![]() |
طفلة تحت الخراب ..
استعنت ببعض أجزاء قصيدتي الأولى ( كم مر من الوقت ) لأني تأثرت جدا بوقع كلماتها .. و أنها تشبه قصصا واقعية حدثت هنا و هناك .. لذلك كتبت هذه القصيدة التي لها جو القصة .. كتبتها بكل حواسي و كأني أعايش أحداثها .. حياة شهد ( 14/02/2012 ) ....... طفلة .. تحت الخراب .. *1* تحت الخراب .. شيء ما .. يتنفس .. يلقي من بين قصائدي .. قصيدة موت .. شيء ما يلثم الحجر .. ببقايا شفاه بلّلها المطر الأحمر .. شيء ما يبحث بلهفة .. بنصف بحّة .. بحرف متقطع .. يشبه ابتسامة شهيدة .. شيء يقطع خلوتي .. يبعثر لغتي .. يمزق دفاتري .. بيني و بين الخراب .. طريق قديمة .. داستها أودية قديمة .. داستها أحذية قديمة .. بيني و بين الحطام .. افتعال دخان .. ذاكرة سجائر مشتعلة .. تحثني على الاشتعال .. تحت الخراب .. شيء ما .. يفتح شهية فضولي .. فوق كومة الخراب .. استدركت حرفا تكسّر .. أتاه عني المدينة .. و غرفة نومي .. شيء ما يشبهني في صورة ممزّقة يتقاسمها الحجر .. شيء ما من دفاتر فقدت شعلة الصفحات .. شيء ما من بقايا حبرٍ .. و ريق طفل صغير .. و ربطة شعر كذاكرتي ممزقة .. شيء ما يشبه حقيبتي الخضراء .. علّها تتوق لسفر قريب .. شيء يشبه ثوب العيد القادم .. بعد يومين .. شيء .. يعزف كتأبين شهيد .. شيء يواسيني .. تحت خراب بيت .. جلست أستحضر ثباتي .. و رصيدي و لهفة وارتها لهفة .. أقْلِب الحروف، أراجع ذاكرتي .. علَّها لا تصطدم بتشابه الحروف .. مدينتي تشبهها .. فتحة في الأرض تشبه مدخل بيتٍ .. لآخر شهيد .. شجرة خريفية تشبه فصلي .. جلست ... أغيّر اتجاهات المدينة .. أحرِّر الشهقات .. ذراع سمراء صغيرة .. تلوِّح بسكون .. يقهر صخب العاصفة .. أقترب .. و انهيار يسبقني .. رغبة في كسر الحصار تراودني .. خصلات شقراء كشعري .. تطلُّ .. يعكِّرها التراب .. فنجان قهوة مكسور الشفتين .. بقبلة بريئة ميتة .. عقد الياسمين تبعثرت حباته .. سقطت .. و في نفسي .. نصف استفاقة .. و ذهول أتجرّع ألوان لوحة زيتية .. بميولٍ .. شقية .. كتمت صرخة و سطرا .. و دمعة تستعطف السيول .. بيتي .. قرميدي .. أشيائي .. و طفلة ... !! من قد تكون ... !!! *** *2* طفلة فوق العود تنتظر عزفي .. تنتظر شرقيِّتي أن تفك الحصار عنها و عن قبيلة أطفال .. تنتظر فوق القرميد الراقد على كفي .. أن أرفع كفي .. و أصفع فوق العود أغنية حزينة .. أن تعوي ذئبة صوب الغروب .. كي تتوارى خلفي .. خلف أمنية قصيرة .. كعمرها .. كجسدها الصغير .. كحلمها الصغير .. كلعبة تحوّلت لقطع صغيرة .. *** *3* ماتت تحت الخراب طفلتي .. تحت أنقاض بيت طفولتها .. قطعة قرميد تشبه لون وجهها .. و دمعة تلَّبست دمها .. .. ماتت رسائل الذعر في عينيها ماتت قطعة حلوى على شفتيها .. ماتت فوق وسادتي حورية سمراء .. و على كتبي وسيطة شجن .. و دمعتها .. ماتت .. تغرّد أغاني الجبل .. و حريَّتي .. ماتت .. و أرجوحتها .. تنتظر أن تنتفض أشجار الزيتون.. و قوانين جني الزيتون .. في تشرين .. ماتت .. حيث تُقتل الأجواء الخضراء .. ماتت حيث تُغتال الصفحات .. ماتت حين يتكلم الشجن .. و تعتصر الذكريات أحزانها .... ماتت .. و فوق سريرها نامت .. قصيدة فلسطينية .. تنتظر أن تنقل الرايات المعلَّقة .. فوق الحجر المصلوب .. تفاصيل اغتيال راية بريئة كوجهها .. .... تنتظر وحي الجنون .. من غربيتي المفتعلة .. ماتت أبدِّية الأحزان ماتت شرعية الأحزان .. ماتت لغتي .. و لكنتي الشعرية .. ماتت دفاتري .. بين أوراقها الذابلة .. مات أيلول بموتها .. مدينتي تزف آخر دمعات الخريف .. تشحب الشمس كل يوم خطوتين .. نحو جسدها الأشقر .. و قطرة دم ممتدة .. تُدَاخل الغروب .. هل يعقل .. ؟ أن يزدحم الشروق و الغروب على ملامحها .. هل يعقل .. ؟ أن يقاسمني إعصار شرقي طقوس بكائها .. هل يعقل .. ؟ أن يهزم صمت المدينة رعونة شعري .. هل يعقل .. ؟ أن تموت .. و لي رغبة في توزيع قطعة رغيف .. بينها و بينها لشهر من الجوع .. عصرت الياسمين لها.. واعدت الندى على لقائها .. هل يعقل أن تموت ..؟ و بين أدراجي قطعة سكر .. و حقيبة مدرسية .. و دفتر لَمْلَمت فيه أجزاء دميتها المحطمة .. ماتت فوق رصيف غزَّة .. غجريتي .. و وشمها .. و ظلِّها .. و شعرها الطويل .. .. ماتت لهفتي .. و قدِّيسة تنهار كما المدائن .. كما عصفورة شُنِّقت .. بحبال الزيف و الضجر .. كما طيش الأماكن القديمة .. و القصور القديمة .. و الجواري .. و أشجار الصنوبر .. كما قصيدة شعر .. ماتت على أنقاضها ابتسامتي .. وحكايا جدَّتي .. و طفلة ولدت .. بعد تمام الحكايا .. و قصتي .. !! ماتت .. يوم وددت تقبيلها .. تحت الخراب .. فقبَّلت عنها .. قطعة حجر .. مارست بها .. نزوة الطفولة .. في رشق رجل .. و أدنت للجنون .. أن يسكن دفتري الجديد .. |
رد: طفلة تحت الخراب ..
قطعة أخرى مرهفة بحروف الحزن ونزيف حتى الموت..ما أصعب أن تتواجد البراءة تحت الأنقاض! ما أشد آلام طفلة تحت الخراب!!! الدلالة العميقة في النص المفعم بالإيماءات الذكية...اللامعقول أن نبوح بالمعقول وبكل هذا الشبق الحي حد الإنفجار...رائعة أنت يا ابنتي..رائعة!!!
|
رد: طفلة تحت الخراب ..
حياه كنت أشعر امام هذه القصيده بروحي تحلق بعيدا وانفاسي تتصاعد
ما اروعك اي قلم هذا الذي يجر الاحاسيس الى مبتغاه واي شهيده التي قتلت قلبي المتمرد اي شهاده هذه التي جعلتني الملم العشق من عينين شهيده جعلتي ايتها الحياه أحزاني افلاكا ارادت ان تحمل انفاس حرفك الى بحور تسكنينها أعلم بأنني أكثر من الكلام وعلى أن أتمتع بأعاصير الجمال التي تنثرينها بصمت لكني أحاول أن أقرب لك مدى القوه التي تتمتعين بها في الابهار والسحر وربما إغتيالي في أحلام ترسمينها وما اشهاه من إغتيال أختي لك محبتي انت شاعره ولك مني كل التحايا والود وحقول الورد تقبلي مروري عزيزتي محبتي الصادقه فاطمه |
رد: طفلة تحت الخراب ..
اقتباس:
سلمت أبتي الغالي محمد الصالح .. و سلم حرفك الجميل .. سرني أن النص أعجبك .. صدقني عشته حتى أني بكيت و أنا أكتبه و حتى و أنا أقرأ ردك هذا .. شكرا لأنك موجود .. و لأنك رائع .. فائق التقدير و الاحترام .. |
رد: طفلة تحت الخراب ..
اقتباس:
....................... عزيزتي فاطمة .. إن كان كلامك شعرا كهذا فأكثري الكلام .. أبهرتني بهذا الكم الهائل من المشاعر الذي تصور على يديك و رسم حدوده بريشة فنانة مرهفة الإحساس .. جميل أنك عشت القصة كما هي و هذا ما أردته بالضبط .. معايشة القصة .. هي حالة تتكرر كل يوم أمام القصف و الدمار .. مئات الأطفال أغتيلو بطرق متشابهة .. نقطة الالتقاء هو اغتيال الطفولة البريئة التي لا ذنب لها .. غير صدفة الحرب .. شكرا على هذا الجمال الذي نثرته هنا .. و على سحر وجودك قلما دافئا هادئا رقيقا ساحرا .. . مودتي العميقة ... |
رد: طفلة تحت الخراب ..
رائعة إلى أبعد الحدود
هل عشت معنا زمن الحرب؟؟؟؟ بربك أجيبي أختاه... بالتأكيد عشتي معنا بوجدانك رائعة هذه التحفة الفنية الحزينة شعرت بها وقد عشت الوجع وعايشته وهذا دليل على صدقها وروعة كاتبتها الوقت متأخر الآن سأقرأها غدا أيضاً بمشيئة الله شكراً لك على هذا النبض العربي الأصيل تحية لك من غزة وفلسطين |
رد: طفلة تحت الخراب ..
اقتباس:
أخي الكريم علاء ... قد لا تكفي تجربة الحرب وحدها ( إن انعدم الشعور ) للتعبير عن الألم .. ذلك هو الواقع و حال مجتمعاتنا العربية .. ما كتبته هنا كان أقوى من الصدق بكثير لأني شعرت بكل كلمة و كأني أعيش المراحل مرحلة بمرحلة .. حتى لو سألتني عن كل نقطة أو حرف لماذا جاء هنا ... لماذا تلك الكلمة و ماذا تقصدين بهذه العبارة سأقص لك الاحداث و كأنني أنا التي عشت القصة .. هناك من سألني عن الجزء الأول .. و إمكانية أن يكون هو الأخير و لست ادري إن كان هذا رأيك أيضا و قد شرحت الأمر .. أخبرني كيف تراه فأنا أعتمد دائما على قراءتك .. و أسعد كلما توغلت في المعاني أكثر و أدركت السر وراء الترتيب المتعمد .. و تذكر أني يوما ما سألتك أن تخبرني الكثير عن الحرب الفلسطينية .. عن قصص الاغتيالات .. عن قصص الموت .. عن الأطفال و أخبرتك أني أنوي ان أكتب القصص بشكل قصيدة نثر .. تلك كانت أمنيتي .. لأن التأثير يكون مزدوجا مؤلما .. جو القصة بك تفاصيلها و وقائعها و أحداثها المؤلمة .. و جو قصيدة النثر بخيالها و مفرداتها الخاصة بالجو الشاعري .. تصدق أني بكيت حين كتبتها .. و شارفت على البكاء حين قرأتها لأول مرة .. بعد ثانيتين من إتمامها ثم بكيت صدقا و عميقا حين جاءني رد الأستاذ الأب محمد الصالح .. و قد ساهم بشكل أو بآخر في فتح الجرح و كأنه حلّ شيفرة الكلمات .. كان صادقا و كنت بحاجة لمثل ذلك الصدق حتى أتفقد نفسي و عمق تأثري .. و كنت بحاجة لمن يقرأ القصة بحزنها الدفين كما أردته أنا .. لذلك كنت اتوقع ردك و تأثرك العميق بما جرى ... أنا لم أعش الحرب التي عشتها، بتلك القسوة .. بتلك البرودة القاتلة المنبعثة من الجثث .. من حرارة بركان الفقد .. من البحار التي تجري كل ثانية من دماء الشهداء .. لكني اتخيل الرعب و الخوف في ملامح كل طفل .. أتخيل حجم الحصار .. لكني أتخيل الموت تحت الأنقاض .. رأيت الدمار سابقا و لو في التلفاز .. رأيت الدم .. رأيت الدموع .. رأيت العويل .. رأيت الصراخ .. رأيت الموت القادم ببرودة اعصاب .. رأيت الحزن .. رأيت الجثث .. رأيت الأشلاء .. رأيت حرقة الفراق في عيون الأم و الأب و اليتامى .. لذلك أبدا لن يكون التصوير من فراغ .. علاء الألم حين يكون موجود فلا داعي لاختيار الأسباب للبكاء أو لكتابة شيء حزين .. فقط تخيل الموضوع و دع روحك و قلبك يتكلمان ... دع الشجن القابع بالأعماق يتحدث فلا يوجد أصدق منه .. أعشق فلسطين و تمنيت دائما أن أصبح شاعرتها و اتمنى أن أكتب و أكتب لها طوال حياتي .. سبق و أخبرتك بذلك و انا على العهد دائما .. سرني تواجدك أخي الكريم .. و سرني أنك قبلت مني هديتي لبلدك الغالية .. شكرا .. تقبل عميق تقديري أخي .. |
رد: طفلة تحت الخراب ..
النص له خاصية السرد الشعرية و هي عملية إبداعية صعبة غير أنني أعجبت كثيرا بتلك الإنسيابية الشعرية في النص بمزج مختلف الألوان و كأنني أقف أمام لوحة ناطقة
--------------------- ماتت فوق رصيف غزَّة .. غجريتي .. و وشمها .. و ظلِّها .. و شعرها الطويل .. .. ماتت لهفتي .. و قدِّيسة تنهار كما المدائن .. كما عصفورة شُنِّقت .. بحبال الزيف و الضجر .. كما طيش الأماكن القديمة .. و القصور القديمة .. و الجواري .. و أشجار الصنوبر .. كما قصيدة شعر .. ماتت على أنقاضها ابتسامتي .. وحكايا جدَّتي .. ------------- شكرا على هذا البوح الدافئ +مودتي و تحياتي. |
رد: طفلة تحت الخراب ..
قصيدة تجاوز المكان ,وترتفع بنا حيث بهاءات القصدية التي عليها بنيت ,,
مودتي,, |
رد: طفلة تحت الخراب ..
اقتباس:
سيد الحرف الأنيق .. بغداد سايح سرّني تواجدك المميّز بصفحتي .. أشكر شخصك الكريم و أشكر حرفا جميلا سابق الكلمات .. تحياتي .. |
الساعة الآن 17 : 02 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية