![]() |
الطاووس...
ثمة شمس واهنة تنزف آخر أشعتها الشاحبة على الساحة الكئيبة التي جمعونا فيها.. كانوا يدورون حولنا، وهم يحدقون في وجوهنا بعيون زجاجية بليدة، وبنادقهم موجهة إلى صدورنا ورؤوسنا... ولكن ما من صوت.. فقط سكونٌ حادٌّ متربص، وحقدٌ بارد ينمو في الأعماق على مهل..
فجأة توقف موشيه، شملنا بنظرة مرتابة.. ثمة من يبتسم، وثمة عيون تتلاقى عبر نظرة خاصة متفاهمة... فكر هنيهة محاولاً التفسير، لكنه لم يصل إلى شيء.. هز كتفيه باستهانة، ثم عاد يتبختر أمامنا كالطاووس.. وعلى شفتيه ابتسامة شامتة.. لعله يتحدانا؟ ليكن، سترى يا موشيه.. أيها الأحمق المغرور..سترى.. لا تفرح كثيراً.. وكلكم لا تفرحوا.. انتظروا قليلاً، وإنا معكم لمنتظرون.. هاهي الشمس بدأت تغيب.. اقترب الموعد.. لن نموت جميعاً على كل حال.. نظر موشيه في ساعته متبرماً، توقف، ربما له زوجة أو عشيقة تنتظره.. لا بأس، لن ترى أحداً غيرنا بعد اليوم... يالك من غبي يا موشيه.. فكَّرَ لحظة، نظر إلينا نظرة خاطفة، أشار إلى جنوده مصدراً أوامره إليهم بسرعة، أبقى بعض الجنود لحراستنا، امتطى سيارته، وذهب مع الآخرين.. لن تبتعد كثيرا يا موشيه.. أؤكد لك.. صمَّ الآذان صوت انفجار هائل، تلاه صوت رشقات متواصلة من الرصاص... تلاقت العيون من جديد، اتسعت الابتسامة.. تهيأت البنادق لتثقب رؤوسنا.. لا بأس.. لن نموت جميعاً على كل حال.. يا لهذا الرعب الذي كسا وجوههم.. موشيه ألم أقل لك، ألم أقل لكم جميعاً، ألم أقل لا تفرحوا كثيراً.. هيه..؟ نُشرت هذه القصة في صحيفة الجندي، بتاريخ 1982/11/30 |
رد: الطاووس...
شكرًا جزيلا لك أديبنا الكبير الألق محمد توفيق الصواف على إعادة نشر هذه القصص القصيرة الرائعة في نور الأدب ..
حتى لا يفوت على المتلقي هذا الإبداع المائز المتميز مع كامل تقديري واحترامي |
رد: الطاووس...
لنصوصك نكهة خاصة أخي بواقعيتها وتلقائية سردها .
دمت مبدعا . |
رد: الطاووس...
الشكر لكِ د. رجاء على هذه الهمسة المُشجِّعة والرأي الإيجابي بهذه القصص،
وأرجو أن أقرأ رأيكِ كأستاذة أكاديمية في كتاب (راهِن العالم الإسلامي) الذي بدأتُ نشره على موقع (نور الأدب) أيضاً. ولعل مما شجعني على التقدُّم إليك بهذا الطلب، ما ألحظُه من همتكِ العالية التي تتبدى في متابعة كلِّ ما يُنشر على الموقع تقريباً، وهي همةٌ لا أملك سوى أن أُبدي إعجابي بها، وبإبداعكِ الخاص المتنوع في مختلف المجالات، هذا فضلاً عن إعجابي برعايتك المتخصصة للمواهب الشابة التي أثمرت أطيب الثمر في نتائج مسابقة رمضان للمقالة.. لكِ مني كل المودة والتقدير.. |
رد: الطاووس...
الأخ رشيد الميموني..
تحيتي لك، ولأسلوبك اللطيف الموجز في التعليق على ما تقرأ من مواد تُنشَر على هذا الموقع، سواء كانت لي أو لغيري.. دمتَ مبدعاً، وتقبَّل خالص مودتي.. |
رد: الطاووس...
جميل ما قصصت.. بالرغم من مأساوية الموقف ..المجسد..
للوهلة الأولى من قرأته..وكأننا نقرأ نظراتهم ..ونسمع دوي الإنفجار ..ونشاهد ريش الطاووس وهو ينتف ريشة ريشه..وتشفى صدورنا.. في موشيه ..وأمثاله.. شكرا لك ..أستاذ محمد توفيق الصواف.. |
رد: الطاووس...
أسعدني وصول قصتي إليك بهذه الحرارة والقدرة على التأثير..
تحياتي لكِ ومودتي أستاذة عزة.. |
رد: الطاووس...
رائعة جداً
قرأتها 3 مرات الثالثة بصوت مرتفع أعجبني كونها قصيرة ومعبرة جداً وأيضاً أعجبني فيها قوة الصياغة وتنوع التراكيب اللغوية ... رائعة جداً وقد أفادتني بالطبع اعتقد أنها كتبت في الوقت الي اندلعت فيه حرب لبنان وكان فيه حصار بيروت..! أليس كذلك؟؟ سلمت يداك أستاذنا الغالي |
رد: الطاووس...
أستاذ علاء..
لعل الأروعَ من هذه القصة ومن إعجابكَ بها، عفويةُ تعبيركَ عن انفعالكَ بمضمونها وأسلوبها.. ولذلك فأنتَ، في نظري، قارئٌ يتمناه أيُّ فنان لنتاجه، لأنَّ التعبير العفوي، السلبي أو الإيجابي، عن أيِّ عمل فني يُعدُّ مرآةً صادقة لاستجابة مُتلَقِّي هذا العمل ولنوعية هذه الاستجابة ودرجتها.. فبوركتَ شاعراً مبدعاً، وبُوركتَ قارئاً متذوقاً.. أمَّا بالنسبة لتاريخ القصيدة، فنعم، كانت في الفترة التي ذكرتَها.. |
رد: الطاووس...
[align=justify](السارد ) والـــــ (هو ) و (الآخر) و (الحوار الداخلي ) أطراف قوية جعلت الصورة/ الحدث واضحة جلية.. هناك فرق بين انفجار وانفجار !! أبدعتَ سيدي أبدعت..شكرا لك..[/align]
|
الساعة الآن 38 : 05 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية