منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   قصص الأطفال (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=68)
-   -   المــــــــــــــــــــرآة - 2 (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=260)

رشيد الميموني 25 / 12 / 2007 08 : 09 PM

المــــــــــــــــــــرآة - 2
 
[align=justify]
المــــــــــــــــــــرآة - 2


.. ولم يطل بي الأمر، فما لبثت أن بصرت بصبية تنبعث من بين الأعشاب السامقة ، وهي تمسك بقصبة . تقدمت إلى النهر، وحين مرت بجانبي ألقت التحية دون أن تلتفت إلي . رددت التحية باقتضاب ثم انتظرت هنيهة . لكنها وقفت تنظر إلى النهر بإمعان ، و طال بها الأمر كذلك ، فلم أجد بدا من التقدم نحوها وقلت :
- عفوا.. هل يمكنك أن تخبريني أين نحن ؟
- و ماذا يهمك من ذلك ؟.. ألست مرتاحا ؟
- بلى.. ولكني لم أر هذا المكان من قبل .. هل هي جزيرة ؟
- ألم تستكشف المكان بعد ؟.. خلتك محبا للاستطلاع والمعرفة !
أحسست بالدم يصعد إلى وجهي فيحتقن ، لكنها أردفت :
- حسبك أن تعرف أن من حل بهذا المكان ، سهل عليه كل شيء .. ونال كل ما يريد .
- حقا ؟ - قلتها والأحلام تداعب رأسي .
- حقا.. لكن بشروط .. وقد لا تستطيع تحملها ..
شملني إحساس بخيبة الأمل ، و لاحظت هي ذلك فقالت مبتسمة:
- وأولها عدم اليأس .
- حسنا .. سنرى من بعد .. أنا الآن جائع .. هل لديك ما يؤكل ؟
- الكل هنا يعتمد على نفسه .. ألا تراني أمسك بقصبة ؟ .. هيا افعل مثلي !
و حين لاحظت حيرتي تقدمت نحو النهر ، وفي حركة أقرب من لمح البصر ، رأيتها تغرز القصبة في قاع النهر ثم تجذبها . فإذا بسمكة تنتفض بطرفها .
- أرأيت ؟.. لقد ضمنت غذائي .. ماذا عساك تفعل الآن ؟
كنت منهكا ، لكني خجلت من أن أطلب منها طعاما . فدب في نفسي شعور بالأنفة والتحدي ونهضت مسرعا أبحث عن قصبة أخرى فلم أجد عناء في البحث عنها والعثور عليها . لكن اصطياد سمكة لم يكن بالشيء الهين .
- لا تتسرع – قالت لي بلطف – ولا تدع القلق يفسد عليك صبرك .
و باصطياد السمكة ، و إعدادها و شيها ، كان الجوع والتعب قد بلغا مني مبلغهما ، فأخذت ألتهمها بنهم ولذة لم أذقها من قبل .. لكني ما كدت أزدرد نصفها حتى بصرت بهر يقف قبالتي و عيناه لا تفارقان شفتي .. خلته ينوي الانقضاض على ما بيدي ، فأدرت له ظهري :
- ألا يستحق قطعة منها ؟
- لكن هذا غير كاف .
- ليتك تؤثر غيرك على نفسك !
انتفضت من مكاني ولم أعد أطيق الصبر على قولها ، فقلت و فمي مملوء :
- هذا كثير ! .. أتحسبينني طفلا تروضينه بأوامرك ؟
- لا أحد يأمر و ينهى .. هنا كل يعمل حسب قناعته .. لقد أردت مساعدتك .. لكن يبدو أن أنانيتك متغلغلة في نفسك .
من تكون هذه الفتاة ؟.. و ما لكلماتها تنساب بين شفتيها العذبتين لتلسعني و تحصي علي هفواتي ؟ .. و كيف السبيل للرد عليها وحسنها يعقد الألسن .. وحديثها لا يضاهى في هدوئه ورزانته ؟
- لست أنانيا .. بل أرى – على العكس – أنك مغرورة !
- لقد تركت الغضب يفقدك وعيك لتتهم غيرك بشيء لست متأكدا منه .. ألم أقل إنك لن تستطيع الإيفاء بالشروط ؟
فكرت مليا ، فوجدت أنها محقة في كل ما قالته .. و بجهد جهيد ..كبحت جماح غضبي وقلت :
- أرجو المعذرة.. لم أكن أعني ما أقول .
- هذه بداية طيبة .. لكن الطريق لا زال طويلا .
- و أنا مستعد لذلك .. فقط ، أريد منك أن تسامحينني .
كنت متحمسا ، مذهولا أمام حسنها الأخاذ وهدوئها المدهش . وشعرت بالندم و أنا أراها تقابل إساءتي بحلم لا يوصف .. بدوت أمامها صغيرا رغم تقارب سنينا .. ثم انتبهت إلى أنني يجب أن أعود إلى المنزل كي لا تقلق أمي .. لكن كيف أعود وأنا لم أغادر بيتنا ؟ .. كيف أتيت إلى هنا ؟.. أه .. المرآة .. الحمام ..أيكون هذا حقيقة ؟
التفت من حولي ، فلم أجد أحدا . أين الصبية ؟ .. لقد نسيت أن أسألها عن اسمها . عصرت ذاكرتي و استطعت الاحتفاظ ببعض.. أو على الأصح ، بآخر ما نبست به قبل أن تشرد أفكاري :
- سيكون الطريق طويلا .. لكنك ستظفر بكنز في آخر المطاف .. و إذا احتجت لشيء فما عليك إلا أن تتذكر ....
أتذكر ماذا ؟ .. لا شك أنها نطقت باسمها أو باسم المكان الذي أوجد فيه الآن .. أجهدني التفكير ، وكل جسدي من المشي ، فاستلقيت على العشب أتابع سربا من الطير يخترق أديم السماء ، وبجانبي نط ضفدع وتوارى في الماء محدثا رذاذا خفيفا . وفي الحين ، اكفهر الجو و اسودت السماء .. لكن التعب كان قد أخذ مني كل مأخذ ، فاستسلمت للكرى وصورة الفتاة لا تفارق مخيلتي .

( يتبع )
[/align]

وفاء النجار 28 / 12 / 2007 20 : 11 AM

رد: المــــــــــــــــــــرآة - 2
 
أستاذي الفاضل رشيد حسن السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .

القصة مشوقة في انتظار الجزء القادم أشكركم جزيل الشكر .

رشيد الميموني 10 / 02 / 2008 38 : 08 PM

رد: المــــــــــــــــــــرآة - 2
 
شكرا أختي .. والجزء الثالث جاهز . فضلت تقسيم القصة إلى ثلاثة أقسام كي تسهل قراءتها .
لك كل التحية والتقدير


الساعة الآن 10 : 02 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية