![]() |
من نفحات الإعجاز البلاغي البياني في الجزء الثالث / القرآن الكريم
﷽ ﴿ اللّهُ لا إله إلا هو الحي القيوم لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ (255) . في آية الكرسي أنواع من الفصاحة وعلم البيان منها حسن الافتتاح لأنها افتتحت بأجل أسماء الله تعالى ، وتكرار اسمه ظاهرا ومضمرا في ثمانية عشر موضعا،والإطناب بتكرير الصفات ، وقطع ُ الجمل حيث لم يصلها بحرف العطف ، والطباق في ﴿ ما بين أيديهم وخلفهم ﴾ قال عز وجل ﴿ استمسك بالعروة الوثقى ﴾استعارة تمثيلية حيث شبه المستمسك بدين الإسلام بالمستمسك بالحبل المحكم ، وعدم الانفصال ترشيحٌ . قال الله تعالى ﴿ من الظلمات إلى النور ﴾استعارة تصريحية حيث شبه الكفر بالظلمات والإيمان بالنور قال في تلخيص البيان وذلك من أحسن التشبيهات لأن الكفر كالظلمة التي يتسكع فيها الخابط ويضل القاصد ، والإيمان كالنور الذي يؤمه الجائر ويهتدي به الحائر ، وعاقبة الإيمان مضيئة بالنعيم والثواب ، وعاقبة الكفر مظلمة بالجحيم والعذاب . قال الواحد الأحد ﴿ ألم تر ﴾ الرؤية قلبية والاستفهام للتعجيب وقال أيضا ﴿ يحيي ويميت ﴾ التعبير بالمضارع يفيد التجدد والاستمرار ، والصيغة تفيد القصر ﴿ربي الذي يحيي ويميت ﴾لأن المبتدأ والخبر وردا معرفتين والمعنى أنه وحده سبحانه هو الذي يحيي ويميت ، وبين كلمتي " يحيي " و" يميت " طباق وهو من المحسنات البديعية وكذلك بين لفظ " المشرق " و" المغرب " . وقال الله تعالى : ﴿ فبهت الذي كفر ﴾ التعبير بالنص السامي يشعر بالعلة ، وأن سبب الحيرة هو كفره ولو قال : فبهت الكافر ُ لما أفاد ذلك المعنى الدقيق . وقال أيضا ﴿ فبهت الذي كفر ﴾ التعبير بالنص السامي يشعر بالعلة وأن سبب الحيرة هو كفره ولو قال فبهت الكافرُ لما أفاد ذلك المعنى الدقيق . قال تعالى ﴿أنى يحيي هذه الله بعد موتها ﴾ موت القرية هو موت ُ السكان فهو من القبيل إطلاق المحل وإرادة الحال ويسمى المجاز المرسل . قال الله عز وجل ﴿ ثم نكسوها لحما ﴾ نسترها به كما يستر الجسد باللباس قال أبو حيان : الكسوة حقيقة هي ما وراء الجسد من الثياب واستعارها هنا لما أنشأ من اللحم الذي غطى العظم وهي استعارة في غاية الحسن . قال الله عز وجل ﴿ كمثل حبة ﴾شبه سبحانه الصدقة التي تُنفق في سبيله بحبة زرعت وباركها الله عز وجل فأصبحت سبعمائة حبة ، ، ففيه تشبيه " مرسل مجمل "لذكر أداة التشبيه وحذف وجه الشبه قال أبو حيان : وهذا التمثيل تصوير للأضعاف كأنها ماثلة بين عيني الناظر . قال عز وجل : ﴿ كمثل صفوان عليه تراب ﴾ فيه تشبيه تمثيلي لأن وجه الشبه منتزع من متعدد وكذا في الآية الكريمة ﴿ كمثل جنة بربوة ﴾ وفي قوله تعالى ﴿أيود أحدكم أن تكون له جنة ﴾لم يذكر المشبه ولا أداة التشبيه ، لنجد المشبه به ، وقامت قرائن تدل على إرادة التشبيه ، هي " استعارة تمثيلية " تشبيه حال بحال .. والهمزة للاستفهام ،والمعنى على التبعيد والنفي أي ما يود أحد ٌ ذلك . وفي قول عز وجل ﴿تغمضوا فيه ﴾المراد به هنا التجاوز والمساهلة لأن الإنسان إذا رأى ما يكره أغمض عينيه لئلا يرى ذلك ففي الكلام مجاز مرسل أو استعارة . قال الرحمن ﴿إنما البيع مثل الربا ﴾هنا نجد تشبيها مقلوبا وهو أعلى مراتب التشبيه حيث يجعل المشبه مكان المشبه به كقول الشاعر : كأن ضياء الشمس غرة جعفر . سورة آل عمران قال تعالى ﴿هن أم الكتاب ﴾قال الشريف الرضي : هذه استعارة والمراد بها أن هذه الآيات جماع الكتاب وأصله فهي بمنزلة الأم له، وكأن سائر القرآن يتبعها أو يتعلق بها كما يتعلق الولد بأمه ويفزع إليها في مهمه. قال تعالى ﴿والراسخون في العلم ﴾استعارة المراد بها المتمكنون في العلم تشبيها برسوخ الشيء الثقيل في الأرض الخوارة . ﴿ فبشرهم بعذاب أليم ﴾الأصل في البشارة أن تكون في الخير واستعمالها في الشر للتهكم ويسمى " الأسلوب التهكمي " حيث نزل الإنذار منزلة البشارة السارة كقوله تعالى ﴿ بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما ﴾" النساء : 138 وهو أسلوب مشهور . قال عز وجل ﴿ وأنبتها نباتا حسنا ﴾شبهها في نموها وترعرعها بالزرع الذي ينمو شيئا فشيئا ، والكلام مجاز عن تربيتها بما يصلحها في جميع أحوالها بطريق الاستعارة التبعية . قال تعالى ﴿فلما أحس ﴾ قال أبو حيان : فيها استعارة إذ الكفر ليس بمحسوس وإنما يُعلم ويفطن به فإطلاق الحسّ عليه من نوع الاستعارة وقال سبحانه وتعالى ﴿ فيوفيهم أجورهم ﴾فيه التفات من ضمير التكلم إلى ضمير الغيبة للتنوع في الفصاحة . المجاز في قوله ﴿ إلى كلمة ﴾حيث أطلق اسم الواحد على الجمع ، والتشبيه في قوله تعالى ﴿ أربابا ﴾حيث شبه طاعتهم لرؤساء الدين في أمر التحليل بالربّ المستحق للعبادة ، والطباق في قوله عز وجل ﴿ الحق بالباطل ﴾والجناس التام في ﴿يضلونكم وما يُضلون ﴾وجناس الاشتقاق في ﴿ أولى ﴾ و ﴿ وليّ ﴾والتكرار في عدة مواطن ، والحذف في عدة مواطن . وقال تعالى ﴿يشترون بعهد الله ﴾فيه استعارة فقد استعار لفظ الشراء بالاستبدال .. ﴿ولا يكلمهم الله﴾مجاز عن شدة غضبه وسخطه تعالى عليهم ﴿ ولا ينظر إليهم ﴾قال الزمخشري : مجاز عن الاستهانة بهم والسخط عليهم لأن من اعتد بإنسان التفت إليه وأعار نظر عينيه . ********************************************** عن صفوة التفاسير تفسير للقرآن الكريم تأليف محمد علي الصابوني الجزء الأول - دار الفكر بيروت ط 1- 1996 من الصفحة 147 إلى الصفحة 194 |
رد: من نفحات الإعجاز البلاغي البياني في الجزء الثالث / القرآن الكريم
بارك الله فيك أستاذة رجاء ..
موضوع يغري بالتدبر والتأمل في عظمة الخالق وإعجاز كتابه الحكيم .. شكرا لك .. ننتظر إطلالتك من جديد |
رد: من نفحات الإعجاز البلاغي البياني في الجزء الثالث / القرآن الكريم
[align=justify]نحتاج مثل هذه النفحات..البلاغة تغريني كثيرا..حريّ بنا أن نعيد قراءة مثل هذه المواضيع..جزاك الله كلّ خير..شكرا لك أختي الدكتور رجاء على هذا الموضوع الطيّب..[/align]
|
رد: من نفحات الإعجاز البلاغي البياني في الجزء الثالث / القرآن الكريم
شكرا لك أخي الرائع رشيد جميل اهتمامك .. ولطف سؤالك
.. ووارف حضورك . تحيتي واحترامي |
رد: من نفحات الإعجاز البلاغي البياني في الجزء الثالث / القرآن الكريم
اقتباس:
باقة شكر لك أخي الشاعر الفاضل محمد الصالح الجزائري وأنا مثلك .. أخي .. تستهويني كثيرا البلاغة فأبحر في صورها ومعانيها البيانية المجازية ... المتعددة دمت أيها الراقي ودام ذوقك مائزا |
الساعة الآن 19 : 07 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية