![]() |
الحــــزن الجـــــاف
الحــــزن الجـــــاف قطع الطريق فجأة وبسرعة حيوان لم يتبين ما هو، فانقطع تفكيره ، وأعادته الحركة إلى الواقع ، خفق قلبه بشدة وازداد خفقانا عندما رأى شاحنة قادمة بسرعة في مواجهته ، انحرف إلى اليمين وسمع منبه الشاحنة يدوي معاتبا إياه . أوقف السيارة ، فتح نوافذها الأمامية عن آخرها وأخذ نفسا عميقا غير مبال بنظرات الفضوليين الكثيرين الذين يخترقونه بها ، يلتفت إلى المقعد الخلفي ، إلى تلك المرأة الممدة هناك وصدرها يعلو ويهبط بسرعة ، وصوتها المتقطع يبعث رسائل تعبر عما بداخلها من ألم ، فيحس برغبة في البكاء ، وفعلا تتقدم دمعة إلى حافة جفنه تريد الانحدار فيبادرها بظاهر اليد ليمحوها ، فالدموع عنده نذير شؤم لذلك لا يسمح لها بالوصول إلى أي مكان من وجهه - حسب قوله – فإذا كادت تغلبه يدركها على حافة الجفن ويعدمها هناك. أحس أن به غلظة ، فكيف يمنع دموعه من الانسكاب والممدة هناك هي أمه؟ وسرعان ما وخزته حقيقة تجاهلها عدة مرات ، فمقاومته للدموع ليس سببها كما يريد أن يقنع نفسه ، فهو يقوم ببعض الأمور التي يتشاءم منها الآخرون ولا يكترث ، وكثيرا ما يتذكر الصورة التي انطبعت في ذهنه منذ ثلاثين سنة عندما تلقى وجهه الغض صفعة قوية من أبيه موبخا إياه على البكاء ، مبينا له أن البكاء للبنات فقط. في الحقيقة الموقف الذي يعيشه يدعو إلى الصراخ ، لا أحد معه ليخفف عنه ، الوحيدة التي كانت تخفف عنه الأحزان هي ممدة الآن ، لا تستطيع حتى الكلام ، إخوته أخذهم البحث عن معيشة أفضل بعيدا ، لذلك فهم ليسوا معه ، كما أنه لم يتزوج بعد ، انتظر لعل ظروفه تتحسن لكنها بقيت كما هي بل ربما تسوء أحيانا. أوصل أمه إلى المستشفى ، ترك الطبيب والممرضات يقومون بعملهم وانزوى في ركن ، وتتابعت صور حزينة في ذهنه ففاضت عيناه بالدموع ، تركها تنهمر مودعا الحزن الجاف! عمـــــار رمـــــاش |
رد: الحــــزن الجـــــاف
سرد مبهر..لغة ندية ..وقصة جميلة ممتعة..لم أشعر بالجفاف وأنا ألتهم الكلمات بنهم شديد..شكرا لك على متعة الحرف الندي أخي الغالي عمار..
|
رد: الحــــزن الجـــــاف
سرد يجعل النص مجموعة مشاهد واقعية إنسانية بما تحمل من عاطفة وشجن.
تحيتي لك أستاذ عمار. |
رد: الحــــزن الجـــــاف
أخي الأستاذ الأديب محمد ، لا أجد الكلمات المعبرة عن مدى امتناني لك ولما كتبته في حق نصي المتواضع ، أشكرك أخي العزيز ودمت منارة في نور الأدب . تحياتي وتقديري |
رد: الحــــزن الجـــــاف
الأستاذة والأديبة نصيرة تختوخ ، أشكرك على مرورك العطر وعلى كلماتك الجميلة التي اعتز بها كثيرا ، دمت متألقة أختي نصيرة ، تحياتي وتقديري
|
الساعة الآن 48 : 09 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية