![]() |
في المرايا بقايا رجل
وصلتُ وعلى عيني عصابة كتلك التي تُربط على عين الصقر فلا أفزع حين أرى أكثر مما يجب، أدرت مسكة الباب فأنّت في مغلاقها، تسللت إلى الداخل بهدوء بارد وبخفة قط هرم ،عصافير الحبّ في حالة عناق، على جدران غرفتك تتغلغل السكينة المريبة بخبايا العتمة، جسد الليل الغامض يهتز له سريرك،عطرك يعبق في غرفة نومنا ليثير فيّ نداءات كامنة، لكنّه في هذه اللحظة ينزّ بهبات نتنة وعفن يفوح فاختنق، جمالك الآسر وبياضك الفاسق المشع أضفيا على المكان قبسا من وهن.
سكون المكان صفعني وطشّ الدم في أذناي، ولجم صرختي حين باغتني إحساس بوجود رجل في غرفتنا، نظراتي تجوب المكان وتقع ذاهلة على مرآتك المشروخة، خيبة تنثال عليّ من انعكاس حالة الخيانة فيها لتشي بفظاعة فعلتك، فتنتك تغلغلتْ في عروقه فأشعلت رغبة جامحة ليضمِّك إلى صدره بقوة، تلفحيني بتكاثف نشيج لهيبك بين يديه وتغافلك عن شحنات معادلة من الشعور بالذنب. دخان سيجارتك يكثّف غشاوة الرؤيا، لكنّي رأيت وسمعت الحرام، تبقّعات جلدك تشي بوصمة عار، تحسست برودة حديد مسدسي، لن أقتله، بل سأنازله بلعبة الموت في دوران الرصاصة الأخيرة في مكمن الطلقة، لكنّه في غفلة جبانة أطلق ساقيه فرارا من الشرفة وتركك تواجهين العار وحدك. شبه عاريةً تصلّبتِ بكامل فتنتك وجمالك ، تتحدين صبري ووجعي،وحتى لا يذوي عشقك للخيانة في الخواء وبكلّ نظرات العهر التي تسِمُك. نطقت بوقاحة: كلّ النساء تصاحب!! :أتريدين أن تذوب حقيقتك في كلّ النساء!! نظراتك تتواطأ لتضليل ذاتك، لتنهشني ملامحك التي تشي بسفك وقاحة لا رهبة خوف، عريك فاضح، ابنتنا الصغيرة اندفعت إليك بشغف عطف: - ماما البسي حتى لا تبردي!! صدى فحيحك ثقب أذنيّ كأنك تمارسُين معي لعبة الغواية الأزلية فالتهب احتراقاُ:إن كان لديك رجولة طلقني!! الصبي التصق بساق المربية، هدى اختفت لدقائق وانبرت قائلة بحدة : دادي، جهزت أشياءها لتأخذها، افعل شيئا، اصفعها،اطردها، لا تستحق براكين غضبك. نظرتِ إليها بازدراء:"يا كلبة، خسارة حليبي الذي رضعتيه". خوف ما تمزّق وأطلق هذه الأنا المتعددة في داخلي، دماغي يغلي معلناً عن انفجار باهت، وذرفت عيني الوحيدة دما، ذلك القدّ الساحر الواقف أمامي عارضاً فتنته بكل ابتذال، رغبتي إليك مترعة بجوع اشتهاء، كثيرا ما راودتني الشكوك التي تنبثق من داخلي لتهاجمني عقابا على الرائحة الغريبة التي لا تزال تفوح منك وعلى الرغبة التي بدأت تتلاشى مع كل خطوة أخطوها نحوك، الأسئلة العقيمة تتسلل نحوي، ما سر عزوفك عني؟ لا أذكر آخر مرة قمت بواجبي الزوجي معك، الآن عرفت سر انزلاقك كزئبق من بين أصابعي المحترقة شوقا إليك. رجوتك بنداء توبة لإنقاذ ما تبقّى من حياتنا الزوجية الهشّة المتآكلة، أفركُ عيني لعل هلوسات الطهر التي تنتابني تحيي أملا بصلاحك، لكنّ نظراتك تغوص في جوفي كسهم ينطلق من ذروة بركان ترميني شهبا. تسألينني بدهاء: احترقت؟؟ أردّ بضعف: أضميرك متوافق مع الخيانة؟ تندفعين وحدك للخطيئة برغبة جامحة لأنك تركيبة آثمة، بكل نفس تنفثينه، أكره أفعالك. الخذلان حيرني، ثمّ طفوت معك في موجة عتاب: أرجوك اندمي حتى أسامحك؟ أمنحي نفسك لحظة غفران صادقة، لا تتجاوزاللحظة التي تليها. ساديتي نحو ذاتي خارقة وأنواتي حقدت عليّ وعاقبتني لضعفي أمامك، وتلومني"كيف تتحمل هذه الآثام" أخنقها، أُسكتها ولسان حالي يلهج بذلّ "ولهي بها لا مدىً له، ومن أجل أولادي ألجم جنوني وألبس عباءة يأس فوق جسد منهك لاحتواء أشلاءِ فرح هارب. لسعتني سياط حبي لك حين أطلقت سهام غضبك قائلة: لم لا تدافع عن شرفك، إن كنت رجلا طلقني، كان هنا على سريرك، ألست امرأة خائنة؟؟؟وقفتُ أمام المرآة بائسا وخلت ذاتي تتقزم وتذوي أمام"قرد البابون"الذي يقتل بشراسة أي قرد يحاول الاستيلاء على أنثاه، خيبتي تزداد وهجا، هواء رطب مثقل بالهوان ملأ صدري، جثوت عند قدميك راجيا أكزّ على وجعي وأجأر: لا تتركي المنزل، لن أطلقك، في المرة القادمة، سأهشم المرايا، وأطرق الباب. |
رد: في المرايا بقايا رجل
قرأتُ..وسأعود للتعقيب إن شاء الله..
|
الساعة الآن 47 : 07 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية