منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   أنا وطلعت.. حكاية عمر (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=551)
-   -   الحلقة السادسة، اعتذار لطلعت في الذكرى الثالثة لرحيله/ محمد توفيق الصواف (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=28161)

محمد توفيق الصواف 07 / 11 / 2014 07 : 12 PM

الحلقة السادسة، اعتذار لطلعت في الذكرى الثالثة لرحيله/ محمد توفيق الصواف
 
[align=justify]بدايةً، أودُّ الاعتذار لأخي طلعت، عن تأخري في كتابة مادة عنه في الذكرى الثالثة لرحيله، كما أودُّ الاعتذار أيضاً لكلِّ من كانوا يتابعون حلقات حكايتي معه، وتوقفتُ عن كتابتها.. وأراني أعتذر مع أنني ما تأخرتُ عن الكتابة ولا توقفتُ كسلاً ولا اختياراً، بل اضطراراً، بسبب ظرف خاص مررتُ به مؤخراً، لا أريد ذِكْرَهُ لأنني لا أريد تَذَكُّرَه، لشدة ما أثار فيَّ من ألم وحزن وكآبة وخوف، ولكثرة ما ترك في نفسي من ندوب أظنها ستبقى تؤلمني طويلاً...
وليقيني أن أخي طلعت كان سيكون إلى جانبي يواسيني ويشدُّ من أزري، لو أنه كان ما يزال حياً، فسأخصص هذه الحلقة له، وأكتبُها موجِّهاً الخطاب إليه تارة، ومتحدثاً عنه بصيغة الغائب تارة أخرى..
........................

تحلُّ الذكرى الثالثة لرحيلك، وما زال من الصعب عليَّ تصديقُ غيابك، لأنني ما أزال أستشعر دفء وجودك معي، بروحك الطيبة ومحبتك الغامرة، وبقدرتك على مواجهة المواقف الصعبة بشجاعة ورباطة جأش..
لكنْ، وفي كثير من الأحيان، بدلاً من أن يدفعني عظيم محبتي لك إلى بكاء فراقك، يدفعني ما آلت إليه أحوالنا، إلى الوقوف حائراً على مفترق عواطف متضاربة، فلا أدري أَأَحْزَنُ لأنك سبقتني إلى رحمة الله أم أَغْبِطُكَ على أنْ جَنَّبكَ ــ سبحانه وتعالى ــ ما نراه من ويلات وما نعانيه من آلام ونكابده من قلق وخوف وهَمّ، أم أتحسَّر على افتقادي صبركَ وشجاعتك ورباطة جأشك في الملمات، وتشجيعَك لي على احتمالها وعدم الانكسار أمام عواصفها؟
وبين الشوق والخوف، بين الألم والأمل، وبين الحنين إلى ما كُنَّاهُ فيما مضى وخوفي من مواجهة ما هو آتٍ وحدي، أشعرُك ظالّاً معي، تنأى بحضورك الخاص جداً، في الوجدان والذاكرة، عن الغياب، وتستعصي على النسيان.. ولأنك أبيتَ، وأنتَ حيٌّ، أن تكون في حياتي وحياة كل من عرفوك مجرد عابر سبيل لا يترك في نفوس مَن عرفوه أثراً عميقاً باقياً، أراك اليوم، حتى بعدما صرتَ تحت التراب، تأبى أن تتركنا نكابد الآلام دون أن تُشاركنا مكابدتها، وتأبى أن تُطِلَّ علينا من ذاكرتنا إلا في صورة المُحب الذي ينثر أملاً هنا ورجاءً هناك ومواساةً وعبقَ ابتهال دافئ في كل أرجاء نفوسنا..
وكيف لا تكون كذلك يا أخي، وقد كنتَ واحداً من القلة القليلة الذين يعبرون الحياة، خطوة خطوة، مع مَن عرفوهم، يشاركونهم الأفراح والأحزان، الهموم والآمال، الفقر والغِنى، وكلّ ما تحفل به الحياة من تصاريف حلوة ومرة؟!
كيف وقد كنتَ من تلك القلة النادرة التي آتاها الله، بالإضافة إلى البسطة في الجسم، والتفرُّدَ في الإبداع، طيبةَ القلب والقدرةَ على حب الآخرين وإيثارهم على النفس حتى ولو كانت بصاحبها خصاصة؟!
كنتَ كبيراً في كل تصرفاتك، نبيلاً في مشاعرك ومواقفك، شهماً في نجدتك لكل من استنجد بك وقت العسرة، عفيف الكف واللسان، على الرغم من كل المغريات، شجاعاً في التعبير عن رأيك ومواقفك في كل الأوقات، كريماً في بَذْلِكَ ما تملك، على قِلَّته، لمن تحب، بل لمن تعرف ولا تعرف.. متسامحاً بحق من يُخطئ معك أو يؤذيك..
لهذا كله، حين جلست أريد الكتابة عنك، في الذكرى الثالثة لرحيلك، حِرتُ من أين أبدأ، وعمَّاذا أكتب.. أأكتب عن تفردك شاعراً مبدعاً، أم عن رهافتك قاصاً بارعاً، أم عن قدرتك كصحفي، أم عن إبداعك كناقد؟ ثم بدا لي أن جوانبك هذه كلها تذوب كالسكر في شِعرك، فقررتُ التحدثَ عنك شاعراً، وأيَّ شاعرٍ كنتَ يا طلعت!
وإذا كنتُ ارتأيتُ الحديث عنك شاعراً، فلن أتحدث بأسلوب المدائح الهلامية التي يصوغها البعض مُثقلةً بكمٍّ من المبالغات المضحكة المبكية.. فمثل تلك المدائح لا قيمة لها في النهاية، وليس في كَيْلِها لك توفيةً لما أعتقد أنه حقك الذي حُرمتَ منه كمبدع مُتَمَيِّز، في حياتك وبعد وفاتك؛ بل سأتحدث عنك من خلال إلقاء حزمة ضوء على إبداعك الشعري المُتَمَيِّز الذي قَلَّما وجدتُ ما يرقى إلى مستواه الفني والإنساني في نتاجات كثيرين ممن عرفتُهم وقرأتُ لهم من شعراء عصري..
وبالتأكيد، لن أَقْصِرَ حديثي عنك شاعراً في هذه الحلقة المقيدة بمناسبة ذكرى رحيلك، بل سأحاول الاستمرار في الحديث عن شعرك في حلقات أخرى قادمة، مُرَكِّزاً على نواحٍ يتضافر مجموعها ليؤكد، في المحصلة، أنَّكَ بالإضافة إلى كونك شاعراً مطبوعاً قادراً على قول الشعر بنفس السهولة والبساطة التي تتنفس الهواء بها، لم يكن شعرك سخيفاً ولا سهل التقليد ولا عرضيَّ التأثير في مُتَلَقِّيه، بل كان عاليَ الجودة أخَّاذَ التعبير مؤثراً لا ينتهي تأثيره بمجرد الانتهاء من قراءته أو سماعه؛ وأن قدرته على التأثير لم تكن نابعةً من صعوبة صياغته أو من غموض متكَلَّف في صوره ورموزه أو من بهلوانيات بلاغية سرعان ما تبهتُ بعد افتضاح لغزها، بل كانت قدرتُه التأثيرية نابعةً من منابع إبداعية صافية ومن موهبة قوية تتجلى قدرةً باهرة على التخييل، وقدرةً على صوغ الخيالات بكلمات بسيطةٍ، لكنها قادرة، رغم بساطتها، على محاورة العقل وملامسة القلب وإطراب الأذن وإبهاج النفس في آنٍ معاً..
إلى ذلك، أظنني سأفردُ حلقة خاصة للحديث عن قدرتك الفنية المدهشة على الجمع بين المتناقضات في أضاميم شعرية حلوة النغمات مطربة من جهة، وقادرةٍ على صنع ردود فعل متنوعة، في نفس الوقت، من جهة أخرى..
وبعد،
فلا أملك في ختام هذه العجالة، سوى أن أقول:
إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون... رحم الله أخي طلعت، وأعانني على إكمال سيرته التي بدأتُها في موقع نور الأدب، والتي شغلني عن إكمالها ما أعانيه وتعانيه بلادي من ويلات الفتنة التي تعصف بها..
رحم الله طلعت إنساناً وفناناً وصديقاً صادقاً وفياً... وأتمنى أن أتمكن من المساهمة في إنصافه بحق وموضوعية دون مبالغة أو غلو في مديحه، ليقيني بأن زيادة مدحه أو نقصانه لن يفيداه شيئاً، بعد أن صار في حضرة من لا يظلم عبداً شيئاً ولا يَلِتْهُ من حقه مقدار ذرة..[/align]

د. رجاء بنحيدا 07 / 11 / 2014 27 : 07 PM

رد: الحلقة السادسة، اعتذار لطلعت في الذكرى الثالثة لرحيله
 
الأخ الفاصل الأديب محمد توفيق الصواف

بادئ ذي بدء جميل هذا الشعور الرائع اتجاه الصديق وهذه الأحاسيس الفياضة بالدفء والحنين للحظات الصدق ...وللصديق المتفرد المتميز.. المبدع .. الإنساني رحمه الله

نتابع باهتمام شديد الحديث عن المبدع طلعت سقيرق .. الشاعر
ونرجو من الله أن يزيح غمامة الفتنة عن جميع البلدان العربية
احترامي وتقديري لك

محمد الصالح الجزائري 08 / 11 / 2014 42 : 02 AM

رد: الحلقة السادسة، اعتذار لطلعت في الذكرى الثالثة لرحيله
 
(((( أراك اليوم، حتى بعدما صرتَ تحت التراب، تأبى أن تتركنا نكابد الآلام دون أن تُشاركنا مكابدتها، وتأبى أن تُطِلَّ علينا من ذاكرتنا إلا في صورة المُحب الذي ينثر أملاً هنا ورجاءً هناك ومواساةً وعبقَ ابتهال دافئ في كل أرجاء نفوسنا..
وكيف لا تكون كذلك يا أخي، وقد كنتَ واحداً من القلة القليلة الذين يعبرون الحياة، خطوة خطوة، مع مَن عرفوهم، يشاركونهم الأفراح والأحزان، الهموم والآمال، الفقر والغِنى، وكلّ ما تحفل به الحياة من تصاريف حلوة ومرة؟!
كيف وقد كنتَ من تلك القلة النادرة التي آتاها الله، بالإضافة إلى البسطة في الجسم، والتفرُّدَ في الإبداع، طيبةَ القلب والقدرةَ على حب الآخرين وإيثارهم على النفس حتى ولو كانت بصاحبها خصاصة؟! ))))

أخي الأديب محمد توفيق الصواف..هذه هي الصداقة الصادقة حقّا !! وصفتَ فأحسنتَ..لقد أفدتنا كثيرا بما عرضتَ من مشاعر.. رحم الله طلعت ورعاك أيهذا الرجل الوفي...شكرا لك..

محمد توفيق الصواف 08 / 11 / 2014 21 : 05 PM

رد: الحلقة السادسة، اعتذار لطلعت في الذكرى الثالثة لرحيله
 
الأخت الدكتورة رجاء...
شكرا لمرورك اللطيف وكلماتك المعبرة وأجاب الله دعاءك بإزاحة الغمة ووأد الفتنة التي تعاني منها بلادنا وشعبنا العربي في أقرب وقت، إنه على ما يشاء قدير...

محمد توفيق الصواف 08 / 11 / 2014 27 : 05 PM

رد: الحلقة السادسة، اعتذار لطلعت في الذكرى الثالثة لرحيله
 
الأخ محمد الصالح...
الحمد لله على عودتك أولا، فقد اشتقنا إليك،
وشكرا لك على كلماتك الصادقة الطيبة ثانيا،
ودمت بخير وأخا وفيا دائما،
وبقيت شاعرا متألقا ما دمت حيا...
تحياتي ومودتي...

هدى نورالدين الخطيب 08 / 11 / 2014 10 : 11 PM

رد: الحلقة السادسة، اعتذار لطلعت في الذكرى الثالثة لرحيله/ محمد توفيق الصواف
 
[align=justify]
أديبنا وباحثنا الغالي
أستاذ توفيق ألف حمد وشكر لله على سلامتك أولاً وثانياً .. وعاشراً ..

نص إبداعي وجداني محب صادق كان له أن يفجّر مآق العيون فتهطل الدموع على صفحات الوجه الحزين غزيرة...
وطلعت الذي يبتسم ابتسامته العريضة المشرقة في الصورة التي أضعها بجانب هذه الشاشة ، شعرت أنه يبكي ولمحت دمعة تأثر تنساب من طرف عينه..
هل الصور الباسمة تبكي؟!
لعله تأثر الروح الغالية ، فأنا أدرك ملياً كم كان طلعت يحبك وكم كنت عليه عزيزاً.. كنت فيه أكثر من صديق.. ما ذكرك إلا قائلاً: " أخي توفيق "
تأثر الروح على الدماء النازفة..
الفتنة..
أحلى وأغلى ياسمين في الدنيا وقد أضحى مخضباً بالدماء..

وجع تتفتت له الصخور وتتفجر له البحار
حتى أجنحة الملائكة تتحطم في دروبه الوعرة..
روح طلعت تذرف الوجع .. الكثير من الوجع...

أما بالنسبة لإبداعه الشعري ، فهذا بالتأكيد سيكون رائعاً من ناقد مثلك...

بقي شيء أخير أيها العزيز
اعتذاري عن التقصير ، وأنا أمرّ بظروف عصيبة جداً سأحكي لاحقاً لك عنها..
لا أعرف إذا وصلتك رسالتي على واتساب ، أم وصلت الآخر الذي ينتحل اسمك، فقد اختلط عليّ الأمر فعلاً؟!!

تقبل أعمق آيات تقديري واحترامي
[/align]

ليلى مرجان 09 / 11 / 2014 25 : 11 AM

رد: الحلقة السادسة، اعتذار لطلعت في الذكرى الثالثة لرحيله/ محمد توفيق الصواف
 
ولأنك أبيتَ، وأنتَ حيٌّ، أن تكون في حياتي وحياة كل من عرفوك مجرد عابر سبيل لا يترك في نفوس مَن عرفوه أثراً عميقاً باقياً، أراك اليوم، حتى بعدما صرتَ تحت التراب، تأبى أن تتركنا نكابد الآلام دون أن تُشاركنا مكابدتها، وتأبى أن تُطِلَّ علينا من ذاكرتنا إلا في صورة المُحب الذي ينثر أملاً هنا ورجاءً هناك ومواساةً وعبقَ ابتهال دافئ في كل أرجاء نفوسنا..

يرحل الأعزاء إلى جوار المولى عز و جل و تبقى آثارهم الطيبة محفورة في الذاكرة
و الفقيد لم يرحل عن محبيه لأنه باق بعطاءه الذي يزخر به المنتدى و مخزون حبه المرابط في دفء القلوب
شكرا لك أستاذ محمد توفيق على وفاءك ومشاعرك الطيبة

بوران شما 10 / 11 / 2014 30 : 12 AM

رد: الحلقة السادسة، اعتذار لطلعت في الذكرى الثالثة لرحيله/ محمد توفيق الصواف
 
الأخ الاستاذ محمد توفيق الصواف
انتظرناك طويلا لتتحفنا بتتمة حكايتك مع صديقك الراحل الكبير طلعت سقيرق ،
ويسعدنا أن نتابع الآن هذه الحكاية ، في الذكرى الثالثة لرحيله ، وأنا أؤيد كلامك
أننا نحتار أن نحزن لأنه سبقنا الى رحمة الله أم نغبطه لأنه لم يعش هذه الأيام
الصعبة جدا التي نعيشها نحن هذه الأيام وما نكابده من ويلات وخوف وقلق وحزن
وآلام وإحباط ويأس ،
بانتظار المزيد دكتور محمد ، تقبل فائق التقدير والاحترام ودمت بألف خير .

محمد توفيق الصواف 12 / 11 / 2014 38 : 12 PM

رد: الحلقة السادسة، اعتذار لطلعت في الذكرى الثالثة لرحيله/ محمد توفيق الصواف
 
أختي الأستاذة هدى...
ما أجمل العبارات التي عَلَّقْتِ بها على ما جاء في اعتذاري لأخي طلعت، وما أصعب أن يُبدِعَ مثلِي مثلَها، في رقتها وعفويتها وصدقها...
أنا بخير الآن، والحمد لله، وأرجو لكِ السلام والخير، ولجميع العرب الذي تكالبت عليهم قوى الشر في العالم، أرجو الأمن والأمان، على الأقل،
بعدما صاروا في زمن لا يُسْمَحُ لهم فيه بالطموح إلى أكثر من أن يعيشوا بأمان كباقي خلق الله...
ورحم الله طلعت، فكم أنا وأنتِ وغيرنا بحاجة إلى صوته القوي الجريء ليجهرَ بما نكتمه في صدورنا خشية،
وليصرخَ بأصواتنا غاضباً متحدياً كلَّ الذين يسوموننا سوء العذاب...
لكن الله أحبَّه أكثر منا، كما أتصور، فأحبَّ أن يكون إلى جواره، فله الأمر من قبل ومن بعد...

محمد توفيق الصواف 12 / 11 / 2014 42 : 12 PM

رد: الحلقة السادسة، اعتذار لطلعت في الذكرى الثالثة لرحيله/ محمد توفيق الصواف
 
الأخت ليلى،
أشكركِ جزيل الشكر على مرورك اللطيف بمادتي،
وعلى ما وَصَفْتِني به من صفات إيجابية أرجو أن أكون مستحقاً الاتصافَ بها...
لكِ مودتي وتقديري...


الساعة الآن 42 : 02 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية