![]() |
أين القدس منا ومن دمائنا..!؟
أين القدس منا من دمائنا ..!؟
( مات السلام في مدينة السلام ..) أغنية للسيدة فيروز، أحب دائما سماعها ، تقول في بدايتها (.. لأجلك يا مدينة الصلاة أصلي ..) . قال لي رجل عروبي في يوم أزهر غير بعيد (( سنصلي معا في حيفا يا بني ..)) أجبتُه وقتها ( إن شاء الله وفي الاقصى أيضا ) . أما اليوم وبعد تغير الظروف والأحوال والبلاد والرجال والاقوال والافعال ، أقول له ولنفسي وللعالم: كيف سنصلي في حيفا، إن كنا لا نستطيع أن نكمل صلاة بدأناها في بلادنا من غير أن نلتفت مرات عدة وراءنا متأهبين خائفين مترقبين.. أم كيف سندخل إلى ما بعد حدود حيفا بلا هوية أو ما يثبت شخصيتنا؛ سوى أننا من بلاد العرب، إذا صرنا ـ وفي حدود بلدنا ـ نضطر أن نبرز الهوية لأشخاص متعددين، حتى نستطيع أن نعبر من قطعة أرض إلى أخرى .نعم إنه يوم القيامة بلا ريب. فعلاماته الكبرى قد ظهرت... علامته ألا نستطيع أو نتجرأ أن نسافر من مدينة إلى أخرى من دون نبرز هويتنا . علامته أن أصبح بالنسبة للبعض كالايدز يجب ألا أبرح نطاق مكاني، وإن خرجت قتلت. علامته أن يسألني أخي من أنت !؟ فإن كنتُ ممن يتوقه أخذني بالاحضان وقراني ثلاثة أيام بلياليها، وإن كنتُ ممن لا يتوقعه .. فالله وحده يعلم حالي إلى أين ستوؤل . علامته أن يرتفع ثمن السلاح أضعافا، ويهبط ثمن الانسان أضعافا مضاعفة. علامته ألا أصبح كالغريب بين أهلي، بل غريبا وأحيانا أخرى ابن سبيل، لا أجد من يغيثني أو يأويني. علامته أن تهجر الطيور الآمنة أعشاشها خوفا من القنص. علامته أن يتجرأ الارنب على النمر، والدودة على وكر الافعى، وأن يهجر الصقر عرش السماء لأنه لا يجد فيها مكانا يسع جناحيه المرفرفة. علامته أن يُظن بالمخلص الوفيَ الغدر والخيانة، وتحيط بالصادق هالات من الشكوك التي قد تودي به إلى الهلاك . علامته أن تشك الأم بحنانها لولدها ، والابن بحبه لأمه. علامته أن يخاطب الابن أباه قائلا ..( يا هذا ..!!) لا أيها القارئ ... لست تقرأ عالما متخيلا، أو قصة بائسة من قصص فكتور هوغو، أو رواية لماركيز، فهي ليست عالما سحريا من عوالمه، وليست مئة عام من العزلة، بل مئات الاعوام من العزلة الواقعية الحقيقية القاتلة، سببها الدين، المعتقد، المذهب السياسي، المذهب الديني ، المواقف.... عزلة ماركيز انتهت بريح عاصف أتت على الكلَ وجرفتهم معها إلى غير رجعة، أما عزلتنا فلم تلبث أن بدأت. نحن الأسرة والحارة والمنطقة والمجتمع والشعب والامة. فأي ريح تلك القادرة أن تنهي كل هذه المأساة الواقعية القاتلة، أي ريح مهما بلغت شدتها وغضبها تستطيع أن تغلب بأسنا على بعضنا وغضبنا المجنون الكافر. سيدي السلام... بلغ فلسطين منا السلام، واخبرها أننا ربما نسيانها قبل النسيان، بلغها أننا كفرنا بها عندما كفرنا بأخوتنا لبعضنا البعض، بلغها أننا قوم لم نستطع أن نحافظ على السلام الذي بين أيدينا، فكيف سنجلب السلام لغيرنا. بلغها أن الانسان لم يعد إنسانا. بلغ القدس هامسا حتى لا يسمع كفرك أحد.. عندما يفرغ القوم من أنفسهم، ربما سيزحفون إليك، إن بقي لهم اطراف تمشي، وقلوب تخشع، وعيون ترى نور الحقيقة. بلغ القدس أننا نهرق دماءنا بأيدينا، فكيف سنروي له عطشه. بلغه أن ينتظر شاهدا على خيبتنا وقلة حيلتنا وهواننا على أنفسنا وعلى الناس. بلغه أننا نحبه.. ولكن.... |
الساعة الآن 13 : 02 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية