَـرَهُ الشمسْ
مَزروعٌ قَـتلَى غَـربِـيَّ القدسْ
سفحٌ آخرُ .. ما جَدوى الأسـمـاءْ ..
عَرَبِـيُّ النِّســوةِ .. والرُّضَّــعِ .. والأشلاءْ ..
لا يَملِكُ أَن يَـتَـمـوَّجَ عُشــباً ..
أن يَـتَـفَـتَّـحَ أزهارْ ..
إِذ يَـقبَعُ في الأَغوارْ ..
لا يَملِك أَن يتســلَّقَ سطحاً ..
أن يَـتَـفَـصَّدَ أَشـــعارْ ..
إِذ يُورِثُ في عُمْقِ الأغوارْ
ملحمةً أُخرى .. ما جَدوى الأسماء ..
بُـركانـاً ..
عاصفـةً ..
زِلزالْ ..
حتى الكُولُورادو !! حتى الأُورالْ !!..

وأنا .. مِن ذاك السطحِ السُّــفــلِيِّ الراكدْ ..
مِـن ذاكَ العصرِ الجيولوجيِّ البائدْ ..
لم أَبرَحْ مَوثُوقَ الأطرافِ على جَـبَلِ الزيتونْ
أَتَـطَـلَّـعُ في الشَّــفَقِ القُدسـيِّ الأحـمرْ
فأَرى .. أَتـَمَـزَّقُ .. أَتَـفَـجَّرْ ..
- في الوجهِ الآخرِ من " آنِّ فرانكْ " -
سِــحنةَ هتلر ..
في الوجهِ الآخرِ .. من " شعب اللهِ المختارْ " !!..
كلا .. لم تَـنْـتَـهِ بعدُ اللعبهْ ..
العالَـمُ حَشْرَجَةٌ كُبرى .. وحِوارُ عِظامْ ..
تَـتَعذَّبُ .. أَو تَـصْـدَحْ ..
مابين خُـوارِ يهوديٍّ – (تَـتَـمَـنَّاهُ لِـشَـخصِكَ)-
في قَـرنِ العِجلْ ..
وَصَفيرِ الريحِ التِشريِـنيَّـةِ – (من شعبي)-
في ظُـنْــبُـوبَـةِ طِـفلْ ..
يَتَساوقُ في الليلِ النَّـغَـمُ الكَونِـيُّ الخالدْ
يَـتَـبَـرَّجُ في وَهْمِ الأوهامْ
في شمسٍ غارِبةٍ أَبداً عن "بُوتسدام"!!..
قد صار صَليبٌ مَعقُوفٌ .. بُوقـاَ معقوفـاً ..
و الـمَذبَحُ إيِّـاُه الـمَذبَحْ
والعالَـمُ حَشْرَجَةٌ كبرى .. وحِوارُ عِظامْ..
تَتَعذَّبُ .. أَو تَصدَحْ !!..
لكنْ ...
لن تَـغْـدُوَ رُوسِــيّـاً حَـقَّـا..
أُمَـمِـيَّـاً حَـقَّـا..
(الإِسم الأَنقى ما بين الأسماء ) ؟؟!!..
حتى تـَتـَـأَبـَّـطَ من شـعبي هذا التَّــذكـارْ :
ظُـنْـبُـوبةَ طِفلٍ ثَـقَـبَـتْها الريحُ "بعَـرَّابَـهْ"
هي أَشــجى ما تَعزِفُ شُـــبَّـابَـهْ
كي يَرثِـيَ حَـيٌّ .. مَـيْــتاً .. في " بابـي يـار " !!.
إِيفتو .. شِــنكو..
أَنا ، أَمسِ ، قرأتُـكَ في الصُحُفِ الحَـضَـريَّـه ..
في " اللايف " .. نَـعَمْ ..
مَعزوفـةَ حُبٍّ شرقيَّــه
تَـتَـرَنَّـحُ في صَخَبِ الجازِ .. تَـضِجُّ أَلـَـمْ ..
أَنـا ، أَمسِ ، سَمِعتُكَ في غابةِ واشنطنْ
أُغرودةَ حُـرِّيَّـه..
عُصفوراً أَبيضَ مِن سِيبريا ..
يَـتَـحَـمَّمُ في مُستَنقعِ دَمْ !!..
أَنـا ، أَمسِ ، شَــهِدتُـكَ في اللَّيلاتِ الباريســـيَّه
قَـصَـبَةَ نــايٍ مَــرْوِيَّــه
مِن نهرِ الفولغا..
مِن غيمةِ أُكتوبر..
تَـتَـقَـصَّـفُ بين الإِعلانات الضَّوئِـيَّـه !!..
أَنـا ، أَمسِ، قرأتُكَ في بُـورْصَـةِ لندنْ
خَـطَّ بَـيانٍ .. لا أكثر..
يَـتَـعَـرَّجُ صُعُـداً في ســعرِ الدولارِ
وفي تَــغطيةِ "الآغورا" الإسرائيليَّــه ..
وَ يُـخَـيَّلُ لي ، اللحظةَ ، أَنـي آخرُ هنديً أَحمرْ ..
أَنـي الإِنسانُ .. بِـتَسْمِـيَـةِ "الوحشِ " !!..
يُباغِتُني الوحشُ .. بِـتَسْمِـيَـةِ "الإِنسان " !!..
أَنـي الـمامُوثُ العربيُّ النازفُ نيرانَ الحريَّـه !! ..
إِيفتو .. شِنكو..
ما قيمةُ أن نتعلَّقَ في أَذيالِ الأمسْ ؟!..
لابأسْ ..

ما قيمةُ أَن نَزرعَ حِقداً ..
أن نَتَهاجَى..
أن نتبارزَ من خلف الكلماتْ ؟!..
قد تَعْلَمُ أن الشمسْ
تمضي قُـدُمـاً
تبحثُ في جوفِ الظُّـلُماتْ
عن غَـدِ أَحلامٍ آتْ
فَـلْـنَـنـــسْ ..
لكني.. أُقسِــمُ .. معذرةً ..
- بِشريعةِ لِـيكُـورْغُـوسْ -
لن أَقمِصَ في جِلدي "الـمَـسِّــيـنِيَّ" الـرِّقَّـا
وسأبقَى البعثَ .. سأبقَى البعثَ..
ســأبقَى!!..

وَكُ وحدَكَ تلخيصَ العالـمِ ..
صَـفْوَ الأشـــياءْ ..
روســـياً حقا !!..
أُمَـمِـيَّـاً حقا !!..
--------------------------------------------------------------------------------------
بِـاســمِ التُرابِ ثائرونَ ، باسمِ الشعبْ
باســمِ الغدِ النبيلِ ، فَـلْـيَـمُـرَّ الركبْ

جـبـاهُـنا على المدى
يَـلْفَحُـها هَجيُر الشـمـسْ
مُشْـــرَعَـةٌ على الردى
تَضرِبُ في جبينِ الـيـأسْ

إِزميلـَهـا المقدودَ من ذراعِ الشــعبْ

إنَّـــا نَـدُقُّ بوقَ البعثْ
نُـــدني إلى الجذورِ الحرثْ
أَيـَّـتهــــا الجِـبـــاهُ ، بالدمِ
خُـطِّــي على الثرى ، و أَقسِـــمي
أَنَّ لـنـا الخلودَ و الصبــــاحَ الرَّحـبْ

عُــدنا ، أَتـينا ، نُـعَـذِّبُ الدجى
نَحرِقهُ فينـــا
نَبني ، نُـغَنـِّي ، نعـانِـقُ الرجـــا
نَصنـعُ آتينــــا

تَـمَـزَّقي أَعِـنَّــةَ الغَـضَـبْ
لَـنرفَعَـنَّ دولةَ العربْ
باسم التراب ثائرونَ ، باسم الشــعبْ


2
في الليلِ أَيـدينـــــــا تَـدُقُّ بابَ الصُّبحْ
تَــــدُقُّـــهُ ، تَـــدمَى ، يَشِــعُّ منها الجرحْ
تَــضَـوَّئـِـي يا أَرضَــنا
عُـبِّـي مِن العــروقِ الزَّيـتْ
حتى يَـجِـيءَ بَعْـــدَنـا
جيلٌ يَــفِــيءُ نُـعمىَ البَـيـتْ
حتى يَـفِـيضَ في السـماءِ نَبْـــعُ الصبحْ
إَنـا نَـــدُقُّ بـــوقَ البعثْ
نُــدني إلى الجذورِ الحرثْ
أيَّتهــــا الطليعةُ اُخطَفي
ناصِيةَ الرياحِ ، واعصِفِي
وَ لْــنُــطْــعِـم التِّــنِّــينَ ، بَعْدُ ، وَهْجَ الرُّمحْ
عُـدنا ، شَــــرَعنا المُــظَـفَّـرَ المُـضاءْ
يا أيـُّـهـا الغالي
حَلِّــقْ ، وصَـفِّـقْ ، تَــوَّطنِ السماءْ
مَنــــــارَ أَجيالِ
تَــمزَّقي أَعِـنَّـــــةَ الغضبْ
لَنَرْفَعَــــنَّ دولةَ العربْ
باســـمِ التُرابِ ثـائرونَ ، باســمِ الشــعْبْ

3
نادَى النَّـفـــــيُر ، والمســـيُر دَرْبٌ وَعــــرْ
رُحنـــا لَهُ ، عَــدَّ الرمـــالِ ، مَدَّ البَحرْ

جِـيلٌ يَمُوتُ ، ألفُ جيلْ
يَـخلفُـهُ لِشَوْطِ الغــــــدْ
الدربُ دوننـــا طويـــلْ
فَـلْـتُـجــزِلِ البُحورُ المـــدْ
حتى نَــشُـدَّ في الجبــــاهِ غارَ النَّـصـرْ
ِإنــا نَـــدُقُّ بُـوقَ البعثْ
نُـــدني إلى الجذورِ الحرثْ

أَيَّتهــــا المرابِـــعُ اشـــرَبي
دمــاً طليعيَّــاً ، و قَــرِّبـي
مِن أجلِ عــالَـمِ السـلامِ وَعْــدَ الفَـجـرْ
عُـدنا ، خُـطــانا الضياءُ والسلامْ
فَلْتَشــهد الدنيـــا
هَلَّـــتْ ، أَطَـلَّـتْ ، تُـزَحـزِحُ الظلامْ
مَشـــاعِلُ الرُّؤيا
تـمزَّقي أَعِنَّــــةَ الغَضَبْ
لَنَرْفَعَـــنَّ دولةَ العربْ
باسـمِ الــتُرابِ ثـائرونَ ، بـاسمِ الشعبْ




الساعة الآن 33 : 10 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية