منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   المقــالـة الأدبية (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=62)
-   -   (( ضعوا العنوان المناسب ! )) (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=28578)

رأفت العزي 20 / 01 / 2015 55 : 04 AM

(( ضعوا العنوان المناسب ! ))
 


كان الوقت حالك الظلمة وشديد البرودة عندما كنا نقوم بالانتقال من قرية عرنة السورية إلى بلدة شبعا اللبنانية عبر ممرات حادة ووعرة في جبل الشيخ .. فعرنة قائمة على السفح الشرقي وشبعا على السفح الغربي من الجبل الشامخ المغطاة قممه بالثلوج معظم أيام السنة .. زلقت رجل أحد المقاتلين حينما مرّ فوق صخرة كبيرة وصرخ من الم حاد أصابه وكاد بصوته العالي يكشف موقعنا فالمرصد الإسرائيلي في المرتفع المقابل لا يبعد عنا هوائيا أكثر من مئتي متر لا أكثر .. اكتشفنا بعد قليل أن صرخة رفيقنا لم تأتي عبثا بل وجدنا أن إحدى رجليته كسرت والألم يجتاج مع الصقيع جسده الذي كان ينوء بحمل ثقيل سلاحه وعتادة والكثير من ذخيرة البنادق التي كان يحتاجها المقاتلون وبعض علب السردين " ومطرة " المياه .. كان عددنا يزيد عن ثمانون " فدائيا " وقد مضى على مسيرنا 5ساعات وأصبحنا على منحدر السفح الغربي للجبل الذي يعلو عن سطح البحر حوالي ثلاثة آلاف متر إلا قليلا ولا يفصلنا عن شبعا سوى مسير ساعتين، ويجب علينا الوصول اليها قبل اختفاء العتمة التي في ظلها بعض الذئاب الجائعة كانت تركض أعلى وأسفل وتقترب منا دون خشية من نار قد نطلقها وكأنها كانت تعلم أن ذلك ليس باستطاعتنا فعله .. رفيقنا المكسور كان متوسط الوزن مع ذلك وجدنا صعوبة في نقله فالطريق وعر وضيق والخشية من الانزلاق به يعني مزيدا من العظام المهشمة ولربما جلبت رائحة الدم النازف جميع ذئاب جبل الشيخ ولربما ذئاب الجولان والجليل المثلث الرابط بين فلسطين سوريا ولبنان ..!

بلغنا أخيرا مشارف البلدة الوادعة وكان علينا الانتظار حتى يأتي أحد الأشخاص " المندوبين " فأخذنا عبر الطرقات التي لا يكون فيها وجودا للجيش اللبناني ثم سلمنا إلى شخص آخر اكمل بنا الطريق إلى بلدة " كفر شوبا " التي كانت أول بلدة لبنانية يتموضع فيها الفدائيون الفلسطينيون القادمين من وراء الحدود وبالتعاون مع أهلها المناضلين!
48 ساعة لم نذق فيها طعم النوم وبلغ منا الجوع مبلغا فاقترح علينا " الدليل " أخذ قسط من الراحة خصوصا وان الشمس التي سطعت أدفأتنا!
كنت واحدا من اثين من أصل المجموعة من سكان لبنان .. حين سالنا " الدليل " تحفظنا معتقدين بأن البوح هو كشف للأسرار لكنه لم يجد صعوبة في معرفته بشخصيتي وأني من لبنان بالرغم من محاولتي التحدث اليه بلهجة اردنية .. تغيرت قسمات وجهه عندما سمع الرجل المصاب يسأله وهو يتألم : ما الذي جعلك تعيش مخاطرة شخصية تتعاون فيها مع " الفدائيين " وما الذي تجنيه انت من تعبك ، بل ماذا تجني البلدات التي تستقبلنا وتأويينا ، أليس خطرا يهددك ويهددهم .. آه .. ما الذي أتى بي أنا إلى هنا ؟!
قال اسمع يا رفيق :

العدو الذي يحتل ارضك يحتل اليوم قد يحتل أرضي غدا أنا اليوم اساعدك ورب يوم يأتي سوف تساعدني فنحن أخوة وذات مصير واحد. فشعر الكثير منا حينذاك بالخجل

تذكرته اليوم فولده قضى البارحة شهيدا مع الشهداء على الأرض التي آمن ابوه بأنها أرض واحدة وأن القضية هي قضية واحدة .

هضاب الجنوب وجباله رويت بعدها بدم الشهداء من مختلف الجنسيات العربية .. المغربي الجزائري التونسي اليمني والحجازي، العراقي والسوداني والمصري والكويتي ومات على أرضه إلى جانب اللبنانيين آلاف الفلسطينيون وآلاف السوريون كانوا يؤمنون بأن القضية واحدة والمصير واحد ونبع الشهداء لا ينضب وفورة الدم الزكي لا تتوقف فهنيئا لأمة تؤمن بالشهادة وتميز ما بين الشهادة والانتحار ، طوبى للشهداء أكرمهم الله ولم يُكرمنا وهو أكرم الأكرمين .. وطوبى للذين ما زالوا منذ ذاك الزمن الذي بدأ من العام 1967 يؤمنون بالقضية الواحدة وما اكثرهم .
والرحمة للشهداء الذين يواجهون العدو الإسرائيلي وعملاءه المقنعين .

زين العابدين إبراهيم 20 / 01 / 2015 07 : 10 AM

رد: (( ضعوا العنوان المناسب ! ))
 
شكرا لك أيها الكاتب
بما أن المقال ذكرني بأحداث الرواية الشهيرة للكاتب الكبير حنا مينة حيث المكان جبل الشيخ
أرجح أن يكون العنوان:
ا
المرصد/2
وليس 4 حتى لايأخذنا البعض بجريرة الرقم
ولك الود والإحترام والتقدير أيها الكاتب الصديق

رأفت العزي 20 / 01 / 2015 12 : 11 PM

رد: (( ضعوا العنوان المناسب ! ))
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زين العابدين إبراهيم (المشاركة 202817)
شكرا لك أيها الكاتب
بما أن المقال ذكرني بأحداث الرواية الشهيرة للكاتب الكبير حنا مينة حيث المكان جبل الشيخ
أرجح أن يكون العنوان:
ا
المرصد/2
وليس 4 حتى لايأخذنا البعض بجريرة الرقم
ولك الود والإحترام والتقدير أيها الكاتب الصديق


الأخ العزيز الأستاذ زين العابدين عليك السلام وررحمة الله وبركاته
كل ومضة نور في وسط الظلمة تدفع السائرين إلىى الأمام خطوة
وكل تصويب لمسيرة الصراع تقلل من حجم الأخطاء وتزيد من فرصة تحقيق الهدف
ما دفع الأديب الرائع حنا مينا إلى روايته تلك هو حجم التضحيات التي بذلت في ملحمة الجولان عام 1973
كما دفعتني ضحايا القنيطرة إلى خربشة ومضة من ذكريات مرحلة كنت فيها هناك لسنوات .

الشكر سيدي والاحترام والتقدير ومحبتي التي سبقت لك والف تحية

Arouba Shankan 20 / 01 / 2015 35 : 11 PM

رد: (( ضعوا العنوان المناسب ! ))
 
وفي الغالب خُلاصة التجارب وتراكم القراءات يكون نتاج حكاية مؤثرة
نص جميل لحكاية اجمل حزينة ومهيبة

فوق ثرى الجولان دُثرت مئات الحكايا التي تنتظر النبش لسردها
ضحايا القُنيطرة جزء تلك الحكايات

مرقدهم الشمس
شكرا لكم ا.رأفت
تحيتي

فاطمة البشر 22 / 01 / 2015 43 : 11 AM

رد: (( ضعوا العنوان المناسب ! ))
 

المقاومين والفدائيين مهما اختلفت جنسياتهم فلهم أصل واحد ، ويدافعون عن قضية واحدة ...
وكل الشهداء واحد ... و قصصهم - وإن كانت حزينة - نحبها ونعشق الإصرار فيها ..
فلتكن بلا عنوان ؛ فالعناوين مضللة ...
ودي ووردي أ. رأفت العزي

رأفت العزي 25 / 01 / 2015 54 : 01 AM

رد: (( ضعوا العنوان المناسب ! ))
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة arouba shankan (المشاركة 202835)
وفي الغالب خُلاصة التجارب وتراكم القراءات يكون نتاج حكاية مؤثرة
نص جميل لحكاية اجمل حزينة ومهيبة

فوق ثرى الجولان دُثرت مئات الحكايا التي تنتظر النبش لسردها
ضحايا القُنيطرة جزء تلك الحكايات

مرقدهم الشمس
شكرا لكم ا.رأفت
تحيتي



أصواتهم كصوت الرياح ..موسيقى يعزفها تعرج خطاويهم فوق تراب الأرض التي عشقوا
هم أفق واسع ..يمتد له النظر بلا حدود يا سيدتي .. وحكايات مكتوبة بالدم لا نعرفها ، لا يفك اسرارها
إلا من يماثلهم في الرؤية من اعالى الكون

لك كل التحية والاحترام

رأفت العزي 26 / 01 / 2015 59 : 01 AM

رد: (( ضعوا العنوان المناسب ! ))
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة البشر (المشاركة 202899)

المقاومين والفدائيين مهما اختلفت جنسياتهم فلهم أصل واحد ، ويدافعون عن قضية واحدة ...
وكل الشهداء واحد ... و قصصهم - وإن كانت حزينة - نحبها ونعشق الإصرار فيها ..
فلتكن بلا عنوان ؛ فالعناوين مضللة ...
ودي ووردي أ. رأفت العزي



يا ابنة من عرفنا فيهم العزم والقدرة بلا حدود .. يا ابنة ارض مرّغت بترابها أنف الأعداء من الجنود
يا ابنة ارض حجارتها صارت متفجرات سخرت من أطنان الحديد واوقفت تروس جنازيرها التي عجزت
عن الدخول بالرغم من قنابلهم التي قتلت في كل بيت حتى الورود

صدقت يا ابنتي فالعناوين بالفعل مضللة التحية لك كل الاحترام والتقدير والمحبة


الساعة الآن 42 : 12 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية