![]() |
وَمِـنَ النَّـــخْــوَةِ مـا قَــتَـــلْ! // أباريق البؤس
وَمِنَ النَّخْوَةِ ما قَتَلْ! بقلم علاء زايد فارسhttp://img06.arabsh.com/uploads/imag...4c4d60f503.bmp [align=justify] كعادته سمع دويُّ إطلاق النار قريباً من أحد الحواجز العسكرية الإسرائيلية، فسقط شابٌ فلسطيني في منتصف العشرينات من عمره فجأةً وسط الحشود المتكدسة عند ذلك الحاجز، شعر بحرارةٍ شديدة في قدمه اليمنى فأدرك أنه أصيب بعيارٍ ناري، ورغم إصابته لم يغبْ عن الوعي وكان يدرك تماماً كلَّ ما يدور من حوله من أحداث ساخنة. نظر إلى الناس وهم يجرون إليه بشجاعة بدلاً من الهروب الذي يبدو منطقياً ومحبذاً في مثل هذه الظروف، فابتسم وهو يصارع الألم كونه ليس بحاجةٍ للاستنجاد بهم، مما سيوفر عليه استهلاك صوته وطاقة جسده المتبقية التي تحاول جاهدةً التعامل مع تلك الإصابة المفاجئة. أخذوا يتجمعون حوله حلقاتٍ وحلقات، حتى شعر أن الأكسجين من حوله بدأ ينفذ، وبدأ يتنفس حينها بصعوبةٍ بالغة! نظر إلى الناس وهم يشكلون جداراً دائرياً حوله وأدرك أن الأمور لا تسير على ما يرام فقال لهم: أنا بخير، اتركوني أرجوكم حتى تأتي سيارة الإسعاف وابتعدوا قليلاً فأنا بحاجة لبعض الأكسجين.... لم يأبه الناس بكلامه قيد أنملة؛ فقد كان همُّهم الوحيد هو القيام بالواجب على أكمل وجه؛ والذي يتمثل أولاً بإبعاده عن بؤرة التوتر إلى مكانٍ آمن، ثم أخذه في سيارةٍ خاصة أو في سيارة الإسعاف - إن حضرت - إلى أقرب مشفى وفي أسرع وقتٍ ممكنْ... أمسك أحدهم بتلابيبه، والآخر بذراعه، والثالث بقدمه المصابة فأخذ يصرخ من شدة الألم: اتركوني أموت، لا تحملوني من مكاني! جاء الرابع وجذبه من قدمه اليسرى، وخامسٌ وضع يديه تحت رأسه، وأمَّا الذين لم يجدوا مكاناً في جسدهِ ليحملوهُ منه، اكتفوا بالمشاركةِ الرمزية؛ حيث وضعوا أكفهم التي تسللت من بين الجدران البشرية تحت ظهره. أخذ يصرخ : دعوني وشأني لقد كسرتم قدمي المصابة ، حرامٌ عليكم! حملوه وجروا بهِ سريعاً وهو يتأرجحُ في الفضاء، وبينما كانوا كذلك، كان كلُّ واحدٍ منهم يشدُّ في اتجاههِ حتى ذابَ الشابُّ من شدَّةِ الألم وشعر أنَّ أطرافه ستفلت في أيديهم... سقط أحدهم عن طريق الخطأ، فوقع المصاب ووقعوا جميعاً فوقه، فحملوهُ مرَّةً أخرى وأدخلوه في سيارةٍ قديمة موجودة بالقرب منهم بعد أن ارتطم رأسه ببابها وأغمي عليه! وبعدها مضوا بالسيارة مسرعين إلى المستشفى، والسيارة تمشي كأنها جملٌ يتعكز فوق الطرق المصابة بالحصبة من كثرة الحفر الموجودة على جلدها وأورام المطبَّات التي لا ترحم! وأخيراً وصلوا إلى المستشفى ولم يكتفوا بتسليم المصاب إلى ذوي الاختصاص، بل تسابقوا على الدخول معه إلى غرفة العمليات! كشف عليه الدكتور بسرعة فقالوا: طمئنَّا عليه يا دكتور فتساءل الطبيب: هل عُذِّب الرجلُ قبل إطلاق الرصاص عليه؟؟! أرى جسده مليءٌ بالرضوض والكسور المتفرقة وهناك جرحٌ في رأسه أيضاً! فقالوا: هل تريد أي مساعدة يا دكتور؟؟ نحن جاهزون حتى إذا لم يتوفر لديك مخدِّرٌ في المستشفى لنثبِّت لك الجريح حتى تعمل بكل أرياحيةٍ ممكنة... استعاد الشاب وعيه فجأةً وصاح قائلاً: لاااااااااااااااااااااااااااااااا أخرجهم من هنا أرجوك يا دكتوووووووووووووووووووووووووور! [/align] م. علاء زايد فارس 13/7/2012م " من كتاب أباريق البؤس" |
رد: وَمِـنَ النَّـــخْــوَةِ مـا قَــتَـــلْ! // أباريق البؤس
[align=center][table1="width:95%;"][cell="filter:;"][align=center]ذكرتني بأحد العروض الهزلية لفكاهي جزائري يحكي عن دفن ميت وعن المجرفة التي تنتقل من يد ليد حتى تغدو عملية الحفر بطيئة جدا. لأن الناس تبتغي نيل الحسنات بمساهمتها في الحفر فتتخاطف المجرفة..
مع أن الميت عندما كان حيا كان محسودا :). مع ذلك فالنخوة و الشهامة تظل صفات جميلة وأرحم من عدم الاكتراث. تحياتي لك أستاذ علاء وطابت أوقاتك.[/align][/cell][/table1][/align] |
رد: وَمِـنَ النَّـــخْــوَةِ مـا قَــتَـــلْ! // أباريق البؤس
اقتباس:
والطبع أؤيدك في قولك أن النخوة والشهامة تظل أفضل من النذالة أو عدم الاكتراث وكم تأثرت لمشهد لشخص في أحد البلاد مصاب صورته إحدى الكاميرات والسيارات تمر عنه ولا أحد يتوقف لينجده! وكذلك هناك مشهد في بلد عربي، قام به شخص ومثل دور مصاب في الشارع ووجد مع الأسف عدم اكتراث من سائقي السيارات! وبالطبع تبقى النخوة عند العرب أمرا أساسيا وخصلة قديمة ارتبطت بهم منذ الأزل! أستاذة نصيرة سعدت جدا لحضورك الجميل مودتي وتقديري |
الساعة الآن 16 : 12 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية