منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   قصيدة النثر (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=448)
-   -   وداعا أخي ... (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=22642)

حياة شهد 23 / 04 / 2012 21 : 12 AM

وداعا أخي ...
 
http://www.echoroukonline.com/ara/dz...3C/font%3E.jpg[frame="5 75"]
قبل أيام وفي مدينة نائية بإحدى المدن الجزائرية رحل التوأم هاني ورمزي عن الدنيا وهما يحتضنان بعضهما تحت شجرة يتوسدان الأرض ويلتحفان السماء ،وجدهما أحد الرعاة صباحا بعد ليلة مطيرة شديدة البرودة ..
هاني ورمزي صاحبا الإثني عشر ربيعا غادرا المنزل و لم يعودا إلّا و هما ميتين ..
ولد رمزي قبل هاني بأربع دقائق ورحل قبله بأربع دقائق كما ذكر التقرير الطبي ، نتيجة للبرد فقد كانا يرتديان ثيابا بيتية خفيفة ، و بسبب الخوف من عواء الذئاب والخنازير حيث صرخا حتى بحّ صوتهما وشلت حبالهما الصوتية ,
عثر على التوأم وقد كان هاني يحتضن رمزي ، ورأس رمزي على صدر هاني ، في منظر هز وجدان الكثيرين .. إن لم نقل العالم بأسره .. رحم الله التوأم و ألهم ذويهما الصبر و السلوان ..
*** إنا لله و إنا إليه راجعون ***
http://www.echoroukonline.com/ara/dz...3C/font%3E.jpg
[BIMG]http://www.echoroukonline.com/ara/dzstatic/thumbnails/article/2012/enfants_ ( يمنع عرض أرقام الهواتف والجوالات بدون أذن الإدارة ) .jpg[/BIMG]


[/frame]


*** وداعا أخي ***



[frame="15 75"]
في صمت اللّيل قررّنا المسير ..
في اجتياح غريب ..
يا أخي ..

تعال نحاصر ليلا حزينا..
تعال نودّع شهرا حزينا ..
تعال نفتعل الجنون
حضور الأماني ..
ألسنا وعدنا يوما .. بأن نغامر
و الغابة البعيدة تَنْشُدنا ..
ألسنا هناك ..
أطيافنا .. تنادينا..
احتفالية مساء ..
يغنّي الذئب يا أخي ..
تغنّي الضباع .. و لسنا نغنّي ..
يعدنا الصقيع بجولة ماسية .. فوق الجليد
و أكل ممزوج بشهوة جوع ..
تغنّي الطيور .. و لا زلنا هنا ..
لنمضي .. لنقفل صمتنا على لحن الجنون ..
هناك ..
يا أخي لملم شظايا فراق الرّحم ..
حيث كنا سوّيا ..
تخيّل أنّ البّراري سرا حوانا .. ككيس أمي ..
تخيّل همس الأفاعي .. كصوت أمي ..
في قصّتي الأخيرة .. اشتهيت أمرا..
أن نطيرا سوّيا .. كما حلمنا ..
شبرين سرنا .. فاخلع عنك قيد الحياة ..
و سر حافيا .. فوق التراب
منذ التقينا على خطّ الجهاد ..
التزمنا قوانين الأرض .. فلا تخن عهد التراب ..
هات كفّك و صافحني .. دقائق بعد ميلادي ..
و احمل شيئا من جسدي النّحيل ..
تعلّمت مذ بدأت الحياة .. أنّك امتدادي ..
و عهد البقاء ..
أتذكر .. يوم أن ولدنا .. صرخنا
و ها عهد الصراخ خوفا يعاودني ..
ألست تصرخ من صراخي .. ؟
لا صوت غير صوتي .. أم هو اتحاد الصراخ ..
راجع خطاك .. بعدي
فلست أبصر غير الظلام .. و شيئا يشبهني فيك ..
شيئا يلملم خوفي .. فيك
دمع حزين يبرح مقلتيّ .. كفكفه عنّي ..
فبعد حين .. ستغرق الدنيا من وحي بكائي ..
أم تراك تبكي أيضا .. ؟ مع بكائي ..
لا تبكي أخي ..
لا أستطيع ضمّ الدمعتين ..
حضني تجمّد ..
جسدي تجمّد ..
و الذّئب هناك يضرب بصوته .. كعود جريء
صوب الجنون ..
أخاف إن تفقّدتك ..
وجدتني ضعت دونك .. بين قدميك ..
في معطف صوفي .. تمنّيته لك ..
في حضن أمي ..
في رغيف لم تطعمه .. لجوع سنين ..
في قطعة حلوى .. تركتها للذكرى ..
في كتبي .. في محفظتي ..
في بعد المسافات .. أين اعترضَ حذائي ..
ها قد تخلّيت عنه .. لأن أمتطِيكَ جسرا ..
أوَ ليس جسرك بسطرين ..؟
لا تخف يا أخي .. فقد حان المغيب ..
الشّمس جاحدة .. فخذ ظلّي .. و قنديلا من روحي ..
يكفيني أنّي أبصرك في الظلام ..
لا وحشة بعدك ..
تخيّل لو كنتُ هنا .. دونك ..
لكنت متُّ رعبا .. و شوقا ..
تخيّل لو كنتَ .. هنا .. دوني
لكنتُ هناك جسدا .. لا روحا
حان المغيب .. و الشّرق تدارى .. و عطر أمي ..
و كوخنا .. أين كوخنا .. ؟ أين سريري .. ؟
لا أجد شيئا .. غير السّماء ..
ما بال السّماء .. لبست بعد الزّرقة .. لون الحداد .. ؟
ما بال الغيوم تصبّبت عرقا ..
هل عاد الشّتاء .. ؟
أشعر بالبّرد ..
أم أنّي أشعر برهبتك بردا ..
تعلّمت منذ أن ولدت قبلك ..
أن ألملم عنك ذعرك .. فاجلس إلى جانبي ..
اختلط كما كنا معي ..
عانقني أخي .. فإنّي أشتاق عناقنا الأوّل ..
أشتاق للوحة السّماء يوم ضمّتنا ..
أشتاق نَفَسًا في الدنيا .. منّا تسرّب ..
أشتاق صمتا أبديا .. يذكّرني أنّنا لوحدنا ..
كثرت حولنا الأصوات .. فنسيت صوتي منك ..
الآن .. و قد حُقّقت مطالبنا ..
تكلّم ..
فإنّ بحّتي قد تبنّتها الطيور ..
و صراخي ضاع قبل دقائق ..
تكلّم يا أخي .. فإنّ لك فرصة دقائق ..
قبّلني لك و لي ..
و ارفع يديك .. و ضمّني ..
لك منّي و منك ..
كلّ قوّتنا .. ليكتمل العناق .. لثانيتين ..
مشهد التئامنا رغبتي الأخيرة ..
ليلةً حزينة ..
لكنّها الأروع .. كلوحة لا ترسم ..
كصفحة لا تطوى ..
كنجمة فرّت من السّماء و تعثّرت هنا ..
بين الصخور ..بين ظلال السّكون ..
وداعا أخي ..

لا تطل بعدي الغياب ..
فبيننا .. كما العهد دقائق ..
أفرش لك فيها الزّهور ..
فقط التقط منّي يديّ الواهنتين ..
فأنت أقوى منّي
بمسافة دقائق .. و نم ..
نم طويلا على كتفّي ..
ففي الغد سيشهد اللّيل عنا .. حوارا أبديا ..
و يشهد الكون .. دمارا فوق نشوتنا ..
ألست تحمل دفترا .. ؟
دوّن فيه لأجل والدنا آخر درس
و قبلةً فوق السّطور .. لأمي ..
ألست تحمل شيئا من الدّم ..
قد يصلح حبرا ..

دوّن فوق الصخرة القريبة ..
رسالة من السّماء .. أن لا تبكي يا أبي ..
أن لا تحزني يا أمي ..
رسالة كنّا .. و بعثتنا السّماء ..
لذلك العنوان القديم ..بتاريخ ميلادنا ..
وداعا أخي .. يا رفيقا في الخوف ..
يا ممسكًا عنّي سطوة الجوع ..
يا فاردا جناحيه فوق اللّيل .. لأن يخاف اللّيل منّي ..
وداعا .. وداعا ..
http://www.echoroukonline.com/ara/dz...3C/font%3E.jpg
22/04/2012
[/frame]


جمال سبع 23 / 04 / 2012 46 : 12 AM

رد: وداعا أخي ...
 
[align=justify]الأخت شهد ..
نص رائع ملئ بروح الحصرة .. كلمات ترق لها القلوب المرهفة .. أعتقد أن قلبك قد رق ذات مساء لحالهما .. هي هكذا الدنيا تمنحنا لحظات للتوقف .
سعدت كثيرا بمروري بهذه اللوحة النازفة.
تحياتي و تقديري .
[/align]

محمد الصالح الجزائري 23 / 04 / 2012 27 : 01 AM

رد: وداعا أخي ...
 
لوحة معبّرة فعلا عن حادثة واقعية حدثت ...نصك حزين يا شهد...عندما تغتال الطفولة البريئة في عزّ الربيع...ما أصعب أن يموت الأطفال في الربيع!!! مودتي...

حياة شهد 23 / 04 / 2012 59 : 01 AM

رد: وداعا أخي ...
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جمال سبع (المشاركة 144203)
[align=justify]الأخت شهد ..
نص رائع ملئ بروح الحصرة .. كلمات ترق لها القلوب المرهفة .. أعتقد أن قلبك قد رق ذات مساء لحالهما .. هي هكذا الدنيا تمنحنا لحظات للتوقف .
سعدت كثيرا بمروري بهذه اللوحة النازفة.
تحياتي و تقديري .
[/align]

..............
أخي الكريم جمال ..
شكرا لحضورك .. أنرت المكان ..
أكيد القصة مؤثرة جدا .. و قد تأثرت بها كثيرا ..
شكرا أخي على كلماتك الرقيقة ..
تحياتي و تقديري ...

فاطمه شرف الدين 23 / 04 / 2012 12 : 02 AM

رد: وداعا أخي ...
 
حياة أخيه قصيدة حرينه يلتهب لها الوجدان
رحم الله الأخوين وأنزل على ذويهم السكينه
وشكرا على نبلكم ونصكم الذي يضج بالنبل والإنسانيه
أختكم فاطمه

حياة شهد 23 / 04 / 2012 18 : 02 AM

رد: وداعا أخي ...
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الصالح الجزائري (المشاركة 144205)
لوحة معبّرة فعلا عن حادثة واقعية حدثت ...نصك حزين يا شهد...عندما تغتال الطفولة البريئة في عزّ الربيع...ما أصعب أن يموت الأطفال في الربيع!!! مودتي...

........................
أبتي الغالي محمد الصالح ..
شكرا على تواجدك الدائم رفقة حرفي .. سعيدة أنّ الرسالة الّتي أردتها من خلال الكلمات قد وصلت ..
هي صورة بسيطة عن الطفولة التي تغتال كلّ اليوم .. حتّى و إن كان الموت طبيعيا لا علاقة له بالقتل ..
مؤسف جدا هذا الحادث و مؤثر ..
رحمهما اللّه ..
حفظك الله أبتي ..
مودتي و تقديري ..

حياة شهد 23 / 04 / 2012 29 : 02 AM

رد: وداعا أخي ...
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمه شرف الدين (المشاركة 144207)
حياة أخيه قصيدة حرينه يلتهب لها الوجدان
رحم الله الأخوين وأنزل على ذويهم السكينه
وشكرا على نبلكم ونصكم الذي يضج بالنبل والإنسانيه
أختكم فاطمه

.................
سيدة النبل و الأخلاق الكريمة ..فاطمة ..
شكرا على حرف تألم هنا .. و قلب اعتصرته الحسرة ..
إنسانة انت و نبيلة هي مشاعرك ..
المهم في كلّ هذا الحضور بالوجدان و ها قد وجدتك ..
شكرا على تواجدك الرقيق دوما ..
محبتي و تقديري أختي الغالية ..

خالد مخلوف 12 / 05 / 2012 22 : 10 PM

رد: وداعا أخي ...
 
بين صرخات ذئب يعوي
وبرد ٍ ضنين
وجوع ٍوخوف
سكنتني تلك اللحظات
كأني أراها
شريطا ًمتلفز
يمر أمام عيني
هذا الحس بكل
ما يدور في الكون
مهما إختلفت الأعراق
والألوان والأديان
هو حس الإنسان
حس الشاعر
حس المرهف
تقبلي مروري
رائعة حياة

حياة شهد 12 / 05 / 2012 50 : 10 PM

رد: وداعا أخي ...
 
أخي الفاضل خالد ..
عندما نعايش اللّحظة كأنّنا كنا جزءا منها .. اكيد سنشعر بها ..
ذلك الألم المعنوي الحسي الّذي ينبش بفضاعة بأعماقنا لا يترك قيمة للحياة ..
أمام التجارب الّتي نراها كلّ يوم .. حتى في زمن السّلم ..
هي قصة واقعية حدثت قبل أيام أو حوالي الشهر في الجزائر و قد تأثرت بها جدا ..
و قد غصت بإنسانيتك لذلك شعرت بها ..
سعيدة لأنّك دخلت هنا .. و لأنّك طوقت الحروف بجانب من إنسانيتك و شخصك الكريم ..
أخي خالد .. شكرا جزيلا ..
تقديري و خالص امتناني ..

علاء زايد فارس 12 / 05 / 2012 13 : 11 PM

رد: وداعا أخي ...
 
يا للحزن والألم
لقد انسلخت عن عالمي وعشت هذه المأساة بكل تفاصيلها
كان يحاول الأخ أن يحتضن أخيه ويمنحه بعض الاطمئنان
كان يحاول أن يحول كل شيء مخيف إلى شيء لطيف!
حاول أن يحمي أخاه حتى النهاية!
لكن قدر الله غالب لا محالة
ولا نقول إلا ما يرضي ربنا
إنا لله وإنا إليه راجعون

شكراً لك أختي حياة
لقد قدمت المأساة بتفاصيلها المأساوية
وكنت رائعة في العرض حتى انفتحت أبواب أراوحنا أمام نبل وصدق أحاسيسك
أكاد أجزم أنك بكيتي وأنت تكتبين هذا النص
أليس كذلك؟؟

احترامي وتقديري لك أختي الغالية


الساعة الآن 23 : 09 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية