منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   مدينة د. منذر أبو شعر (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=489)
-   -   ابنتي دينا الطويل ..وفضاءات جمال العربية (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=24770)

د. منذر أبوشعر 23 / 01 / 2013 32 : 09 PM

ابنتي دينا الطويل ..وفضاءات جمال العربية
 
عندما يصير الوطن نسغ حياة ،ويتشكَّل في الذاكرة زاداً يومياً ،تصير الذكريات نبضاً وحلماً ورؤى وأملَ يقين ،ويصير الوطن ليس مجرد بقية صورة فائتة نتعب باستعادتها ،لأنها تحمل ،ساعتئذ ،في ذاتها صفة البقاء ومعاني الاستمرار ،ويصير الوطن ،بالتالي ،ليس حبة رمل في محيط كبير،بل ماضياً عشناه ،وحاضراً نحياه ,وأملاً نرجوه .ويكون هو الذكرى والحلم الغافي ،ومراح الأيام وعبقها ،ويكون هو التاريخ بأساه وأفراحه وشموخ أيامه ،والثورة بنورها الأبدي .
و( فلسطين ) ليست مجرد حدث عابر في الذاكرة .
وبدهي أن قوة أيِّ نمط أدبي ،تكون في جعله حدثاً متجدداً ،وزاداً يومياً معاشاً.
وابنتي دينا الطويل ،استطاعت ،ببساطة آسرة ،تحويل تاريخ شعب فلسطين ،بآماله وأحلامه ومأساة مرِّ معاناته ،إلى عذب جمال أدب ،ابتعد عن حماس الخطاب السياسي ومطوِّلات المواعظ والبكائيات ،بأسلوب جميل راق ،فيه نعومة الأنثى ،وثقة إيمان صاحب العقيدة ،وشفافية المتصوِّف في علاقته الآسرة مع الله.
** ** **
ودينا :لفظ فارسي ،يعني العدل .وفضاءات ( عدل ) كنا معها في فضاءات اسم أخي المبدع عادل سلطاني .
ودينا ،في التوراة :ابنة يعقوب عليه السلام. والأنبياء في التوراة مهزوزة صورهم ،انتفت عنهم صفة النبوّة وشفافية الدين ورحمته وسمو فضائله ، وتجردوا في كثير من الأحيان عن النُبل والخير والإنسانية !
** ** **
والطُّّّّول :خلاف العَرْض ،نقيض القِصَر ،يكون في الناس ،وغيرهم من الحيوان والمَوَات والأعراض كالزمان ونحوه ،وهو من الأسماء المُتضايفة ويقال :أطالت المرأةُ :ولدتْ أولاداً طِوالاً،وفي المَثَل :إنَّ القصيرةَ قد تُطيل ،وإنَّ الطويلة قد تُقْصِر .
وقال خالد بن صفوان المِنْقَري ،أحد فصحاء العرب وخطبائهم ( ت:135 هجرية ):عمود الجمال :طول القَوام ( عيون الأخبار3 /212 بتحقيقنا ).
ويوصف بالطول عُنُق الفَرَس ،وعنق البعير ،وعنق الظبي .قال الراجز في عنق الخيل :
يكادُ هاديها يكونُ شَطْرَها
ومن الشِّعر السائر في الكناية عن الطول ،قول الخنساء ( تُمَاضِر بنت عمرو السُّلَميَّة ،ت :24 هجرية) في رثاء أخيها صخر،وكان غزا بني أسد في الجاهلية يوم الكُلاب ،فطعنه رجل ،فدخلت في جوفه حلقاً من الدرع ، فاندمل عليه ،فنتأت قطعة من جنبه مثل اليد ،فمرض قريباً من حَوْل (أي عام ) ،حتى ملَّه أهله ،وقالت زوجته في بعض حديثها ،وسُئلتْ عنه: لا حيٌّ فيُرجى ،ولا مَيْتٌ فيُنعى ،لقينا منه الأمرِّين ! فعَمَد إلى شِفارٍ في عمود خيمته فوجأ بها نفسه،يريد نزع الجرح ، فمات :
رفيعُ العِمادِ ،طويلُ النِّجادِ
ساد عشيرتُُه أمردا
رفيع العماد: أي بيته طويل العَمَد ،واسعاً ،كناية عن شرفه ويساره ،فهو رجل موسِع ،يٌُطعم تحته ويُقري .والعرب تمتدح طول العماد وتذم قِصرها . والنجاد :حمائل السيف ،قال الأصمعي ( عبد الملك بن قُرَيب ،122 هجرية -216 هجرية ): أرادت أنه طويل الجسم ،وإذا كان كذلك لم يكن نجاده إلاَّ طويلاً ( ديوان الخنساء 144 ).
وسراويل قيس :يُضرب مَثَلاً لثوب الرجل الضخم الطويل .وكان قَيصر الروم بعث إلى معاوية بن أبي سفيان ( توفي سنة 60 هجرية عن سبع وسبعين سنة ) برجل من رجالاته ،يُعَجِّبه من كمال خِلْقته وامتداد قامته. فعلم معاويةُ أنه ليس لمُطاولته ومُعارضته إلاَّ قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري (ت :59 هجرية ) ،فإنه كان أجسم الناس وأطولهم ، فطلب من قيس أن ينزع سراويله ليلبسها رجل الروم ،فلما لبسها ،بلغت حَلَمَة صدره ،فعجب الناس وأطرق الرومي مغلوباً .
وكان قيس بن سعد بن عبادة يُقَبِّل المرأة على الهودج ,.وخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين ،وكان من النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة صاحب الشرطة من الأمير، وعداده في دُهاة العرب . وقالت له عجوز كانت تألفه: أشكو إليك قلَّة فأر بيتي . فقال: ما أحسنَ ما سألتِ ! أما والله لأكثِرَنَّ جرذان بيتك ! املؤوا بيتها خبزاً ولحماً وسمناً وتمراً.
والأعلام الموصوفون بالطول كثر ،أشهرهم :
عمر بن الخطاب ،ثاني الخلفاء الراشدين، ( ولي الخلافة سنة 13 هجرية ،وطعنه أبو لؤلؤة المجوسي عبد المغيرة بن شعبة سنة 23 هجرية) كان كأنه راكب والناس يمشون حوله .
وجرير بن عبد الله البَجَلي ( ت: 51 هجرية ):كان طويلاً ،بديع الحُسن ، كامل الجمال ،قال عنه عمر بن الخطاب : جرير يوسف هذه الأمة .
وكان يَفتُل في ذِروة البعير من طوله ،وكانت نعله ذراعاً.وتوفي في قَرقيسياء ،وهي اليوم :البْصيرة ،بلدة في وادي الفرات ،عند ملتقى نهر الخابور بنهر الفرات ،تبعد عن مدينة دير الزور 43 كم باتجاه الجنوب الشرقي.
وعلي بن عبدالله بن العباس السَّجَّاد ( توفي سنة 118 هجرية )، كان جسيماً مهيباً جميلاً .وعجب قوم من طوله ،فقال رجل: يا سبحان الله ، كيف نقص الناس ! لقد أدركتُ العباس بن عبد المطلب ( ت : 32 هجرية ،عن ست وثمانين سنة ) يطوف بهذا البيت وكأنه فُسطاط أبيض .فحُدِّث بذلك علي بن أبي طالب ( ولي الخلافة سنة 35 هجرية ،واغتيل سنة 40 هجرية ) فقال :كنتُ إلى منكب أبي ،وكان أبي إلى منكب جدِّي .
ومن عُرف بهذه الصفة جماعة ،أشهرهم :
حُميد بن أبي حُميد الطويل (68هجرية - 143 هجرية ) الإمام الحافظ .
كان قصير القامة طويل اليدين ،فسمي حميداً الطويل ،إمَّا على الضد لقصر قامته ،وإمَّا لطول يديه .
وعائلة الطويل :أصلها من الحجاز ،خرجت في الفتوحات الإسلامية ، فاستوطنت مدينة الخليل ،وبعد الاحتلال سنة 1948 م تفرقت في الأردن وسورية ( سكنوا حي القيمرية في دمشق )ومصر والعراق .
** ** **
والحديث لا ينتهي عن آل الطويل ،وأكتفي بهذا القدر خشية الإملال .ونلتقي مع أسماء أخرى في فلك نور الأدب إن شاء الله .


الساعة الآن 51 : 01 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية