![]() |
عـدل الإلـه في الظَّالِمين
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على خير الخلق سيدنا محمد السلام عليكم و رحمة الله و بركاته- أخي المسلم : كم مرة شعرت بالقهر من موظفٍ صدك و رفض تيسير أمرك ؟ و كم مرة شعرت بالغيظ من جارك أو قريبك الذي هضم لك حقا ؟ و كم مرة بكيت من ذلٍ أصابك على يد إنسان ظالم و كم مرة وقفت بين يدي أمثاله كسيراً خائفاً من بطشه و كم من مال أخذوه منك نصباً أو ابتزازاً أو رشوة و كم من وقت أضاعوه لك استخفافاً بأمرك و كم من تعب جعلوه لك هباءً منثوراً و كم من حق لك داسوه و كم مرة تمنيت الانتقام منهم ثأراً لحقك و كم مرة تمنيت ذبحهم تحصيلاً لمالك المغصوب و كم مرة كرهت الدنيا لأجل ظالمٍِ و ظالمٍ و ظالم و كم مرة تمنيت الموت و الفناء تجنباً لمجرمٍ لا يقيم لشرع الله عزوجل وزناً و كم من ظالمٍ في هذه الدنيا تمنيت لو أن الله أخذه و أراحك منه ؟ أخي المسلم : يعتصر قلبك أسى و أنت ترى الظــالمين يروحون و يجيئون , يسرقون و يَغِلّون , يستخفون بك و لا يبالون , يدوسون عليك و لا يرحمون , يذلونك و لا وزن لك يقيمون , يعظمون الذنب و لا يتوبون , يستمرون و لا ينتهون , يتكاثرون و لا ينقرضون , و لكن مع هذا كله و مع كل هذا الألم يا أخي عليك برفع الرأس عالياً لأنك أنت جندي من جنود الله عزوجل و لا يليق بجنود الله إلا العزة و الشموخ , حارب الشر في هذا الكون يا أخي , حارب شياطين الإنس و الجن و لتكن نفسك طيبة و إياك أن تبتئس و لكنك إن أردت البكاء فافعل , ابكِ و لتذرف عيونك دمعاً بين يدي رب جليل , ادعه و قل له , إلهي عبث الظالمون بأمني و أرضي و مالي و كلي و ليس لدي سواك أشكو إليه همي و حزني , يا غياث المستغيثين أغثني . أخي المسلم : إن الله عزوجل لم يذر الظالم يصول و يجول إلا لحكمة عظيمة , فقد سمح له أن يظلم ليكشف عن حقيقته و يثبت الجرم على نفسه حتى إذا ما قام الله عزوجل للقضاء بين العباد لم يكن للظالم من مهرب , فالدليل تقدمه أعضاؤه التي تشهد عليه و عندها يكون قد استحق العقاب و أي عقاب , العقاب وقتذاك نيران و آلام مريرة و لكنه و برغم آلامه في ذلك الموقف فإن عليه أن يعطيك من حسناته لقاء ظلمه لك أو يأخذ من سيئاتك إن فنيت حسناته و و قتئذ ستفرح يا أخي ذلك لأنك تريد زيادة حسناتك كي تضمن لنفسك دخول الجنة و المراتب العليا فيها , و لكن ليس هذا هو كل الأمر و إنما قبل ذلك و عند موت الظالم فإن له ما يكربه و ذلك عندما تتلقاهم الملائكة بالسخط و الغضب و يا لها من أيام و سنين في عالم البرزخ و يا له من انتظار شديد مرير بعد البعث من القبور , ينتظرون أن يقضي الله عزوجل بينهم و لكنهم و يا حسرتهم فإن السعير تنتظرهم و الكرب تلو الكرب تريد أن تذيقهم بعد أن يجعل الله عزوجل إليها أمرهم , كيف لا و قد تجرؤوا على معصية جبار السموات و الأرض و ما بينهم . أخي : الله عزوجل يريد أن يختبرك و يختبر رضاك على حكمه و صبرك على قضائه و قدره فلذلك أرِه منك ما يحب كي يريك ما تحب و ليكن غضبه على غيرك و ليس منك و إياك ثم إياك أن تكون من الظــالمين و إن حدث و وقعت في الظلم فسارع بالتوبة و الإستغفار و إرجاع الحقوق لأصحابها و لا تمدح نفسك و تقول أنا لا أظلم و لست من الظــالمين فإنك لن تعرف الحق من الباطل و العـدل من الظلم إلا إذا تعرفت إليه من أهل العلم و اعلم أن لله عزوجل عليك حقوقاً و لنبيك صلى الله عليه و سلم و لوالديك و أقاربك و رحمك و جيرانك و المسلمين و الناس أجمعين و المخلوقات أيضاً و كل هؤلاء لهم عليك حقوقاً فإن تهاونت في حق أحدهم فعليك بالتوبة و الإستغفار و أداء الحقوق لأصحابها و إلا فإنك تعرض نفسك لعقاب أليم . وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43) ابراهيم إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّــالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29) الكهف وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165) البقرة َيوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (25) النور وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (54) يونس فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (45) الأنعام ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآَيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (103) الأعراف فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165) الأعراف فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (25) آل عمران بسبب الصعوبات التقنية فإننا نعتذر عن كتابة الآيات القرآنية بالرسم العثماني المعتمد و استبدلنا ذلك بكتابتها بالرسم الحديث من موقع الأستاذ عبد الدائم الكحيل . الكاتب : د.محمد رأفت أحمد عثمان/دمشق – آخر تعديل 18حزيران 2013 |
رد: عـدل الإلـه في الظَّالِمين
" ولا تحسبنّ الله غافلاً عما يعمل الظالمون " هذه الآية كفيلة بشعور المظلوم بأن الله سيأخذ حقه ممن ظلمه .. جزاك الله خيراً د. محمد عثمان لهذا الطرح ودي ووردي |
رد: عـدل الإلـه في الظَّالِمين
ما أجمل وأروع ما قرأت لك هنا دكتور محمد رأفت [/align]الظلم ظلمات يوم القيامة وما الدنيا إلا ساعة اللهم لا تجعلنا من الظالمين واعفو عنا واغفر لنا سبحانك قد يكون ظلم الآخر من صفات الجبارين لكن معظم الناس يظلمون أنفسهم بالمعاصي سبحانك اللهم اني كنت من الظالمين اللهم أرنا الخير خيراً والحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الشرّ شراً ومنّ علينا باجتنابه ما أقبح ظلم العباد شكراً جزيلاً لك دكتور رأفت على هذه النفحات الربانية، جعلها الله في ميزان حسناتك عميق تقديري لك |
رد: عـدل الإلـه في الظَّالِمين
ظلم الآخرين ممض وموجع حقاً، لكن ظلم الإنسان لنفسه !.. (غفلتنا) في غمرة مشاكلنا وهمومنا التي لا تنتهي ! ألا يستحق كل ذلك منا وقفة صادقة مع النفس، نتخلى عن أنانيتنا ، ونبكي بين يدي الحق باكين بحرقة وندم ،نطلب صلحاً وعفواً ورجاء سعادة ؟!
دعوة طيبة ،من نبيل حبيب، لكنني أدعو أولا إلى المصالحة مع الذات ،لتتناغم آفاق الروح وفضاءات رحاباتها مع طين الأرض وأسن ظلمته. والخير كله لك، ونبقى مع طيب صدق الحديث. |
رد: عـدل الإلـه في الظَّالِمين
اقتباس:
بسم الله الرحمن الرحيم شكراً لك أختي أ. فاطمة على المرور و الاهتمام , شكراً لك على التعليق و الإنارة , بيض الله وجهك و سَيَّدك و رفع قدرك و يمن كتابك و يسر حسابك و رَغَّد عيشك و للفردوس الأعلى صيَّرك . |
رد: عـدل الإلـه في الظَّالِمين
اقتباس:
بسم الله الرحمن الرحيم شكراً لك أختي أ. هدى على هذا الرد الجميل , شكراً لك على إنارتك متصفحي , رزقك الله جنة الدنيا و فردوس الآخرة و أعاذك من جَهْد البلاء ودَرَك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء و جعل القرآن ربيع قلبك و نور صدرك و جلاء حزنك و ذهاب همك . |
رد: عـدل الإلـه في الظَّالِمين
اقتباس:
بسم الله الرحمن الرحيم شكراً لك أخي د. منذر على الرد و التعليق , نعم , نحتاج لوقفات مع النفس لمحاسبتها على تقصيرها و الشد من أزرها لطاعة الله عزوجل , أسعدك الله في الدنيا و الآخرة و أكرمك و نفع بك و رزقك رضوانه و جنانه و غفر ذنبك بإحسانه و أعاذك بعفوه من سخطه و انتقامه . |
رد: عـدل الإلـه في الظَّالِمين
ونعم بالله أخي د . محمد أفت ..
دعوة للإنابة إلى الله الواحد القهار والثقة في عدله المطلق .. كلمات تلقي بظلالها الوارفة على النفس لتكسبها سكينة وطمأنينة .. بكل المحبة الأخوية . |
رد: عـدل الإلـه في الظَّالِمين
اقتباس:
بسم الله الرحمن الرحيم شكراً لك أخي أ. رشيد على كرم المرور و التعقيب , أسعدك الله في الدنيا و الآخرة و كتبك في عليين و ألبسك من سندس الجنة و استبرقها و أسكنك قصوراً تجري من تحتها الأنهار في جنان لا تعب فيها و لا نصب و رزقك بر الوالدين و محبة الصالحين . |
الساعة الآن 56 : 09 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية