منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   الصحافة و الإعلام (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=3)
-   -   رحيل شاعر موريتانيا الدكتور محمد ولد عبدي (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=28584)

زين العابدين إبراهيم 21 / 01 / 2015 21 : 07 PM

رحيل شاعر موريتانيا الدكتور محمد ولد عبدي
 
توفي الشاعر الموريتاني الكبير محمد ولد عبدي بعد صراع مع المرض، وعانى الشاعر (50 عاما) من مرض عضال لم ينفع معه علاج، قاومه بإيمان صادق وأمل كبير في العلاج، إلى أن أسلم الروح إلى بارئها وهو في عز عطائه الأدبي والفكري.


الأرض السائبة(*)

محمد بن عبدي
الثلثاء 31 آذار (مارس) 2009

والأرضُ للطوفان مشتاقةٌ

لعلّها من درنٍ تُغسلُ

«المعـــري»

تتحرّك الأعصابُ

ينفتح القصيدْ

تتساقط اللعناتُ من شفتي

أُحدّق في مرايا الحلمِ والآتي البعيدْ

فأرى سنابلَ باسقاتِ الطلعِ تأكلها عجافْ

وأرى ظلالَ الأرضِ في قعر الجفافْ

حشداً من البشر المكفّنِ بالقصصْ/ جثثاً

هياكلَ تنتن الأجداثُ من أفواهها

ليلاً تَساقطُ في أُخَرْ

وعلى مسافة ألفِ قيدٍ من هنا جثم السرابْ

شبحٌ على أكتافه تلد الكلابْ

غولٌ على تمثاله رُسِم الركابْ

في صدره غُرِستْ دواةُ مِدادها يشفي الصحيحْ

مِنْ فيه تخرج تمتماتٌ خارقه

ويقول للصحراء كُوني جنّةً

للناس كونوا سجّداً

فالحرفُ بالسرّ الدفينْ

ويقول إن البغل صخرٌ لا يلينْ

والموتُ كالشاي المنعنع في الشتاءْ

جثم السرابْ

جثم السرابْ

في مهمهٍ حُشِر العبادُ بساحةٍ

وامتدّتِ الأعناقُ عصراً كاملاً

للجبن والسيف المفلّل والرُّقى

وتضجّعتْ «شُرْبُبُّ»(1) فوق حصيرها تحكي عن الزمن الزنيمِ :

كان يا ما كانَ

من أدراكمُ النصرَ الأليمْ

سأقول ما علمتْ به نفسي

أصارحكم جميعاً يا صغارُ

كان يا ما كان أنْ ثار الركابْ

وتدفّق الحبرُ البريء على الترابْ

وتشرّدَ الخلقُ المزنّم في الهضابْ

زُجّتْ رقابْ

فاض السرابْ

وتحالف السيفُ المغفّر بالرُّقى

كي يُقبرَ الأحياءُ في لحد الخرافةِ والشقا

تلك الحقائقُ يا صغارْ

وتململتْ فوق الحصير وتابعتْ:

للنصر أيامٌ تُصانْ

للحرب أسماءٌ حسانْ

ها إنّ يومي مثلُ يومكمُ طويلْ

ألهاكُمُ القصصُ الخرافيُّ اللعينْ

ألهاكُمُ الزُّورُ المطرّز بالسرابْ

جثم السرابْ

جثم السرابْ

وتسلّح الماضي وعسكر في الطريقْ

وأتى المدينةَ فوق أكتافِ الصغارْ

نعشٌ على جنباته كُتِب الأملْ

طاف الشوارعَ لا مشيّعَ لا بكاءْ

حتى العجائزُ كنَّ يغزلنَ المسوحْ

ففرحنَ باليوم السعيدِ على السرابْ

وبدأن يرقصنَ الدوائرَ في اليبابْ

جثم السرابْ

جثم السرابْ

إني أُحدّق في ظلال الرملِ والأرض الخرابْ

فأرى المُدى فوق الرقابْ

وأرى الرُّقى تعد الموالي بالعذاب وبالدمارْ

فيشيع في النفس السرابْ

ويُقدَّم القربانُ من أجل النعاجْ

ويُقدَّم القربانُ من أجل العلاجْ

وأرى الـمُزنَّمَ من عباد اللهِ في وَحْل «الوسيط»(1)

كومٌ وأكداس كأمواج المحيطْ

تتفجّر الصفحاتُ من كل اللغاتْويُصنَّف الأحياءُ في كلّ البلادْ

فمن الزواحف في المكانِ

إلى السوائم في الحضرْ

وعلى امتداد الرمل تلقى ها هنا

مليونَ «سامورٍ»(1) يتاجر بالبشرْ

يتآكل الأحياءُ والأموات في هذا السرابْ

أرض تُمانع بالنصابْ

تتراكم الأيامُ في أفكارها

عجزاً

يساقيها الرِّيا

جهلاً

وتسكر بالجنونْ

وعلى امتداد الرملِ في اليوم الحرونْ

ساد الضبابُ على الرؤى

جثم السرابْ

أبصرتُ في ليلي قدومي من عصور التيهِ

يركبه البشرْ

وَهْماً

حطامَ مدينةٍ

وقوافلاً ضلّتْ طريقَ الحجِّ في ليل السرابْ

غادرتُ نفسي وانتظرتُ لعلني أجد الخبرْ

طلع الرُّبا رجلٌ يُحيق به الزمنْ

من أنتَ يا هذا؟

أنا ابنُ بطوطةَ الثاني

أنا «البكريُّ»(1) آتٍ من «ولاتة»(2) أحملُ

الأحقابْ

أبحث عن عصورٍ قيل داهمها السرابْ

حقاً أداهمكم سرابْ ؟

ولقد سمعتُ بأنه بعدي «مسيلمةُ» ادّعى سِفْراً

جديدْ

وسمعتُ من أفواهكم زُوراً عنيدْ

أسماءَ شتّى للرقابْ

بهتانَ أيامٍ سرابْ

فاض السرابُ عليكمُ بعدي وغرّكُمُ الغرورْ

وخلقتُم «البسوسَ» من "شُرببّكم"

كي تُغرقوا الأطفالَ في بحر السرابْ

شيدّتُمُ الأيامَ في أذهانكم

زُوراً

وعشتم كالغرابْ

وحملتُمُ الأسفارَ فوق ظهوركم

عصراً

وما هُدِم «الضرارْ»(3)

ها إنني آتٍ إليكم سوف أكشف للستارْ

إني أنبّئكم بما تحت المحارْ

وتردّدتْ شفتايَ

يا «بكريُّ» هل لي من كلامْ ؟

لأقولَ إن الناس غيرّتِ الربوعْ

«شنقيطُ» ما عادت ربوعَ الحيِّ

يا «بكريُّ»

إن الناسَ غاصوا في السرابْ

منهم إليهم قادمٌ

ودعوتُهم ليلاً نهارْ

واستكبروا

لكنني أعلنتُ قولي في الجهارْ

واستنكروا

قال انتبهْ... وتحرّكتْ أعصابُهُ

لا يا بنيَّ ويا أنا

إني وربي سوف أقتلع القناعْ

ولسوف آتيكم بآيٍ في رقاعْ

وستبهتون إذا حملتُ لكم توابيتَ الزمنْ

فيها بقيّةُ ما تركتم من متاعْ

لا يا أنا

إنا سنقتحم السرابْ

لنزيحَ أضغاثَ الخرافةِ والقصصْ

ونرجّ غولَ الوهمِ والزمن الزنيمْ

سيمور هذا الرملُ من كل الجهاتْ

تُدميه قارعةُ البشرْ

تسقيه آزفةُ المطرْ .

منقول عن موقع اتحاد الكتاب و الشعراء الموريتانيين

رحم الله اشاعر الدكتور/ محمد ولد عبدي


الساعة الآن 55 : 07 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية