![]() |
تانغو في عمان
تانغو في عمان
الإهداء إلى الأديب محمود الريماوي * * * ارتفعت أصوات الفلوت والبيانو والكونتراباص "الكمان الأجهر" في أجواء المقهى "فن وشاي" وتحوّل خلال ساعات إلى ساحة إرتجالية لممارسة التانغو بعفوية في قلب عمّان، العاصمة التي باتت لا تعرف الراحة والسكون ليل نهار. الدعوة مفتوحة لكلّ من يرغب بإظهار قدرته على فهم لغة الجسد على الطريقة اللاتينية. * * * ينسى راقصُ التانغو طعمَ الحياة المرّ والرتابة اليومية، ينغمسُ في جمال الوهلة حين يخاصر رفيقته. رائحتُها تملأ كيانه حين تقتربه مقتحمة عالمه الرجولي، لا يملك عندها سوى الابتعاد بقدمه إلى الخلف قليلا قبل أن تطأ بكعبها مشط القدم، ثمّ تفرّ بدورها خطوة إلى الوراء. تتقلّص عضلاتُ الوجه مع انفجار الكتلة الموسيقية المنبعثة من أصل الصالة. شعرُهُ الأجعدُ يرتجف من فرط الإثارة، وحبّات من العرق تظهر بالكاد فوق تضاريس وجهها. يهاجمها بدوره بلا هوادة بابتسامته الفتيّة مندفعًا نحو نحرها، قبل أن يضع الفلوت أحماله مشيرًا للبيانو بأن يصمت بعض الوقت، أذونًا بسقوط حبّات العرق باردة فوق وجهها. * * * ارتدته دون باقي الرجال بعينيها، دلفت وشعرها الأسود يحرق المكان، يتموّج مع كلّ خطوة. امتدّت يدُها لفنجان القهوة، لكنّ أخرى سارعت لشدّها نحو دائرة العشق ثانية. "أنا هو ذاته.." لامست أطرافُ أصابعها فمه، ارتدّت قدمُها إلى الخلف متماهية مع تموّجات الأكورديون "أعرف، اسكت أرجوك" ومضى الجسدان يجولان غير قادرين على تمييز الوجوه الحيرى والأرائك تحترق مع وتائر التانغو المتصاعدة في قلب عمّان. * * * الريماوي يحرق سجائره الواحدة تلو الأخرى، لا يعترف بانسجام وجوديّ خالٍ من النيكوتين. عيناه تحدّقان بالمارّة، لعلّ ذاكرته في هذه اللحظة تستحضر مشروع قصّة يضيفها لرصيد مسيرته الأدبية الطويلة. بالقرب منّا مقرّ رابطة الكتاب الأردنيين، مشبع بهموم المهنة والإدارة، ونحن على شفا الانزلاق في دورة جديدة من الحياة الموسومة بأنغام التانغو. خطوة إلى الأمام، ثمّ يستدير الجسد بزاوية منفرجة، اليد اليسرى ممسكة باليمنى، خطوة إلى الخلف ويميل الجسدان ثانية في الاتجاه الآخر بزاوية منفرجة، ثمّ تنساب الأجساد في الساحة والأعين تتحدّث، تقول الكثير دون همس. بعد لحظات يصمت الأكورديون آذنًا لحبيبات العرق بالانزلاق فوق كِسَر الابتسامة في حالة قصوى من الانعتاق والحياة المنبعثة في رحم الموت. |
رد: تانغو في عمان
سرد جميل على إيقاع التانغو .
تحيتي |
رد: تانغو في عمان
يتمايل النص مع إيقاع التانكو فيكتسب بهاء متلألئا بحبات العرق المنسكبة على نغمات البيانو والأكوردين ..
نص بهي استمعت به .. محبتي لك أخي خيري . أخي العزيز رشيد الميموني التانغو تحدّ لحالة الركود والخمول، ليتراقص النصّ ما دام الموسيقى تطرح هذه الإمكانية. أشكر حضورك مع خالص المودّة. |
رد: تانغو في عمان
اقتباس:
خالص المودة |
رد: تانغو في عمان
بإحساس مسافر في جفون المشاهدة يصور لنا الكاتب مشهدا يتكئ على انسياب الحركات عبر تموجات موسيقية يذهب في أدق تفاصيله إلى وصف اللحظة الصامتة ليضبط لحبات العرق نغما و حركة فتنطق نيابة عن صمت مقصود و لأقترب أكثر من الأجواء التي أوحت بهذا النص كانت لي حظوة التمتع بمشاهدة بعض رقصات التانغو و قراءة ما أفرزته من إبداع ارتدى تموجات الرقصة على إيقاع موسيقي بأحاسيس وجدانية تأملية انفعالية أ. خيري أبدعت فأجدت |
رد: تانغو في عمان
اقتباس:
كأنّك كنتِ معنا هناك برفقة الثلّة العاشقة لجمال الحركة، ما يزال رجعُ تلك الموسيقى الساحرة تتردّد في مخيلتي. لقد أدركت بحسّك المرهف خبايا التانغو. لك خالص الشكر على هذه الإضافة التي أثرت النصّ. |
الساعة الآن 08 : 10 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية