![]() |
فترى جميع الوجود مرآة وجوده وهو ظاهر
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله وآله وكافة المرسلين وعباده الصالحين من يبحث عن دليل على وجود الله فما عرف شيئا وما فقه شيئا لأن الله تعالى أصلا لا يحتاج الى دليل يؤدي الى معرفته ، بل هو ظاهر كالشمس بين من خلقه لمن أراد الابصار ، وهو معكم أينما كنتم ، ولكي نفهم هذا المعنى فعلينا معرفة أن سره مودع في قلوبنا وأرواحنا ، وما نحتاج اليه هو تطهير نفوسنا حتى تنقشع الغيوم والحجب عن القلب لتصبح المشاهدة تغمر أرواحنا ، فهؤلاء الصالحون كانوا يرددون دوما قولهم : ما رأينا شيئا الا رأينا الله تعالى فيه ، حتى قال بعضهم : ما رأيت قط الا الله ، فماذا يدل هذا ؟ هذا يدل على نقاء وطهارة قلوبهم وصفاء سريرتهم فأبصروا بمشاهدتهم وصاروا في مقام المشاهدة ، من غير أن يعرفوا أن يقولوا كيف ؟ أو يعطوا وصفا معينا ، لأن هذه المعرفة أصلا لا يعبر عنها بالكلمات بل هي حقيقة أسمى من ذلك بكثير ، وهي حقيقة تغمر الأرواح فتصبح منعمة بمشاهدتها فترتقي الى ما شاء الله لها أن ترتقي بما اجتبى الله اليه من خلقه وعباده بصفاء الأسرار وحتى نعطي الموضوع بعده المعرفي العرفاني ، فهو معكم أحبابي لا بالمعية المفهومية بل معكم بحسب مراتب شهوداتكم ان كنتم فى مشهد الفعل والعلم والتحقق فهو معكم بالتجلى الذاتى ما يتقدم ولا يتأخر عنكم فالمعية ليست هى مثل ما يتصور بالعقل حسا أو ذهنا أو خيالا أو وهما ، تعالى شأنه عن ذلك علوا كبيرا ، انما هى معية تفرد الحق سبحانه بعينها وتحققها وعلمها لايعلم سرها الا الله ومن اطلعه عليه من الكمل ويحرم كشفها ترحما على العقول القاصرة عن درك الأسرار الخفية كما قال ابن عباس رضى الله عنهما أبهموا ماأبهم الله وبينوا مابين الله فهذه الآية مقتضية البشارة الحقة للمؤمنين بهجة للمحبين حيث معهم أينما كانوا وتوثيق للمتوكلين وسكينة للعارفين ويقين للمراقبين ورعاية للمقبلين فالأكوان تتصاغر وتتلاشى فى عزة الرحمن بسطوات عظمته وجلاله حتى لا يبقى أثرها وأزالها بحيث لا افتراق بين فعله وقهر قدرته ومن حيث الجمع باشر نور الصفة نور الفعل ونور الصفة قائم بالذات يتجلى بنوره لفعله من ذاته وصفته ثم يتجلى من الفعل فترى جميع الوجود مرآة وجوده وهو ظاهر بكل شئ من كل شئ للعموم بالفعل ، وللخصوص بالاسم والنعت ، ولخصوص الخصوص بالصفة ، وللقائمين بمشاهدة ذاته بالذات ، وهو تعالى منزه عن البينونة والحلول والافتراق والاجتماع انما هو ذوق مكنون ولا يعلم تأويله الا المحبون الهائمون فما فارق الأكوان الرحمن ولا قارنها فكيف يفارقها وهو موجدها وحافظها وكيف يقارن الحدث القدم الذي به قوام الكل وهو بائن عن الكل ألا تروا أنه يقول وهو معكم أينما كنتم وفي الآية ايقاظ للغافلين وتنشيط للمتيقظين ودلالة لهم على الخشية والحياء من رب العالمين واشارة لهم الى أن أعمالهم محفوظة قال القشيري: تنزيهاً لله تعالى من حيث الاسم الجامع لجميع الأسماء والصفات الجلالية والجمالية ما في السموات الذات من الأسماء الذاتية، المتجلية في المظاهر الكلية، وما في أرض الصفات من الأسماء الصفاتية، المتجلية في المظاهر الجزئية ، اعلم أن فَلَك الذات سماء الصفات، وفلك الصفات أرض الذات، وكذلك فلك الصفات سماء الأسماء، وفلك الأسماء أرض الصفات، وهذه السموات والأرضون كلها مظاهر اسم الله الأعظم، وهو المسبَّح - بالفتح - في مقام التفصيل، والمسبِّح - بالكسر - في مقام الجمع |
الساعة الآن 32 : 11 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية