منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   الخاطـرة (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=30)
-   -   رسالة شوق (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=25161)

ليلى مرجان 24 / 03 / 2013 34 : 06 AM

رسالة شوق
 
[frame="1 98"]نقلت هذه المشاركة التي كتبتها يوم 12.02.2013

رسالتي إلى ذاك القابع على ربى روحي، إلى ذاك المغلف بؤبؤة عيني أرى من تجلياته دنياي. رسالتي إليك وحدك يا من اشتقت لنظرات عينيه وهي ترقب حركاتي و خطوات عمري، يا من اخترتني حبيبتك المفضلة. يا من كنت واسطة عقده ونجمة أضاءت سماء حياته. اشتقت إلى حديثك، إلى ابتسامتك التي كانت تغمرني فرحا. اشتقت إلى قبلتك بين عيني، إلى ضمة بين جناحي صدرك ملؤها الحب و الحنان. يا من فرشت لي الأرض ورودا و نسجت سماء حياتي بخيوط الرضى.
حبيبي، مذ تركتني و روحي تعيش فراغا و قلبي كسير لم يدق طعم السعادة الحقيقية؛ تلك السعادة التي كنت تهدينها كل لحظة عشتها معك، مذ أن وعيت بك، سعادة تهتز الأرض القاحلة لسقياها؛ كنت أشربها و ترويني حتى الثمالة فيفيض كأسي بها ليرتشف من حولي بفيضها.
حبيبي، أينما رحلت أجد ظلك يلازمني وحبك يغمرني، وحين أنظر إلى المرآة أجد عيني تنظر إليك و عينيك تنظر إلي؛ فأنا أنت وأنت أنا و روحي إلى روحك تشتاق.
لن أخط حروفي التي ترسم ذكراك بمداد قلمي؛ وإنما أخطها بدم قلبي الكليم بفراغ منك لأقول لك يا غالي، يا حبيبي، رفيقي وصديق عمري، مذ تركتني و أنا أنقب عن صديق يعوض جزءا من مكانتك فما وجدته.
حبيبي يوم تواريت في متـواك الأخيـر غابت شمسي عن دنيـاي فاستحالت حالكة السواد، و لم يتنفـس بعـدك صبحـي و كشر حظي. دنياي بكل ما فيها تغيرت و اصفرت الرياض.
يا آخر أنفاسي و يا حبي الدائم من يسعدني بعدك من يسقيني نبيد الفرح، هو؟ هي؟ لا و لن أُستسقى حتى الثمالة؛ حتى تتمايل أغصان روحي بريح جنتك ورَوْح روحك
.
يا غالي مع رحيلك سحبت بساط مهجتي و اقتلعت أوتاد خيمتي ظلا ظليلا كان يحميني من حر يحرقني، من لهيب تلسعني شرارته. انكشف الغطاء عني يوم أسلمت روحك خاضعة لبارئها مستسلمة إلى برزخها. يومها كان الكل يحسب لإخباري ألف حساب، أُعلم الكبير و الصغير، القريب و البعيد إلا أنا؛ و لأني أنا أنت و أنت أنا فكيف يُخبر من هو ميت حي؟
قدمت البيت و تراءت لي جموع الناس و لم أسأل؛ بكى قلبي على وحيد أخي العليل زهرة قلبي الذي أسميته بنفسي. وحين اقتربت عانقني زهير حبيبي الصغير طويل القامة فصاح و الدمع ينهال على خده "عَمِتو" (عمتي) فحمدت الله على سلامته و نجاته، شرد عقلي... و العيون ترقبني، عانقتني أمي و هي تبكي و تقول ليلى أبوك أبوك.. في البداية لم استوعب قولها أو لم أتقبله.. وسرعان ما تشكلت حولي دائرة بشرية البعض يعانقني و البعض يرقب مدى انفعالي مع الفاجعة، ولأني أنا هو لم أنفعل، همست لهم امسحوا دموعكم لا تبكوه لا تزعجوا حبيبي لا توقظوه من سباته. أجلست من كان واقفا حولي؛ فسحت الطريق إلى الغرفة حيث يستلقي مستقبلا القبلة، انتزعت مني روحي لتعانق روحه وعيني شاخصة تنظر إلى وجهه المبتسم الذي لم يظهر عليه لون الموت و قد غلفوه بلباس حليبي، ارتمى جسدي على جسده و عانقته عناق الوداع الأبدي، رسمت على جبهته قبلة ما تزال حرارتها تستوطن شفتي. و أنا أقبل وجنتيه سالت دمعة من عينه اليمنى، استغربت أمي وإخوتي الذين دخلوا معي الغرفة لا لتوديعه فقـد سبقونـي لذلك وإنما حضـروا ليسجلوا مشهد نهاية علاقتـي به و هم الأدرى بحبه لي و تناسوا أن لا نهاية بيني و بين الروح التي تسكنني؛ و الدمعة المتسللة من جفن غطى في سباته الأبدي خير دليل على الرابـط الذي مازال يربطني برفيق عمري، أنا وحدي يتقن قراءة الدمعة تلك، أنا وحدي من يستطيع تشفير الرسالة التي تحملها. بكـى أبي و جفى دمعي فتجمد الدم في عروقي اصطبغ وجهي بلون كبريتي؛ فأنا التي مت و ليس هو، هو ما يزال حيا في خلدي، حيا ما دمت كذالك. استغرب الكل لجلدي و صلابتي و جفاء دمعي، و سرت في قوة استمدتها من قوته، عانقت أمي و إخوتي و رجوت الكل ألا يبكي حبيبي، لبست رداء الصبـر و تلحفت بغطاء الجلد حتى تمت مراسيم الدفن التي لا يحضرها إلا الرجال. ولأنه حبيبي أنا وحبي له أحمق لبست جلبابه و تخفيت تحت طربوشه وتلحفت سلهامه؛ ارتديت لباسه المخصص ليوم الجمعة دون أن يشعر بي أحد؛ لأن النساء كانت تطلن من النوافذ أو تصطفن جانبي المنزل يرقبن خروج الجنازة إلا أنا تسللت بين الكتل البشرية، ركبت سيارتي وتبعت الجنازة في آخر الصف الطويل و روحي تتقدمه وتطوف حول حبيبي كما يطوف الحجيج بالكعبة المشرفة و روحه تقودني إلى متواه الأخير.
و عند الدفن كنت واقفة كنخلة شامخة ترقب حفرة؛ سكنه الأبدي،و أنا أقرا ما تيسر من السور و أنثر عليه من طيب الدعاء إلى أن توارى عن الأعين إلا عيني أنا.
وفي اليوم الثالث؛ يوم الزيارة، كخلية نحل أحطنا بقبر أبي؛ كلنا يدعو له. فجأة تراءى لي أبي مرفوع فوق القبر جحظت عيناي و رمقت من الجانب الآخر للقبر أختي رشيدة المقربة إلى قلبي و عينيها تتوسعان و هي تنظر إلي وحين أتممنا الدعاء حدثتها بما تراءى لي فقالت لي أنها لاحظت تغييرا على وجهي الذي ارتدى كل الألوان في لحظة ما. استغربت أهو أبي ارتقى فوق الأرض ليخبرني أنه برفقتي أم أنها هلوسة الشجن والإشتياق
والنفس شتى شجونها.
ذاك حبيبي أنا؛ الذي ملأ حياتي بذكريات جميلة رسمها على صفحات عمري حين أقلبها أحس أنها سكين تنخر جرح قلبي و ما زلت أعيش وخزاته، و لأني أنا هو و هو أنا فأبي ما زال حيا في خلدي.
[/frame]

رشيد الميموني 24 / 03 / 2013 37 : 12 PM

رد: رسالة شوق
 
رحم الله أباك أختي ليلى وأسكنه فسيح الجنان ..
في الحقيقة تأثرت كثيرا وأنا أقرأ في صمت هذا الكم الهائل من العواطف والنبل المتأصل فيك وهذا البر الذي لازمك نحو أبيك رغم رحيله ..
كلمات تتوهج صدقا ووفاء ..
تحية مودة وتقدير .

ليلى مرجان 24 / 03 / 2013 19 : 01 PM

رد: رسالة شوق
 



أستاذي العزيز رشيد أشكر قراءتك لنصي و تجاوبك معه
و إن وقع فيه خلل؛ حيث وجدت خمس فقرات
و بضع كلمات بترت منه و قد استرجعتها بلون مغاير
عادة أراجع نصي قبل اعتماده أكثر من مرة لكني أستغرب لهذا الخلل

لك ودي و احترامي

فتيحة الدرابي 25 / 03 / 2013 35 : 03 PM

رد: رسالة شوق
 
يعجز لساني عن التعبير ياليلى، شربت من نصك ما كفاني من وجع الفراق ، حضرت ذلك اليوم واستغربت لشموخك ، أطلب من الله أن يمنحني شيئا من صلابة جأشك لأني أحس أني ضعيفة ومرهفة كثيرا في هذه المواقف.
راقني أسلوب النص وما يحتويه من عواطف جياشة ألمسها دائما فيك مع طيبة قلبك. رحم الله والدك وأسكنه فسيح جناته .
دمت مبدعة أ. ليلى

نصيرة تختوخ 25 / 03 / 2013 22 : 06 PM

رد: رسالة شوق
 
[align=center][table1="width:95%;"][cell="filter:;"][align=center]رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه وأمدك بطول العمر والصحة. دامت لك صداقة القلم أيضا حتى تبوحي للورق بما يجول في خاطرك ومايريح روحك.
دمت بخير أستاذة ليلى.[/align]
[/cell][/table1][/align]

فاطمة البشر 25 / 03 / 2013 32 : 10 PM

رد: رسالة شوق
 

رحم الله والدك عزيزتي أ. ليلى وأسكنه فسيح جناته ،
ماذا يمكن أن أقول غير أنه علينا محاولة البقاء في الحياة رغم كل من يفارقوننا ....
لروحك السكينة ولقلبك السعادة أينما حل
ودي ووردي

محمد الصالح الجزائري 26 / 03 / 2013 15 : 12 AM

رد: رسالة شوق
 
فعلا أختي الأديبة ليلى ..وحدث معي أيضا ..لكن الحمدلله أُصلح الخلل..شكرا لإعلامنا بالأمر..لقدأعدتُ تنسيق الموضوع..مودتي..

ليلى مرجان 26 / 03 / 2013 31 : 05 PM

رد: رسالة شوق
 
شفاك الله من كل وجع أختي فتيحة لا ضرك فيما تحبين
تعطلت لغة التعبير؛ فملازمتك لي في محنتي لا أجد لها إلا وصفا واحدا
"... و بعض الرفاق كالتاج تلبسه"

لك حبي و احترامي


ليلى مرجان 26 / 03 / 2013 37 : 05 PM

رد: رسالة شوق
 
أشكر مرورك الطيب عبر متصفحي أستاذة نصيرة
يا نبع العطاء و مغرفة كل ما لذ و استساغ من خواطر و جميل التعبير

لك حبي و احترامي


ليلى مرجان 26 / 03 / 2013 59 : 06 PM

رد: رسالة شوق
 
و السعادة كلها لك أستاذة فاطمة
سررت بقراءتك لنصي
لك ودي و ورودي


الساعة الآن 16 : 12 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية