![]() |
توكلنا على الله
قصة قصيرة لليافعين توكّلنا على الله إلى أين؟! كصرخة دوّتْ في رأسه . التفتَ يمينا بذهول ، وعيناه مفتوحتان على اتساعهما . إلى أين ؟! الصوت قاس ، وواضح . يطن في مسامعه بلا توقف . ابتلع ريقه . تمهل للحظة . الطريق ممتد بلا انتهاء . وواجهات المحلات المتخمة ترمقه ببرود . هرش رأسه . تابع السير بخطى شاردة دونما اتجاه . إلى أين ؟! قل لي ماذا تريد ؟! ضوضاء السيارات يتعالى في المكان .والجو حار. والوجوه أمامه تتابع بلا انتظام . وشئ في داخله يصرخ باستمرار : إلى أين ؟! رغب في البكاء . هزّ رأسه . ضمّ عينيه . تتالت الصور في ذاكرته التعبة بلا انتظام . هاهو العمر يرحل ولم أحقق ما أريده . نزلت دمعة هوجاء واستقرت على أنفه المدبب . بنيتُ أحلاما كثيرة .. امتطيتُ الريح . وعانقتُ الشمس . وركضتُ خلف أمواج البحر وليالي زهر العمر . شعر بالاختناق . شئ يطبق على صدره ويضغط بقوة . ابتلع ريقه . حلقه جاف . عيناه جمرتان متقدتان .. وهو ينزف ألما . الواقع غير الحلم . طبيعة الحياة وحياة الناس تختلف عن الطموح . شعر بهدوء نسبي . تباطأ خطوه المتعثلم أكثر. الناس طباع وعادات ومجموعة أفكار متباينة . والخيال سهل ، نرسم له صوره كما نريده . نزيّنه ونلوّنه ، وكما نشاء نحدد ملامحه . اختار محلا لبيع العصير . جلس بارتياح . مدّ رجليه على طولهما وهو يتنهد . طلب كوب برتقال مثلجا . أسند رأسه بيده ، وحرّك بالثانية قطع الثلج المدوّرة الصغيرة .. تذكّر مصيف دمشق بلودان . تذكّر أباه وأمه وزوجته وأولاده . تعبوا من أجلي كثيرا .. وأنا ماذا قدّمت لهم ؟! ما زالت يده تحرّك قطع الثلج .. تدفن القطع رأسها قليلا ثم تطفو ، فترسم بتحركها دوائر متفرقة متتالية . المسؤولية ؟! نعم ! الشعور بالمسؤولية هو دائي ! فلأعترف بخطئي ! هرش ذقنه . ترك الكوب المثلج لدقائق . عاوده شئ كما الحزن أو الشجن . قطب جبينه ، وأغمض عينيه . الصور في ذاكرته تنبض أمامه حية متجددة . المسؤولية تبدأ منذ الصغر ، وتكبر بتقدم مراحل العمر. كوّر قبضته وضرب الطاولة ، فذعر الكوب ونزّ خوفا . الأب ليس نهرا جاريا يحقق كل ما نريده . والحياة كفاح وتعب ودأب مستمر . الحلم يحتاج معاناة وسهرا وحركة . والدنيا ليست دموعا وحزنا وأوهاما. رشف ثانية ، إنما بتلذذ ، وقال محدثا نفسه : الفشل لايعني نهاية المراحل ، والسير يبدأ بخطوة ، والقوة في التواصل واستمراره مع الآخرين .. العزلة فشل وموت وانتهاء . نهض من مقعده . نادته بقايا الكوب ، فارتسمت على وجهه المتعب آثار ابتسامة رضية . مشى باستقامة. شعر بالتجدد وبدء حياة جديدة . منذ الغد سأكون آخر .. سأكون جديدا بروح جديدة . لا ! أنا سأتغير منذ اللحظة ولا داعي للندم وللدموع . وتسارعت خطاه . دلف بنشاط إلى منزله . عانق بحرارة أباه وأمه العجوزين وزوجه ، وقبّل أولاده الصغار. أنا بخير . نحن بخير. كلنا بخير، إذا عرفنا ماذا نريد وكيف نريد ومتى نريد . وتعالى صوته وهو يضحك بارتياح :- العمر جميل برفقتكم ، ولكل منا دور ومهمة محددة . وقيمة العمل بمدى إخلاصه ونفعه للآخرين . وتابع بارتياح:- الزمن لا يرحم الكسالى . ومالم يتحقق اليوم قد نراه في الغد . وكل ليل يحمل في صدره مئات النجوم . |
رد: توكلنا على الله
كم اعشق النهايات السعيدة المتفائلة .. كما الافلام التي عشقناها رغم انها باللون الابيض والاسود :)
يسعدني ان احجز المقعد الاول استاذي الفاضل د. منذر .. لابعد عني الكسل وابدأ يومي بتفاؤل .. ولا ننسى .. من توكل على الله فهو حسبه .. لك عميق شكري وتقديري على هذه الرسالة الايجابية .. التي احيانا تغيب عنا في زحمة هموم الحياة وما تعانية الامة من مصائب ومحن .. ودمت بخير وعافية :) |
رد: توكلنا على الله
الآنسة شيماء البلوشي :
قد تعجبين إذا قلت لك إن نهاية أية قصة ليست في يد الكاتب ! نعم ..يبدأ الكاتب الكلام ،لكن أبطال قصته يصيرون أناسا من لحم ودم ،ويفرضون مساراتهم بأنفسهم! وما أقوله ليس خيالا ! هذا واقع كل من يكتب ! وكل الشكر لك ،ونبقى مع طيب صحبة الدرب . |
رد: توكلنا على الله
[align=center][table1="width:95%;"][cell="filter:;"][align=center]ومشوار الألف ميل يبدأ بخطوة في الاتجاه الصحيح طبعا.
دامت لك الإرادة والرغبة في الاستمرار لتذليل الصعاب د. منذر. تحياتي لك وأطيب الأماني بحلول العيد.[/align][/cell][/table1][/align] |
رد: توكلنا على الله
الودودة فارسة الكلمة الآنسة نصيرة :
عام حزين ،وعيد حزين ،لكن يبقى الأمل في أعماقنا يقول لنا :صبراً ، فالغد أجمل . ونحن ننتظر ،وبعين علاها الرمص ووجع السنين ،نبصر الغد ونتلمسه يقيناً وتوقاً وصدق رجاء . وكل الحب لك ،ومعا يجمل كل درب . |
رد: توكلنا على الله
وكل ليل يحمل في صدره مئات النجوم . أتمنى أن أبقى أرى هذه النجوم ، أبتِ العزيز ، أنت كعادتك متفائل بشوش مطمئن للغد دامت لك السعادة والهناء ودي ووردي |
رد: توكلنا على الله
نعم الزمن لا يرحم الكسلى
جزاكم الله عنا كل خيرى مودتى |
رد: توكلنا على الله
ابنتي فاطمة البشر :
افتقدتك كثيراً ..وانتظرت أكثر ..ولما أوشكت على اليأس ،جئت فراشة ملونة ،وصباحاً عطراً يحمل خيراً وتفاؤلا . قولي لي :أين أنت ؟ وأين حضورك ؟ بل أين أنت في عتمة الأمكنة وغصة الأيام ؟ أنا بأمس الحاجة لجميل الصحبة وبهيج اللقاء ، فابقي يابنتي كما عهدتك دائما : بركة ومطر خير وحضورا يتألق دائما. |
رد: توكلنا على الله
الأستاذ طارق العجاوي :
التفاؤل ، وإشراقات النفس ، وأمل غد ، يتنامى كل ذلك بجميل الصحبة وأنس الدرب . وكل الخير لك ، ونبقى معا . |
رد: توكلنا على الله
صدقت يا عمي الغالي
الفشل لا يعني نهاية المراحل والسير يبدأ بخطوة والقوة في التواصل واستمراره مع الآخرين العزلة فشل وموت وانتهاء يعني من اروع ما قرأت |
الساعة الآن 14 : 06 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية