منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   دراسات أدبية (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=39)
-   -   قراءة لقصيدة :سأنام طويلا بقلم د/ رجاء بنحيدا (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=27750)

د. رجاء بنحيدا 10 / 08 / 2014 38 : 10 PM

قراءة لقصيدة :سأنام طويلا بقلم د/ رجاء بنحيدا
 
قراءة لقصيدة: سأنام طويلا للشاعر الفلسطيني طلعت سقيرق
بقلم د/ رجاء بنحيدا.

أشعر ُ أنّي متعبْ!!..
يا أمي ..
كلّ مرايا العمر ِ انكسرتْ
وتشظّتْ أوراقُ الروح ِ
بقايا حبر ٍ أسود َ
كفّي عارية ٌ مني
والقلب ُ المجروح ُ
المأخوذ ُ
مِرارا ومِرارا ً
فوق رصيف ِ الدمعة ِ
يصلبْ
يا أمي أقسم ُ بالله ِ تعبتُ
وتهتُ
ظمئتُ
فمن يعطيني كأسا ً
مغسولا بحنان ِ الروح ِ
لكي أشربْ؟؟..
أحيانا ابكي !!..
أحيانا اضحك ُ
مثل المجنون أسير ورائي !!
ألهث ُ من وجع ٍ يضربُ
جلدي
أحملُ داخل َ نعش الريح ِ غطائي !!
لا شيء َ يساوي شيئا ً !!
لا شيء يساوي بعضَ غبار ٍ
جمعتها السنة ُ كلاب ٍ
مضغتْ لحمي
ورمت ْ أشباح أذاها
فوق َ حذائي !!..
أشعر أني متعبْ
هذا العالم مسكونٌ بضباب ٍ مجنونْ ..
أين الدفء ُ وأين الناس ُ ؟؟..
لماذا لا أبصر إلا جثثا تمشي ؟؟..
وكلابا تنبحُ ؟؟..
وعيونا يكسرها الذلّ
فآخْ
لصراخي ألف صراخ ٍ !!..
آخْ
من منكم أبصر وجها يحمل ُ
بعض ملامح إنسانْ
أشعر أني متعب ْ
يا أمي
مدّي كفك ِ حتى اشربْ
مدي كفك حتى أسقطَ رأسي
حتى أنسى نفسي !!..
مدي كفك حتى ارمي ظلي
وأنام ْ
سأنام طويلا
لا احدَ سيسألُ عني
أعرف لا أحد سيسأل عني !!
فالناس الجثث عرايا
حتى من أحلام الناس ْ!!
يا أمي
لا أحد سيسالُ عني
سأنام طويلا ..

وطويلا .. وطويلا
..
((( شعر / طلعت سقيرق ))
إن اكتشاف ومصاحبة القصيدة يتطلب تخيلا مختلفا متناغما مع أسطرها وكلماتها لأن هذه الأخيرة تظل الوحدة الأساسية للبناء الفني اللفظي كما يقول لوتمان ، فالكلمة الشعرية تنتقل من حالة العادة والابتذال إلى حالة التميز والاستثناء ، إذ تتموج دلالتها وتتلون بسياق النص وتكتسب خاصيتها من خلال آليتي الفراغ والامتلاء ، ومن خلال الانتقال من الإيضاح والتفسير إلى المغايرة والإشارة.
أول ما يصادفنا في هذه المصاحبة وفي هذا الاكتشاف النص الموازي الدال - العنوان - سأنام طويلا - وهو تركيب فعلي يصف حالة النوم ، هذا النوم الذي يشكل مطلبا للهروب والراحة من إحساس مهول و فاجع، وقد انطلق الشاعر من الفعل سأنام للتأكيد علىى رفض هذا الواقع الفاجع المرير برؤيا جديدة
تنقل شعور الإنسان الفلسطيني المفجوع الذي يصور ألمه وألم كل الفلسطينيين ، فالفاجعة واحدة والألم واحد ،والبيت واحد يقول باشلار البيت جسد وروح ، وهو عالم الإنسان الأول قبل أن يُقذف بالإنسان إلى العالم ،وأي ميتافيزيقيا دقيقة لا تستطيع إهمال هذه الحقيقة البسيطة لأنها قيمة هامة، نعود إليها في أحلام يقظتنا . والوجود أصبح الآن قيمة، الحياة تبدأ بداية جديدة محمية دافئة في صدر البيت " -1-
جاستون باشلار : جماليات المكان ت غالب هلسا دار الجاحظ - بغداد - دت - ص 45 .

والوطن واحد حيث تجسد الأم في قصيدة سأنام طويلا رمزا من رموز الانبعاث والتجدد والحياة ، والإحساس بالدفء والراحة

يا أمي
مدّي كفك ِ حتى اشربْ
مدي كفك حتى أسقطَ رأسي
حتى أنسى نفسي !!..
مدي كفك حتى ارمي ظلي
وأنام ْ

فهذا التعلق بالأم هو تعلق بالأرض بأحشاء ها التي تمنح الدفء والراحة ، هو شوق وحنين إلى أحشاء الأم وانتظار .. لأمل جديد وغد مشرق وانبعاث .. بالعودة .
يا أمي ..
كلّ مرايا العمر ِ انكسرتْ
وتشظّتْ أوراقُ الروح ِ
بقايا حبر ٍ أسود َ
كفّي عارية ٌ مني
والقلب ُ المجروح ُ
المأخوذ ُ
مِرارا ومِرارا ً
فوق رصيف ِ الدمعة ِ
يصلبْ
في هذه السطور والكلمات تتمحور الدلالة الشعرية حول الجرح والدمع والألم ، وهي حالة من التماهي بين القضية الفلسطينية والشاعر الفلسطيني ، فهو ينتمي لذاته باعتباره هو القضية ، و هو الشاهد على أحداث عصره فاعل فيها ، ومنفعل بها .
وتأتي القصيدة سأنام طويلا لتنقل مواجع الشاعر والشعب ، فتشكل تجاوبا بين الفرد والعام ،تم تعارضا لهذا العالم المتوحش الشبح الذي يعشق القتل والموت ،ورفضا لهذا الصمت والفراغ والسكون والغياب

فمن يعطيني كأسا ً
مغسولا بحنان ِ الروح ِ
لكي أشربْ؟؟..
[COLOR="red"]ظمأٌ وعطش إلى الصفاء والنقاء إلى الماء رمز البقاء والاستمرارية((هذا العالم مسكونٌ بضباب ٍ مجنونْ ..))[/COLOR]
((مدّي كفك ِ حتى اشربْ
مدي كفك حتى أسقطَ رأسي
حتى أنسى نفسي !!..

عطش إلى الراحة التي يبحث عنها الشاعر ويلجأ إلى تيمة الماء كرمز للبقاء للفرح والنسيان ورمز للبكاء ..
(( فوق رصيف ِ الدمعة ِ ))
البحث عن الماء ، ومغامرة البحث عنه لم يكن المسلك لها واحدا ، في حين أن هناك طريقا واحدة للارتواء ، ولم يكن سبب العطش غامضا مجهولا ،فأسباب العطش تعددت في حين أن طريق الارتواء واحدة غير متعددة كما أن لفظة الماءتعددت دلالتها المتداولة وتعددت دلالتها النصية لتضيف تأويلا يلمسه القارئ بسهولة ،ويحس بدبيبه السحري السري الرائع المتمثل في حب الأرض والأم والحنين والعودة ...
يا أمي أقسم ُ بالله ِ تعبتُ
وتهتُ
ظمئتُ
فمن يعطيني كأسا ً
البحث عن الذات ، البحث عن الهوية ، هي أزمة حضارية وأزمة كون ، وهي مركز التساؤل في شعر طلعت ، ما مدى التجاوب مع القضية والإنسان ، ما مدى حضور الجانب الإنساني قبل السياسي ، فكأن الشاعر يدرك ذاك الزمن الغائب المجهول ، هذا الصمت الرهيب الذي يقتل الإحساس العربي ، ويطمس مشاعر النخوة والأخوة العربية .
فآخْ
لصراخي ألف صراخ ٍ !!..
آخْ

ومن منطلق الوجع والصراخ ، يتداخل الماضي والحاضر ، ويفجر الغضب السقيرقي الصادق
لتأتي القصيدة كصرخة تنبعث من عمق واقع المجتمع ، ،ترفض وتتمرد على البقاء وسط هذا الوجع والتعب ... واللامبالاة .

محمد جادالله محمد 17 / 08 / 2014 28 : 08 PM

رد: قراءة لقصيدة :سأنام طويلا بقلم د/ رجاء بنحيدا
 
شاعرا يملك قلبا جميلا..يمتلى حبا كبيرا.. لمن يحب..
تجرى دفقات الحب..كموج صغير فى جدول يتسلل من خلال الكثبان الرملية..
فى الصحراء القاحلة..لذا نجده يصرخ من الواقع..ويطلب الماء ليرتوى..
رغم انه ربما كان هو الوحيد الذى يمثل الجدول ..الذى به الماء العذب..
ارهقه غبار الكلاب الذى لا يعنى اى شيئ..وانهكته لا محالة رؤية الجثث العرايا..
واتبعه جدا ان هذه الجثث لم تعرف بعد انها جثث وعرايا...
لذلك طلب الراحة لينام...
اسلوب.. سهل.. وسلس.وممتنع..عن التقليد..

محمد الصالح الجزائري 17 / 08 / 2014 55 : 11 PM

رد: قراءة لقصيدة :سأنام طويلا بقلم د/ رجاء بنحيدا
 
قراءة راقية واعية لنص بديع دال..شكرا لك أستاذتنا الغالية الدكتورة رجاء..احترامي وتقديري..

بوران شما 18 / 08 / 2014 42 : 11 PM

رد: قراءة لقصيدة :سأنام طويلا بقلم د/ رجاء بنحيدا
 
" سأنام طويلا " قصيدة رائعة ومعبرة للشاعر الكبير الراحل طلعت سقيرق
وأحبها جدا
أشكرك عزيزتي الدكتورة رجاء على هذه القراءة الرائعة للقصيدة ،
ودمت بألف خير .

د.محمد الصواف 19 / 08 / 2014 37 : 09 PM

رد: قراءة لقصيدة :سأنام طويلا بقلم د/ رجاء بنحيدا
 
سأنام طويلا ياامي
ضاقت علي الدنيا
لم يبقى لي
غير صدرك الحنون
لوﻻ الحرام ياامي
لقطعت وريدي بيدي
وقبلت بجهنم وانا مسرور

Arouba Shankan 21 / 08 / 2014 58 : 05 PM

رد: قراءة لقصيدة :سأنام طويلا بقلم د/ رجاء بنحيدا
 
شكرا على هذه القراءة التي فتحت في العقل آفاقا
تحيتي وتقديري

د. رجاء بنحيدا 21 / 08 / 2014 22 : 09 PM

رد: قراءة لقصيدة :سأنام طويلا بقلم د/ رجاء بنحيدا
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد جادالله محمد (المشاركة 197541)
شاعرا يملك قلبا جميلا..يمتلى حبا كبيرا.. لمن يحب..
تجرى دفقات الحب..كموج صغير فى جدول يتسلل من خلال الكثبان الرملية..
فى الصحراء القاحلة..لذا نجده يصرخ من الواقع..ويطلب الماء ليرتوى..
رغم انه ربما كان هو الوحيد الذى يمثل الجدول ..الذى به الماء العذب..
ارهقه غبار الكلاب الذى لا يعنى اى شيئ..وانهكته لا محالة رؤية الجثث العرايا..
واتبعه جدا ان هذه الجثث لم تعرف بعد انها جثث وعرايا...
لذلك طلب الراحة لينام...
اسلوب.. سهل.. وسلس.وممتنع..عن التقليد..

شكرًا لك على هذا المرور وعلى هذه الإضافة
سلامي وتحيتي .

د. رجاء بنحيدا 21 / 08 / 2014 29 : 09 PM

رد: قراءة لقصيدة :سأنام طويلا بقلم د/ رجاء بنحيدا
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الصالح الجزائري (المشاركة 197545)
قراءة راقية واعية لنص بديع دال..شكرا لك أستاذتنا الغالية الدكتورة رجاء..احترامي وتقديري..

شكرا أستاذنا الشاعر الكريم محمد الصالح الجزائري
على دعمك الدائم وقلبك الكبير
احترامي وتقديري .

محمد الصالح الجزائري 22 / 08 / 2014 19 : 03 AM

رد: قراءة لقصيدة :سأنام طويلا بقلم د/ رجاء بنحيدا
 
تمّ تثبيت الدراسة لقيمتها الفنية والأدبية في:

2014/08/22

هدى نورالدين الخطيب 22 / 08 / 2014 51 : 10 PM

رد: قراءة لقصيدة :سأنام طويلا بقلم د/ رجاء بنحيدا
 
[align=justify]
الأخت والصديقة الغالية الشاعرة الناقدة دكتورة رجاء
تحياتي لك..

النوم الطويل هو الموت والرغبة بالنوم الطويل هي رغبة بالهرب إلى الموت .. نهرب أحياناً مؤقتاً بحبات منومة إلى موت قصير بطول تأثير تلك الكبسولات، والمشكلة حين لا تعود تؤثر فينا تلك الكبسولات!..
أعذريني..
تأخرت بكتابة مداخلة ، لما لهذه القصيدة تحديداً من تأثير موجع على نفسي ، وهذا بالتحديد سبب التأخر بكتابة مداخلة حول قراءتك النقدية الجميلة لهذه القصيدة ..
اعتاد شاعرنا الغالي وعودني أن يقرأ لي قصائده مباشرة قبل نشرها، وذلك على المسنجر الذي كنا هو وأنا نقضي عليه يومياً أوقات طويلة ويبقى مفتوحاً بيننا طالما عنده انترنيت ( طبعاً بسبب بعد المسافات) بعض قصائده كتبها وأنا معه على الخط..
قلة هي القصائد التي نشرها دون أن يقرأها لي، حتى حين كنا نتشاجر لأسباب تافهة ونعاند في ادعاء الغضب لوقت لم يزد يوماً عن يومين، كان يرسل لي ما يكتب بإيميل..
هذه القصيدة من القصائد النادرة التي فوجئت بها منشورة في حينه ( طبعاً قبل ميلاد نور الأدب بعدة سنوات)، وأصبت بحالة شديدة من الرعب عليه، وأصدقك القول أني دخلت على أثرها في نوبة ربو مريرة، وكان رد فعلي عليه بثورة شديدة الغضب ، ورددت له: " لا لن تنام طويلاً .. لن تنام طويلاً .. لا يحق لك أصلاً أن تنام طويلاً ( وإن شاء الله كل من يكرهك هو الذي ينام طويلاً )
ما زلت أرتعش من هذه القصيدة وتصيبني بحزن مفجع، فكيف وقد ذهب فعلياً إلى النوم الطويــــــــــــل!
.. نعم لقد نام كما كتب في هذه القصيدة وتمنى وسينام طويلاً وطويلاً .. وأمه/ عمتي الحبيبة التي عجزت عن فراقه ولحقت به لتبقى معه حيث هو .. لينام وينام باطمئنان إلى جانبها.. ويحلّق كلما صحا من نومه فوق روابي حيفا وهضاب فلسطين متفقداً دمشق التي عشقها وعشق ياسمينها المخضب اليوم أيضاً مثل فلسطينه بالدماء..

شكراً جزيلاً لك ناقدتنا على هذه القراءة النقدية المتميزة، تسعديني جداً بالقراءة النقدية لقصائد طلعت.
تقبلي عميق محبتي وتقديري لك ولقلمك النقدي المتميز الذي أعتز به
[/align]


الساعة الآن 32 : 01 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية