![]() |
حاذر حكم القرد إذا كنت أسدا
ضم سرك قردا وأسدا أو بالأحرى - وحتى نعطي لكل
ذي حق حقه - ضم أسدا وقردا إضافة إلى أنواع أخرى من الحيوانات ، وقد خصصت هذين الحيوانين بالذكر لأن كراهية سوداء كان يضمرها القرد للأسد بسبب ما كان يحظى به هذا الأخير من كبير إهتمام من قبل مالك السرك إذ كان يعطى أوفر و اشهى الأطعمة حتى كادت من أجله أن تخلو الغابة من الحمير والغزلان ، بينما كان نصيبه هو من الغذاء لايتعدى حبات من الجوز و موزة وقليل من الخبز اليابس . ذات صباح جابهت صاحب السرك والحيوانات مصلحة غاية في الإلحاح فنادى على القرد وأمّره على بني جنسه و أوصاه خيرا بهم وأخبره أن مهمته تلك ستستغرق الكثير من الوقت لذا فإن عودته لن تكون إلا بعد غروب الشمس . عاهد القرد صاحبه بل شكره على الثقة التي وضعها فيه . لكن ما إن غادر المالك محل السرك حتى أصدر القرد أمرا لعموم الحيوانات بالغناء وأمرا آخر خاصا بالأسد دون سواه بالرقص . شعر هذا الأخير بالإهانة والمذلة والحسرة على ما هذا الأمر الذي اصدره القرد في حقه وهو الليث الهزبر والملك المتوج الذي كانت أغلب هذه الحيوانات الموجودة بالسرك تشل أوصالها ولا تستطيع الحراك لمجرد سماعها لزئيره على بعد أميال أما القردة فكانت تحرم على نفسها البقاء على ظهر الأرض فلا تجد لها من مأوى غير أغصان الأشجار الشاهقة وبعضها كان يتساقط على الأرض من عظم ما أصابها من خوف وهلع كما تتساقط الثمار الفاسدة من أشجارها ولولا خلو لحمها من اللذة و الطراوة لأتخذها بدل الظباء غذاءا يوميا له ، وههو اليوم يخضع لسلطة أحدها ليشفي غليله ويصفي حساباته . وبالرغم من ذلك ، أمتثل الأسد كدأب الكبار لأمر القرد درءا للفتنة واحتراما للقانون فتقدم نحو خشبة العرض وشرع في الرقص على رتم غناء الحيوانات ، وقد أمضى يومه على هذا الحال دون حتى أدنى استراحة ودون أن تلج جوفه لقمة طعام أو شربة ماء . شعر القرد بعودة صاحب السرك فأمر الجميع بإنهاء الغناء فأنتهى بدوره الأسد من الرقص، فانزوى هذا الأخير عقب ذلك في ركن لوحده وقد نال منه التعب والجوع والعطش لكن ما ناله أكثر انكسار خاطره وتألم جوارحه من الجرح الغائر الذي اصاب نفسيته ، فنظم ، مواساة له ، قصيدة بقيي بيتا مطلعها تتداولهما الألسن إلى يوم الناس هذا ويستعين بهما كل عظيم اصابه مكروه من ضعيف نفس أو لئيم ناكر للجميل او دنيء اتيحت له فرصة مؤقتة انسته قيمته الحقيقية و حاول إستغلالها لتصفية حساباته مع العظام . هذان البيتان هما : إذا اتاك الزمان بذله // فالبس له ثوب الرضا وارقص للقرد في دولته // وقل يا حسرتاه على زمن مضى . |
الساعة الآن 05 : 10 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية