![]() |
زيارة
طلبتك قبل ثمانية عشر عاما .
بحثت عنك في الوجوه ودفاتر التاريخ وسطور الروايات . نقبت عنك بدأب . وانتظرتك بصبر وصمت . كلمت الشجر والطير والمطر . وحلقت نحو النجوم . أتعبتني وتألمت . وأعرتني سنيَ السنين وتعذبت . كنت أناديك ، فأخال أني أسمعك . وأكلمك ، فأخال أني أعرف صوتك . لكني رغم كل ذلك ، لم أرك ! كنت دائما صورة ، ذاكرة ، وقلبا مشوقا ، وحبيبا طلب خلَب حبيب ! واليوم ، لما نفد صبري ، عزمت أن أنساك . بدأت ألغي أوائلي معك ، فأكسر بثبات وإصرار جميع بداياتي الأول ، وقلت : أنت محال الوجود ! أنت ضباب وشك ولا أمل ! نعم ، كنت أنزعك من نفسي بعزم أكيد . فأشعر ، وأنا أغتالك أنني سأبدأ منذ الآن بلا أنت ، وسأخطو دونما أنت ، وسأمسك الدنى منذ غد وأنت بعيد بعيد ، قد رحلت دون إياب ! كنت أراك تتلاشى شيئا فشيئا . ثم لما بدأت تمحي وتصير باهتا ، لا حياة فيك ، سمعت قرب خطاك بالقرب مني ، فعراني استغراب ! أحقا هو أنت ؟! أنا أسمع خطوك واضحا ، أكيدا ، واثقا ! اقترب ! اقترب أكثر ! وفركت عيني ، ومزق صورتك تحت قدمي . يا أنت ، ألم تشعر أنك تأخرت بالمجئ إلي ؟! وانحنيت بارتباك على الأرض ألملم شعث صورتك ، فحبوت وساعدتني دونما كلام . كانت يداي عجولتين ، نزقتين ، ترتعدان باستمرار . وكأنما أنا محموم أسيف ، وبرأسي خبل وكما الدوار ! مازلت صامتا ، تعيد بناء صورتك . ولما انتهيت ، رأيت صورة غير صورتك ، ببناء غير بنائي القديم ! فهززت رأسك أن فهمت استغرابي ! وامتدت يداك القويتان ، فأعادتا تركيب الصورة من جديد . فاختلفت الملامح والأشكال كرَة أخرى ، وجاءني صوتك _ كما تخيلته دائما _ واضحا قويا : ما أفعله ليس سحرا . الجوهر واحد ، والمضمون لايتغير ! أردتني قبل ثمانية عشر عاما ، فبحثت عني في غيرك ، ونسيت أن تبحث عني في نقسك ! كنت _ أنا _ قربك ، لصيقا بك ، أراك ولاتراني ، فلم تعرفني إلا طيف شكل حياة متوهمة ! لقد مرَت علي سنيُ سنيك ، فكبرت كما كبرت ، وطلبتك كما طلبتني ، وتعذبت كما تعذبت ! أنا أنت .. أنت أنا ! وخطوت واثقا نحوي : تعال .. فقد أذنت لنا الرؤيا ! :_ ماذا ؟! ( وبصوت جريح كسير تابعت ) لا أريدك ! قلت لك لا أريدك ! وعانقتك والدموع في عيني ، وأنا ألثم جبينك باستمرار :_ أنا أكرهك ! ألا تعرف !؟ وفاحت رائحة بخور من مكان ما . وتابعت بحدة :_ سأعاود تحطيم صورتك من جديد ! ثم ضممتك إلى صدري ، وأنا أشهق بالبكاء ، وجسمي كله يرتجف ، ولساني لا يألو يردد : أنا أكرهك ! أنا أكرهك ! ولترحل كما أتيت ! 4 / 9 / 1988م |
رد: زيارة
وما أسوأها من لحظات عندما نفقد أنفسنا ونمشي هائمين في دروب الحياة ، لا نفهم ذاتنا فكيف سيفهمنا الآخرون ؟! ونعيش بجسد خال من الروح ليس به سوى نظرات أعين تنظر إلى المدى البعيد الفارغ ! وأنى لنا أن نجد أنفسنا في فضاء واسع ونحن قد نسينا البحث في كياننا ! أبدعت وتألقت "أ. منذر أبو شعر " راقني جدا ما كتبت وأحببت أن أبقى مطولا هناا ودي ووردي |
رد: زيارة
الآنسة فاطمة البشر:
وقتما أجد صدى نفسي مع الآخرين ، أشعر أنني جمع ، ولست واحدا بلا عضد . أنا معك .. ونبقى بصحبة طيب اللقاء . |
الساعة الآن 08 : 10 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية