![]() |
الوشم
الوشم [align=justify]بانت خلف تلة مذعورة متوجسة شره.. وبان ضخم القامة.. لاهتا ينفخ الريح بقوة من شدق متدلي.. كانت تسرع مندفعة وسط سنابل القمح الذهبية؛ التي يشي انحناؤها وحسيسها على وقع الهاربة؛ بإغراء المنجل على الحصاد.. انتصب أعلى التلة متربصا بها.. يدير سهم بصره الحاد حول القرية الهادئة.. لم يجد لها أثر.. ركز نظره على الحقل .. قاده رقص السنابل على دقات قلبها المتسارعة.. ورعشات جسدها المتواترة إلى حيث هي.. كانت قاب قوسين من نهاية الحقل وبلوغ الديار.. لم يسعفها صراخها بصوت بح نتيجة الخوف.. ورغم ذلك لم يضعف جهدها في التخلص منه؛ لولا خطاه الطويلة التي بدت قفزا على المسافة الفاصلة بينهما حتى أدرك موقعها.. انقض عليها بهمجية الجاهلية.. أطبق على أنفاسها حتى خارت قواها.. وحمل جسدها النحيل في كيس على ظهره.. يطوي الطريق وسط غياهب غابة على حد البصر بسرعة مدهشة.. كطير كاسر يحمل غنيمة تكفيه عما سواها.. يشبع بها جوعه.. ولم يلتفت قاصدا دياره.. مرت الأيام.. توالت الشهور.. طويت السنين ولم يعثر لها على أثر. تلاشت الجهود في البحث عن الغائبة.. وظن الجميع أنها وقعت فريسة للذئاب.. كفت دموع أقربائها.. وانهمرت مآقي أبويها مشكلا سيلانها خريطة.. مفتاحها حزن ارتسم بكل الألوان على محياهما.. كيف لا والغائبة حاضرة تحت الضلع.. ذات ربيع رحل الأب على غير عادته إلى معرض كان يقام بسوق عام.. تحضره كل القبائل .. ليبيع إبداع زوجته من زرابي وألحفة وأغطية صوفية.. لفت نظر ״صابر״ اسم ״عائدة״ مطرز مستهل إحدى القطع الفنية المعروضة للبيع.. حرك فضوله للإحاطة بدقائق محتواها.. جحضت عيناه حين تبين تحته رسما لوشم خاص.. تتزين به نساء قبيلته دون غيرها من نساء القبائل الأخرى.. فرك عيناه.. تفاديا للشك المعطب لليقين.. وتثبيتا لما رأته عيناه أعاد تتبع الرسم الذي أخفت صاحبته معالمه بلون خافت وسط ألوان زاهية.. انجلت معالم الحزن وارتسمت الدهشة على وجهه.. تابع بنظره الثاقب مسار الخيط الباهت الذي يشكل طريقا منعرجة.. تحادي هضابا متقنة الرسم والتلوين بشكل جعله يتوهم أنها تنطق.. لتدله عند آخر غزرة من المسار؛ على بيت تتوسط شرفته غادة.. بيدها باقة سنابل صفراء.. بابه اتخذ شكل فرد ״شربيل״ مطابق لآخر عثر عليه وسط الحقل بعد اختطاف ״عائدة״ يوم حصاد الذهبية.. إنه النعل الجميل الذي اشتراه لفلذة كبده آخر عيد في بيته.. والذي أحبته وحافظت عليه أكثر من كل ملابسها.. هو ذاته اكتمال لما تنطق به التحفة من معنى.. كادت فرحته تفضحه.. جلس القرفصاء من شدة الدهشة وهو يمسك بتلابيب الزربية.. ويتمعن من جديد في ما تحمله من رموز ودلالات.. وضع عمامته على رسم البيت وهو يتمتم: - لا يمكن أن تكون هذه التحفة الفنية إلا من إبداع ذكي بدافع الخلاص.. لن تثقنه إلا عائدة بنتي المختطفة.[/align] [align=justify][/align] |
رد: الوشم
[align=justify]مرور قصد القراءة والاستمتاع ..ولي عودة بإذن الله..قصة تحتاج إلى أكثر من وقفة !! شكرا لك مبدعتنا الغالية الأستاذة ليلى..[/align]
|
رد: الوشم
فكرة رائعة ..وذكية جدا.. للخلاص..جميل وماتع ما قصصت.. شكرا لك ..تحيتي
|
رد: الوشم
الأخت الغالية ليلى..
كصديق يُتابعُ ما تنشرين في هذا الموقع من نصوص، قد أكتفي بأن أقول لك مُجاملاً: إنَّه نصٌّ جميل.. أمتعني القصّ.. سَلِمَتْ يداكِ.. وما شابَه.. لكن، كصديق وناقد أيضاً يُتابع ما تنشرين في هذا الموقع، وبعد الإذن الذي أَعْطَيْتِنِه في ردِّك عل تعليق سابق لي على أحد نصوصك، سأتجرأ وأُبدي رأيي باتجاهين: في الاتجاه الأول، سأحاول أن أُبرزَ ما لمستُه في هذا النص من جمالية واضحة، تجلَّت في لغة السرد المُتقَنة التي استطاعت أن تنقل الحدث على نحو مُؤَثِّر قادر على شدِّ انتباه القارئ وتشويقه، والجمالية واضحة أيضاً في الصور التي رَسَمْتِها لحركية الشخصيات الرئيسة الثلاث في القصة، أي: بطلتها المخطوفة وأبوها والخاطف وللعلاقة بين هذه الشخصيات التي بدت البطلة فيها هي المحور الذي تدور حوله حركية الخاطف في ارتكاب جرمه، ثم حركية الأب في البحث عن ابنته حتى العثور ما يمكن أن يهديه إلى مكانها، هذا مع غياب شخصية الخاطف في هذه المرحلة، دون أي إيحاءات تُنبِئ القارئ عما يمكن أن يكون قد فعله مع ضحيته.. وثمة جمالية محدودة في وصف المكان أيضاً، وفي تلك اللعبة الذكية التي ابتكرتَها الضحية لتدلَّ على مكانها.. في الاتجاه الثاني، وأرجو احتمالي، لأنني أتكلم بمحبة، أو نقض رأيي إن كان خاطئاً، سأقول، وبصراحة، لم تُعجبني نهاية هذه القصة الرائعة، وهذا رأي شخصي بحت، فقد تمنيتُ أن تكون نهايتها أقوى، تنسجم مع قوة سردها وحركية شخصياتها، لكنها، ومرة أخرى في رأيي الشخصي، لم تكن كذلك.. كما أنه لا توجد، ولو إشارة واحدة، تُنبئ القارئ عن سبب الخطف.. وكأن الحدث تمَّ دون دافع! أو هكذا فهمتُ القصة، وإن كنتُ أنا الذي فهمتُها هكذا، فهذا لا يعني أن الحقَّ علي كقارئ، بقدر ما يعني وجود تقصير من القاصَّة في إيصال مفاتيح قصتها إلي.. إلى ذلك، ما تزال بعض الأخطاء اللغوية والنحوية تُثقلُ كاهل قصصكِ الجميلة عزيزتي، حبَّذا لو تخلصتِ منها.. وفي ظنِّي أن هذه الأخطاء، في معظمها، ليست وليدة ضعف في نحو العربية، بقدر ما هي وليدة تَسَرُّع في النشر، بدليل وجود الكثير من المطبعي فيها.. لذا أتمنى عليك أن تُعيدي قراءة النص مراراً قبل نشره، وسترين كم سيبدو رائعاً حين يظهر للقراء خالياً من أي خطأ، ويجب أن يكون كذلك، لأن اللغة في النهاية هي حاملة إبداعنا.. وفيما يلي أبرز ما لَحِظْتُه من أخطاء، بينها العديد من الأخطاء المطبعية كما سبقت الإشارة.. لاهتاً... الصواب لاهثاً... متدلي... الصواب مُتَدَلٍّ... لم يجد لها أثر.... الصواب لم يجد لها أثراً... طُوِيَت السنين... والصواب طُوِيَتْ السنون.. مطرزٌ مستهل... الصواب مطرَّزٌ على مُستهل... جحضت عيناه... الصواب جحظت عيناه.. فركَ عيناه... الصواب فركَ عينيه.. تُحادي... الصواب تُحاذي.. تُثقنه... الصواب تُتقنه... مع ذلك، وبالرغم من كلِّ ما سبق، اسمحي لي أختي ليلى أن أقول: إن هذا النص يُسجِّل خطوة واضحة إلى الأمام، في مجال إبداعكِ القصصي، خطوة تشي بأن صاحبتها على الطريق الصحيح وأنها ستكون قاصَّة أكثر تألقاً في القريب العاجل.. أتمنى لك كل نجاح وتقدم... وتقبلي مني وافر محبتي وتقديري.. |
رد: الوشم
والأجمل عزيزتي عزة تعليقك الذي أسعد به ومرورك الطيب دمت دائما بالجوار محبتي |
رد: الوشم
أستاذي وأخي الغالي محمد توفيق الصواف اسمح لي أن أقول لك أني لا أقبل أن يكون مشرطك على نصوصي لينا أو فيه مجاملة لأني أحبذ نقدا من أجل النقد فيه صرامة السيد بهلول - تلك التي ذكرت- والذي أتأسف لانسحابه بسبب تقصيرنا في الترحيب به وياليته يتجاوز لنا هذا الخطأ ويسامحنا بالعدول عن انسحابه لنذوق حرارة مشرطه (ابتسامة) وأشكر لك أستاذي تعبك ومتابعتك لهذا النص و قد سعدت بكل ملاحظاتك و التي سأعمل -إن سمحت لي الظروف- إن شاء الله وفقهاعلى تقويم النص. دمت لنا عينا حريصة على رقي الحرف. محبتي وتقديري |
رد: الوشم
[align=justify]لم يترك لنا صاحب المشرط ما نقول!!! ما علينا إلا أن نشدّ على قلمك ليفجّر لنا من الإبداع عيونا ووديانا..شكرا لك مرة أخرى مبدعتنا الرائعة الأستاذة ليلى..[/align]
|
رد: الوشم
الشكر لك أخي الغالي على تشجيعك المتواصل تحياتي |
الساعة الآن 52 : 11 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية