منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   نورالأسرة، التربية والتعليم وقضايا المجتمع والسلوك (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=338)
-   -   من مذكرات أستاذة (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=2432)

نصيرة تختوخ 22 / 02 / 2008 05 : 09 PM

من مذكرات أستاذة
 
لا زلت أتذكر وجه زميلة سابقة لي و هي تحدق في و عيناها تقدحان شررا و تقول:"أنت تحصلين على كل ما تريدين و ليكن لك ذلك!".
لم أعرف حينها بما أجيبها كنت أود أن أشرح لها أنه لم يكن لي دخل بما فعله أحد زملائي إذ أنه سعى لتحقيق أمنية لي من دون علمي و أن هذا كان على حساب ما كانت تريده هي ..
الأمر كان مسألة سوء تفاهم أو لأقل سوء تفهم من جانبها و حسن نية من طرف زميلي و النتيجة أنه منح لي ماكانت هي تصبو و تخطط له.
نظرات غيرة قرأتها مرات عدة في عيون الآخرين مع أنني لم أعتبر نفسي إنسانة تستحق أن يغار منها.
فأنا التي تقول عن نفسها أنها متوسطة في كل شيء و بكل المقاييس.أفاجئ بتلقيبي بالمحظوظة و المتميزة و الرائعة ...
تعجبت يوما عندما جلست والدة أحد التلا ميذ أمامي ومضت تغلق هاتفها المحمول قائلة:"إنه إبني يتصل للمرة الثالثة أظنه يريد أن يقول مجددا كوني لطيفة مع أستاذتي لأنها لطيفة جدا جدا و رقيقة جدا جدا.."
التلميذ كان هادئا ولم يمدحني يوما أثناء الدرس أو بعده و قد تعجبت من هذه الكلمات.
عندما توفيت زوجة أخي منذعامين تقريبا بكيت للمسة الحنان المتدفقة من خمسة عشرين وردة )بعدد تلا ميذ أحد الأقسام (أهديت لي و معها بطاقة مليئة بكلمات المواساة.
أحسست بقلوب تقدر حزني و تلتف من حولي لتقول أن الخير لازال عملة يتبادلها البشر.
عندما غبت يومين الأسبوع الماضي إستغربت أن أرى بين كل حصتين و جوها بشوشة تطل لتقول: هاي أستاذة أين كنت؟ هل أنت بخير؟
حتى أنني تجرأت و سألت تلا ميذ أحد الأ قسام ألا تفرحون عندما يتغيب الأستاذ و يكون عندكم وقت فارغ و كانت الإجابة :
يتعلق الأمر بمن و هناك فرق بين الدرس و صاحبة الدرس فإننا اشتقنا إليك.
كان ردي طبعا وأنا أيضا اشتاق إليكم.
و أضافت شيرلي: كألم الأضراس أكيد..أليس كذلك
و ضحكنا جميعا.
هذه الضحكة الجماعية أظنها من ما جعلهم يشتاقون لي.
أذكر يوما أن أحد التلا ميذ لم ينتبه لنفسه إلا حين سمع ضحك الآخرين لأنه ناداني ماما أثناء الحصة.
صعد أحد الأولاد الدرج السنة الماضية مسرعا لا هثا ليصرخ في وجهي لقد فعلتها فعلتها لقد نجحت , سأحصل على دبلومي و تبتدأ حياة النجاح(كان يوم ظهور نتائج ما يسمى الباكلوريا أو الثانوية العامة..).
في فصلي وفي غمرة الجد و الكثب تمر لحظات إنسانية ممتعة , يمتزج فيها التعليم و التعلم بالصبر و التربيت على الكتف .
طلبت مني سارة وهي فتاة عمرها ست عشرة سنة أن تعيد الإختبار لتعدل نقطتها فقلت لها إعذريني عزيزتي لكنني لست ملاكا فردت: لم يتبقى لك الكثير لتصيري كذلك, فأنت على وشك أن تصيري ملاكا.
مضيت أتأمل كلا مها ووجدت أن هذه المهنة تعلمني فعلا أن أتحكم في نفسي و أسمو لكي أشابه الملاك أحيانا.
عبرت لإحدى الزميلات يوما عن دهشتي للطافة و الرقة اللتان أقابل بهما أحيانا فقالت:"يا صغيرتي إن ما تحصلين عليه هو انعكاس لمعاملتك للآخرين" ولم تلبث أن تفاجئتني هي أيضا باهدائي نجمة بلورية قالت أنها ذ كرتها بي.
جميل حين يحبنا الآخر و حين تباغتنا لمسة حب و تقدير.
إننا نقبل على الحياة بشهية أكثر ونحن نشعر أن هناك من يشاركنا فرحة أو يمسح عناحزنا وأن هناك من يهمه أن يهدينا بسمة ساعة كآبة.
مهنتي علمتني أشياء كثيرة و عرفتني بوجوه و طباع أكثر لهذا فأنا أحمد الله لأنه منحني إياها ومكنني من مواجهة نفسي وصقل شخصيتي لأسمو بإنسانيتي و أنوثتي و حبي للآخرين.
Nassira

رشيد الميموني 22 / 02 / 2008 36 : 11 PM

رد: من مذكرات أستاذة
 
أجل .. نصيرة .. هي مهنة المتاعب .. لكن حبنا لها و درايتنا بكيفية التعامل مع كل الفئات تجعلها مهنة المتعة .
لا يقدر مهنة المدرس إلا قلب بريء أو كل من قاسى مشقتها .. وعندما يفيض القلب حبا تستكين إليه القلوب البريئة ، لايكون المقابل إلا حبا .. أما ما يبدر من سوء تفهم أو سوء نية ، فإن الأحرى بالمدرس أن يتعالى عن ذلك وينأى عن الهبوط إلى مستوى أقل من مستواه .
يومية ممتعة ،تلك التي أتحفتنا بها ، نصيرة ، وهي من لب الواقع . لو سألت مدرسا ، سيجبك حتما أن هذا ما وقع له .
دمت مدرسة و مربية .

ميساء البشيتي 23 / 02 / 2008 53 : 12 AM

رد: من مذكرات أستاذة
 
عزيزتي نصيرة

وأنا أنضم إلى تلاميذك وأقول لك انك لطيفة جدا ً وبتنحبي

الانسان يا عزيزتي مثلما يقدم للأخرين يقدموا له

استمتعت بالقراءة لك شكرا لك وبارك الله فيك

:sm113:

نصيرة تختوخ 23 / 02 / 2008 19 : 04 AM

رد: من مذكرات أستاذة
 
حتما تجارب أناس يعملون في نفس الميدان قد تتشابه لكن يبقى لكل واحد منا شخصيته و طريقة تفاعله مع الآخرين و أهدافه وتحدياته المهنية التي يصبو إليها.
تحياتي لك أخ رشيد ووفقك الله في عملك و تأدية رسالتك النبيلة

نصيرة تختوخ 23 / 02 / 2008 21 : 04 AM

رد: من مذكرات أستاذة
 
كم تبهجني رقتك دوما يا ميساء، لطيفة أنت كشعاع دافئ يخترق يوم شتاء بارد و رمادي.
تحياتي لك و أتمنى لك كل التوفيق

تيسير محي الدين الكوجك 23 / 02 / 2008 54 : 02 PM

رد: من مذكرات أستاذة
 
سعدت بقراءة هذا الجزء من مذكراتك ويكفيك فخراً أنك تزاولين أشرف مهنة على مر التاريخ وهي :
(بناء الأجيال)
يبدو أن لديك تجربة غنية في سلك التعليم أتحفينا بالمزيد أيتها المربية
مودتي

نصيرة تختوخ 23 / 02 / 2008 48 : 08 PM

رد: من مذكرات أستاذة
 
يسرني أن يكون فتح مذكراتي دغدغ قلوبكم و حملها ربما إلى ذكريات الدرس و التحصيل. أما عن تجربتي فأجمل فيها تنوعها تلاميذ من مختلف الجنسيات ،إطلاع دائم على التغييرات الديداكتيكية وتفاعل مستمر مع فئة سترسم المستقبل.
تحياتي لك أخ تيسير

آنست نوراً 24 / 02 / 2008 00 : 04 AM

رد: من مذكرات أستاذة
 
ألاستاذة الكريمة نصيرة

من المؤكد أنك أديت الرسالة

فاستحققت هذا التبجيل

بارك الله فيك ونفعنا بعلمك

اقتباس:

لا زلت أتذكر وجه زميلة سابقة لي و هي تحدق في و عيناها تقدحان شررا و تقول:"أنت تحصلين على كل ما تريدين و ليكن لك ذلك!".



عزيزتي

لا أعلم إن كنت مارست التعليم في مدارس خاصة أم لا وما يحمل
التعليم في ثناياه هناك من أعباء وهموم لاحباط المعلم وشل قدراته

عبارتك السابقة ذكرتني بموقف طريف مر بي يوما
كنت حللت معلمة بديلة لمدرسة اضطرتها ظروفها التغيب
عام دراسي كامل
وحين عودتها في العام الجديد
ولم يحدث ان التقيت بها
قالت لي بدون سابق معرفة لها بي
لازم تعرفي ياحبيبتي إنه عدوي ابن كاري
وحملت لي عداء
حتى افترقنا

حقا عزيزتي مهنة التعليم شاقة
تعرفنا بوجوه عديدة
وتصقل النفوس

بارك الله فيك

ودمت في رعاية الله

نصيرة تختوخ 25 / 02 / 2008 56 : 07 PM

رد: من مذكرات أستاذة
 
مهنة شاقة ربما لكنها نبيلة و سامية و تستحق أن نفخر بها.
شكرا على تفاعلك مع الموضوع سيدتي


الساعة الآن 24 : 02 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية