![]() |
قصة البردة
قال ابن إسحاق (محمد بن إسحاق المطلبي، ت: 151 هـ): لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من منصرفه عن الطائف، كتب بُجير بن زهير بن أبي سُلمى (ت: 11 هـ) إلى أخيه كعب بن زهير (ت: 26 هـ) يخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل رجلاًَ بمكة، ممن كان يهجوه ويؤذيه، وأنَّ من بقي من شعراء قريش، ابن الزبعرى (عبد الله بن الزبعرى - بكسر الزاي المشددة - السهمي القرشي، ت: 15 هـ كان شديداً على المسلمين، شديد الأذى لهم بشعره، ووقت فتح مكة هرب إلى نجران، ثم عاد معتذراً وأسلم) وهبيرة بن أبي وهب (المخزومي، هرب إلى اليمن ومات هناك كافراً)، هربوا من كل وجه، فإن كانت لك في نفسك حاجة فَطِرْ إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه لا يقتل أحداً جاءه تائباً، وإن أنت لم تفعل فانج إلى نجاتك من الأرض. فلمَّا بلغ كعباً الكتاب ضاقت به الأرض، وأشفق على نفسه، وأرجف به من كان في حاضره من عَدوِّه، فقالوا: هو مقتول. فلمَّا لم يجد من شيء بداًًَّ، قال قصيدته التي يمدح فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: بانَتْ سُعاد فقلبي اليوم مَتْبوُلُ مُتَيَّمٌ إِثْرها لم يُفْدَ مَكْبُول وبانت: فارقت وبعدت. والمتبول: الذي غلبه الحب وهيَّمه وأسقمه، والتبل: أن يُسقم الهوى الإنسان، يقال: تيَّمه الحب فهو مُتيَّم: استولى عليه واستعبده وجعل عقله تبعاً لهواه. والمكبول: المحبوس في كبل، وهو القيد، وهو المُكبَّل أيضاً. يقول: إن قلبه متبول متيم مكبول ذليل. ولم يفد: أي لم يجد ما يطلقه من إسار الهم والشوق والصبابة، كالأسير الذي لم يفده أهله، فهو ذليل يائس لا يملك إلاَّ طاعة آسره (الروض الأنف 7 / 255 – 258 ). وفي حديث الحجاج بن ذي الرقيبة بن عبد الرحمن، من ولد كعب بن زهير بن أبي سلمى، عن أبيه، عن جده، وإسناده صحيح، أن كعباً وبجيراً ابنا زهير بن أبي سُلمى خرجا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال كعب لبجير: ارحل إليه، وأنا مقيم ههنا، فانظر ما يقول لك. فقدم بجير على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمع منه وأسلم، وبلغ ذلك كعباً، فقال أبيات يعاتبه فيها لتركه دين آبائه، فبلغت أبياته رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهدر دمه. وقال صلى الله عليه وسلم: من لقي منكم كعب بن زهير فليقتله . فكتب إليه بجير يخبره، وقال له: انج، وما أراك بمفلت. وأمره أن يسلم ويقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأسلم كعب، وقال القصيدة التي اعتذر فيها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقبل إليه، وقال : يا رسول الله، الأمان. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مأمون والله (المستدرك 3 / 670، دلائل النبوة للبيهقي 5 / 207 ). قال علي بن عبد الله المديني (ت: 234هـ أمير الجرح والتعديل، من أكابر شيوخ الإمام البخاري): لم أسمع قط في خبر كعب بن زهير حديثا قط أتم ولا أحسن من هذا، ولا أبالي ألا أسمع من خبره غير هذا (الأغاني 17 / 93 ). وهذا يعني أن أصل قصة إسلام كعب واعتذاره من الرسول صلى الله عليه وسلم صحيح، لكن الرواة أضافوا قصة (بردة الرسول صلى الله عليه وسلم) : أنه صلى الله عليه وسلم أهدى بُردته كعباً بعد إتمام إنشاده، فسُميت قصيدته بـ البردة. والبردة: شملة مخططة مربعة من صوف لها هدب، وما يميز الشملة من البردة هو حياكة شيء إضافي في أطرافها بإضافة بعض الزينة في حاشيتها. قال ابن سلاَّم (محمد بن سلاَّم الجُمَحي، ت: 231 هـ): فكساه النبي صلى الله عليه وسلم بُردة، اشتراها معاوية من آل كعب بن زهير بمال كثير قد سُمِّي. فهي البردة التي تلبسها الخلفاء في العيدين. زعم ذلك أبان (طبقات فحول الشعراء 1 / 103 ) وأبان: هو أبان الأحمر بن عثمان البجلي (ت: 200 هـ)، وهو ثقة، لكن حديثه ضعيف بعلة الإرسال. وقال ابن كثير (إسماعيل بن عمر القرشي، ت: 774 هـ): وقد ورد في بعض الروايات أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاه بردته حين أنشد القصيدة .. وهذا من الأمور المشهورة جداً، ولكن لم أر ذلك في شيء من هذه الكتب المشهورة بإسناد أرتضيه (البداية والنهاية 4 / 373 ). فالشهرة وتداول القصة أو الخبر، ليس دليلاً على ثبوته. ولا تلازم بين الشهرة والصحة. وذلك لا يعني أيضاًَ نفي وقوعه تاريخياً، بل يعني عدم ثبوته على (الشكل) المروي، لأن ضعفه في (شكل) رواياته و(زيادة) تفاصيله، يكاد لتضخيم تفاصيله وزياداته أن يصبح شيئاً آخر، يغاير (الشكل) الأول. وقد زعم الرواة أن البردة بعد بيعها إلى معاوية، انتقلت من المدينة إلى دمشق وأصبحت من أغلى ممتلكات الدولة الأموية. وبسقوط بني أمية، بقتل مروان بن محمد سنة 132 هـ في صعيد مصر، دلهم خادم مروان عليها وعلى بعض آثاره صلى الله عليه وسلم كان قد دفنها مولاه هناك. فانتقلت البردة إلى بغداد، وظل خلفاء بني العباس يتوارثونها حتى اجتاح المغول الشرق الإسلامي سنة 656 هـ / 1258 م، فهرب آخر الخلفاء العباسيين المستنصر بالله الثاني إلى مصر ومعه البردة، فكان سلاطين المماليك حين كانوا يقومون بزيارتها لا يديرون لها ظهراً، ويخرجون سائرين الى الخلف (حاشية على بانت سعاد 1 / 70، الأحكام السلطانية للماوردي 216، مآثر الإناقة في معالم الخلافة 67 ). وقال بعضهم: بل البردة التي كانت عند الخلفاء يتوارثونها شعاراً، هي البردة التي أهداها النبي صلى الله عليه وسلم لأهل أيلة لما صالحهم (السنن الكبرى للبيهقي 9 / 185، وانظر: سبل الهدى والرشاد 5 / 460، وأيلة: سماها يهود: إيلات) اشتراها منهم أبو العباس السفاح بثلاث مائة دينار. ففي قصة غزوة تبوك سنة 9 هـ أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى أهل أيلة بردة مع كتابه الذي كتب لهم أمانا لهم فاشتراها أبو العباس السفاح (عبد الله بن محمد، ت: 136 هـ أول خلفاء العباسيين) بثلاثمائة دينار، وكانت على المقتدر (الخليفة الثامن عشر من خلفاء بني العباس) حين قتل سنة 295 هـ وتلوثت بالدم، ثم أحرقها التتار عند غزوهم بغداد سنة 656هـ . كما زعموا، أنه في عام 922 هـ / 1517 م ، عندما ضم مصرَ السلطانُ العثماني سليم الأول: (تاسع سلاطين الخلافة العثمانية، ولي الحكم سنة 917هـ / 1512 م - وتوفي سنة 926 هـ / 1520 م عن خمسين عاماً)، أرسل أمير مكة وفداً يعلن قبول الحجاز بالسيادة العثمانية عليها، وأرسل مع الوفد (الأمانات المقدسة): وهي شعرات من لحية الرسول الشريفة، وسجادة صلاته، والبيرق - أي العلم النبوي-، وقوسه، وسهمه، وحدوة فرسه، وسن من أسنانه، وحجر يحمل أثر قدمه صلى الله عليه وسلم، وأحد مفاتيح الكعبة، ونسختين من القرآن الكريم كانتا لعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب؛ فأرسلها السلطان مع البردة إلى إستانبول، وخصص لها 40 فرداً لحراستها. وفي منتصف رمضان من كل عام، يقام حفل ديني عام يطلق عليه "خرقة سعادات"، في مسجد الفاتح أو "العباءة" بحي الفاتح في قصر توب كابي (الباب العالي) في إستانبول، يرتل فيه القرآن الكريم إلى ما بعد منتصف الليل ، بحضور السلطان وشيخ الإسلام (مفتي السلطنة) والصدر الأعظم وكبار رجالات الدولة، لمشاهدة البردة (خرقة شريف)، والمقتنيات النبوية الأخرى، التي حُفظت داخل المسجد في جناح مميز. والبردة (بردة السعادة) مصنوعة من الصوف الأسود، مبطنة بقماش خشن من الصوف الرمادي، وطولها 421سم. لكن المصادر التي تحدثت عن الخلفاء العباسيين في مصر لم تشر إلى وجود آثار نبوية في حوزتهم، كما أن المصادر العربية التي تحدثت عن هدية شريف مكة للسلطان، لم تشر أنها تضم آثاراً نبوية. يقول ابن إياس (محمد بن أحمد، ت: 1523 م): عندما دخلت مصر في طاعة السلطان سليم العثماني سنة 922هـ ، أعلن الشريف بركات تبعيته للسيادة العثمانية، وأرسل وفداً من أعيان الحجاز برئاسة ابنه الشريف أبي نمي إلى القاهرة لتقديم التهاني للسلطان، وبعث معه تقادِم (هدايا) فاخرة، فقبلها السلطان وحملها معه عند عودته إلى القسطنطينية (بدائع الزهور في وقائع الدهور 3 / 1102 )، كما أن المصادر المكية التي تحدثت عن أشراف مكة بكثير من التفصيل لم تشر إلى وجود آثار نبوية عندهم. ومع ذلك، فقد عُرفت هذه الآثار عند العثمانيين بـ (الأمانات المباركة) كما أسلفنا، مع أنها مشكوك في نسبتها إليه صلى الله عليه وسلم. وفي عهد السلطان أحمد خان الأول (حكم سنة 1011 هـ - 1603 م / 1062 هـ - 1617 م ، السلطان العثماني الرابع عشر) عمل للبردة عرشاً أعلى من عرشه إجلالاً لصاحبها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي عهد السلطان محمود الثاني ( السلطان الثلاثون من آل عثمان، ولي عام 1222 هـ / 1808 م وكان في الرابعة والعشرين - وتوفي سنة 1255 هـ / 1839 م ) أمر بتخصيص القصر بكامله لـ الأمانات المقدسة. وفي عهد السلطان عبدالعزيز الأول (السلطان العثماني الثاني والثلاثين ولي سنة 1861 م وخلع سنة 1876 م وتوفي بعد أربعة أيام ) كانت بوادر تمزق واهتراء قد ظهرت على البردة الشريفة فأمر بوضعها في صندوق من الذهب. وخضعت طيات العباءة للترميم الكامل منذ عام 1430 هـ / 2009 م بعد أصابتها بالبلى لتخزينها في شروط غير ملائمة، ولتعرضها للكي مرات كثيرة. ** ** ** ملاحظة جانبية: هناك بردة ثالثة أهداها الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أويس القرني (ت: 37 هـ في صفين، وهو من كبار التابعين، أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يره) تسمى البردة الشريفة، موجودة في نفس المسجد «مسجد الخرقة الشريفة» بإستانبول، ظلت لدى ورثة أويس بعد وفاته، جاء بها أحدهم وسلمها للسلطان؛ وهي صفراء اللون. وخبر بردة أويس من زيادات الرواة، قال ابن الجوزي: أطال القصاص في حديثه بما لا فائدة في الإطالة بذكره (الموضوعات 2 / 44 )، فنسبتها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم باطلة. ملاحظة أخرى للابتسامة: في زمان الخليفة المهدي (محمد بن أبي جعفر المنصور، ت: 169 هـ ثالث خلفاء الدولة العباسية) جاءه رجل وفي يده نعل ملفوف في منديل، فقال: يا أمير المؤمنين، هذه نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أهديتها لك. فقال: هاتها . فدفعها الرجل إليه، فقبَّـل باطنها وظاهرها ووضعها على عينيه، وأمر للرجل بعشرة آلاف درهم. فلما أخذها وانصرف، قال المهدي لجلسائه :أترون أني لم أعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرها فضلاًًًً عن أن يكون لبسها ! ولو كذّبناه لقال للناس: أتيت أمير المؤمنين بنعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فردَّها عليَّ، وكان من يُصدِّقه أكثر ممن يدفع خبره، إذ كان من شأن العامة ميلها إلى أشكالها !ّ والنصرة للضعيف على القوي وإن كان ظالماً ! فاشترينا لسانه وقبلنا هديته وصدَّقناه ! ورأينا الذي فعلناه أنجح وأرجح (البداية والنهاية 10 / حوادث 169 هـ). ** ** ** لمحة عن المدائح النبوية المديح النبوي هو الشعر الذي يمدح النبي صلى الله عليه وسلم بتعداد صفاته الخلقية والخلقية، وإظهار الشوق لرؤيته وزيارة قبره، والأماكن المقدسة التي ترتبط بحياته، وذكر معجزاته المادية والمعنوية، ونظم سيرته شعراً، والإشادة بغزواته. والشاعر يُظهر في هذا النوع من الشعر: تقصيره في أداء واجباته الدينية والدنيوية، وعيوبه، وزلاته، وكثرة ذنوبه، مناجياً الله بصدق وخوف، طالباًَ منه التوبة والمغفرة، وينتقل بعد ذلك إلى الرسول صلى الله عليه وسلم طامعاً في شفاعته يوم القيامة. وغالباً ما يتداخل المديح النبوي مع قصائد التصوف وقصائد المولد النبوي التي تسمى بالمَوْلديات، فهي لون من التعبير عن العواطف الدينية، وباب من الأدب الرفيع. تصدر عن قلوب مفعمة بالصدق والمحبة والوفاء والإخلاص والتضحية والانغماس في التجربة العرفانية والعشق الروحاني. ** ** تأريخ المدائح النبوية ظهر المديح النبوي مبكراً مع مولد الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال عبد المطلب جد الرسول صلى الله عليه وسلم (ت: 53 ق. هـ) إبان ولادته صلى الله عليه وسلم، مشبهاً ولادته بالضياء والنور الذي أنار الكون سعادة: وأنت لما ولدت أشرقـــــــــــت الأرض وضاءت بنورك الأفق فنحن في ذلك الضياء وفــــــي النور وسبل الرشاد نختـــــرق (الطبقات الكبرى 1 / 103 ). وشاعت بعد ذلك مع انطلاق الدعوة الإسلامية وشعر الفتوحات، إلى أن ارتبط المديح بالشعر الصوفي مع الشريف الرضي (محمد بن الحسين، ت: 406 هـ / 1015 م) وابن الفارض (عمر بن علي، ت: 632 هـ / 1234 م). لكنه لم يزدهر إلاَّ مع الشعراء المتأخرين، خاصة مع الشاعر البوصيري (شرف الدين محمد بن سعيد، ت: 696 هـ / 1296 م) في القرن السابع الهجري، وعارضه كثير من الشعراء الذين عاصروه أو الذين أتوا بعده. وكان للمغاربة والأندلسيين باع كبير في المدائح النبوي منذ الدولة المرينية (591 هـ - 869 هـ / 1194 م - 1464 م). وهناك من يذهب إلى أن هذا المديح فن مستحدث لم يظهر إلا مع البوصيري وابن دقيق العيد (محمد بن علي القشيري، ت: 702 هـ / 1302 م)، وما سبقهما هو إرهاصات أولى لظهوره، وهذا هو الصواب الصحيح. فالبوصيري بالفعل هو من المؤسسين الفعليين لقصيدة المدح النبوية والقصيدة المولدية. يقول في قصيدته الميمية الرائعة، وكانت علة شديدة أصابته، لم ينفع معها علاج، فأنشد رسول الله صلى الله عليه وسلم قصيدته في المنام، فخلع عليه الرسول بردته الشريفة ومسح على جسده فعوفي لوقته: أمن تذكر جيــــــران بذي سلم مزجت دمعا جرى من مقلــــة بـــدم أم هبت الريح من تلقاء كاظمة وأومض البرق في الظلماء من أضم وهي قصيدة طويلة تبلغ 160 بيتاً (ديوان البوصيري، ط: 1953 م)، وذو سلم: بلدة قرب جدة. وكاظمة: شمال غرب مدينة الكويت على بعد 40 كم. وأضم: جنوب غرب الطائف، تتبع إمارة منطقة مكة المكرمة. يأسى الشاعر على فراق محبوبته وقد حالت بينهما مسافات بعيدة، فهو في الكويت وأحبابه نأت الأرض بهم. وقد عارض قصيدته كثير من القدامى والمحدثين والمعاصرين، أهمهم ابن جابر الأندلسي (محمد بن أحمد، ت: 780 هـ / 1378 م) في ميميته التي استعمل فيها المحسنات البديعية بكثرة، ومطلعها: بطيبة انزل ويمم سيـــد الأمـــــــــم وانشر له المدح وانثر أطيب الكلـم ( شرح الحلة السيرا في مدح خير الورى، وتسمى بديعية العميان، وانظر: العين في مدح سيد الكونين: مخطوط). وابن حجة الحموي (أبو بكر بن علي، ت: 837 هـ / 1433 م) اشتهر بميميته: شدت بكم العشاق لما ترنمــوا فغنوا وقد طاب المقام وزمزم (خزانة الأدب وغاية الأرب، ط: عصام شعيتو). فحذا أهل المغرب نحو ذلك، ومن أهم شعرائهم الذين اشتهروا بالمديح النبوي ابن المرحِّل (مالك بن عبد الرحمن السبتي، ت: 699 هـ / 1300 م) في ميميته المشهورة التي يعارض فيها قصيدة البوصيري الميمية: شوق كما رفعت نار على علم تشب بين فروع الضال والسلم (ذكريات مشاهير المغرب / الرسالة الثامنة: عبد الله كنون). والشاعر السعدي عبد العزيز بن عمر الفشتالي - وفشتالة بكسر الفاء: قبيلة من صنهاجة، تقطن شمال غرب فاس - (ت: 956 هـ / 1032 م)، يقول: محمد خير العالميــن بأســرهــــــــا وسيد أهل الأرض م الإنس والجان (ديوانه). أما القاضي عياض (بن موسى اليحصبي، ت: 544 هـ / 1149 م) فألف قصائد أغلبها في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم والتشوق إلى الديار. واهتم لسان الدين بن الخطيب (محمد بن عبد الله، ت: 776 هـ / 1374 م) بالمديح النبوي وذكر الأماكن المقدسة. ومن الشعراء الذين برعوا في المديح النبوي في العصر الحديث: محمود سامي البارودي (ت:1321 هـ / 1904 م) يقول من قصيدته كشف الغمة في مدح سيد الأمة، وعدد أبياتها 447 بيتاًًًًًًًًًًًًًًًً: يا رائد البرق يمم دارة العلــــــم واحد الغمام على حي بذي سلم وأحمد شوقي ( ت: 1350 هـ / 1932 م ) يقول في همزيته الرائعة: ولد الهدى فالكائنات ضيــاء وفي فم الزمــان تبسم وثناء ويقول في مولديته البائية: سلوا قلبي غداة سلا وتابا لعل على الحـال له عتابا وفي قصيدته الميمية التي عارض فيها قصيدة البردة للبوصيري: ريم على القاع بين البان والعلــــم أحل سفك دمي في الأشهر الحرم وحافظ إبراهيم (ت: 1350 هـ / 1932 م)، والشيخ أحمد محمد الحملاوي (ت:1346 هـ / 1928 م) في" منهاج البردة" ومطلعها: يا غافر الذنب من جود ومن كرم وقابل التوب من جان ومجتــــرم وينفرد الشاعر أحمد محرم (ت: 1364 هـ / 1945 م) من بين شعراء العصر بتطويره لهذا الفن إلى ملاحم تحكى سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وتتغنى بأخلاقه ومناقبه وجهاده في نشر الدعوة الإسلامية. ** ** ** وقد حظيت القصائد الثلاث التي نظمها الشعراء كعب بن زهير والإمام البوصيري وأحمد شوقي بمكانة طيبة بين قصائد المدح لسيد المرسلين عليه الصلاة والسلام، وجمع بين هذه القصائد خط فكري يكاد يكون واحداً، انطلق من التسمية التي صارت علماً عليها، فعرفت قصيدة كعب بالبردة، ومن بعده كانت بردة البوصيري، ثم جاءت نهج البردة لأمير الشعراء. ونالت البردة الخلود والشهرة في العالم الإسلامي، واحتلت مكانة أدبية فريدة في الأدب العربي وفي الآداب العالمية، فترجمت إلى عدة لغات كالفرنسية والألمانية والإنجليزية بالإضافة إلى الهندية والفارسية وغيرها، وتأثر كثير من شعراء هذه الدول بقصيدة البردة والشعر الصوفي، خاصة الشاعر محمد إقبال في قصائده الأولى. |
رد: قصة البردة
[align=justify]أستاذنا القدير منذر هذه المرة وجدتُ المدينة مشعّة أكثر..دافئة أكثر..ألأنّها ضمّت في رياضها أنسام البردة؟؟!! ربّما...شكرا لك على هذه السياحة التأريخية التوثيقية لبردة شغلتنا كثيرا...مودتي وتقديري..[/align]
|
رد: قصة البردة
لا أدري كيف أصف لك مدى استمتاعي بهذه النبذة التاريخية عن البردة .
أخي الغالي منذر .. سأنصب خيمتي عند باب مدينتك لأنهل من نبعها الزلال . دمت بكل الحب الأخوي اللائق بك . |
رد: قصة البردة
الأديب الغالي منذر أبو شعر نفحات نبوية مشعة ببردة .. نور الهدى وخير الأنام المجتبى
ملأت قلوبنا ... اطمئنانا وحبورا وملأت عقولنا ... فائدة وعلما احترامي وتقديري . |
رد: قصة البردة
[align=justify] الشاعر الحر أخي الأديب محمد الصالح الجزائري صوت الجزائر:
أمير أناقة الحرف الجميل، أخي الأديب رشيد الميموني: أستاذة فضاءات الحداثة، ورقيق غافي الشعر، أغنية المغرب العربي، الدكتورة رجاء بنحيدا: اليوم أيقنت أن من الكلام ما يسكر، بل منه ما له وقع السحر.. فهو يشحذ همة، ويوقظ هاجعاً، وينعش عليلاً. فالشكر كل الشكر، لطيب رقة صحبتكم، وثراؤها وأبعاد جمال متعتها، ونبقى معاً إن شاء الله، نفتح نوافذ أخرى. [/align][align=justify][/align] |
الساعة الآن 58 : 08 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية