![]() |
كلمة الى مجانين نور الأدب / د. منذر أبوشعر
ترددت كثيرا في الدخول إليكم .
طرقت الباب بحذر شديد وقلبي يخفق . كنت متوفزا ، وأصابعي باردة الأطراف ، وأنا أنظر لكل من حولي بارتياب ، أرقب كل حركة بإمعان تام . كان المكان بحق أسطوريا فريدا ، ذكرني بعوالم ألف ليلة وليلة : دخان ، وضباب ،وبخور، وملامح غير محددة ، وأصوات ، وضحكات ، وحديث في الديانات السماوية والأرضية ، ومناقشات في السياسة والاقتصاد وعلم الاجتماع ، وهمهمات ، وكلمات عابرة ، وسيل شتائم ، وبكاء واستغاثة وأنين . ولما انتبهتم إلى وجودي ، هدأ الضجيج قليلا ، ثم عاد _ ربما بحدة أكبر. ** ** ** كان على اليمين شيخ وقور ، ستيني العمر ، متربعا على الأرض ، بلحية بيضاء كثة ، على رأسه قبعة الحجيج الخضراء المزركشة الأطراف ،وعلى عنقه عشرات السبحات ، وهو مغمض العينين ، يتمتم بصوت خاشع ، بابتسامة لاتزايله : الله .. الله .. الله. وبجانبه شاب متوسط العمر ، رياضي الملامح ، حاد النظرات ، بلحية سوداء ، قدر قبضة الكف ، بجلباب أبيض نظيف ، يقول بثقة وصوت عال : _ ماهذا ياشيخ!هذا لايجوز أبدا ! ديننا واضح ، محجة لالبس فيه .. أنت يا شيخ على ضلال وشرك صراح ! بل هذا كفر .. هذا لايجوز أبدا . والشيخ الوقور صامت صامت ، غارق في مناجاته ، وعيناه مبتسمتان مطمئنتان مغمضتان . بينما على الطرف المقابل ، فتى آخر ، في العشرين ، يقرأ باهتمام كتابا في طرائق تطبيق الاشتراكية العالمية وصراعاتها مع قوى الرأسمالية العالمية ، فيأخذ منه زميله الكتاب ، ويقول له باستياء :_ هذه تفاهات لا تصدق .. عشتم بالأحلام ، وجعلتم شعوبا كثيرة تعيش بحلمكم .. وعند التطبيق العملي لمبادئكم بان عوار نظريتكم ، واستحالة تطبيقها في الواقع . ( وتابع ، ومازج كلامه طرف حدة ) إن كافة الحروب ، كانت محركها المصالح الشخصية والمال وحب السلطة..( وتورد خداه بدم قان ) الدنيا مال ومال ومال .. ومتعة لاتنضب ، بلا حدود ولا ضوابط . ** ** ** وفي ركن آخر قصي ، جلس شاب وفتاة يتطارحان أحاديث اللذة والشكوى والعتاب وخيالات عوالم الحب .. فيتضاحكان ، ويتعابثان ، ويتماجنان ، ثم يبكيان بكاءمريرا . وبجانبهما مغن ومغنية يدندان فيطربان ويتطربان : الليلة يا سمرة يا سمارة .. الليلة يا سمرة . وصاح أحدهم بقوة :_ السلطة قوة ، ومصالح ، ولعبة دول ، وأنياب يهود . فقال آخر:_ العيش المشترك ، والهم الواحد ، سخافة قلناها بل قيلت لنا فصدقناها ، ودافعنا عنها بأسناننا . :_ والوفاء .. والأمل . :_ وحق الشعوب . :_ والفقر والمرض وفوارق الطبقات والجهل . :_ الجهل !؟ إذا كنا نجهل أنفسنا ، فكيف نعرف الآخرين ؟! وعلا الصوت . وكثر الجدل . ولم أعد أعي شيئا في حمى فوضى الأصوات ..فلملمت نفسي ورحلت . وعلى باب العمارة لحقني البواب وقال :_ دكتور أبوعمرو ..نسيت قلبك فوق .. تفضل . :_ لا .. لم أنسه .. شكرا لك .. شكرا لك .. دعه مع الأصدقاء .(وتمتمت ) يحيا الجنون ! |
رد: كلمة الى مجانين نور الأدب / د. منذر أبوشعر
[align=center][table1="width:95%;"][cell="filter:;"][align=center]أستاذ منذر رأيت مالانراه ،فأنا منذ سنوات في دروب نور الأدب ولم أصادف الشيخ ذو القبعة المزركشة التي تحدثت عنه هههه ولاأغنية ياسمرة ...
ومع ذلك المنتديات مرآة للواقع و من المفروض أن تجمع توجهات مختلفة وفئات عمرية متنوعة وأحيانا تكون الحوارات أحادية الجانب أو ليس فيها تجاوب نظرا لتلك الاختلافات. أجدد الترحاب بك في نور الأدب للعاقلين , وللمجانين والجنون هناك منتدى أوعصفورية خاصة (ابتسامة). طاب يومك[/align][/cell][/table1][/align] |
رد: كلمة الى مجانين نور الأدب / د. منذر أبوشعر
عذرا آنستي :
غاب عنك اضاءة الرمز ، فانفلت منك المعنى .. فمجموع الناس ( أنا وأنت وكل الآخرين من حولنا ) ، جميعنا نتشارك ، ونتعارك ، ونتألم ، وتختلف تطلعاتنا وتوجهاتنا : ما بين لذة عوالم التصوف ، ووطء قسوة المادة ، وشفافية التدين ، وجمود الالحاد .. فتختلف ، بالتالي ،آراؤنا السياسة ، والاجتماعية والاقتصادية ، وحتى نظرتنا الى أبعاد الفنون وتذوقها على كافة أشكالها . وهذا الاختلاف الطبيعي في طبيعة أذواق البشر ، هو ما أسميته بالجنون , و(البناء) هو العالم ، ونحن جزء منه ،( ونور الأدب) ناظم ذلك في جمعه . و(قلبي)عندما تركته مع البواب ورحلت ، دلالة أنني أقبل بكل الآراء ومختلف الرؤى. شكرا لك ، ولقاؤنا مستمر ان شاء الله . |
رد: كلمة الى مجانين نور الأدب / د. منذر أبوشعر
تنويه :
فاتني أن أقول ان ( السمرة ) ترمز الى الأرض ، ومحمد منير ، ذاك الأسواني الأسمر ، أراد بالسمرة (مصر ) ، وأنا أردت عوالم الأرض كلها . |
الساعة الآن 01 : 11 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية