منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   تنقيح وتوثيق التاريخ (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=522)
-   -   خلافة عثمان بن عفان 2 (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=25348)

د. منذر أبوشعر 29 / 04 / 2013 58 : 08 PM

خلافة عثمان بن عفان 2
 
تشير الروايات التاريخية أن لليهود دوراً في الفتنة التي حصلت في عهد سيدنا عثمان بن عفان وأدت إلى استشهاده سنة 35 هجرية . وهذا يوافق القرآن الكريم من أن اليهود هم أشدُّ الناس عدواة للمسلمين، قال تعالى: (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا) - المائدة: 82 -.
فقد حرَّك الفتنة عبد الله بن سبأ ،الذي عدَّه بعض المعاصرين شخصية خرافية ،اخترعها أنصار عثمان ! وأنه هو نفسه عمار بن ياسر ،دفعاً لتهمة استقاء الشيعة من أصول يهودية ! رغم أن ابن سبأ ورد ذكره في المصادر التالية:
1 ابن أبي عاصم (أحمد بن عمرو الشيباني 206 هجرية- 287 هجرية) كتاب السنة 2 /476 (من طريق أبي الجلاس عقبة بن سيار الكوفي ،وهو مجهول، وقال الإمام مسلم: سمع علي بن أبي طالب ،فهذا نفيٌ لجهالته).
2 الطبري (محمد بن جرير 224 هجرية- 310 هجرية ) في تاريخه ( من طريق سيف بن عمر الأُُسَيِّدي التميمي ،ت: 170 هجرية - 193 هجرية ،وهو أخباري عارف، يتوسَّع في الرواية ،فانفرد بروايات لم يروها غيره ،فكثرت غرائبه ،فضعَّفه أهل الحديث ،لكنهم أجمعوا:أنه عمدة في التاريخ).
3 أبو الحسن الأشعري (علي بن إسماعيل 260 هجرية- 324 هجرية) مقالات الإسلاميين 1 /86 .
4 الكشي (محمد بن عمر ،ت: 350 هجرية ،من كبار علماء الشيعة ،وينسب إلى مدينة "كش" جنوب سمرقند ،وهي اليوم "شهر سبز" ،أي المدينة الخضراء ،بلدة تيمورلنك) كتاب الرجال 98 .
5 البغدادي (عبد القاهر بن طاهر التميمي ،ت :429 هجرية ) الفرق بين الفرق 21 .
6 ابن حزم (علي بن حزم الأندلسي 384 هجرية- 456 هجرية)الفصل في الملل والنحل 3 /112 .
7 الإسفراييني أبو المظفر (طاهر بن محمد، ويقال: هو شهفور بن طاهر ،ت: 471 هجرية، وإسفرايين: تتبع اليوم إقليم محافظة خراسان شمال إيران) التبصر في الدين 21 .
8 ابن عساكر (علي بن الحسين 499 هجرية- 571 هجرية) تاريخ مدينة دمشق .
9 ابن تيمية (أحمد بن عبد الحليم النميري الحرَّاني 661 هجرية -728 هجرية، وحَّران:

تقع اليوم جنوب شرق تركية ،عند منبع نهر البليخ أحد روافد نهر الفرات) منهاج السنة النبوية 1 /23 - 29 .
10 ابن حجر ( أحمد بن علي العسقلاني 773 هجرية- 852 هجرية، وعسقلان :تبعد عن القدس 65 كم غرباً) فتح الباري 10 /209 .
** ** **
وعبد الله بن سبأ (ابن السوداء) ،أصله من جارية سوداء.
ظهر في اليمن ما بين عام 30 -31 هجرية ، وكان يهودياً فأسلم ،
فذهب أولاً إلى الحجاز ،ثم انطلق إلى البصرة موطن الفتن، فالتقى بحُكيم ( بضم الحاء ) بن جبلة العبدي ،من عبد القيس (أول الخارجين على عثمان بن عفان ، وكان ذا دين وتأله ، وأمرَّه عثمان على السند مدة ،ثم نزل البصرة ،وقتل سنة 36 هجرية، والسند اليوم هي باكستان).
ثم انتقل إلى الكوفة ،فالتقى بالأشتر النخعي (مالك بن الحارث ،من كبار التابعين ،شهد اليرموك سنة 15 هجرية فذهبت عينه، وفتح آمد (وهي اليوم ديار بكر) وميافارقين (وهي اليوم سيلفان) وتقع كلتاهما جنوب شرق تركية ،وقتل مسموماً سنة 37 هجرية).
ثم ذهب إلى مصر.
قال الطبري: لما كان في شوال سنة خمس وثلاثين خرج أهل مصر في أربع رفاق على أربعة أمراء. المقلل يقول ستمائة ، والمكثر يقول ألف..خرجوا كالحُجَّاج. وخرج أهل الكوفة في أربع رفاق..وعددهم كعدد أهل مصر، سوى من تلاحق بهم من الناس.
فأما أهل مصر ،فأنهم كانوا يشتهون علياًّ ،وأما أهل البصرة فإنهم كانوا يشتهون طلحة ،وأما أهل الكوفة فإنهم كانوا يشتهون الزبير..لاتشك كل فرقة إلاَّ أنَّ الفلَجَ معها وأنَّ أمرها سيتم دون الآخرين..
وكتب عثمان إلى أهل الأمصار يستمدهم.
فصلَّى عثمان بالناس بعدما نزلوا في المسجد ثلاثين يوماً ،ثم إنهم منعوه الصلاة.فصلَّى بالناس أميرهم الغافقي (الغافقي بن حرب العتكي، أمير حملة المصريين) ،فدان له المصريون والكوفيون والبصريون، وتفرَّق أهل المدينة في حيطانهم ،ولزموا بيوتهم ، لايخرج منهم أحد ،ولا يجلس إلاَّ وعليه سيفه..
وكان الحصار أربعين يوماً، وفيهن كان القتل ،ومن تعرَّض لهم وضعوا فيه السلاح ،وكانوا قبل ذلك ثلاثين يوماً يكفون (تاريخ الطبري 4 /348 ).
وهذا الخبر فيه زيادات ،ولايصح في أمور: فمنهج عثمان كان الصبر والكف عن القتال امتثالاً لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم له:
ففي حديث السيدة عائشة ،وإسناده صحيح ،أن رسول الله صلى عليه وسلم قال لعثمان: إن ولاَّك الله هذا الأمر يوماً ،فأرادك المنافقون أن تخلع قميصك الذي قمصك الله ،فلا تخلعه .يقول ذلك ثلاث مرات (أخرجه ابن حنبل ،والترمذي ،و ابن ماجة ).يعني إذا أرادوا عزلك عن الخلافة فلا تعزل نفسك عنها لأجلهم ،كونك على الحق وكونهم على الباطل. واستعار صلى الله عليه وسلم القميص للخلافة.
فالرسول صلى الله عليه وسلم أمر عثمان بالصبر والاحتساب وعدم القتال. وقال الآجُرِّي (محمد بن الحسين ،ت: 360 هجرية):فإن قال قائل: فقد علموا أنه مظلوم وقد أشرف على القتل ،فكان ينبغي لهم أن يقاتلوا عنه ،وإن كان قد منعهم ..قيل: لأن القوم كانوا أصحاب طاعة، وفقهم الله تعالى للصواب من القول والعمل، فقد فعلوا ما يجب عليهم من الإنكار بقلوبهم وألسنتهم ،وعرَّضوا أنفسهم لنصرته على حسب طاقتهم ،فلما منعهم عثمان من نصرته علموا أن الواجب عليهم السمع والطاعة له ،وإنهم إن خالفوه لم يسعهم ذلك.وكان الحق عندهم فيما رآه عثمان.
فإن قيل: فلم منعهم عثمان من نصرته وهو مظلوم ،وقد علم أن قتالهم عنه نهيٌ عن منكر وإقامة حق يقيمونه.. قيل: منعه إياهم عن نصرته يحتمل وجوهاً كلها محمودة :
أحدها :علْمه بأنه مقتول مظلوم ،لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أعلمه" إنك تُقتل مظلوماً فاصبر"(وهو حديث صحيح)، فلما أحاطوا به علم أنه مقتول، وأن الذي قاله النبي له حق لا بد من أن يكون ،وقد وعده من نفسه الصبر فصبر كما وعد ،وكان عنده أن من طلب الانتصار لنفسه والذب عنها فليس هذا بضار إذ وعد من نفسه الصبر. فهذا وجه.
ووجه آخر: أنه علم أنه لو أذن للصحابة بالحرب، لم يأمن أن يتلف من صحابة نبيه بسببه ، فوقاهم بنفسه إشفاقاً منه عليهم ،لأنه راع والراعي واجب عليه أن يحوط رعيته بكل ما أمكنه ،ومع ذلك فقد علم أنه مقتول فصانهم بنفسه.
ووجه آخر: أنه لما علم أنها فتنة ،والفتنة إذا سُلَّ فيها السيف ،لم يؤمن أن يُقتل فيها من لايستحق ،فلم يختر لأصحابه أن يسلُّوا في الفتنة السيف .وهذا إنما إشفاق منه عليهم ،فصانهم عن جميع هذا.
ووجه آخر: يُحتمل أن يصبر عن الانتصار ،ليكون الصحابة شهوداً على من ظلمه وخالف أمره وسفك دمه بغير الحق، لأن المؤمنين شهداء لله في أرضه ،ومع ذلك لم يحب أن يهرق بسببه
دم مسلم ،ولا يُخْلف النبي صلى الله عليه وسلم في أمته بإهراقه دم مسلم (كتاب الشريعة 32 ).
وفي حديث عبد الله بن الزبير، وإسناده صحيح ،قال: قلت لعثمان: إنَّا معك في الدار عصابةٌ مستبصرة بنصر الله بأقلَّ منهم ،فائذنْ لنا.فقال: أُذكر اللهَ رجلاً أهرقَ فيَّ دمَه ،أو قال دماً (تاريخ خليفة بن خياط 173 ).
ومع ذلك ،فقد امتنع بعض الصحابة من الامتثال لقول عثمان بالكف عن القتال .ففي حديث كنانة مولى صفية بنت حيي بن أخطب، ورجاله ثقات ،قالت: شهدتُ مقتل عثمان ،فأُخرج من الدار أمامي أربعةٌ من شبان قريش ملطخين بالدم محمولين، كانوا يدرؤون عن عثمان: الحسن بن علي، وعبد الله بن الزبير، ومحمد بن حاطب الجمحي ،ومروان بن الحكم ( الاستيعاب بمعرفة الأصحاب 8 /45 ).
** ** **
وهكذا قُتل الخليفة المظلوم ،ودُفن بحش كوكب شرقي البقيع ،عن اثنتين وثمانين سنة ،وهذا هو الصواب.
قال ابن حزم( علي بن حزم الأندلسي 384 هجرية - 456 هجرية): من قال إنه رضي الله عنه أقام مطروحاً على مزبلة ثلاثة أيام ،فكذبٌ بحْتٌ ،وإفكٌ موضوعٌ ،وتوليدٌ من لا حياءَ في وجهه..
ولقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برمي أجساد قتلى الكفار من قريش يوم بدر في القليب (سنة 2 هجرية)،وألقى التراب عليهم ،وهم شر خلق الله تعالى. وأمر عليه السلام أن يُحفر أخاديد لقتلى يهود قريظة (سنة 5 هجرية عقب انتهاء غزوة الخندق/ الأحزاب) وهم شر من وارته الأرض ، فمواراة المؤمن والكافر فرض على المسلمين.
فكيف يجوز لذي حياء في وجهه، أن ينسب إلى علي وهو الإمام ومَنْ بالمدينة من الصحابة أنهم تركوا رجلاً ميتاً ملقى بين أظهرهم على مزبلة ثلاثة أيام لا يوارونه.
أخرج الطبراني (سليمان بن أحمد 260 هجرية- 360 هجرية) من طريق عبد الملك بن الماجشون ،عن الإمام مالك ،قال:سمعت مالكاً يقول: قُتل عثمان رضي الله عنه فأقام مطروحاً على كناسة بني فلان ثلاثاً.
وعبد الملك بن الماجشون (ت: 214 هجرية) فقيه ثقة ،لكن كان يروي المناكير عن الإمام مالك.
والإمام مالك (بن أنس الأصبحي الحميري 93 هجرية- 179 هجرية) لم يدرك مقتل عثمان ،فروايته ضعيفة لإرسالها.
وروى الطبري نحو ذلك ،بإسناد فيه: شعيب بن إبراهيم التميمي ،
قال عنه أبو حاتم الرازي( محمد بن إدريس ،ت: 277 هجرية) إمام الجرح والتعديل: ليس بالمعروف ،وله أحاديث وأخبار ،فيه بعض النكارة ،وفيها ما فيه تحامل على السلف ( لسان الميزان 3 /145 ).
** ** **






الساعة الآن 56 : 12 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية