منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   قصص الأطفال (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=68)
-   -   المــــــــــــــــــرآة - 1 (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=237)

رشيد الميموني 25 / 12 / 2007 43 : 12 AM

المــــــــــــــــــرآة - 1
 
المــــــــــرآة


[align=justify]أبي شخص مغرم باقتناء الأثاث المستعمل و التحف القديمة و النادرة إلى حد الهوس . وهذا ما يعرضه لسخرية أمي ، بل و لامتعاضها وهي ترى أكداسا من الأشياء التي لا تصلح – حسب رأيها – لشيء . و إذا كان المثل يقول "ابن البط عوام" ، فإني وجدت نفسي مولعا بهذه الأشياء وتنظيفها من الغبار ، ثم اللعب ببعضها كما يحلو لي ، إلى أن ينبهني أبي لكيفية استعمالها ، فأنبهر لذكائه وأزداد تقديرا له . لكني لم أكن أدري أن ولعي بما يقتنيه كاد يتسبب في إصابتي بمس من الجنون ، حسب قول أمي .
في الأسبوع الماضي ، و بينما كنا – أنا وأبي – نفرز الأشياء المتراكمة ، وقع نظري على مرآة صدئة . لكن الرؤيا إليها كانت واضحة.. أخذتها دون مبالاة أقلبها بين يدي متسائلا ماذا عساي أفعل لإزالة الصدأ الذي علق بإطارها النحاسي . وكدت أضعها جانبا لولا أن استرعى انتباهي شيء غريب . فإضافة إلى تموج صورتي ، انبعث منها شعاع خفيف ، متعدد الألوان . استغربت لذلك ، لكني عزوت الأمر إلى انعكاس نور المصباح عليها . و لكي لا يتسخ بلاط البيت بغبار الصدأ ،أخذت المرآة إلى الحمام وفي يدي قطعة حلفاء خشنة .
استرقت النظر إلى وجهي بالمرآة و أنا منهمك في الحك ، أتأمل وسامتي التي ما فتئت أمي تنوه بها – مع ذكر الصلاة على النبي – خشية أن تصيبني عين ، فخيل إلي أن شفتي تبتسمان . هل سهوت مع إعجابي بوسامتي و ابتسمت دون أن أدري؟
انتهيت من عملي ، و نفخت في المرآة ، فظهر إطارها النحاسي براقا.." لله ذرك يا أبي !.. من كان يظن أن لهذه المرآة قيمة وجمالا بمثل هذا الجمال ؟".. تأملت نقش الإطار ثم علقت المرآة فوق الحوض الرخامي و أخذت دلوا صغيرا و ملأته بالماء ، ثم صببته عليها . فما راعني سوى اختفاء صورتي وحلول دخان أسود كثيف محلها .. جحظت عيناي ، وفغر فاي دهشة سرعان ما انقلبت رعبا . فغادرت الحمام لا ألوي على شيء وأنا أترنح من هول ما رأيت . ولم أتوقف إلا وأنا على قارعة الطريق ..." ما هذا الدخان ؟ و ما سر هذه المرآة العجيبة ؟.. أأنا في حلم ؟.. هل أخبر أبي ؟ .. قد يهزأ بي ويعيرني بجبني ، وقد يشك في قواي العقلية .. ها هي أمي تناديني .. لعلها رأت ما رأيت .
قفلت راجعا وأنا أضرب أخماسا في أسداس ، ففوجئت بأمي تقبل مبتسمة وهي تطري علي و تنوه بعملي :
- مرحى .. حكيم .. لأول مرة تصنعان – أنت وأبوك - شيئا مفيدا من هذه القمامة .. يا لها من مرآة !
- هل نظرت إليها ؟
- نعم .. صفاؤها لا نظير له .
لا شك أني توهمت شيئا كاد يعرضني للسخرية . لكن هذا الاستنتاج لم يقنعني .
- هيا يا حكيم .. آن وقت النوم .
- سأذهب لأنظف أسناني .
- حسنا .
سرت نحو الحمام بخطى مترددة . وكدت مرارا أدور على عقبي ، لكن لهفتي لمعرفة ما قد يحدث كانت عظيمة .. نفسي تحدثني بأمر جلل سيقع .. أشعلت النور ونظرت إلى المرآة . لقد أصابت أمي . إني أرى بوضوح حتى لون عيني .. إذن ما الذي حدث منذ لحظات ؟.. خجلت من موقفي السابق ثم انهمكت في تنظيف أسناني . أخذت طستا أتمضمض منه ، ولم أكن أمسك به جيدا ، فانزلق من يدي و تناثر منه الماء حتى وصل رذاذه إلى المرآة . وهنا وقف شعر رأسي . لا .. أنا لا أحلم و لا أتوهم . هاهو الدخان الكثيف ينبعث من المرآة فتصير داكنة . و تمتد يدي في حركة لا شعورية إلى مقبض الباب فلا ينفتح . حركته بعنف فكاد ينكسر .
تسارعت دقات قلبي حتى خلته سيتوقف عن النبض و أخفيت عيني بيدي وأنا أتوقع شيئا فظيعا . ثم نظرت بين أصابعي ، فرأيت – و يا للعجب! – الدخان ينقشع عن طريق طويل ، زاهي الألوان محفوفا بالعشب الأخضر والأشجار اليانعة . . فلقيت نفسي أنطلق و أعدو ، بينما إحساسي بالهلع يتلاشى .. وقد شمل نفسي حبور مفاجئ . تساءلت " أيكون كل هذا حلما ؟ "..و لم أتوقف إلا عند ضفة نهر يتلألأ ماؤه صفاء . جلست مشمرا عن ساقي ثم وضعت رجلي في الماء .. كان السكون يطبق على المكان إلا من خرير الماء و زقزقة العصافير و- أحيانا- حفيف الشجر .
لا أدري كم مر من الوقت و أنا على هذه الحال حين تناهى إلى سمعي لحن شجي . التفتت إلى مصدر الصوت..

( يتبع )[/align]

وفاء النجار 28 / 12 / 2007 14 : 11 AM

رد: المــــــــــــــــــرآة - 1
 
أستاذي الفاضل رشيد حسن السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ,
القصة جميلة ومثيرة سوف أنتقل إلى الجزء الثاني .........
شكر الله لكم .

رشيد الميموني 28 / 12 / 2007 24 : 05 PM

رد: المــــــــــــــــــرآة - 1
 
شكرا أختي أم إبراهيم .. عيد مبارك سعيد و سنة سعيدة ( 1429 )
في الحقيقة ، أطربني إعجابك بالقصة المخصصة للنشء .. وهذا نوع من القصص، يحلو لي تدارسه مع تلامذتي واستطلاع آراءهم حوله . و أرجو أن يكون الجزء الأخيرمثار إعجابك أيضا .
أدامك الله مبدعة .

وفاء النجار 29 / 12 / 2007 01 : 09 PM

رد: المــــــــــــــــــرآة - 1
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رشيد حسن (المشاركة 540)
شكرا أختي أم إبراهيم .. عيد مبارك سعيد و سنة سعيدة ( 1429 )
في الحقيقة ، أطربني إعجابك بالقصة المخصصة للنشء .. وهذا نوع من القصص، يحلو لي تدارسه مع تلامذتي واستطلاع آراءهم حوله . و أرجو أن يكون الجزء الأخيرمثار إعجابك أيضا .
أدامك الله مبدعة .

أستاذي الفاضل رشيد حسن كل عام وأنتم بخير أسأل العلي القدير أن يعيد علينا هذا العيد أعواما عديدة والأمة تنعم بمجدها وعزها .

أما عن القصة فهي بالفعل مشوقة وجميلة و في انتظار الأجزاء القادمة أتمنى لكم التوفيق و السداد .

رشيد الميموني 10 / 02 / 2008 36 : 08 PM

رد: المــــــــــــــــــرآة - 1
 
شكرا أختي على اهتمامك وتشجيعك .. وهذه مناسبة لعرض هذه القصة لأجزائها الثلاثة كي يتمكن من قراءتها تلامذتي الزائرين للمنتدى أو الملتحقين به كأعضاء جدد . وذلك وقاء مني لعهد قطعته إياهم منقبل .
بارك الله فيك


الساعة الآن 17 : 10 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية