منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   مدينة د. منذر أبو شعر (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=489)
-   -   اللص والكلاب لنجيب محفوظ (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=25870)

د. منذر أبوشعر 04 / 09 / 2013 46 : 02 PM

اللص والكلاب لنجيب محفوظ
 
رواية (اللص والكلاب) حكاية لص مثقف بسيط احترف السرقة يدعى سعيد مهران، يخرج من السجن في عيد الثورة، بعد أربع سنوات، بعد أن غدرت به زوجته نبوية (رمز خيانة الزوج) وارتبطت بغريمه الانتهازي عليش سدرة (رمز خيانة الصديق) ،فيذهب إلى منزل عليش لاسترجاع ابنته سناء (رمز البراءة المغتصبة) وماله وكتبه، فتجفل منه ابنته وترفضه لأنها لا تعرفه. فيقرر لقاء أستاذه رؤوف علوان الصحفي الناجح في جريدة الزهرة، ويتجه إلى مقر الجريدة، لكن يتعذر لقاؤه به لانشغال رؤوف في اجتماع طاريء.فيتوجه نحو قصره، ليفاجأ بتغّير نمط فكر أستاذه ! فذاك الطالب القروي الثائر، بل الثورة ذاتها في شكل طالب،المؤمن بالتغيير،الرث الثياب ،الكبير القلب،انتهز الظروف السياسية الجديدة، وتحوَّل إلى قلم برجوازي مأجور، فتنكَّر لأصوله الكادحة، ولطبقته، وشَغُف بالحياة الإرستقراطية إسلوب حياة: أكلا وملبساً ومسكناً (رمزاَ صارخاً للبرجوازية الإنتهازية القاسية ).
فيحس سعيد باليأس والإحباط ،ويشعر بخيانة مزدوجة:اجتماعية / وإيديولوجية ، الأولى من زوجته وصديقه عليش، والثانية من أستاذه وموجهه رؤوف علوان ، فيقرر الانتقام من جميع الخونة.
فيذهب أولا إلى قصر رؤوف لسرقته، فيجده في انتظاره ويقول له هازئاً إنه عليم بأفكار تلميذه ! ويهدده بالسجن، ويطرده من قصره، فيخرج مهزوماً، لكن تبقى مشاعر الحقد والانتقام تغلي في داخله، فيلجأ إلى مقهى المعلم طرزان (رمز الصداقة الصادقة)، ويطلب منه مسدساً، يكون له دور كبير في مسلسل الانتقام. ويلتقي بنور،فتاة الليل (رمز الإباحية والقيم المفقودة،وعلامة الفساد السياسي،لكنها النور في حياة سعيد رغم احترافها البغاء) فلقد كانت تحبه وتريده مذ كان حارساً لعمارة الطلبة، فتوفر له شروط الانتقام: المأوى والطعام والشراب والجرائد والسيارة وقماشاً يصلح لبذلة عسكرية- لمَّا ينجز خياطتها يقتنع برتبة صاغ / أي رائد- ،فيذهب لقتل عليش ونبوية في منزله، فيطلق النار على حسين شعبان الرجل البريء الذي اكترى الشقة بعد رحيلهما، ولايعرف سعيد خطأه حتى يطَّلع على الجرائد،فيقول:- أنت نفسك ميت منذ أطلقت الرصاصة العمياء، ولكن عليك أن تطلق مزيداً من الرصاص.
وتستغل جريدة الزهرة ذلك، وتكتب في إسهاب مثير عن تاريخه في اللصوصية ، وسلسلة المغامرات التي كشفت عنها محاكمته، وقصور الأغنياء التي سطا عليها ، وعن شخصيته، وجنونه الخفي،وجرأته الإجرامية التي انتهت إلى سفك الدماء.. تنبش الماضي وتستفز البوليس وراء القضاء عليه.
فيودُّ لو يتصل بالناس ليعرب لهم عمَّا يهزُّ صدره ليؤكد لهم أنه سينتصر ولو بعد حين،وأنه وحيد حيال الجميع ولكنهم لا يعلمون.
ويحاول معرفة الإقامة الجديدة لعليش ونبوية، دون جدوى،ويقول:- يبدو أنه أفلت من مخالب التأديب، ونجا بخيانة ليزيد الخونة الآمنين واحداً.
ويكتري قارباً، ويتجه صوب قصر رؤوف علوان للانتقام منه،ويقول بغضب:- أنت الثعبان الكامن وراء حملة الصحف ؟ تودُّ أن تقتلني كما كان الآخرون، وكما تودُّ أن تقتل ضميرك، وكما تودُّ أن تقتل الماضي ؟ لكني لن أموت قبل أن أقتلك. أنت الخائن الأول، رمز الخيانة التي ينضوي تحتها جميع الخونة في الأرض. لتكن آخر غضبة أطلقها على شرِّ هذا العالم، فالرصاصة التي تقتل رؤوف علوان تقتل في الوقت نفسه العبث.ولأول مرة سيطارد اللص الكلاب.
لكنه يصيب بواباً بريئاً بدل غريمه، ويشعر بندم شديد،وتستمر جريدة الزهرة في تحريض الرأي العام ضده،كأنه الحدث الأكبر،وتجزل مكافأة ضخمة لمن يرشد إليه. ثم تنتهي حياته في مقبرة بعد أن تحاصره الشرطة وتطلق عليه الرصاص من كل جانب: نجا الأوغاد وحياته عبث، ولا أمل في الهروب من الظلام بالجري في الظلام، لكن عينيه المعذبتين بالخوف رأت شبح الظلام يشقُّ الظلام، وانصبَّ الرصاص عليه كالمطر،وغاص في الأعماق بلا نهاية، فيستسلم بلا مبالاة، وتحلُّ بالعالم حال من الغرابة والدهشة.
** ** **
إنَّ واقع مصر السياسي والاجتماعي بعد ثورة 23 يوليو/ تموز1952م، بقي يعاني،رغم مفخرة كل الإنجازات الملموسة، مشاكل اجتماعية ونفسية نتيجة السلوك الانتهازي لبعض الأفراد الذين غيَّروا قناعاتهم ومواقفهم النضالية استجابة لمتغيرات نهاية مرحلة الخمسينات والستينات،إرضاء لمآربهم الشخصية، فدمَّروا بمواقفهم المتغيرة، أسراً كثيرة، وحكموا على الشعب بشكل عام بالفقر والجوع والقلق الوجودي والروحي، في مجتمع تلاشت فيه القيم النبيلة، وساده الظلم والفساد.
فأكدَّ نجيب محفوظ أنَّ المحاولات الفردية لتغيير الواقع مآلها الفشل، فلا يمكن لفرد مهما أوتي من ذكاء وعزيمة وإصرار أن يغير واقع أمة مهما كان الواقع مأساوياً وظالماً، فالتضحيات يجب أن تكون جماعية لكي ينتصر الخير على الشر، والحق على الباطل، والعدل على الظلم. وما فشلُ سعيد مهران في تحقيق ذلك،إلا بسبب لجوئه إلى الحل الفردي، فأعماه الانتقامُ عن رؤية أبعاد الصورة، وما أعطى القيمة الروحية دورها الذي تستحقه.
ويقول أيضاً: إنَّ (للخيانة) وجوهاً،فقد تكون خيانة عامة، على الصعيد العام، أو خيانة فكرية كخيانة الأصدقاء والمبادئ، أو خيانة شخصية كخيانة الزوجة والابنة:
" سأجد نبوية في ثياب رؤوف أو رؤوف في ثياب نبوية أو عليش سدرة مكانهما.وستعترف لي الخيانة بأنها أسمج رذيلة فوق الأرض..وبهذا المسدس أستطيع أن أصنع أشياء جميلة، على شرط ألا يعاكسني القدر.وبه أيضاً أستطيع أن أوقظ النيام فهم أصل البلايا. هم خلقوا نبوية وعليش ورؤوف علوان".
** ** **
ويُلاحظ أن اسم سعيد مهران ورؤوف علوان، لاينطبق أسماهُما على صفاتهما:
فسعيد مهران لم يكن سعيداً،وبقي تعيساً يعاني من مشاكله الكثيرة، ولم يمهر أبداً في قتل الكلاب، أي كلاب السلطة (قوى الشر والخيانة والغدر).
ورؤوف علوان لم يكن رؤوفاً ،وأثار الرأي العام ضد سعيد مهران، مع العلم أنه شجعه في بداياته على السرقة، وتنكر له بعد خروجه من السجن.
** ** **
وقد نُشرت رواية (اللص والكلاب) في عام 1961م ،وكان عمر نجيب محفوظ 50عاماً، وأخرجها ،بعد عام، للسينما كمال الشيخ (المعروف في الخمسينات وأوائل الستينات بهيتشكوك مصر: 1919 م- 2004 م)،من تمثيل: شادية، وشكري سرحان، وكمال الشناوي.
وسنقوم بعرض وصف شخصيات الرواية، من كلام نجيب محفوظ نفسه، إلا بتغيير طفيف تقتضيه الضرورة:
1 سعيد مهران: يصفه محفوظ عندما زار عليش ونبوية ليرى ابنته، فيقول:
بدا سعيد وهو يتابع عليش سدرة بعينيه البرَّاقتين وجسمه النحيل القوي كأنه نمر يتربَّص بفيل. وعندما ترامى وقع الأقدام القادمة، خفق قلب سعيد خفقة موجعة، وتطلَّع إلى الباب وهو يعضُّ على باطن شفتيه. مَسَحَ تطلُّعٌ شيِّق وحنانٌ جارفٌ جميعَ عواصفِ الحنق.
ظهرتْ بعد انتظار طال ألف سنة. وتبدَّتْ في فستان أبيض أنيق وشبشب أبيض كشف عن أصابع قدميها المخضوبين. وتطلَّعتْ بوجه أسمر وشعرٍ أسود مسبسبٍ فوق الجبين فالتهمتها روحه. وجعلتْ تقلِّب عينيها في الوجوه بغرابة وفي وجهه خاصة باستنكار شديد لشدَّة تحديقه ولشعورها أنها تدفع نحوه، وإذا بها تفرمل قدميها في البساط وتميل بجسمها إلى الوراء. لم ينزع منها عينيه ولكن قلبه انكسر، انكسر حتى لم يبق فيه إلا شعورٌ بالضياع..كأنها ليست بابنته، رغم العينين اللوزيَّتين والوجه المستطيل والأنف الأقنى الطويل..فكيف له بمقاومة هذه الرغبة الجامحة في ضمِّها إلى صدره حتى الفناء ؟ ألا تدري كم يحبها ؟!
ومدَّ نحوها يده، ولكن بدل الكلام شرق فازدرد ريقه. وابتسم في رقة وإغراء،فتحرَّكتْ لتتسلل راجعة لولا الرجل وراءها.
ولم يعد يحتمل رفضها، فقام نصف قومة ومال نحوها، فتأبَّت واشتدَّ ميلها إلى الوراء. فجذبها نحوه بشيء من القوة، فصرخت، فضمَّها إلى صدره، فدافعته باكية، فمال نحوها ليلثم- رغم هزيمته ويأسه- فاها أو خدَّها، ولكن شفتيه لم تلثما إلا ساعدها المتحرِّك في عصبية غير راحمة. وأفعمتْ رائحةُ شعرها روحه بذكرى أمها، فتقبضت أساريره، وازدادت البنت مدافعة وبكاء، فتركها تجري يائساً.
ويقول: أسند رأسه المفلفل إلى يده المعروقة الدكناء، ومضى زمنٌ صامت، وعيناه تتابع طابوراً من النمل يزحف بخفة بين ثنيَّات الحصيرة.وضحك ضحكة جافة كالسعلة.
ولمَّا ذهب إلى جريدة الزهرة لمقابلة رؤوف، رمقه الموظف فيما يشبه الامتعاض لنظرة عينيه اللوزيتين الجريئة لحد الوقاحة وأنفه الأقنى الطويل.
ونتأمَّل معاً براعة الوصف وقتما رجع سعيد إلى قصر رؤوف علوان لسرقته:
عَبَر الطريق في خطوات طبيعية دون تلفت أو حذر، ثم سار بحذاء السور في الشارع الجانبي وهو يتفحص ما أمامه بعناية شديدة. فلمَّا اطمأن إلى خلوِّ المكان، مال فجأة لصق السور منغرزاً في الياسمين والبنفسج وتوقف عن أيَّة حركة.وتسلَّق السور بخفة وبأطراف محنكة كأنها أطراف قرد، ولم تعقه الأغصان الكثيفة الملتفة الغارقة في الأوراق والأزهار.ثم اعتمد على قبضتيه ورفع جسمه بقوَّته الذاتية إلى ما فوق الأسنان المدبَّبة، وهبط به حتى اشتبكت ساقاه بالأغصان في الداخل، فلبد بها ريثما يسترد أنفاسه وليراقب الحديقة المكتظة بالشجيرات
والأشجار والظلمة, ونزل بحذر إلى الأرض، ثم زحف على أربع متجهاً نحو جدار الفيللا، ودار مع البناء متحسساً الحيطان حتى عثر على ماسورة، وأخذ يتسلَّق بمهارة البهلوان.
ويصفه عندما جاء إلى المعلم طرزان يطلب منه مسدساً:
قدَّم له المعلم شاياً، فأتى على ما في القدح في ارتياح، ثم قام ماضياً إلى النافذة، فوقف وراءها ناصباً قامته النحيلة المفتولة المتوسطة الطول، فبسط الهواء جناحي جاكتته كالشراع. وانحدر إليه صبيُّ القهوة حاملا نارجيلة تتوهج جمراتها ويتطاير منها الشرر مطقطقاً.
وعندما ذهب إلى بيت نور خلع جاكتته ورمى بها إلى جانبه كاشفاً عن قميص طحيني متلبِّد بالعرق والغبار، فقالت له:- أحطُّك في عيني وأكحِّل عليك.
ولمَّا قرصه الجوع في بيتها، ذهب إلى المطبخ فوجد في الصحاف كسراً من الخبز وفتات لحم عالقة بالعظام وبعضاً من البقدونس، فأتى عليها في نهم شديد وتمصمص العظام ككلب.
2 نبوية: زوجة سعيد مهران، تركته بعد سجنه وتزوجت من مساعده عليش. وكانت خادمة لست تركية عجوز كانت تقيم بمفردها في بيت محاط بحديقة كبيرة في آخر بيت الطلبة في الجيزة، وكانت الست غنية ومتكبِّرة وتفرض على كل من يمتُّ إليها بسبب أن يكون جميلا وأنيقاً ونظيفاً، لذلك تبدت نبوية دائماً ممشطة الشعر، منسابة الضفيرة حتى العجز، منتعلة شبشباً، يطوِّق جلبابها حيوية جسد ثائر: جمال فلاحيٌّ لذيذ الطعم، باستدارة الوجه الخمري، والعينين العسليتين، والأنف القصير الممتليء،والفم المتشرِّب بماء الحياة، والدَّقة الخضراء في الذقن كالخال.
وقد تأخرت مرة عن موعدها مع سعيد، فجعل يحوم حول بيت العجوز التركية وهو يقضم أظافره، وكاد من اليأس أن يطرق الباب في طيش جنوني.
3 المومس نور: اسمها الحقيقي شلبية، ابنة عمدة البلينا (إحدى مدن محافظة سوهاج في الصعيد)، ويصفها محفوظ:
بدت أنحل مما كانت، واختفى وجهها تماماً تحت المساحيق الدسمة. ونطق بالإغراء فستان أبيض انطلقت منه الأذرع والسيقان بلا حرج وقد شُدَّ حول جسدها كالمطاط حتى صرخ منه التهتّك، وعربد شعر رأسها القصير في تيار الهواء.
ولمَّا ذهب سعيد إلى شقتها نام معها، وفي الصباح سمع تثاؤباً كالتأوُّه، فتراجع عن شيش النافذة ملتفتاً نحو الفراش فرأى نور جالسة شبه عارية، منكوشة الشعر،تعيسة القسمات. وذهبت إلى الحمَّام ثم عادت وهي تجفف رأسها ووجهها. وتابعَ يديها وهما تصوِّران وجهها في صورة جديدة. بهيجة شابة.هي مثله في الثلاثين، ولكنها تكذب علناً لتبدو أصغر.
ومساء جاءته بالطعام والشراب فأكلا معاً، ونضت عنها ثيابها إلا قميصاً شفافاً،فسطعت أنفه رائحة بودرة ملبَّدة بالعرق.وضحكت كاشفة عن أسنان مغطاة بالبقدونس.وجذبها من يدها إليه، ولصق جبينها بجبينه حتى امتلأ برائحة الخمر والعرق. ولم يتقزَّز، بل قبَّلها بحنان صادق.
4 عليش سدرة: دخل في جلباب فضفاض منتفخ حول جسم برميليّ، رافعاً وجهاً مستديراً ممتليء اللغد، تحت ذقن مربعة وأنف محطم العرنين.
5 رؤوف علوان:المحرر سابقاً في مجلة النذير، المجلة المنزوية بشارع محمد علي، صوت الحرية المدوي. والقلم المأجور في جريدة الزهرة لاحقاً.
يقول محفوظ، عندما زاره سعيد في قصره فقرَّر سرقته:
استقر البصر على وجه الأستاذ الممتليء المستدير، ذلك الوجه الذي طالما عشقه وحفظه عن ظهر قلب لطول ما أحدق فيه منصتاً، لكن وجهه امتلأ كوجه بقرة،وشيء خفي سرى في شخصه جعله ممتنعاً - رغم طلاقة الوجه وابتسامة الثغر- فثمة رائحة سحرية لا تصدر إلا عن دم أزرق رغم أنفه المائل إلى الفطس وفكيه البارزين. وضحك عن أسنان اكتنف منابتها لون أسود. لعلَّه تغيَّر حقاًّ فلم يبق من الشخص القديم إلا ظل صورته.
وهزَّ رؤوف رأسه في ضجر حتى لعب الضوء فوق شعره الأسود الغزير.
6 الشيخ علي الجنيدي: زاهد متصوف، رمز للتصوف والفكر الديني.أحبه سعيد مهران، وفتنته وضاءة وجهه وإشعاع المحبة المنبثق من عينيه.
ويقول: هاك الشيخ متربعاً على سجادة الصلاة غارقاً في التمتمة، ورائحة البخور المستقرة كأنما لم تتبخَّر منذ عشرات الأعوام. ورفع الشيخ رأسه عن وجه نحيل فائض الحيوية بيِّن الإشراق، تحفُّ به لحية بيضاء كالهالة، وعلى الرأس طاقية بيضاء منغرزة في سوالف كثة فضيَّة. حدجه بعين رأت الدنيا ثمانين عاماً ورأت الآخرة.عين لم تفقد جاذبيتها ونفاذها وسحرها ، فلم يملك سعيد من أن يهوي على يده فيقبلها وهو يدفع دمعة باطنية استقطرها من جوِّ الذكريات والأمل والسماء في الماضي البعيد. يتذكر صورة أبيه بعينه فيرى وجهه وشفتيه وهما يتحركان، وشعر أن الشيخ ابتسم من دون أن ترتسم على شفتيه الغارقتين في البياض
ابتسامة. وأحنى رأسه حتى انتشرت لحيته على صدره وراح مستغرقاً.
** ** **
ملاحظة هامة:
ابتداء من (اللص والكلاب) سيتطور شكل الوصف عند نجيب محفوظ، فسيضاف ،كما لاحظنا، عنصر الحركة إلى جانب الوصف الخارجي،ويصبح تشكيل الصورة من خلال حركة الفعل.وهذه ميزة متفردة يكاد نجيب يختص بها وحده.

محمد الصالح الجزائري 05 / 09 / 2013 45 : 02 AM

رد: اللص والكلاب لنجيب محفوظ
 
حقيقتان تلخّصان الأمر:
الحقيقة الأولى: ((((أكدَّ نجيب محفوظ أنَّ المحاولات الفردية لتغيير الواقع مآلها الفشل، فلا يمكن لفرد مهما أوتي من ذكاء وعزيمة وإصرار أن يغير واقع أمة مهما كان الواقع مأساوياً وظالماً، فالتضحيات يجب أن تكون جماعية لكي ينتصر الخير على الشر، والحق على الباطل، والعدل على الظلم.))))
الحقيقة الثانية:((((
ابتداء من (اللص والكلاب) سيتطور شكل الوصف عند نجيب محفوظ، فسيضاف ،كما لاحظنا، عنصر الحركة إلى جانب الوصف الخارجي،ويصبح تشكيل الصورة من خلال حركة الفعل.))))
الأستاذ منذر..هذا ما توصّل إليه تلميذك الوفي لحصصك الماتعة الممتعة..شكرا لك لأنّ دروسك مازالت مستمرّة..مودتي..

د. منذر أبوشعر 05 / 09 / 2013 32 : 01 PM

رد: اللص والكلاب لنجيب محفوظ
 
الشاعر الحر أخي الأديب محمد الصالح الجزائري صوت الجزائر:
أحياناً تنفلت منك العبارة، ولا يبقى سوى الصمت..وعندما لا ترضى بالصمت، وتعجز بعبارتك المتكسرة عن التعبير تجد أن لا بمكنتك سوى الدعاء الصادق المستمر..
غمرتني بمشاعر النبل، وأعدتني بكياسة إلى حماس الشباب الفائت وقتما أدمنت الذهاب إلى (المكتبة الظاهرية) فينتهي الدوام المخصص للقراءة فأذهب بحماس إلى مدير المكتبة وأطلب منه أن أبقى إلى الغد ! وطبعاً يرفض بلباقة، فقانون المكتبة لا يسمح أن يبقى طالب فيها بعد تجاوز الوقت المخصص !
تلك أيام حلوة رائعة، تحمل جداً، وصدقاً، وتوقاً لا ينتهي..
فأتيتَ أنت وحملتني بيدين حانيتين إلى أمداء ماض صار بعيداً بعيداً، لكنه تجدد ثانية بعزمك.
فالشكر كله لك، ونبقى مع عوالم نجيب محفوظ، والجعبة لمَّا تنتهي بعد، فيها الكثير الكثير.

محمد الصالح الجزائري 05 / 09 / 2013 46 : 08 PM

رد: اللص والكلاب لنجيب محفوظ
 
وكلي شوق لقراءة الكثير الكثير مما تعرضه بأسلوبك الاخّاذ البعيد عن الجرائدية والتقعير ومما نلحظه في كل ما تعرضه الاقلام اليوم..شكرا لك وألف شكر أخي الأستاذ منذر..مودتي التي لا تنتهي..

سلمان الراجحي 05 / 09 / 2013 24 : 11 PM

رد: اللص والكلاب لنجيب محفوظ
 
أما الحقيقة الثالثة الماثلة للعيان...

هي تعدد أشكال ورموز الخيانه...

المتجذرة في واقعنا العربي رغم نسبيتها...

فاتخذت الخيانة من الحق مطيتها لتحقيق مآربها الشخصية...

الحقيقة الرابعة الاسلوب الرائع في وصف أشكال وحركة الشخصيات

وخاصة في وصف محاسن ومساويء الشخصيات وتهتكها الاجتماعي

جميل...جميل...جميل...يا أستاذنا العزيز...كل فخر أن أكون تلميذا

من جديد في مدينة الاخ العزيز د. منذر أبو شعر...

كل الامنيات لك بالخير والتوفيق.

أخوكم سلمان الراجحي

د. منذر أبوشعر 08 / 09 / 2013 39 : 07 PM

رد: اللص والكلاب لنجيب محفوظ
 
الشاعر الحر أخي الأديب محمد الصالح الجزائري صوت الجزائر:
مهندس شَجَن الحرف أخي سلمان الراجحي نخل عراق الخير:
ينير قدومكم وحشة الأمكنة، ويثري كل طيب حضور، ويحمل بجنباته ثرَّ نبل عطاء، وفيض كرم.
وكل الشكر لكم ،وبهجة مميزة رفقة الدرب.


الساعة الآن 50 : 01 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية