![]() |
بالعمر نكتب بصماتنا - الكتاب الفلسطيني - طلعت سقيرق
[align=justify]غدا ستطلّ علينا وجوه بشر ما عرفناهم ولا عرفونا.. سيأتون من رحم الأيام القادمة ليدققوا النظر في بصماتنا ، وليقولوا عنا أشياء كثيرة تفرضها عليهم صفحات العشق التي تركناها هنا وهناك .. ستكون كل كلمة هوية ، وسيكون كل حرف بطاقة مرور إلى داخل كل واحد منا.. ربما يكونون أبناءنا أو أحفادنا أو أحفاد أحفادنا !!..لا ندري بالتحديد.. لكن ما ندريه ونعرفه أنهم سينصبون لنا محكمة يحاكمون فيها حركاتنا وسكناتنا.. ربما ننجو .. أو ربما نقع في مطب أشياء سيرونها بوضوح ما كان لنا أن نعرفه كما سيعرفونه....لكن هل يعني هذا أن نخشاهم وهم من لحمنا ودمنا ؟؟..
من يريد أن يترك شيئا للتاريخ ، شيئا يعرف أنه سيبقى وسيكون له أثره ، عليه أن يدقق في جوانب هذا الشيء .. ومن لا يهمه التاريخ ولا يعنيه ، فليفعل ما شاء .. لأن الساقط من التاريخ ، سيكون ساقطا في عصره بالتأكيد..وإذا كان العصر ينسى أحيانا ، فالتاريخ شديد التذكر ، لا يمكن أن ينسى!!.. أخشى ما أخشاه أن يحاكم الأحفاد الأجداد على ضياع فلسطين من بين الأيدي..فها نحن نجدها تذوب شيئا فشيئا لتتحول إلى مجرد قطعة صغيرة من أرض لا تكاد تتسع لجزء من جزء من شعب فلسطين ..هل سنقول للأحفاد لا تؤاخذونا فقد كانت الظروف أقوى منا وأشد قسوة من قدرتنا على الاحتمال ، لذلك تركنا الكثير من فلسطين للأغراب وأخذنا ما تيسر لنا أو ما أعطي لنا!!.. ألا نخشى أن يقول الأحفاد: وماذا كنتم تخشون .. الشهادة ؟؟.. هل ضننتم بأعماركم وخفتم أن يضيع الزمن القصير من أيديكم .. وماذا فعلتم بما تبقى لكم من أعمار ، هل رفعتم رؤوسكم مختالين فخورين بما حققتم؟؟.. سنقول لهؤلاء الأحفاد إن الدول اجتمعت علينا وما عاد بأيدينا سلاح نقاتل فيه كل صنوف الشر التي هجمت متكالبة مستقوية على ضعفنا!!.. يا أحفادنا الأعزاء كنا لا نملك من القوة إلا القليل ، وكانوا يكدسون السلاح المدمر في كل مكان .. هل كان علينا ان نحاربهم بأجسادنا وقلوبنا وألسنتنا وماذا تنفع في هذا الخضم من التكالب الغريب علينا .. صرنا متهمين بالإرهاب مع أننا نقتل ونذبح وتستباح بيوتنا..حاكمونا وحكموا علينا بأننا نستطيب القتل مع أن الواحد منا يموت بأسلحتهم ألف مرة في اليوم!!..ماذا كنا سنفعل ؟؟.. يا أحفادنا تظنون أننا سلمنا هكذا بطيب خاطر ، وأعطينا ما أعطينا من فلسطين راضين كل الرضا !!.. لا أيها الأحباب فقد تعذبنا وذقنا الأمرين إن لم نقل المرارات كلها .. فلسطين أغلى من أن تعطى، أغلى من أن تبذل، لكن صهاينة العالم ومن معهم كانوا أقوى سلاحا وعدة وفتكا .. حاربنا بالصدور والحجارة فما وصلنا لشيء لأن النتيجة كانت واضحة " العين لا تحارب المخرز " .. حاولوا يا أحفادنا الأعزاء أن تجدوا لنا العذر فيما وقعنا فيه من تشتت وتشرذم وتراجع..!!.. لكن هل سيفهم الأحباء الأحفاد ويعذرون بعد كل هذا!!؟؟.. لا أظن ، لذلك لا أستطيع يا سادتي أن أتخلى عن فلسطين .. صدقوني لا أستطيع .. بكلماتي سأحارب .. بصدري العاري سأحارب .. بإصرار كل ولد من أولادي على العودة وتحرير كامل فلسطين سأحارب.. لن أتراجع مهما كان .. أهو العمر؟؟.. ليكن ، فعدد الشهداء أكثر من أن يحصى .. والمهم أن يقول أحفادنا غدا : رحلوا وهم يدافعون عن فلسطين ، رحلوا وما تخلوا عن شبر واحد منها .. طلعت سقيرق [/align] |
الساعة الآن 30 : 12 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية