منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   المقــالـة الأدبية (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=62)
-   -   'الآنسة جولي' فيلم يقع في منطقة وسطى بين المسرح والسينما--نصيرة تختوخ (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=28944)

نصيرة تختوخ 21 / 03 / 2015 29 : 10 PM

'الآنسة جولي' فيلم يقع في منطقة وسطى بين المسرح والسينما--نصيرة تختوخ
 
فيلم 'الآنسة جولي' تطلب أداء خاصا من البطلة جيسيكا شاستين وزميلها كولين فارل لنقل تعقيدات العمق الإنساني منها إلى المسموع والمرئي.
العرب نصيرة تختوخ [نُشر في جريدة العرب اللندنية20/03/2015، العدد: 9862، ص(16)]
http://store2.up-00.com/2015-03/1426962565831.jpg
'الآنسة جولي' يمزج الحقد والرغبة بالسذاجة والضعف
أن يتمّ إخراج فيلم بطيء الإيقاع تدور معظم أحداثه بين بضع حجرات وثلاث شخصيات، لا شك أنه تحد كبير في عصر يستسلم فيه المتلقي بشكل يومي لسرعة تلاحق المشاهد والأحداث وكثرتها.
لكن على ما يبدو أن مخرجة فيلم ”الآنسة جولي” النرويجية ليف أولمان، تجاوزت الانشغال بالإيقاع إلى توظيف فن وقوّة المسرح في السينما، لتقدّم عملا يمكن القول أنّه يقع في منطقة وسطى بين الفنين.
قصة فيلم ”الآنسة جولي” للمخرجة النرويجية ليف أولمان مستوحاة من مؤلف الكاتب المسرحي السويدي الشهير أوغست ستريندبرغ الذي يحمل الاسم نفسه، وقد تطلبت أداء خاصا من البطلة جيسيكا شاستين (جولي) وزميلها الوسيم كولين فارل (خادمها جون) لنقل تعقيدات العمق الإنساني منها إلى المسموع والمرئي.

وفي المقابل إن بدت سامانثا مورتون (الخادمة) أقلّ ظهورا من الاثنين في الفيلم، فإن حجم دورها بدا كبيرا بقدرتها على إظهار سمات إنسانية تجمع بين الضعف والقوة كالخضوع والطاعة مع الوفاء للقناعات والمبادئ.
قد ينتبه سريعا إلى اللمسة الأدبية في السيناريو، مما يجعل عبارات تعلق في ذهنه وأخرى تقربه من معاناة الشخصية المتحدثة.
تبوح جولي ابنة البارون للخادم جون فتقول مثلا ”لسنا إلاّ رغوة تطفو على الماء حتى نغرق”، ويعبر هو عن الاختلاف والفرق الطبقي بينهما قائلا ”أنتم مثل الصقور المحلقة دوما عاليا في السماء، لكي لا تنكشف ظهورهم إلاّ نادرا”.
عدم التوافق الطبقيّ ليس إلاّ جزءا من أزمة الآنسة جولي، التي تبدو في بداية الفيلم تهوى التسلط وإصدار الأوامر واستصغار من هم أدنى منها طبقيا، وينكشف مع تقدّم ليلة الفيلم الصيفية، رهفها وضعف المرأة الطفلة بداخلها.
فخلف محاولاتها لإذلال جون بالغواية وتلذذها بإهانته أمور تتجاوز الاستعلاء الطبقي، أو الحبّ الجارف المتضارب مع الواقع إلى تراكم نفسيّ، حوّلها إلى امرأة لا تلبث أن تصير فريسة يلفها اليأس.
جولي الأوروبية في ثمانينات القرن التاسع عشر، مثل فتيات كثيرات في قارات أخرى في القرن الحادي والعشرين، تحمل شرف عائلتها وديعة، يقابل ضياعها ضياعا كبيرا ينفتح على مصراعيه في قصر البارون، بعد أن تلتبس الأمور بين البطلين، فيمتزج الحقد والرغبة بالسذاجة والضعف.
ويمكن القول إن الحبّ الحاضر كحلم ورديّ، قد تتمنى البطلة الرقيقة الاحتماء به، قد تشكّل في معسول الكلام، لكنّه سرعان ما ذوى لتظهر وجوه الحقيقة الأكثر قسوة.
جولي التي لم ترفق بكلبتها كما فعلت الخادمة سامانثا، تبدو معادلة لها في ضعفها الأنثويّ، تتجاوز منهكة تعبا وسُكرا وخوفا في نهاية الفيلم أسوار القصر، وتعيد المُشاهد إلى الطبيعة السمحة التي استقبلته في افتتاحية الفيلم. ترافق الماء والأزهار في صنع لوحة ختامية ليكرم أكثر من فن في صورة، وينضاف إلى رصيد السينما عمل جديد يشهد انفتاحا للحديث على القديم.



الساعة الآن 20 : 01 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية