منتديات نور الأدب - جولة في الأمصار لتفقد أحوال الأمة في الديار

جولة في الأمصار
لتفقد أحوال الأمـة
في الديار .

اشتقت إلى العباد من أمتي في هذا العالم العنيد والزمن
العصيب و إلى معرفة أحوالهم والإطمئنان على أوضاعهم.
ولم أجد من وسيلة أطفئ بها نار اللوعة وأبدد بها هواجس
الحيرة والخوف إلاّ القيام بزيارة ديار أهلي وأخوتي في
اللسان و/أو الدين بنفسي مهما كلفني ذلك من كبير عناء و
كثير مال و طول غياب عن الزوجة والعيال ومهما واجهت من
مخاطر وأزمات وأهوال، فصلة الأرحام أولى وأجلّ ومن أجلها تهون كل الصعوبات وتتضاءل كل المعوقات.
جمعت ما قدرت عليه من زاد ومال، وركبت على حماري
الأشهب الذي بدا لي مزهوا وسعيدا بهذه الزيارة لأمر عنده
ذي بال تمنى أن يحققه بمحطة من محطات السفر الطويل .
اتجهت شرقا نحو الجار الجنب الأول، وعند وصولي جلست
تحت دوحة شرقية ، فمرّ بجانبيّ فريقان أحدهما سلّم والآخر
صبّح و تحت قبّة جلس أعضاء الجماعتين فعلا بُعيد الجلوس
صراخ و نشب جدال أقل ما يقال عنه أنه عقيم و بيزنطي .
وضعت أغراضي على حماري وواصلت رحلتي نحو الجار
الثاني وأنا لا أملك من أمر عينيّ شيئا ولم أقو على حبس
العبرات إلاّ بعد أن برك الأشهب ورفض القيام ومواصلة
المسير كدأبه عند انشغالي بهمّ من الهموم فيختلق لي عارضا
من ذاته في الغالب فلا أجدني بعد ذلك إلاّ غارقا في هذا الأمر
المفتعل منسحبا بذهني من همّي الأول .
دخلت تلك الديار فلفحت وجهي أشعة الشمس الحارقة وغزت
جسدي سخونة كأنها آتية من لهب عظيم قريب كما تناهى إلى
سمعي وشاهدت بعيني أصوات انفجارات هائلة ومتتالية و
أعمدة متصاعدة من نار ودخان وغبار وصراخ وبكاء ونواح
و صفارات إنذار و سيارات إسعاف، علمت بعدها أنها من
أعمال ثوار لم يضعوا أسلحتهم حتى بعد أن دانت لهم الأرض
و حان وقت الإختيار بعد الإكراه والغصب . ثوار ثاروا ضد
البطش والإختصار والقتل بالجملة للمعارضين دون وجه حق
و بعد أن تمكنوا، أعملوا السلاح في الناس جماعات ووحدانا
و أباحوا لأنفسهم الغصب للمال و العرض وخرجوا عن كل
حاكم ووالي .
ثوار ثاروا ضد الديكتاتوري صاحب اللجان والمؤتمر العام
ولمّا تفرّدوا اتخذوا لأنفسهم حكما سنامه المؤتمر العام .

....................... إلى اللقاء في الجولة المقبلة ...............
" أنا خايف "