![]() |
راهن العالم الإسلامي/الفصل 3/تكاملُ الثقافات في العالم الإسلامي أم صراعُها؟
تمهيد
[align=justify]رأيتُ أن يليَ الحديثُ عن الحال الثقافية لمسلمي العالم الإسلامي المعاصر الحديثَ عن معتقداتهم مباشرةً: أولاً، لقناعتي بأنَّ الثقافة هي الحضارة، وبالتالي، فالمستوى الثقافي لأي أمة مؤشرٌ دقيقُ الدلالة على مستواها الحضاري، والمكانة التي يؤهلها هذا المستوى لتبوُّئها، بين الأمم الأخرى السابقة لها والمعاصرة. ثانياً، لقناعتي بأنَّ تخلُّفَ ثقافة أيِّ أمة وضعفَها، هما أساس تخلفها وضعفها في سائر الميادين الحياتية، والعكس بالعكس. ولعلَّ مما يعزِّز الاعتقاد بصحة هاتين القناعتين، اتساعُ الساحة الدلالية لمصطلح ثقافة الذي يكاد يشمل كل ما يتصل بحياة المجتمعات الإنسانية من قيم وأعراف وعادات وتقاليد وأخلاق، وما يؤمن به أفرادها من معتقدات، وما ينطقونه من لغات، وما يتوارثونه من حكم وأمثال، وما يبدعونه في مجال الفن التعبيري من أدب وموسيقى ورقص ورسم ونحت، وفي المجال الفكري من علوم وفلسفات وأيديولوجيات ونظريات. هذا فضلاً عن دخول مصطلح (ثقافة) مؤخراً، في ميادين حياتية أخرى كثيرة، نظراً لما يتضمَّنه من دلالات على سائر الفعاليات التي تنتظم وتُنظِّم مُختَلَف النشاطات البشـرية وتُحدِّد طبيعة كلٍّ منها ومستواه، الأمر الذي نتجَ عنه جملةُ مصطلحات فرعية جديدة من مثل: الثقافة الاقتصادية، الثقافة السياسية، الثقافة الإعلامية، ثقافة الحرب وثقافة السلام، ثقافة العولمة وثقافة الحفاظ على الخصوصية القومية، ثقافة الانفتاح على الآخر وثقافة التقوقع على الذات، ثقافة الأصالة وثقافة التبعية أو ثقافة الإبداع وثقافة الاتباع، ثقافة السلف وثقافة الحاضر وثقافة المستقبل، ثقافة الجمود وثقافة التطور والتجديد، ثقافة الروح وثقافة المادة، ثقافة الغرب وثقافة الشـرق، ثقافة البداوة وثقافة الريف وثقافة الحاضرة... ورُبَّما ليس من المبالغة القول أنَّه قد صار لكلِّ نشاط إنساني وما يجسده على أرض الواقع من سلوكيات ثقافته الخاصة، فثمة ثقافة للصدق وأخرى للكذب، وثقافة للنفاق وأخرى للاستقامة والإخلاص، وثقافة للاستسلام والهزيمة وأخرى للمقاومة والنصـر، وثقافة للتفاؤل وثانية للتشاؤم، وغير ذلك من مصطلحات أخرى كثيرة استجدت وشملت حتى الطبخ والأزياء اللذين صار لكلٍّ منهما ثقافته الخاصة أيضاً. وهذا كله يعني، في المحصلة، أَنَّ وَصْفَ أيِّ أمةٍ بأنها راقية متقدِّمةٌ وقويةٌ ثقافياً، صار يتضمَّنُ الإشارةَ إلى رقيِّها الحضاري وتقدمها وقوتها، في كل ميادين الحياة، والعكس بالعكس. في ضوء هذه الرؤية الشمولية لدلالات مصطلح ثقافة وتنويعاته، وعلى افتراض صحتها، رُبَّما جاز الشـروع في قراءة موضوعية جادة لمعطيات الواقع الثقافي، في غالبية بلدان العالم الإسلامي المعاصر، وما آلت إليه حالها الراهنة، من تقدُّمٍ أو تخلُّف، مقارَنَةً بما كَانَتْهُ قبلاً، وبما عليه حال الأمم الأخرى راهناً. وأظنُّ أنَّه لابد من الشـروع في هذه القراءة، قبل غيرها، لاستثمار نتائجها في تكوين أرضية يمكن الانطلاق منها لرصد جوانب تخلف المسلمين المعاصرين وضعفهم، في ميادين رئيسة هامة، في مقدمتها: ميادين الفكر النظري والعلوم المادية وتطبيقاتها التكنولوجيَّة والفنون التعبيرية والاقتصاد والسياسة والإعلام وغيرها، ثم محاولة التعرُّف على الأسباب الصانعة لتخلفهم وضعفهم، والمُكرِّسَة لاستمرارهما، في هذه الميادين كلها، والمُعَطِّلَة لقدرة المسلمين على تجاوزهما إلى تقدُّم وقوة سبقَتْهم إليهما أممٌ أخرى كثيرة، في عصـرنا الراهن. ولأنَّ تحديد الأسباب الصانعة للتخلُّف والضعف الثقافيين، في أيِّ مجتمع إنساني، لا يمكن أن يتمَّ بدقة، إلا في ضوء معرفة العوامل الكثيرة التي يساهم تفاعلها مع بعضها، كما يساهم كلٌّ منها منفرداً، بتكوين الثقافة الخاصة للمجتمع المراد دراسته، صار لزاماً البدء بإلقاء حزمة ضوء على هذه العوامل التي لا أتصوَّر أن تكون وليدةَ راهنٍ آنيّ، ولا حتى حقبة زمنية واحدة، طالت أم قصـرت، بل ناتجَ تراكمٍ بطيءٍ تمَّ على مدى عصور زمنية طويلة، تطورت خلالها هذه العوامل، مجتمعة ومنفردة، حتى صارت إلى ما هي عليه، في كلِّ عصـر، ولذلك يصعب، إلى حدِّ الاستحالة، مسح أو إلغاء الهوية الثقافية الخاصة بأيِّ أمَّة والعوامل المكونة لهذه الهوية، بقرار سياسي أو احتلال استعماري أو ثورة اجتماعية أو فكرية أو عقيدية أو أيديولوجية، بالغاً ما بلغت قوتها، ولعلَّ هذا ما يُفسـِّر عُسـرَ ولادة أيِّ جديد ثقافي، في أيِّ مجتمع، وما يحفُّ بداياته ومحاولات استقراره من موانع وعوائق، في مختلف المجتمعات.. وما دامت العوامل المكونة لثقافات المجتمعات الإنسانية، عموماً، على هذا النحو من القوة والقدرة على التأثير، فقد يكون من الأفضل البدء بإشارات سريعة إلى أهم العوامل التي ساهمت، في تكوين ثقافات المسلمين، قديماً وراهناً.... [/align] |
رد: راهن العالم الإسلامي/الفصل 3/تكاملُ الثقافات في العالم الإسلامي أم صراعُها؟
[align=justify]..مدخل مهم جدّا وموضوعي ، بل وضروري أيضا،فلا تتأخّر عنّا كثيرا ،أخي الدكتور الصواف ،سأنتظر البقية..شكرا لك على الاستمرار في عرض هذه الدراسات التي ستفيدنا حتما ، في ظلّ هذا الزمن الإسمنتي الرّديء جدا..محبّتي التي تعرف..[/align]
|
رد: راهن العالم الإسلامي/الفصل 3/تكاملُ الثقافات في العالم الإسلامي أم صراعُها؟
[align=justify]أخي الحبيب محمد الصالح، أسعد الله أوقاتك..
مرةً أخرى يَثْنِيني اهتمامُك واحتفاؤك بما أنشر من مواد (غليظة عسيرة الهضم) عن قراري بالتوقُّف عن النشاط في الموقع.. فبعد اللامبالاة التي قُوبِلَتْ بها دراستي في الفرق بين مصطلحات (أدب صهيوني وعبري ويهودي وإسرائيلي)، والتي لم يُعلِّق عليها سواك وأختي الغالية عروبة، عزمتُ على التوقُّف عن التعليق، بدوري، على أيِّ مادة ينشرها أيُّ عضو من أعضاء الموقع، عملاً بالحكمة القائلة (ما أروعَ الصمت حين تخيب الظنون)..، كما كتبتُ في ردِّي على تعليقك المواسي الذي عَقَّبْتَ به على مضمون تلك المادة، والذي لا أظنُّك انتبهت إليه.. لكن هاأنذا أُفاجَأ من جديد باهتمامك فإذا به يثنيني عن قراري ذاك.. ولكن إلى حين، فلا أكتمك سرّاً أنَّني بدأتُ أَمَلُّ من محاولة جذب السادة الأعضاء إلى التفاعل مع ما أنشره وينشرونه هم أنفسهم، ولكن لا يعني مَلَلِي أنَّني سأتوقَّف عن نشر موادي (الغليظة) بل سأستمر بنشرها نتيجة عنادي الذي لا يعرف حدوداً، مكتفياً بنشرها وحدها دون مشاركة غيري بإبداء رأيي فيما ينشرونه.. أخي الحبيب.. صدِّقني أنَّني أقول هذا الكلام لأنَّني أشعر أنَّ (نور الأدب) هو بيتي الفكري وواحة راحتي النفسية؛ لكن، ومع ذلك، فالمثل يقول: (الجنة بدون ناس لا تُداس).. وحين أنظر، فلا أرى تفاعلاً إلا من قبلك وبضعة أعضاء آخرين، هم فقط الذين ينشطون على صفحات هذا الموقع، ويُواكبون ما ينشره الجميع مُشجِّعين ومادحين بقصد زيادة التشجيع، أُُصاب بالخيبة أحياناً، وأشعر بالمرارة تملأ حلقي، ثم ما ألبث أن أعود إلى عنادي، وأصرُّ على المُضي في محاولتي تحريك راكد الموقع بوسيلة جديدة.. صحيح أنَّ بالي طويل، كما يصفني كثيرون، ولكن يبدو أنَّ لامبالاة الآخرين أطول.. ماذا أقول؟.. لولاكَ ولولا السيدة هدى الخطيب وعدد من الأعضاء النشيطين، لحزمتُ حقيبتي ورحلت، لكن.. لا.. فأنا مؤمن، ولا يقنط من رحمة الله إلا القوم الكافرون.. فلا حول ولا قوة إلا بالله.. أوجعتُ رأسكَ فسامحني، ولكن لم أجد غيرك أفشُّ خلقي أمامه، فاعذرني.. أطال الله في عمرك.. ودمتَ أخاً لي وصديقاً.. مع محبتي وتقديري لك دائماً..[/align] |
رد: راهن العالم الإسلامي/الفصل 3/تكاملُ الثقافات في العالم الإسلامي أم صراعُها؟
[align=justify](حقائبي محزومة ) منذ أمد بعيد..ولكنّه العناد كما قلتَ..ولولا الأحبّة لرحل الجميع..وأظنّ الذين حزموا حقائبهم ورحلوا نفذ صبرهم وأصابهم من الخيبات الكثير (ابتسامة)..لا عليك ..هناك من يقرأك ويقرأ لك وهو عندك خير من كثير..شكرا لك لأنك مازلت معنا رغم تقصيرنا..محبتي واحترامي..[/align]
|
رد: راهن العالم الإسلامي/الفصل 3/تكاملُ الثقافات في العالم الإسلامي أم صراعُها؟
عن أي راهن تتحدث ومازال البعض منكم يصر على تقسيم وتجزئة بلادي إلى كانتونات وينسى باب المغاربة إن كان فعلا مقدسيا ينتمي لتلك الأرض المقدسة وينسى التاريخ والتراث ربما يحمل وثيقة وليست له هوية وسولت له نفسه إعادة رسم خرائط الأمم وتزوير تاريخها عن أي راهن نتحدث ومازال البعض ممن يدعي أنه ند لامرؤ القيس ومتبعا للأعشى والأخطل وليس مبتدعا يصر على تقسيم هذا الوطن وتمزيقه إلى كانتونات كما قسم السودان والعراق والآن سوريا وليبيا واليمن وليكن في العلم ان أسود الأطلس وملوك الأندلس تراقب عن كثب فوق الأجمة فاحذر الاقتراب من عرينها محبتي وتقديري ولقد أيقنت أن المستحيل ثلالثة الغول والعنقاء والخل الوفي
|
رد: راهن العالم الإسلامي/الفصل 3/تكاملُ الثقافات في العالم الإسلامي أم صراعُها؟
أظن أن التعريف الأكاديمى الواسع..للثقافة..
لم يكن معروفا في مجتمعاتنا العربية من قبل.. وأظن ان معرفتها في الواقع الآن..ربما تنحصر عند النخبة ذات الثقافات الرفيعة.. فالكثير من الجماعات الدينية..سواء المعتدلة أو المتشددة.. لا تعترف بالكثير من ألوان الثقافة..مثل الفنون والموسيقى والمهرجانات..الخ كما أن الثقافة في الكثير من المجتمعات الريفية والعمالية.. تقتصر تقريبا..على مجموعة المعارف..التى ..تكفل للفرد معيشته.. وتحفظ له حياته..وحياة أبنائه.. هذا ما أظنه..ربما كان خطأ.. شكرا جزيلا أستاذنا الفاضل.. وتقبل ودي واحترامي.. |
رد: راهن العالم الإسلامي/الفصل 3/تكاملُ الثقافات في العالم الإسلامي أم صراعُها؟
اقتباس:
أولاً أشكرك على اهتمامكَ بهذا الموضوع وتعليقك عليه، أيّاً كان رأيك فيه.. ثانياً، في ضوء ما جاء في تعليقكَ على مضمون هذا النصِّ، اعذرني إذا قلتُ إنَّك إمَّا لم تقرأ ما جاء في سطوره جيداً، أو أنَّك لم تفهمه، ربَّما لسوء تعبيري في صياغته، ذلك أنَّ تعليقك لا يمتُّ إلى مضمون موضوعي بصلة.. ولذلك وجبَ التوضيح.. 1ً) تسأل عن أيِّ راهن أتكلم، وإجابتي عن راهن عالمنا الإسلامي الذي نعيش فيه..، وليس عن راهن عالم في المريخ أو الزهرة أو زحل.. 2ً) حسب فهمي البطيئ والضعيف، ربَّما بسبب التقدُّم في السن، فهمتُ أنَّك تعنيني بين من وصفتهم بالمصرِّين على تقسيم بلادك إلى كانتونات.. وأحبُّ أن أُؤكد لك أنَّني بريءٌ من هؤلاء، بل أنا من أشد المعارضين لتقسيم أيِّ قطر عربي أو إسلامي، ولو صبرتَ على قراءة الكتاب كلِّه لاكتشفتَ ذلك بنفسك.. 3ً) وأوصلني فهمي السقيم كذلك إلى أنَّك تعنيني بين من وصفتهم بأنَّهم ينسون إن كان باب المغاربة مقدسياً أم لا، وممن ينسون التاريخ والتراث وما إلى ذلك من تهم أخرى، لا أدري كيف اكتشفتَ أنَّني أدعو لها في نصي هذا الذي علَّقتَ عليه..! وردِّي على هذا الاتهام بسيط، فأنا، يا سيدي، أحفظُ تاريخ فلسطين وجغرافيتها أكثر مما أحفظ جغرافية بيتي وتاريخه، ذلك أنَّني، كما يصفني عديدون، أحد القلائل المختصِّين، في الوطن العربي، في قضايا الصراع العربي الإسرائيلي، وفي جغرافيا فلسطين وتراثها، وخصوصاً القدس؛ وإذا أردتَ الدليل على ذلك، فقد نشرتُ في موقع (نور الأدب) نفسه بحثاً مطولاً عن القدس ومحاولات إسرائيل لتهويدها، وقد نُشر هذا البحث نفسه في الموسوعة العربية، وكان موضع تحقيق من كثير من الباحثين المُحَكَّمِين الذين شهدوا له بالموثوقية، ولكَ أن تبحث عن هذا البحث وتعود إليه لتقرأه وتكتشف أنَّني أحفظ الكثير من أسماء القرى والبلدات الفلسطينية التي لا يدري كثير من العرب إن كانت موجودة في فلسطين أم في أمريكا الجنوبية.... وأما بخصوص امرؤ القيس والأعشى، فاعذرني لأنَّني، بعقلي الهرم، لم أكتشف الصلة بين اتباعهما ومخططات التقسيم الاستعماري الحديث للوطن العربي! ففي فهمي السقيم، لا أجد صلة بين طرفي هذه المعادلة إلا كالصلة بين علم الرياضيات الحديث وبيع الملابس المستعملة! (ابتسامة)... وأما عن تحذيرك لي من ملوك الأندلس وأسود الأطلس الذين يراقبونني عن كثب، يا حفيظ، فأيضاً لا أعرف لماذا يفعلون ذلك، مع أنَّني بريء والله، فلستُ أنا من باع أندلسهم، ولست أنا من استعمر أطلسهم.. خصوصاً وأنَّني تجاوزت الستين، ولا أقوى على حمل نفسي فضلاً عن حمل سلاح والقتال به، حتى ولو كان سكين كندرجي..! (ابتسامة أخرى أكبر).. وأخيراً لا يسرُّني تيقنك من وجود المستحيلات الثلاثة، لأنَّني إنسان واقعي لا أومن بهذه المستحيلات ولا بأيِّ مستحيل آخر، فلا وجود في رأيي للعنقاء ولا للغول بل هما مجرد خرافة، أمَّا الخلُّ الوفي، فموجود والحمد لله، ولي العديد من الخلان الأوفياء.. تقبَّل محبتي وتقديري...[/align] |
رد: راهن العالم الإسلامي/الفصل 3/تكاملُ الثقافات في العالم الإسلامي أم صراعُها؟
[align=justify]الأخ محمد جاد الله محمد..
شكراً لمداخلتك وأوافقك الرأي في الكثير مما وردَ فيها.. مع محبتي وتقديري..[/align] |
الساعة الآن 19 : 01 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية