![]() |
((هل أعلمه الأدب أم أتعلم منه قلة الأدب))
مقالة للدكتور ميسرة طاهر في جريدة عكاظ
قصة وعظة في كل صباح يقف عند كشكه الصغير ليلقي عليه تحية الصباح ويأخذ صحيفته المفضلة ويدفع ثمنها وينطلق ولكنه لا يحظى إطلاقا برد من البائع على تلك التحية، وفي كل صباح أيضا يقف بجواره شخص آخر يأخذ صحيفته المفضلة ويدفع ثمنها ولكن صاحبنا لا يسمع صوتا لذلك الرجل، وتكررت اللقاءات أمام الكشك بين الشخصين كل يأخذ صحيفته ويمضي في طريقه، وظن صاحبنا أن الشخص الآخر أبكم لا يتكلم، إلى أن جاء اليوم الذي وجد ذلك الأبكم يربت على كتفه وإذا به يتكلم متسائلا: لماذا تلقي التحية على صاحب الكشك فلقد تابعتك طوال الأسابيع الماضية وكنت في معظم الأيام ألتقي بك وأنت تشتري صحيفتك اليومية، فقال الرجل وما الغضاضة في أن ألقي عليه التحية؟ فقال: وهل سمعت منه ردا طوال تلك الفترة؟ فقال صاحبنا: لا ، قال: إذا لم تلقي التحية على رجل لا يردها؟ فسأله صاحبنا وما السبب في أنه لا يرد التحية برأيك؟ فقال: أعتقد أنه وبلا شك رجل قليل الأدب، وهو لا يستحق أساسا أن تُلقى عليه التحية، فقال صاحبنا: إذن هو برأيك قليل الأدب؟ قال: نعم، قال صاحبنا: هل تريدني أن أتعلم منه قلة الأدب أم أعلمه الأدب؟ فسكت الرجل لهول الصدمة ورد بعد طول تأمل: ولكنه قليل الأدب وعليه أن يرد التحية، فأعاد صاحبنا سؤاله: هل تريدني أن أتعلم منه قلة الأدب أم أعلمه الأدب، ثم عقب قائلا: يا سيدي أيا كان الدافع الذي يكمن وراء عدم رده لتحيتنا فإن ما يجب أن نؤمن به أن خيوطنا يجب أن تبقى بأيدينا لا أن نسلمها لغيرنا، ولو صرت مثله لا ألقي التحية على من ألقاه لتمكن هو مني وعلمني سلوكه الذي تسميه قلة أدب وسيكون صاحب السلوك الخاطئ هو الأقوى وهو المسيطر وستنتشر بين الناس أمثال هذه الأنماط من السلوك الخاطئ، ولكن حين أحافظ على مبدئي في إلقاء التحية على من ألقاه أكون قد حافظت على ما أؤمن به، وعاجلا أم آجلا سيتعلم سلوك حسن الخلق، ثم أردف قائلا: ألست معي بأن السلوك الخاطئ يشبه أحيانا السم أو النار فإن ألقينا على السم سما زاد أذاه وإن زدنا النار نارا أو حطبا زدناها اشتعالا، صدقني يا أخي أن القوة تكمن في الحفاظ على استقلال كل منا، ونحن حين نصبح متأثرين بسلوك أمثاله نكون قد سمحنا لسمهم أو لخطئهم أو لقلة أدبهم كما سميتها أن تؤثر فينا وسيعلموننا ما نكرهه فيهم وسيصبح سلوكهم نمطا مميزا لسلوكنا وسيكونون هم المنتصرين في حلبة الصراع اليومي بين الصواب والخطأ، ولمعرفة الصواب تأمل معي جواب النبي عليه الصلاة والسلام على ملك الجبال حين سأله: يا محمد أتريد أن أطبق عليهم الأخشبين؟ فقال: لا إني أطمع أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله، اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون. لم تنجح كل سبل الإساءة من قومه عليه الصلاة والسلام أن تعدل سلوكه من الصواب إلى الخطأ مع أنه بشر يتألم كما يتألم البشر ويحزن ويتضايق إذا أهين كما يتضايق البشر ولكن ما يميزه عن بقية البشر هذه المساحة الواسعة من التسامح التي تملكها نفسه، وهذا الإصرار الهائل على الاحتفاظ بالصواب مهما كان سلوك الناس المقابلين سيئا أو شنيعا أو مجحفا أو جاهلا، ويبقى السؤال قائما حين نقابل أناسا قليلي الأدب هل نتعلم منهم قلة أدبهم أم نعلمهم الأدب؟ |
رد: ((هل أعلمه الأدب أم أتعلم منه قلة الأدب))
من اجمل الرسائل التي وصلتني .. وغيرت من نظرتي لبعض الامور ..
لا اذكر نص الرسالة .. ولكن اذكر جيدا مضمونها واعمل به منذ ذلك الوقت .. كل شخص مسئول عن اعماله .. وسيحاسب عليها .. لذا عامل الناس كما تحب ان يكتب في صحيفتك .. وكما تحب ان تراه يوم عرضه على الملاء .. شكرا عزيزتي .. ودمتِ بصحة وعافية .. واتمنى زيارتكِ في واحة النور وبوح القهوة :) |
رد: ((هل أعلمه الأدب أم أتعلم منه قلة الأدب))
كل يتصرف بأصله وحسب أخلاقه ، وهنا أتذكر حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيه : " لا تكونوا إمعة تقولون : إن احسن الناس أحسنّا وإن ظلموا ظلمنا ، ولكن وطنوا أنفسكم ، إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن اساؤوا فلا تظلموا " طرح قيم وبمتهى الروعة سلمت أناملك سيدتي على الانتقاء الجميل دمت بخير وحب ودي ووردي |
رد: ((هل أعلمه الأدب أم أتعلم منه قلة الأدب))
عزيزتي شيماء شكراً لهذه المداخلة فعلاً نحن نحتاج دائماً للتذكير وأن نحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب غيرنا وما نفعله سترصد لنا في صحيفتنا شكراً لمرورك |
رد: ((هل أعلمه الأدب أم أتعلم منه قلة الأدب))
عزيزتي فاطمة دائماً تتحفيني بمداخلتك شكراً لاهتمامك دمت بخير |
رد: ((هل أعلمه الأدب أم أتعلم منه قلة الأدب))
الأخت الحبيبة ناهد موضوع رائع وقيّم جداً , ويجب الانتباه له جيداً . وأخلص منه إلى القول بأن ( عامل الناس بمثل ماتحب أن يعاملوك به ) فالجواب سيكون : يجب أن اعلمه الأدب ولا أتعلم منه قلة الأدب . شكراً لمواضيعك الهامة , محبتي وشوقي . |
الساعة الآن 45 : 08 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية