منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   المقــالـة الأدبية (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=62)
-   -   عن قصيدة 'صياح البط البريّ' لبدر شاكر السياب--نصيرة تختوخ (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=29550)

نصيرة تختوخ 10 / 10 / 2015 10 : 12 AM

عن قصيدة 'صياح البط البريّ' لبدر شاكر السياب--نصيرة تختوخ
 
بدايةً حدث أن امتص الغياب العالم فلم يبقَ غير الظلام والفراغ، يمكن كنس كل شيء من الغمامة الكبيرة التي تحبسها جمجمة القارئ وكبح أيّ سؤال حول إحداثيات العدم، الاستسلام للانتظار هو المبادرة الموالية وماأن تنجح حتّى يصيح الدّيك، صوته إشارة انبعاث الزّمن والعُمران ومايسترو النّور. هُوَأوّل الحاضرين أو أوّل الباقين في الأبدية ومن ثمّ الثِّقة في الاستمرار كما يأتي معه.
ستقف أُطر الأبواب، وتنمو البيوت دفعة واحدة. تصلُ وعيها وتكشف بشبابيكها مبايعتها للحياة. وما الحقول أقلّ عزمًا ولاهي إن نوديت لا تستجيب؛ تعرف كيف تطوي المسافة وتقترب، تَتَابع فيها الأشجار حتى تقف آخر واحدة عارضة نفسها وفي أحضانها الثّمر. الوقت تفصيلٌ متحرك وعندما يبلغ الضحى تكون حالاتٌ كثيرة مفضوحة بيُبسها وضعفها وعطشها.عادت في النهار الآخر بهشاشتها ، في جذورها أمل يتوسّل. بعيدًا عنه ــ من أجله شموعٌ تدفع جسدها قربانًا كي لاينطفئ.
كلّ ما سبق هيّأه بدر شاكر السّياب بعناية وعرفانٍ فيه تبادل التأثير والتأثّر بين الكائنات وتموج وتواصل أشكال الحياة.
سرده بالمَشَاهِدِ الشعرية لاخُرَافة فيه ولا مخلوقات ماورائية؛ تنسكب أحداثه كما الحليب في لوحة يوهانس فيرمير، نرى الفتاة تسكبه ويبقى العجب، كيف أوقف الرسام الزمن في حركة الحليب وكيف دحرج الشاعر الزمن والحركة والصوت كوِحْدَةٍ منسجمة؟
http://store1.up-00.com/2015-10/144441985331.jpg
*الفتاة التي تسكب الحليب ليوهانس فيرمير
لقد كان واقعيًّا ومافعله بالكلمات أَنْ جَعَلَها متناسقة مع رهفه والدرجة التي بلغها فجعلته من فئة الإنسان المهدّد بحوَّاسه. حين يحرّر صياح البطّ ويطوي فيه رسالته الأذكى من الغبن والفشل، الأحنَّ على البتلة الآملة، يبقى منسجما مع الطبيعة ذاتها يزيدها فقط مايشهد له بالاستثناء.يعود إلى الطير بجِدَّة مع فصيلة كان يمكنها أن توجد لتساهم في جمال القصيدة فقط لكنّه أحدثها وكلّفها.
'' ستمطر '' تُصبح إرهاصا نقرأه في صياح البطّ. مايحدث بعد أن تشرب القصبة والختمية والعشبة، التي لا يميزها اسم، يقع بعد القصيدة. في زمن القصيدة قدّم لنا الشاعر وعد الحدوث واستبصار البطّ كأمْرٍ أهم انحازت به القصيدة نحو المستقبل وبه لمسنا قوّة إبداعه أكثر. وإن كان الشاعر صعد إلى منصة الفنّ من أوّل بيت في القصيدة فإنّه في أواخرها مع صياح البطّ يلّح على انتمائه للأوفياء للرقّة، من يستوعبون العاديّ كطوفان هائل ويُخرجون الاستثنائيّ من وحي بعضه.
Nassira 10-6-2015
*'صياح البط البري''.
صياح البط البري
و ذرّى سكون الصباح الطويل
هتافٌ من الديكِ لا يصدأُ
وهزّ الصدى سعفات النخيل
وأشرق شباكنا المطفأ .
هتافٌ سمعناهُ منذ الصغر
سمعناهُ حتى نموت
يمرُّ على عتباتِ البيوت
فيرسم أبوابها و الحُجَر
ولا يهدأُ
إلى أن تسير الحقول
إلينا فنقطف منها الثمر
وعند الضحى و انسكاب السماء
على الطينِ و العشبة اليابسة،
يشقُّ إلينا غصون الهواء
صياحٌ ، بكاءٌ ، غناءٌ ، نداء
يبشر شطآننا اليائسة
بأن المطر
على مهمه الريح مدّ القلوع
هو البطُّ .. فلتهنأي يا شموع
بموتٍ بهِ تعرفين الحياة
بهِ تعرفين ابتسامَ الدموع
نذوراً تذوبين ، للأولياء .
صياحٌ .. كأن الصياح
ينشّر مما انطوى من رياح ،
سهولا وراء السهول
أزاهيرها في الدجى من نباح
وعند النهار خزامى لقاح
وختمية ما لها من ذبول
ينشّر في شاطئ مشمس
من القصب الكثّ غابًا له عذبات تطول.
صياح كأجراس ماء ..
كأجراس حقلٍ من النرجس
يدندن و الشمس تصغي، يقول
بأن المطر
سيهطل قبل انطواء الجناح
وقبل انتهاء السفر …
بدر شاكر السياب

د. رجاء بنحيدا 12 / 10 / 2015 07 : 04 AM

رد: عن قصيدة 'صياح البط البريّ' لبدر شاكر السياب--نصيرة تختوخ
 
سرده بالمَشَاهِدِ الشعرية لاخُرَافة فيه ولا مخلوقات ماورائية؛ تنسكب أحداثه كما الحليب في لوحة يوهانس فيرمير، نرى الفتاة تسكبه ويبقى العجب، كيف أوقف الرسام الزمن في حركة الحليب وكيف دحرج الشاعر الزمن والحركة والصوت كوِحْدَةٍ منسجمة؟
تشبيه فيه تمكن .. وإبداع آخر يضاهي إبداع الرسام يوهانس فيرمر في لوحته
والشاعر بدر شاكر السياب في قصيدته
الأديبة نصيرة .. دمت مختلفة بأسلوبك المتميز.

نصيرة تختوخ 12 / 10 / 2015 43 : 01 PM

رد: عن قصيدة 'صياح البط البريّ' لبدر شاكر السياب--نصيرة تختوخ
 
شهادة أعتز بها د.رجاء.
دمت وأطيب الأمنيات مني لك.

محمد الصالح الجزائري 18 / 10 / 2015 16 : 10 PM

رد: عن قصيدة 'صياح البط البريّ' لبدر شاكر السياب--نصيرة تختوخ
 
[align=justify]الأخت الغالية الأديبة نصيرة..كيف فاتتني هذة السياحة العجيبة في شعر من يدهشني دائما كلما قرأته!!! شكرا لأنك أحييتِ في وجدان أخيك الشاعر جذوة كادت تخمد من أمد..[/align]

نصيرة تختوخ 19 / 10 / 2015 38 : 11 AM

رد: عن قصيدة 'صياح البط البريّ' لبدر شاكر السياب--نصيرة تختوخ
 
يسعدني اطلاعك أستاذ محمد الصالح.
دمت ودام الأدب يجمعنا.


الساعة الآن 37 : 05 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية