منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   التراث الفلسطيني (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=90)
-   -   صلح عشائري في صفد (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=2831)

ناهد شما 11 / 03 / 2008 38 : 06 PM

صلح عشائري في صفد
 
صلح عشائري في صفد


في الثالث من شهر حزيران عام 1939 كان نور الدين بن أمين محمد الخضرا من أهالي صفد يتفقد مزرعة أبيه في موقع العمرة من أراضي الخيط بقضاء صفد , وكان أبوه المعروف بأبي هاشم , مسجوناً بسبب تصدي الفلسطينيين لاسترجاع حقوقهم من المستعمر الإنكليزي والمغتصب الصهيوني بقوة السلاح , وعندما وجد في بيته مسدس حكم عليه بالسجن عشر سنوات وقد شعر نور الدين في الليل بحركة جماعية يحصدون القمح من مزرعته سرقة فركب فرسه وأغار عليهم ولكن أحد اللصوص ضربه بعصا على رأسه ففقد وعيه وفي العاشر من نفس الشهر قضى نحبه .
فأصاب والده الذهول وسمحت له سلطات الإنتداب أن يحضر جنازة إبنه ويعود مباشرة للسجن .
وأخيراً نجحت المساعي بالعفو عنه وإخراجه من السجن , وبعد التحري عُرِفَ اللصوص من عرب اللهيب وهم من عشيرة اشتهرت بالبطش والشقاوة , ومعروف أن عائلة الخضرا في صفد من أصل مغربي وذات شوكة أيام الحكم العثماني وهم أهل فلاحة ولهم علاقات كبيرة ومصالح واسعة مع سكان قرى صفد وأبناء العشائر المجاورة وبات من المحتم أن تنشب الفتن بين الطرفين العنيدين وقد عقدت اجتماعات تمهيدية كللت بالنجاح وفي 21 آذار سنة 1940 تم الإتفاق على الصلح على الطريقة العشائرية
وقد بدأت الوفود تجتمع إلى ديوان أبي الهاشم الخضرا من عشائر قرى المغاربة وعشيرة الزنغرية وعشائر أكراد وعشائر السمكية وعشائر السياد ومجموعة من العشائر وحضر هذا الصلح العشائري ستة من الإنكليز واجتمعوا في الغرفة ومعهم محمد سليم شما وعدد آخر من كبار الشخصيات ثم دخل السيد موسى الحاج حسين يحمل عصا طويلة ومعه ملاءة بيضاء وتبعه نخبة من وجوه القرى ومشايخ العشائرثم نهض الأميرصلاح الجزائري وخطب باسم وفود الجاهة وطلب من آل الخضرا الكرام قبول أبو هاشم والد المغدور نور الدين وقبل الوجاهة وسامح بدم ولده المغدور ووحيده العزيز بلا قيد ولاشرط جرياً على عادة العرب الذين يعفون عن قاتلي أبنائهم إذا اعترف الجاني والتجأ إليهم طالباً العفو والسماح وكانت ساعة رهيبة واشتدت المرارة بالوالد الثاكل , فنزع صورتين لولده كانتا معلقتين وعرضهما على الحضور وقد تأثر الجميع بهذا الموقف وكذلك الإنكليز ثم نهض السيد محمد سليم شما , ووقف أمام السيد موسى الحاج حسين وأمسكا بالعصا وتقدما إلى آل الخضرا وطلبا من كل واحد منهم أن يعقد الراية – أي أن يعقد قطعة من القماش بيده ويلقنه الشيخان العبارة التقليدية ((( عقدنا الراية ودفنا الساية , على الغائب والحاضر ))) عقدها خمسة من وجوه الخضرا وأكمل العقدة السادسة والد المغدور واكتفوا بذلك متجاوزين العادة التي تقضي بأن يعقدها كل ذكر راشد من عشيرة المغدور . وحمل الراية المعقودة ممثلين عن كل وفد ونقلوها إلى قرية بيريا مكان إقامة أفراد عشيرة اللهيب وهناك وضعت الراية على رؤوسهم وأحضروهم إلى صفد – وهم تحت الراية المعقودة إلى الإجتماع في دار الخضرا
وهنا وصل اللهيب يحملون الراية مطأطئي الرؤوس وصافحوا كل فرد من آل الخضرا وبعض وجوه الحمايل من صفد
وبعد الإنتهاء من إجراء المراسيم انتقل الجميع إلى دار المرحوم الشيخ طه عبد الحميد المجاورة لبيت الخضرا وفي الشرق من سرايا الحكومة التركية حيث مد السماط على الطريقة العربية وكان الطعام يتألف من خرفان محشية وكوسا محشي وكوسا بلبن وبطاطا محشية وفول أخضر مع رز

هذا هو الشعب الفلسطيني , هذه هي أخلاقه وشيمه

صالح صلاح شبانة 16 / 04 / 2009 18 : 07 AM

رد: صلح عشائري في صفد
 
شكرا للحاجة ناهد على نشر هذه الوثيقة التي تشكل سطرا في التراث الشعبي الفلسطيني الماجد المتنوع الغني بأصالته وجذوره الممندة في أعماق التاريخ العصية على الأقتلاع ...والحكاية لا تخلو من الظلم للقتيل وأهله ، ولكن لا تخلو من الحكمة ، حيث حقنت سيلا من الدم بين قومين أولي بأس شديد ، وقد تجر آلآف الضحايا من الطرفين ، والذي مات رحمه الله ، لن يعود...ولعل حرب البسوس أسوأ مثالا في تاريخ الجاهلية العربية التي امتدت لأربعين سنة ، وجرفت في سيلها الأعمى الضحايا والدماء ، وانتهت بلا غالب أو مغلوبشكرا مرة اخى لأختنا الفاضلة الأستاذة ناهد شما لأضاءة هذه الواقعةالداعي بالخيرصالح صلاح شبانة

ناهد شما 16 / 04 / 2009 50 : 10 PM

رد: صلح عشائري في صفد
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صالح صلاح شبانة (المشاركة 34209)
شكرا للحاجة ناهد على نشر هذه الوثيقة التي تشكل سطرا في التراث الشعبي الفلسطيني الماجد المتنوع الغني بأصالته وجذوره الممندة في أعماق التاريخ العصية على الأقتلاع ...والحكاية لا تخلو من الظلم للقتيل وأهله ، ولكن لا تخلو من الحكمة ، حيث حقنت سيلا من الدم بين قومين أولي بأس شديد ، وقد تجر آلآف الضحايا من الطرفين ، والذي مات رحمه الله ، لن يعود...ولعل حرب البسوس أسوأ مثالا في تاريخ الجاهلية العربية التي امتدت لأربعين سنة ، وجرفت في سيلها الأعمى الضحايا والدماء ، وانتهت بلا غالب أو مغلوبشكرا مرة اخى لأختنا الفاضلة الأستاذة ناهد شما لأضاءة هذه الواقعةالداعي بالخيرصالح صلاح شبانة

الأستاذ صالح المحترم
أشكر لك مرورك على صفحتي والمداخلة التي أضاءت هذه الصفحة وزودتنا بتفسير رائع لهذه الحادثة

وفعلاً ما حصل هي عادة العرب الذين يعفون عن قاتلي أبنائهم إذا اعترف الجاني والتجأ إليهم طالباً العفو والسماح

دمت بخير



الساعة الآن 11 : 12 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية