منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   الأدب الساخر (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=63)
-   -   البابور أو سيارة الفقراء ...... (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=27383)

فهيم رياض 07 / 06 / 2014 36 : 03 PM

البابور أو سيارة الفقراء ......
 
بسم الله الرحمن الرحيم .
سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا
إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ.
النقل أو التنقل ضرورة و حاجة إنسانية خصوصا و
كونية عموما ماسة الإلحاح لقضاء الحاجات المختلفة
و لأداء أدوار في إطار نواميس إلهية .
والتنقل عند الإنسان يتحقق إمّا بواسطة كالحمار
و البغل والحصان و الجمل والعجلة و الدراجة و
السيارة و القطار و الطائرة و الباخرة والصاروخ...و
إمّا بدونها أي مشيا أو عدوا و هرولة بالأرجل...و
يعتبر النوع الثاني من النشاطات و الأدوار الطبيعية
المنوطة بأعضاء جسم الإنسان الضرورية لتحقيق
الغايات غير أنها مقابل ذلك تعتبر بطيئة و منهكة
للقوى بالرغم مما تمنحه لجسم الإنسان من حيوية
و عافية. أما النوع الثاني فقد وجد كحتمية و كتلبية
مضطردة لحاجات الإنسان من السلع و اللوازم و
الخدمات وفقا لإضطراد التطور البشري الفكري
و المادي .
في هذا الإطار أو في هذا المنحى يسعى الإنسان
فردا كان أو جماعة إلى تلبية هذه الحاجة بتوفير ما
يمكن توفيره من وسائل النقل المتسير له توفيرها
بدءا بالدابة وانتهاءا إلى ما انتهى إليه الإبداع البشري.
و في سعي مني إلى تجسيد هذا القول على أرض
الواقع، لم أجد بدا من العودة إلى كتاب التاريخ الخاص
بتلك القرية لأروي لكم منه قصة من قصصه المثيرة
المتعلقة هذه المرة بوسيلة النقل العجيبة التي
أطلق عليها إسم " البابور" .
.............يتبع.............

علاء زايد فارس 10 / 06 / 2014 20 : 04 PM

رد: البابور أو سيارة الفقراء ......
 
شوقتنا ثم تركتنا ننتظر أخي فهيم
نحن في الانتظار، نريد أن نعرف ماهو البابور
عندنا البابور يختلف تماماً فهو يعمل على الكاز للتسخين كان يستعمل منذ زمن، وعدنا لاستعماله حينما انقطع التيار الكهربائي عنا وانقطع غاز الطهي
تحياتي لك ونحن في الانتظار

فهيم رياض 14 / 06 / 2014 20 : 05 PM

رد: البابور أو سيارة الفقراء ......
 

إتفق عبدا الرحمان و سالم على المخاطرة بما لديهم من مال لفك
العزلة عن قريتهم البائسة و لرفع المعاناة و الإرهاق عن
ساكنتها بشراء شاحنة صغيرة لنقل الأشخاص و البضائع .
اشترى الثلاثة بالقليل من المال المجموع سيارة نفعية قديمة من
نـوع " رونو" مخصصة في الأصل لنقل البضائع، مصنوعة من
الحديد الذي فيه منافع و بأس شديد و من الخشب مؤطرا الحيز
المخصص للمنقولات.
بلغ خبر الشراء القرية و سرى بين سكانها سريان النار في الهشيم
ففرحوا كثيرا و استبشروا خيرا؛ آملين أن تضع هذه الوسيلة حدا
لمعاناتهم في التنقل و أن تكون بمثابة نافدة يطلون منها على العالم
الآخر دائم التغير و التطور .
قدمت الشاحنة إلى القرية يقودها سائق أستقدم من بلدة أخرى لعدم
وجود كفل له على المستوى المحلي، و انطلقت أولى رحلاتها نحو
المدينة الكبيرة حاملة عددا كبيرا من الركاب والأمتعة يفوق قدرتها
على الحمل و كذلك كانت رحلة العودة فأطلق عليها الناس بسبب ذلك
إسم "البابور " ؛ و البابور عندنا هو الباخرة أو السفينة الكبيرة .
و هكذا توالت رحلات البابور التي كانت في الغالب تتم بين المدينة
الكبيرة و هذه القرية التي نالت تقدير و احترام ساكنة جاراتها من
القرى القريبة منها لتضامن أبنائها و تكاثفهم وإصرارهم على فك
العزلة القاتلة التي ضُربت عليهم ردحا من الزمن. غير أن أمرا
ذو بالبات يثبط تنفيذ هذه الرحلات بيسر و دون كثير عناء تمثل في
الأعطال التي أصبحت تصيب الشاحنة بسبب قدمها و اهتراء محركها
و باقي لواحقه؛ و ما فتئت هذه الظاهرة الكابحة تتزايد و تتعاظم
حتى أعتبر الذاهب في الرحلة مفقودا والبالغ مقصده مولودا ؛ و
تبعا لذلك تناقص تقدير الناس واحترامهم لأهل القرية و لمبادرتهم
تناقصا متزايدا تمشيا مع الأخبار السيئة المتناهية إلى مسامعهم
عن البابور و عن رحلاته المفجعة إلى أن تحولت لديهم في الأخير
إلى نوادر و نكت يتفكهون بها. و لا يمكنني هنا أن أمشي نحو القفلة
أو خاتمة الموضوع دون أن أستعرض بعض الأحداث التي وقعت
أثناء بعض رحلات هذه السيارة العجيبة، ففي إحداها وبينما كان
الجيهلي (و هو الاسم العرفي للسائق) متماهيا مع شاحنته ومتناغما
معها إذا بدائرة المقود تنفصل عن مكانها فقفز نحوه عبدا الرحمان
ليساعداه على التوجيه الصحيح للمركبة و مما زاد الطين بلّة انطفاء
الأضواء وتعطل الكوابح، فاختلط الحابل بالنابل فهذا يدير نحو اليمين
وذاك نحو اليسار و الثالث لا يدري ماذا يفعل و لحسن الحظ أن هذا
الحادث الذي كان يمكن أن يأتي على الجميع وقع على طريق غير
معبدة في أرض منبسطة و مستوية. و في رحلة أخرى أقل
البابور في طريقه عونا من أعوان الدرك الوطني و ما هي إلا أمتار
بعد الإقلاع حتى توقفت الشاحنة و بعد جهد مضني تحركت من جديد
ثم توقفت و هكذا بقيت بين توقف و تحرك و بعد قضاء ليلة كاملة
على هذا الحال وصلت إلى المقاطعة الواقعة في منتصف الرحلة.
نزل الدركي مع بقية الركاب شعثا غبرا ، ثم أوقف سيارة و ظن
الركاب أنه يريد الركوب فيها لوحده لكن ابن الناس، لمّا طلب
منه صاحب السيارة المتوقفة تحديد وجهته رد عليه : أرجوك،
رحم الله و الديك، أن أول شيء تفعله هو نقل هؤلاء المساكين من
المسافرين إلى وجهتهم، فحالهم قد أثار شفقتي ".
ومن النكت التي كان يرويها الناس عن البابور أن امرأة حملت في
المدينة الكبيرة تنقلت عبر البابور ؛ وضعت حملها مباشرة بعد
وصولها القرية . وأن ملتحى أنتقل على متن البابور بلحية
سوداء، وصل إلى مبتغاه و قد غزاها الشيب. و أن عروسا
صغيرة السن؛ جريا على عادة الناس في ذلك الوقت؛ زفت
لزوجها القاطن بالقرية و عند وصولها وجدت أن مقاسات
أثوابها وأحذيتها من الجهاز قد أصبحت أقصر وأضيق.

الأعرابي و الرحلة الأخيرة :
تعافى البابور قليلا ما حفّز مالكيه على تنظيم سفرة بعد طول غياب
فركب المسافرون إلاّ أعرابي إسمه " غادي " رفض السائق
حمله، لأمر ظل مجهولا، فشعر الأعرابي بالاحتقار و الهوان
بين الناس، فاتيع الشاحنة بعد انطلاقها بقصيدة عبّر فيها عن
غيظه و حنقه عما بدر من السائق و عمّا يرجوه من الله
سبحانه و تعالى حيال البابور و سائقه؛ جاء في آخرها:

وصّل يا ربي البابور
وما يزيد على شعبة كركور .....(منطقة قريبةليست بعيدة).
و تمّاك يضربها منكور ...........(منكر و نكير)
ما يبقى فيه لا بولون و لا روسور.....(لا برغي و لا نابض)
ياربي أحفظ الجماعة و احرق الشوفور...( السائق)

وما هي إلاّ سويعات حتى تناهى إلى مسامع الناس أن البابور
قد تعطّل في مكان يسمى شعبة كركور وأن السائق ( الجيهلي )
عند نزوله في محاولة منه لمعاينة العطل قام بفتح غطاء المبّرد
فطار الماء المغلي على أدنى رقبته و على يمناه فحرق أجزاء
منهما .
قُطر البابور إلى مثواه الأخير بالضفة الأخرى للوادي و تحول؛
بعد أن فصل منها أصحابه ما يصلح من قطع بغية بيعها في
السوق؛ إلى لعبة يتسلى بها المراهقون و الأطفال و لبث هناك
على هذه الحال شاهدا يروي حكاية أول مبادرة أفضت إلى اقتناء
أول وسيلة نقل بعجلات أربع في تاريخ قرية بائسة أحاطت بها
العزلة إحاطة العنكبوت بخيوطها على الفريسة؛ يقراؤها الناس
قراءات مختلفة، وكأنها تطرح في الأفق سؤالا، هو: من يقتدي؟

د. محمد رأفت عثمان 01 / 10 / 2014 31 : 03 PM

رد: البابور أو سيارة الفقراء ......
 
و هل تراهم أهل القرية استبدلوا بابورهم ببابور جديد أم رضوا بالقدمين وسيلة نقل أم الدواب لتذكرهم بأيام الأجداد؟!
طريفة هي الآلام بعد أن تنقضي فتصبح مصدراً للتندر و السخرية أو ربما للاعتزاز .
شكراً لك أ. فهيم على ما أمتعتنا به .

فهيم رياض 02 / 10 / 2014 58 : 10 PM

رد: البابور أو سيارة الفقراء ......
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. محمد رأفت عثمان (المشاركة 198564)
و هل تراهم أهل القرية استبدلوا بابورهم ببابور جديد أم رضوا بالقدمين وسيلة نقل أم الدواب لتذكرهم بأيام الأجداد؟!
طريفة هي الآلام بعد أن تنقضي فتصبح مصدراً للتندر و السخرية أو ربما للاعتزاز .
شكراً لك أ. فهيم على ما أمتعتنا به .

شكرا لك دكتورنا المحترم على هذا التعليق.
نصي هذا لمّا أعدت قراءته رأيت أن أنه في
حاجة إعادة الصياغة ؛ فمعذرة للجميع .


الساعة الآن 23 : 09 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية