![]() |
((( ارتباط الهوية بالمكان عند الشاعر طلعت سقيرق - يا أهل غزة نموذجا-)))
ارتباط الهوية بالمكان عند الشاعر طلعت سقيرق – يا أهل غزة – نموذجا عادل سلطاني ، 30/10/2012 يَا أَهْلَ غَزَّة يَا أَهْلَ غَزَّة َ لَا خَيَارُ تِهْنَا وَأَهْلَكَنَا الْحِصَارُ صَدَأ ٌ يَطَالُ رِمَاحَنَا وَسُيُوفَنَا وَرُؤُوسَنَا وَنَنَامُ يَأْكُلُنَا الْغُبَارُ مَخْصِيـَّة ٌ أَيَّامُنَا مَذْبُوحَة ٌ آمَالُنَا نَمْضِي فَتَرْتَبِكُ الْخُطَى تَرْتَدُّ أَرْجُلُنَا نَحَارُ يَا أَهْلَ غَزَّةَ أَنْقِذُونَا !!.. **** لَا تَعْجَبُوا ... فَزَمَانُنَا زَمَنٌ عَجَبْ نَمْشِي عَلَى جَمْرِ الرُّكَبْ وَنَصِيحُ آخْ نَذْوِي عَلَى حَدِّ الصُّرَاخْ الْمَجْدُ شَاخْ آخ ٍ وَآخْ لَا شَيْءَ فِينَا كَيْ نَقُولْ !!. هَرِمَتْ عَلَى الدَّرْب ِ الطُّبُولْ!!!. نَامَتْ مِنَ السَّأَم ِ الْخُيُولْ.. أَفْكَارُنَا مَقْصُوصَة ٌ وَبِرَغْمِ أَلْسِنَةِ اللَّهَبْ نَمْضِي وَنَضْحَكُ فِي طَرَبْ!!. تَقْضُونَ مَوْتًا وَالْحِصَارْ نَارٌ عَلَى نَار ٍ وَنَارْ تَقِفُونَ فِي وَجْه ِ الدَّمَارْ وَصُرَاخُكُمْ فِي كُلِّ دَارْ لَكِنَّنَا .... صَحْرَاءُ يَطْوِيهَا الْغُبَارْ يَا أَهْلَ غَزَّةَ أَنْقِذُونَا !!!. يَا أَهْلَ غَزَّةَ أَنْقِذُونَا !!.. *** الشَّاعِر طَلْعَتْ سُقَيْرِق ، 15/06/2008 http://www.nooreladab.com/vb/showthread.php?t=4956 أما نصنا الشعري السقيرقي المختار الموسوم : " يا أهل غزة " فسيكون الموضوع الثاني للدراسة المتسلسلة المتواضعة في محطتنا النقدية هذه ، أين أردت أن أقارب من خلاله دائما ارتباط الهوية بالمكان ، للانطلاق في سياحة نقدية لاكتشاف تضاريسه ونقلها وتقريبها من القارئ. فمن خلال العنوان نجد الشاعر يبث رسالته الشعرية إلى أهل غزة من ثنايا خطابه ذي الخصوصية ، لأن الخطاب الشعري رسالة تختلف اختلافا جذريا عن الرسائل اللاشعرية ، وهي أقرب إلى اللغز مع أن جوابها في اللغة من جهة ومن جهة أخرى في حقيبة القارئ الجاد التي تتضمن أدواته ومناهجه.[1]، فالرسالة السقيرقية الموجهة إلى أهل غزة يختلف مضمونها الهوياتي المرتبط بالمكان عن نظيره المبثوث في الحدث الشعري الأول "أنت الفلسطيني أنت" المتناول بالدرس ، أين تشظى العنوان في المتن مخلفا خطابا هوياتيا متمركزا على غزة كمكان عكس الصمود الفلسطيني الثائر لتنوب في هذا الخطاب عن الباقي من المكان الوطن "كَمَكَانٍ كُلٍّ" ، ويكأن الشاعر فصل بعبقرية شعرية إبداعية فذة بين "المكان الثورة" وبقية المكان الذي اعتبره "لامكان ولاثورة" لماذا ؟ لأنه باختصار شاعر ثائر في المكان والزمان متصالح مع ذاته وإبداعه رصد بحرفية عالية حدث الاعتداء السافر على غزة الصامدة تحت قنابل الفوسفور الأبيض بعدسة المبدع المحنك الواعي، فرغم الحصار والدمار الذي تعرضت له كل بناها التحتية إلا أن صمودها قهر قنابلهم ودمارهم ، عاكسا تخاذل الداخل الفلسطيني والعربي أيضا ، فغزة إذا هي الحضور الهوياتي الثائر نيابة عن الغياب المتخاذل الذي عكس الشغور الهوياتي المرتبط بالمكان أين ملأته غزة بامتياز.ليدخل هذا الحدث الشعري كسابقه دائرة الالتزام ولكنه التزام نابع من وضع الإنسان العربي الذي استحوذ على فكره ، وذلك من خلال تجربة الشاعر الخاصة ووعيه.[2] أين يلمس الدارس هذه الظاهرة النابعة من الهم العربي في كليته واشتماله ، ومن هم خضم المعاناة الفلسطينية المستمرة في الفضائين المكاني والزماني أيضا ، فالهوية تبنى من خلال التجربة المجسدة والارتباط بالآخرين وبما اقترن بالمكان وبحس الانتماء.[3] حقيقة فإن الشاعر بنى هويته داخل هذا الجسد النصي لأنه أحس بالانتماء لهذا المكان الذي عكس له ذلك الحضور الصامد المشخص "في أهل غزة" ، لا ذلك الغياب للآخر المتخاذل على مستوى الداخل الفلسطيني وعلى المستوى العربي ، ولم يجد له مسوغا موضوعيا إلا عين التخاذل ،حيث استهل خطابه بياء النداء في السطر الأول " يا أهل غزة لا خيارُ " مجسدا ظاهرة التيه والهلاك في السطر الثاني من النص " تهنا وأهلكنا الحصارُ" ويكأن لسان حاله يقول للغزاويين : أنتم الأحياء حقا أنتم الحضور المرتبط بالمكان أيها الصابرون الصامدون ، أما بقية المتخاذلين داخليا وعربيا هم المحاصرون التائهون الهالكون ، عاكسا المشهد التخاذلي المتمظهر للقارئ المتلقي من خلال دلالة هذه السطور الجارحة كاشفة سوأة الواقع المتردي "صدأ ٌيطالُ رماحنا" ،"وسيوفنا" ، "ورؤوسنا" ، "وننامُ يأكلنا الغبارُ" ، فغزة تحرق تحت نيران القصف والحصار لتحيا ، وأنتم أيها المتخاذلون صدئت رماحكم وسيوفكم ورؤوسكم ، فهذا المزاح الصوري المدهش المسقط يقول الواقع ولاشيء غيره ، فعتادنا صدئٌ ورؤوسنا صدئةٌ أيضا ويكأن الشاعر يقول : "من صَدِئَ عقله صدئ فكره وبالتالي فإن صدأ العتاد للأسف الشديد نتيجةٌ لصدإ الفكر والعقل " وننام أيضا أجسادا بلا أرواح كما الخشب المسندة ليأكل أجسادنا الغبار المادي والمعنوي ، أي صورة عبقرية مدهشة ساقها الشاعر بإبداع شفيف تناغم فيه الفكر والشعور لتنقل لنا هذه المراكب الشعورية صور تخاذلنا الغثائي، فالكائن ماهو عليه وليس ثمة في ذاته قطعة من وجود تكون بينها وبين ذاتها مسافة فليست هناك أية ثنائية في الكائن ، إن كثافة وجود ما هو في ذاته غير محدودة إنه الامتلاء فالهوية هي مفهوم الحد الأقصى للتوحيد فالكينونة هي الامتلاء ولا فراغ فيها يمكن أن يتسلل منه العدم.[4]، فصل الشاعر بين مكانين مكان ثائر ممتلئ بالذات الهوياتية الثائرة باعتباره ذلك الحضور الكينوني الصامد المشرف ،ومكان شكل ذلك الشغور والغياب عاكسا تسلل العدم إليه لأنه بالنسبة للذات المبدعة فراغ مملوء بالتخاذل ،وشتان بين المكانين في إسقاطات شعرية تفضح الواقع المزري لينتقل مشهد العقم من خلال هذا السطر الكاشف حد الوجع " مخصية أيامنا" "مذبوحة آمالنا" أي تيه هذا أيهذه الذات المنهكة المعذبة التائقة إلى الخلاص ، أي شعور ممتعض هذا الذي ملِّئَ مرارة وأسى جرحَا واقعنا الانبطاحي الغثائي وذلك العدمَ أيضا ، فأيامنا مخصية حقا لم تعد تنتج العزة والمجد ، أجل شاعرنا شاخ الزمن وأنهكنا العصر وأنهك ارتباطنا بالمكان المقدس ، فالمقدس يقع خارج متناول الإنسان ذاك الذي لايعرفه ولا يملكه إلا من انتهكه أومن تخطاه ، وحالما يتم تخطي الحدود تستحيل العودة إلى الوراء بحيث يتعين مواصلة السير إما في طريق القداسة أو في طريق الهلاك.[5] ، وللأسف واصلنا السير التائه الحائر في صحارى الهلاك ، عذرا فآمالنا مذبوحة ولاشيء غير الدم لوَّنَ الحياة ، فكيف نستشرف الآتي لولا هذا الوجودُ الحضورُ الغزَّاويُّ المنقذُ المخلصُ السائرُ في طريق القداسة ، أين جُسِّدَ التيه والحيرة من خلال حركة الجسد المرتبك المتخاذل الخابط عشوائيا على غير هدى أو دليل حيث المضيُّ المرتبك لرحلة الخطى التائهة المرتدة الحائرة من خلال المسقط الشعري الرائع المضمن في السطرين " نمضي فترتبك الخطى" و"ترتدُّ أرجلنا نحارُ" ويكأن شاعرنا في المقطع الأول من النص المستهل بالنداء " يا أهلَ غزة َ لا خيارُ" والمختوم أيضا بنداء المنقذ المخلص "يا أهلَ غزة َ أنقذونا!!."، ليستقر بين الندائين ذلك التيه الغثائي وتلك الردة الهوياتية في صحارى عالم عربي منهك تائه ، أين سيقربها الشاعر أكثر إلى المتلقي في المقطع الثاني والأخير من النص المستهل بـــــــ "لا تعجبوا ..." " فلا مدعاة للتعجب أيها الصامدون، فزماننا زمن عجب" تيه وغثاء "نمشي على جمر الركب" أجل نمشي على جمر الأشلاء المبعثرة المحترقة وعلى جمر الركب التي حملت صمودها وسقطت صامدة معلنة عن ترسيخ المكان المقدس " لقد أسمعت لو ناديت حيا **ولكن لا حياة لمن تنادي" عكست هذه السطور الخائية الرائعة حجم معاناته وتذمره من وطأة الواقع المنبطح المتخاذل :"ونصيح آخْ "نذوي على حدّ الصراخْ" "المجدُ شاخْ" "آخ ٍ وآخْ" فهذا المشهد الصارخ المختزل المكثف المبدع يقول الواقع فأمجادنا شاخت وهرمت ولم نعد نملك إلا بكائيات طللية جوفاء مفرغة من القيمة "لا شيءَ فينا كي نقولْ!!.. " فماذا سنقول بعد ما قاله الصراخ الغزاوي وغزة تحرق أمام مرأى العالم ولا نحرك ساكنا "هرمتْ على الدرب ِ الطبولْ!!!. " أجل هرم النفير على الدرب فكيف نعود بلاطبول تدق العودة "نامت من السأم ِ الخيولْ.. " حقيقة نامت خيولنا من الملل والسأم ومات في حناجرها الصهيل و"أفكارنا مقصوصةٌ" لا يمكنها أن تطير مغادرة عقولنا الصدئة المحاصرة بغبار التيه والحيرة "وبرغم ألسنة ِ اللهبْ"" نمضي ونضحكُ في طربْ!!. " أجل لا نملك إلا المضي في الضحك فنحن أمة ضحكت من جهلها الأمم ، نضحك وغزة تحت جحيم القصف والحصار صابرة تموت واقفة كما النخيل ، راسخة في الموت متشبثة به لتهب غيرها الخلود والحياة يامن "تقضونَ موتا والحصارْ""نارٌ على نار ٍ ونار" لتتحول النار هنا في هذا المشهد المر إلى صورة ثلاثية الأبعاد تكتوون بها يامن "تقفونَ في وجه ِ الدمارْ" أيها الصامدون المحاصرون الواقفون أيها الجديرون بالفخر والحياة "وصراخكمْ في كلِّ دارْ" عربية وصلها البث الفضائي المروع "لكننا .... " "صحراءُ يطويها الغبارْ" أجل "يا أهلَ غزة َ أنقذونا !!!. " "يا أهل غزة أنقذونا !!.." فأنتم رمز العزة والصمود أيها المنقذون أنقذونا من حيرتنا وتيهنا فنحن صحراء يطويها الغبار ، تيه على تيه وحيرة على حيرة ، فرمز الصحراء هنا تجاوز إسار المكان لتتجاوز دلالته المسقطة الجغرافيا مجسدة ظاهرة التيه الوجودي والنفسي والاجتماعي " في أخزى تجلياته ، "من يهن يسهل الهوان عليه ** ما لجرح بميت إيلام". [1]-خليل الموسى ، آليات القراءة في الشعر العربي المعاصر ، الهيئة العامة السورية للكتاب ، وزارة الثقافة – دمشق ، الطبعة الأولى 2010 ،ص.164. [2] - سلمى الخضراء الجيوسي ، الاتجاهات والحركات في الشعر العربي الحديث ، ترجمة عبد الواحد لؤلؤة ، مركز دراسات الوحدة العربية ، الحمراء – بيروت – لبنان ، طبعة ثانية منقحة 2007 ، ص.621. [3] - طوني بينيت وآخرون ، مفاتيح اصطلاحية جديدة معجم مصطلحات الثقافة والمجتمع ، ترجمة سعيد الغامدي ، مركز دراسات الوحدة العربية ، الحمراء – بيروت – لبنان ، الطبعة الأولى 2010 ، ص.652. [4] - جون بول سارتر ، الكينونة والعدم بحث في الأنطولوجيا الفينومينولوجية ، ترجمة نقولا متيني ، مركز دراسات الوحدة العربية ،الحمراء – بيروت – لبنان ، الطبعة الأولى 2009 ، ص.130. [5] - روجيه كايوا ، الإنسان والمقدس ، ترجمة سميرة ريشا ، مركز دراسات الوحدة العربية ،الحمراء – بيروت – لبنان ، الطبعة الأولى2010 ، ص.88. |
رد: ((( ارتباط الهوية بالمكان عند الشاعر طلعت سقيرق - يا أهل غزة نموذجا-)))
دراسة تضاف إلى سابقاتها..من روائع طلعت سقيرق الراحل الحي ودراسة أنيقة من النحّات الأسلافي القطبي الرائع..متعة مزدوجة لقلمين رائدين فخر النور وذخره..مودتي أيهذا المعلّق بيني وبيني..عيدك أسعد..
|
رد: ((( ارتباط الهوية بالمكان عند الشاعر طلعت سقيرق - يا أهل غزة نموذجا-)))
يا اهل غزة....
.................نص مؤثر فكريا ووجدانيا وصف فيه الشاعر الحال والواقع العربى وصف استخدم فيه الصور المناسبة للتقاعس والخزى والعار .... وفى نفس الوقت مؤثر وجدانيا بتعاطف الشاعر مع المقاومة االتى تبديها غزة للحصار ونجاحها ورغم صراخ الشاعر والمه من الحال العربى ومن تعرض غزة للحصار والقذف بالنار الا انه استغاث بغزة لتنقذ العالم العربى من سقوطه فى اللاوعى حيث وصفه بانه برغم السنة اللهب نمضى ونضحك فى طرب لذا كرر الاستغاثة بغزة ذلك ان واقع العرب لم يرى بعد فيه مايرجو فهى صحراء يطويها الغبار لم يصرح الشاعر صراحة كيف يمكن انقاذ العالم العربى وان كان يفهم من سياقه ضمنيا رحم الله الشاعر محمد جادالله محمد |
الساعة الآن 12 : 10 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية