![]() |
قضية انتحار ..
قضية انتحار .. 1 حضر أيلول في جثمانه الأسود، يواري نشوة الجسور .. تهلّلتْ أساريرها .. فوق الرّماد الباهت لسماءٍ حزينة، تدارت، كي تحنّط رهبةً تملّكتها فوق غفوة ذاك النّهر نامت تلميذة .. للتّو شرّحت شرنقتها و امتثلت لبيانٍ قتيل دلفت في عتمة الشّرق تسكب غروبها، تفزعُ الشّفق الأزرق، و ليونة الإغراء لهطول المطر .. تلميذة .. تشكّلت في إعصار امرأة، تناولت جذوتي المشتعلة، من رغبةٍ قديمة، من أمنيةٍ قديمة، حفرت فوق شعري، مسلكها نفقا للموت انسدلت من فوق كتفيّ، تبثّني خصلاتها .. ذاكرةً شعرية حلمًا ما لبث أن تنازعته الصفحات، خلف ذاك المقهى الصغير ، تداعى صمتي و شجنها .. تلميذةٌ .. تحملُ فوق صدى دفاترها المنسية، مكيدةً غيبية .. اعتزمتْ الرّحيل .. 2 خلف المقهى، تشنّج شعري لبرهةٍ، لحينٍ، أن تفتضح عنه " قصيدةً " سارت مهيلة، كمطر الخريف فوق دفاتري المعتّمة .. ماسكةً حرفها الأخير، و كتبَ طفولتها .. سارت .. و قوانين العسكر ، تلجمُ قافيتها الصغيرة .. تدارت خلف غصنٍ احتدم الصراع حوله .. بين مسكٍ و عطر غربي .. عطور التاريخ، تؤرّخ لمسائها، تنسبُ للأوراق، ذلك الاختزال الأحمق .. في جسدٍ صغير، تلميذةٌ .. سارت على مهلٍ، فوق أوراقي تحمل جسدها النّحيل .. و بعضا من الخطى الرّاكضةِ، نحو العمر الأغبر إنني لأشهد ..!! أنّ العويل، تكتّم سرّ استشهادها، و أنّ رموز الانحناء .. تهاطلت فوق الرّصيف المنمّق، تزفُّ رحيلها .. تلميذةٌ .. صافحتني من بعيد.. بين قارتين، توقّف الجدل بين السّطر الأخير المُشْهَرْ، خلف المقهى و قبالته حطّت متشعبةً، كمدينةٍ فقدت توازن رفاتها .. فوق جسرٍ أخير .. هناك .. كان الهواء، يجمعُ شتاته .. بين أنفاس الحاضرين، من مدينةٍ مضطهدة، هناك .. كان العسكر يجنّس ذاكرة الأرامل، يثبت مزاعم " قريةٍ " تثاءبت على ضواحيها مقبرة أطفال هناك .. كان المطر يعوي فوق وجوهٍ للتّو رسمت نهاية مدينة، نظرتْ .. التلميذة من فوق أدراج كتبها المنثورة، في غارةٍ أخيرة، و أطلقت صافرةً، نسفت ما بقي من خراب المدينة، و جسدها الصغير .. 3 اعتدل الخريف في جلساته المرتبكة، احتدم الشّتاء حمما مسكونةً بثأرٍ تقاسمته ثوانينا .. ذلك العصفور الأحمر، كان حاضرا قبل بزوغ الرّحيل .. كان بألوان زاهية، يمهّد لحلول الرّبيع، بعد قصيدتين .. كان حاضرا، فلامسته شفاه الحيرة الحمراء، قبلةً فجّرتها التلميذة، للتّو فوق الرّصيف الهامد، الصاخب حقيقةً تاريخيةً .. أسدلتها تلميذة، تكبرني بانفجار، تصغرني كذلك العصفور الصغير .. أنا العربيةُ .. أنا الحدّ الفاصل المتلعثم ، كلّما شهقت المسافات بيننا تلميذةٌ .. كنتُ لولا القدر، حرفها الناطق أبجدية عربية لقّنتني " هي" لغتها في ضريحٍ مكتوم، مختوم متوشحا رايةً .. تسكنني، كلّما تنهّد على جسدي صوت الأقصى .. بصوته الحزين .. لقّنتني كيف يحيا المطر بحمرةٍ كلاسيكيةٍ فوق أرضٍ، تلبّدت كسماءٍ قتيلة أبعدها .. ؟ أؤمن .. أن قولي اللّعين سيّد الفصول، بل " هي " التلميذةُ الصامتة .. تمثّلت بظلّ ذلك العصفور لي، بين قارتينا فوق مدينةٍ يسكنها وهم السلام، أنهكني حضور الشّعر غافيًا بين كفّيها .. تلميذةٌ، نسفتْ تواجد القارات برسم جسدها الأشقر المبعثر، نسفتني .. حين قرّرتْ أن تثأر .. غبيةٌ .. أنا إن مسحتُ بمنديلي الأحمق، جسد العصفور غبيةٌ .. إن أزحتُ بكفّي تكهّنات العصفور و انتبهتُ .. انتبهتُ، أنّ الدّم المنثور لا يشبه أبدا، حضور تاريخٍ للتّو صنعتهُ تلميذة لم تتجاوز بعد العشرين .. ليتني .. حضرتُ بعد تمام حكايتها لأحسب بين الرّفات، كم كان عمرها .. و أتناسى، ختم ذلك الموجود .. !! فوق شهادة ميلادها .. 30/09/2012 01/10/2012 |
رد: قضية انتحار ..
أحجز مقعدي المفضل للقراءة والتأمّل...وأنتظر مرور صاحب الواحة أولا ..ثم لي عودة بحول الله..مودتي.
|
رد: قضية انتحار ..
اقتباس:
مقعدك أبت محجوز مسبقا .. أنت الأول فوق كلّ شيء .. يسعدني تأملك و قراءتك الواعية دائما .. أكيد سأنتظر عودتك و تعليقك و تحليلك .. كلّ المودة و التقدير .. |
رد: قضية انتحار ..
الأديبة حياة منذ أيام قليلة كنت أتأمل لوحة للفنان الإسباني المتميز غويا فيها هلع شديد والرمزية التي تحملها اللوحة دلالة على هلع الحرب واللاأمان. تلميذة تقضي نحبها ودفاتر ينسكب عليها الدم الأحمر عوض القلم الأحمر الذي يصوب ويوجه...أي شريـعة إنسانية هذه التي تباغت بلدة بانفجار أو دارا آمنـة بالرصاص..؟
يأتي وقت وينتصر السلام على السلاح هذا مانتمناه لكن إلى حين ذلك سنظل نسمع عن مايهز المشاعر ويذكرنا بأن أحلاما اغتيلت قبل أن تلبس أجنحتها . تحياتي لك وكثير من الأماني الطيبة. |
رد: قضية انتحار ..
اقتباس:
سيدتي الكريمة و الراقية نصيرة ... هو ذاك القول الصحيح، و القراءة الصحيحة لواقعنا اليوم ... لكني مع هذا حدتُ ربما عن ذلك الوصف لأعكسه هنا لأني حاولت أن أنقل للأذهان صورة تلميذة قامت بعملية انتحارية قرب مقهى كان يرتاده مجموعة من الأشخاص كانوا قبلها صنعوا حطام المدينة .. أتمنى أن تصل الصورة السليمة و أتمنى أن أكون قد وفقتُ في صنع اللوحة و لو في بعض أجزائها .. أشكر حضورك و حرفك .. كلّ المودة و التقدير .. |
رد: قضية انتحار ..
قرأتها بطريقة مختلفة أستاذة حياة. ربما لأن أبعد مايكون في خيالي أوماأتمنى أن يختار طفل انهاء حياته.
التلاميذ حتى سن 18أطفال يجب أن يحلموا بالغد الأجمل ولا يسيطر عليهم اليأس. لكن يحسب لما كتبت أنه يتحمل أكثر من قراءة وشكرا على التوضيح. تحيتي |
رد: قضية انتحار ..
اقتباس:
أكيد لا أشجع الفكرة بل أنا ضدّها تماما .. لكني أردتُ فقط أن أتعمّق في موضوع الوطنية و الاستماتة في سبيل الوطن .. رغم أنّ بعض الأطفال في زماننا خاصة من هم في قلب الازمة " فلسطين " يملكون هذا الحس الوطني منذ صغرهم .. أردتُ أن أقارن بيني ( كمثال ) على أي مواطن عربي و بين تلك الرغبة الصغيرة التي قد تفعل الكثير .. أكيد مع علامة استفهام كبيرة ... كل الشكر و التقدير على المرور الثاني .. |
الساعة الآن 42 : 09 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية