منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   الـقصـة القصيرة وق.ق.ج. (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=65)
-   -   أسطورة زهرة دوار الشمس! (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=28116)

علاء زايد فارس 30 / 10 / 2014 43 : 12 AM

أسطورة زهرة دوار الشمس!
 

أسطورة زهرةِ دوارِ الشمسْ!
"قصة قصيرة مستوحاة من أسطورة ايكاروس"
بقلم علاء زايد فارس


https://fbcdn-sphotos-c-a.akamaihd.n...c0a253356c3618

رآها ذات يوم فعشقها حتى الموت رغم أن عشقها كانَ محرماً، والحديثُ عنها علناً أو خلسةً كان مجرماً، فاعتقلوهُ هو و رفاقه حينما علموا أنه من الباحثين عنها، الطامحين إلى لقياها في جزيرةٍ كانت تعرف باسم جزيرة الظلماتْ.

لقد سميت هذه الجزيرة بهذا الاسم لأنه كان يمنع الشعب فيها من السير وفتح النوافذِ نهاراً ، وكانت رؤية الشمس حكراً على الملك وحاشيته ومن يرافقهم من خدمٍ يقضونَ جلَّ أوقاتهمْ طوعاً أو كرهاً من أجل راحته وراحةِ من يدور في فلكه. لقد غُيِّبَ الشعبُ نهاراً بشكلٍ متعمدْ لأنَّ الخيرات كانت تقطف في النهار وتذهب إلى القصور خلسةً والشعب لا ينالُ إلا ما زاد عن حاجةِ الملك وأتباعهْ.

لقد كان ذلك العاشقِ المعتقل يدعى "استافيوس"، لقد كان شاباً متمرداً وذكياً وطموحاً إلى أقصى حد، له محبةٌ لا يستهانُ بها في صفوف المجتمع، كان يعشق الشمسَ حتى الجنون لدرجةِ أنه كان يرسمها على جدران البيوتْ ليلاً متجاهلاً تهديدات الملك وحاشيته، لذا كان ملهماً لرفاقه المقهورين وخاصةً من جيل الشباب الذين بدؤوا يتزايدون يوماً بعد يوم.

كل هذا دفع النظامَ ليتخذ قراراً بايقاع أشد عقاب باستافيوس يليقُ بعشقه لها، ويردعُ من يفكرُ في التمرد إلى الأبد، فاستعانوا بكاهن الملك المشهور بقسوته الشديدة في الأحكام، فأفتى الكاهنُ بأن يسجنَ المُذْنِبُ مع رفاقه في كهفٍ لا يعرف إلا الظلامَ والليلَ الدامسَ الدائم حتى الموتْ، وأن يتناولوا الطيور النيئة كطعاماً لهم كل يومْ.

مرت عليه لحظاتُ السجنِ سنيناً، ومرت الساعاتُ قروناً، ومرت الأيامُ دهوراً من شدةِ اشتياقه لها حتى تبدلت ملامحه تماماً، لكنه رغم كلِّ هذا كان يثق بأن لحظة الانعتاق ستكون قريبةً جداً...

لقدْ كان يحتفظ بريش الطيور التي يجلبها لهم السجانون - بناءً على توصية الكاهنْ - على الدوام مما أثار استغرابَ رفاقه، لكنهم ما إن سألوهُ عن السبب كان يجيبهم بأنه ينوي التحولَ إلى طائرٍ بشريٍّ أسطوري!

كبرت أجنحةُ الطائر البشري يوماً بعد يومْ في ذلك السجنِ وهي تكادُ تتمزق شوقاً لرؤية الشمس ومعانقة الرياح!

ولأن دوام الحالِ من المحال، حانت لحظة الانعتاقِ ذات يومْ حينما ضرب زلزالٌ شديد كل المنطقة مما غير الكثير من معالمها الطبيعية، ولحسن حظهِ أن التغيير قد طال أيضاً سجنهُ الذي ظهرت فتحةٌ كبيرة في أحد جدرانه.

كان فرحه هستيرياً فطلب منه رفاق السجن التريثَ وأن يتناول جرعةً خفيفة متدرجة من ضياءِ الشمسِ وأن لا يتعجَّلْ لقاءهُ بها حتى لا يصابَ بالعمى أو يطالهُ أي مكروه.

لكنَّ اشتياقه لها كان يصم آذانه عن سماع نصائح الرفاق المخلصين، فانطلق بأجنحته نحو حريته المسلوبة بسرعةٍ خرافية وهو ينظر إليها بشوقٍ بالغ حتى أصابه العمى المفاجئ فارتطم إحدى جناحيه بجبل عالٍ.

سقط بقوة حتى وصل إلى الأرضِ جثةً هامدة، تنفس الملك وأتباعه الصعداء وظنُّوا أن نهايته ستكون خير رادعٍ لمن يفكرُ في رؤيةِ الشمس والنهارْ بعد الآن.

لكن الملكَ استيقظ صباحاً ونظر من شرفةِ قصره العالي، فرأى ورداً أصفر اللون يتبعُ الشمسَ أينما ذهبت قد ملأ الدنيا، فهرع إلى الداخلِ وبدأ يصرخْ : لقد فهمتكم لقد فهمتكم !

م. علاء زايد فارس
29/8/2014م


الساعة الآن 32 : 01 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية