![]() |
بوصلة الحنين الفلسطيني - الكتاب الفلسطيني - طلعت سقيرق
[align=justify]
وعدتك يا غالي أن أنشره لك كاملاً لأساهم بجزء بسيط من تعبك بكتابته لإنجازه بسرعة وسهرك عليه في الفترة الأخيرة وبرغم كل التعب والألم الذي أعانيه جراء سوط نومك الطويل الذي يجلدني بلا رحمة، سأكمل النشر وكلّي أمل بالله تعالى أن تصحو وتعود لنا وتجد نشره قد اكتمل بوصلة شوقي وحنيني لك خطوات مع كتابك كتابنا الفلسطيني هدى **** هل نستطيع بصورة من الصور أن نضع الحنين أمام العين ونأخذ في تجزئته وشرح أبعاده والتطلع إلى جوانبه لنفهم لماذا ينبض فينا الشوق على هذا الشكل وتشتعل في محيانا النجوى على هذه الصورة ونحن نتذكر أو نحاول أن نتذكر قطعة من الوطن زرعوها في بالنا فراحت تكبر مثل كرة الثلج حتى صارت بحجم أعمارنا وزادت على ذلك فصارت مرسومة في ملامحنا وداخلة في كل مشاعرنا وأحاسيسنا وأنفاسنا ؟؟.. هل للحنين جسد أو كيان أو حتى شكل حتى يبدو بهذه الصورة من الصور التي في كثير من الأحيان تستبد فتمحو أي صورة أخرى ؟؟.. كثيرا ما أتصور أنه الحب الصاعد حتى أعلى عتبات الروح ليسيطر على كل لفتة أو نفس أو تنهيدة .. هل جربت كيف يذهب النظر بعيدا فتكاد تشتعل الشرايين بل تغلي وهي تحط على قطعة صغيرة من ارض وتروح تناجيها وتغازلها وتغزل لها أجمل الأشعار وكأنها الحبيبة الوحيدة في الدنيا دون منازع؟؟.. وقد يسأل أحدهم وهو في حيرة من أمره : لكن هل شاهدت هذه الأرض؟؟..هل عاينت هذا البيت ؟؟.. هل شممت أو تنفست الهواء هناك ؟؟.. هل مشيت ذات يوم في الدرب لتصل إلى حيث تعرف فيطول جلوسك وتأخذ في رسم لوحة غيابك عن كل شيء كما يطيب لك كونك نلت المنى ؟؟.. وأسأل دون أي تردد : وهل هذا ضروري حتى أحن إلى ما أحب؟؟..وإذا كان ذلك ضروريا ألا يمكن أن يكون كل ذلك موجودا في تكويني وتركيبتي ومشاعري وأحاسيسي دون حاجة إلى كوني قد عشت المكان والزمان حضورا حقيقيا من خلال الجسد الفيزيائي؟؟..ألا يحق لمن ورثني ملامحي ومشاعري وأحاسيسي وتفكيري وتصوراتي والكثير من عاداتي وحركاتي وسكناتي أن يورثني الحنين إلى وطن عاشه وبيت سكنه وهواء تنفسه وصورة كان جزءا منها؟؟.. ألا يحق له وهو الذي ورثني تكويني كله ، حتى كنت ما أنا عليه ، أن يورثني الشوق والحنين إلى بلد داخل في صلب هذا التكوين ومعبر عنه في كل شيء؟؟.. لماذا يحق له أن يورثني رنة صوتي ولا يحق له أن يورثني تطلعي إلى وطن عاشه فداخل كرياته وصار جزءا منه حتى العمق ؟؟.. ثم من قال إن الوراثة وحدها كانت هي المشكل لهذا الحنين والشوق والتطلع والحب والنزوع الأبدي إلى المكان ؟؟..هل ننسى نقل الذاكرة بكل ما تحوي من جيل إلى جيل؟؟..هل ننسى نقل الصور بما حملت من إنسان إلى إنسان ؟؟.. ومن منا لم تكن طفولته كلها وشبابه وحتى شيبه مستودعا للذكريات التي يحفظها الأهل ويصرون على حكايتها بدل المرة ألف مرة وكأنهم يصرون على أن تكون الذاكرة حبلى بنشاط حياتي لا يترك صغيرة أو كبيرة عن الوطن الذي عاشوه وجعلونا نعيشه دون فاصل فكأنهم من خلال روايتهم لنا كانوا يعيشونه من جديد ويجعلوننا نعيشه كما يريدون تماما دون نسيان أي شيء..والأهم من كل ذلك أنهم أوجدوا داخل كل واحد منا بوصلة لا تخطئ في تحديد المكان والزمان ومحط الحنين..هذه البوصلة الفلسطينية بامتياز يمكن أن تسمى بوصلة الحنين الفلسطيني لأنها لم تخطئ مرة واحدة في أخذنا إلى هناك اشتعالا وحبا وحنينا وتوقدا وانهمارا وحياة لا ينقصها شيء .. بوصلة الحنين الفلسطيني هذه يعرفها كل فلسطيني بالفطرة لأنها تولد و*تمتد وتكبر معه ..وأجمل ما في هذه البوصلة أنها تزداد دقة مع الأيام بشكل ليس له شبيه ..هي بوصلة مفردة فريدة رائعة تعلمنا فعلا كيف نعيش الحنين وكيف نصفه وكيف نسير معه خطواتنا دون تردد ..فما أروع وما أجمل أن نحمل مثل هذه البوصلة داخلنا لأنها زادنا الذي لا ينطفئ .. طلعت سقيرق [/align] |
الساعة الآن 03 : 09 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية