![]() |
قراءة في رواية : ((1984)) للإنكليزي جورج أوريل
رواية تجدر قراءتها [align=justify]هذه الرواية التي تحمل اسم " 1984" صدرت في عام 1949 وهي لم تزل ممنوعة في معظم الدول العربية واعتقل أكثر من شاب لمجرد ضبطها معه. كاتب الرواية هو الروائي والصحفي الانكليزي المعروف باسم " جورج أورويل / Geoge Orwell " واسمه الحقيقي "إيريك آرثر بلير/ Eric Arthur Blair " وهي من الخيال السياسي المعروف باسم: " ديستوبيا / Dystobia " وباليونانية تعني: " المكان الخبيث " و هو ما يُصطلح على تعريفه بالانكليزية: (( أدب المدينة الفاسدة )) أو (( عالم الواقع المرير )) ، والديستوبيا تتميز غالباً بالتجرد من الإنسانية والحكومات الشمولية وغيرها من الخصائص المرتبطة بانحطاط كارثي. أهم شخصيات الرواية: · وينستون سميث: بطل الرواية، ويرمز للإنسان العادي. · جوليا: عشيقة وينستون الثائرة في السر، وفي العلن تبشر بعقيدة الحزب وتشغل منصبًا في رابطة متطرفة للشباب المناهض للجنس. وترتدي حزام العفّة. · الأخ الكبير: حاكم أوشينيا داكن العينين كثيف الشارب، الديكتاتور المطلع والمتحكم بكل شيء وهو الذي يجسد رأس الحزب الحاكم، صوره وأقواله وتماثيله منتشرة في كل مكان. · أوبراين: عضو في الحزب الداخلي يتنكر في شخصية عضو من الأخوية (المقاومة الثورية) ليخدع وينستون وجوليا ويوقعهما في الفخ. · إيمانويل غولدشتاين: أحد قادة الحزب السابق، وهو زعيم الأخوية ومؤلف كتاب الجماعية النخبوية بين النظرية والتطبيق. يرمز غولدشتاين إلى صورة عدو الدولة، أي الخصم الأيديولوجي الذي يُجمع شعب أوشينيا والحزب على كراهيته، ولا سيما خلال فعاليات إثارة الخوف، ولكن وينستون يدرك فيما بعد أن الكتاب من تأليف لجنة الحزب الداخلي التي تضم أوبراين.. ولا يستطيع بطل الرواية ولا القارئ في نهاية المطاف معرفة ما إذا كان غولدشتاين وأخويته حقيقيان أم من اختلاق ماكينة الحزب الدعائية. تقع أحداث الرواية المستقبلية والتي تنذر بنهاية العالم – وفق زمن كتابتها – في "إيرستريب" والتي كانت تعرف باسم بريطانيا، وأصبحت مقاطعة في دولة عظمى تدعى " أوشينيا " وهي إحدى الدول الثلاث العظمى التي اقتسمت العالم بعد حرب عالمية طاحنة؛ وعالم لا تهدأ فيه الحروب والرقابة الحكومية والتلاعب بالجماهير وتدور معظم الأحداث في لندن، عاصمة مقاطعة " إيرستريب"وتغص المدينة بملصقات لرئيس الحزب مكتوب عليها :"الأخ الأكبر يراقبك"، في حين تراقب شاشات العرض الحياة العامة والخاصة للشعب، وينقسم المجتمع في أوشينيا إلى ثلاث طبقات: · الطبقة العليا، أو الحزب الداخلي، وهي الأقلية الحاكمة، وتشغل 2% من السكان. · الطبقة الوسطى، أو الحزب الخارجي، وتشغل 13% من السكان. · الطبقة الدنيا، أو البروليتاريا، وتشغل 85% من السكان، وهي الطبقة الأميّة الكادحة. يحكم الحزب الحاكم قبضته على الجمهور عن طريق أربع وزارات: · وزارة السلام، وتعنى بأمور الحرب والدفاع. · وزارة الوفرة، وتعنى بالشئون الاقتصادية (تقليص الحصص الغذائية). · وزارة الحب، وتعنى بحفظ القانون والنظام (التعذيب وغسيل الأدمغة). · وزارة الحقيقة، وتعنى بالأخبار والترفيه والتعليم والفن (الدعاية). تخضع مقاطعة "إيرستريب" لنظام سياسي يدعو نفسه "الاشتراكية الانكليزية " وفق لغة " نيو سبيك" وهي اللغة التي ابتكرتها الحكومة ويملك زمامها نخبة أعضاء الحزب الداخلي الذين يلاحقون الفردية والتفكير الحر بوصفها جرائم حرب ، بينما يجسّد القائد: " الأخ الكبير" طغيان النظام، وهو قائد يحكم كزعيم فرد قائد ، في حين يسعى الحزب للسلطة المطلقة، لمصلحة النخبة وعلى حساب مصالح الشعب الذي يعاني القمع والاستبداد والاستعباد، أما بطل الرواية "وينستون سميث" فهو عضو في الحزب الخارجي وموظف في " وزارة الحقيقة"المسؤولة عن الدعاية ومراجعة التاريخ وتزييفه كلما لزم الأمر! .. وعمله فيها إعادة كتابة المقالات القديمة وتغيير الحقائق التاريخية بحيث تتفق مع ما يعلنه " الأخ الكبير " والحزب كلما أرادوا تغيير الحقائق.. يتلقى الموظفون في وزارة الحقيقة تعليمات تحدد التصحيحات المطلوبة، وتصف هذا التزييف بالتعديلات، كما يعكف جزء كبير من موظفي الوزارة على تدمير المستندات الأصلية التي لا تتضمن تلك التعديلات (التزييف وفبركة الأكاذيب) وبذلك يتم إتلاف كل دليل على كذب الحكومة وتزييفها. وينستون سميث - بطل الرواية - عضو في الحزب الخارجي، ويعمل في قسم الوثائق بوزارة الحقيقة كمحرر يتولى مراجعة الحقائق التاريخية ليتأكد من توافق الماضي مع موقف الحزب الذي يتغير باستمرار، كما يتولى محو أي إشارة إلى " اللا أشخاص" وهم أولئك الذين "تبخروا"، أي من لم تكتف السلطة بقتلهم وإنما أنكرت ومحت وجودهم وكل وثائقهم وما يشير إليهم نافية بذلك وجودهم أصلاً. تبدأ قصة وينستون سميث في 4 نيسان / إبريل 1984 "في يوم مشرق بارد، عندما دقت الساعة الثالثة عشرة" وفق ظنه ، فهو غير متأكد من التاريخ الحقيقي بسبب ما يفعله النظام من تلاعب بالتاريخ وإعادة كتابته، وقد اكتشف من خلال ذاكرته وقراءته للكتاب المحظور "النخبوية الجماعية بين النظرية والتطبيق" حقيقة ما حدث بعد الحرب العالمية الثانية؛ حيث وقعت المملكة المتحدة في براثن الحرب الأهلية إلى أن ابتلعتها أوشينيا، خليفة الولايات المتحدة والإمبراطورية البريطانية، بينما غزا الاتحاد السوفيتي أوروبا وأسس الدولة العظمى الثانية: أوراسيا. أما إيستاسيا، الدولة العظمى الثالثة، فتضم شرق آسيا وجنوبي شرقها. وقد اندلعت حرب ضروس بين الدول الثلاث لاحتلال باقي العالم، مكونة تحالفات وناقضة أخرى باستمرار. يذكر وينستون أنه شهد في طفولته (1949-1953) نشوب الحروب النووية في أوروبا وغربي روسيا وشمال أميركا، وإن كان لا يذكر بوضوح ما الذي حدث أولاً: انتصار الحزب في الحرب، أو ضم الولايات المتحدة للأمبراطورية البريطانية، أو الحرب التي قصفت فيها كولشيستر ، ولكنه يرجح أن القصف بالقنابل الذرية قد حدث أولاً، ثم الحرب الأهلية التي شهدت "اضطرابات في شوارع لندن نفسها" وتلتها إعادة هيكلة المجتمع التي أطلق عليها الحزب فيما بعد اسم "الثورة". يعيش وينستون سميث في مقاطعة "إيرستريب" على أنقاض إنكلترا التي قوضتها الحرب والنزاع المسلح والثورة أركانها، وهو عضو في الحزب الخارجي، ويقطن في شقة من غرفة واحدة دون أي طعام سوى خبز القمح والوجبات الصناعية والنبيذ السيئ الذي تنتجه الحكومة، وتنتشر شاشات العرض والتنصت في كل مبنى وشقة، إلى جانب مايكروفونات وكاميرات خفية ، والتي تمكن شرطة الفكر من تحديد أي مصدر خطر على النظام، في حين يتعلم الأطفال التجسس والتبليغ بمن يشتبهون في كونه مجرم فكر، ولا سيما آبائهم، ويعمل وينستون في وزارة الحقيقة كمحرر مسؤول عن مراجعة التاريخ؛ فهو يعيد كتابة الوثائق ويغير الصور بحيث تتفق مع ما يعلن الحزب أنه الحقيقة، ويمحو الأفراد المغضوب عليهم أو "اللا أشخاص"، كما يعدم الوثائق الأصلية في "ثقوب الذاكرة" أداة مخصصة لذلك. يجتهد وينستون في عمله ويؤديه كما يُطلب منه ، برغم بغضه للحزب سرًا وأمنياته باشتعال ثورة على الأخ الكبير وحكومته. يدهش وينستون لمعرفة الماضي الحقيقي ويحاول معرفة المزيد عنه، وفي غفلة من شاشة العرض بشقته يكتشف زاوية لا ترصدها شاشة العرض والمراقبة، فيشرع في كتابة مذكراته وانتقاد الحزب وزعيمه المعبود "الأخ الكبير" وهي جريمة عقوبتها الوحيدة، إذا اكتشفتها شرطة الفكر ، الإعدام. في الوزارة معه ، تعمل " جوليا" شابة مختصة بصيانة آلات كتابة الروايات التي كان يكرهها وينستون. إلى أن دسّت في يده ورقة تعترف له فيها بحبها له، ليكتشف لاحقاً أنها تبغض الحزب مثله تماماً، فيهيمان ببعضهما عشقاً ويلتقيان في الريف ثم في غرفة مؤجرة فوق متجر للتحف في إحدى أحياء لندن الفقيرة ، وفي تلك الغرفة يشعران بالأمان لعدم وجود شاشة عرض ومراقبة. يقترب وينستون من أوبراين، عضو الحزب الداخلي، الذي يشعر أنه عميل للأخوية، وهي منظمة سرية تعتزم القضاء على الحزب. وبعد مناقشة بينهما، يعطيه أوبراين كتاب "الجماعية النخبوية بين النظرية والتطبيق" من تأليف "إيمانويل غولدشتاين" قائد الأخوية المكروه شعبيًا بأمر الحكومة ؛ ويشرح الكتاب مفهوم الحرب الدائمة، والمعنى الحقيقي لشعارات الحزب: الحرب هي السلام، والحرية هي العبودية، والجهل هو القوة ويشرح أيضا كيف يمكن الإطاحة بالحزب برفع الوعي السياسي للدهماء. تعتقل شرطة الفكر كل من وينستون وجوليا وتحتجزهما في وزارة الحب للتحقيق، ويتضح أن مالك المتجر الذي قام بتأجير الغرفة لهما هو أحد عناصر شرطة الفكر، بل وإن أوبراين نفسه من عناصرها، ولكنه يدّعي المعارضة للإيقاع بمجرمي الفكر المحتملين. يتعرض وينستون لتعذيب أليم كي "يشفى من جنونه" (جنون كراهيته للحزب). يتبجح أوبراين بأن ما يدفع أعضاء الحزب الداخلي هي السلطة التامة والمطلقة، هازئًا من تبرير وينستون أنهم يسعون للسلطة "للمنفعة العامة". ومن ثم، يعترف وينستون بجرائم ارتكبها ولم يرتكبها، ويدين الجميع، بما فيهم جوليا، ولكن أوبراين لا يقتنع بتلك الاعترافات ويرسله إلى الغرفة 101 ، آخر مراحل إعادة تأهيله والغرفة الأكثر إثارة للذعر في وزارة الحب بأسرها؛ إذ تحتوي على أسوأ مخاوف السجين المعتقل.. يوضع وجه وينستون في قفص حديدي مليء بالفئران الجائعة، وحينها يخون حبه لجوليا، ويصيح بهم أن يعذبوها بدلاً منه. فيما بعد يتقابل وينستون وجوليا في إحدى الحدائق بعد أن أعيد دمجهما في المجتمع، حيث تكشف أنها تعرضت أيضاً للتعذيب ، ويقران لبعضهما أن كل منهما قد خان الآخر. بينما تعلن نشرات الأخبار عن "انتصار ساحق" أمام جيش أوراسيا على الأراضي الأفريقية. ثم تبدأ احتفالات صاخبة، يتخيل وينستون أنه يشارك فيها، ناظرًا بكل إعجاب للوحة للأخ الكبير (غسيل الدماغ بالتعذيب) وتنته الرواية عندما يشعر أنه قد أنهى " منفاه الإختياري العنيد" عائدًا إلى حب الأخ الكبير. ** اقتباسات من الرواية: · لا يمكن الاحتفاظ بالسلطة إلى الأبد إلا عبر التوفيق بين المتناقضات. · إن السلطة ليست وسيلة بل غاية، فالمرء لا يقيم حكماً استبداديًا لحماية الثورة، وإنما يشعل الثورة لإقامة حكم استبدادي. · كلما ازداد الحزب قوة ومنعة قلت درجة تسامحه، وكلما ضعف معارضو السلطة اشتدت قبضة الاستبداد والطغيان. · من المستحيل أن تؤسس حضارة على الخوف والكراهية والقسوة، فمثل هذه الحضارة إن وجدت لا يمكن أن تبقى. · إذا لم يكن من المرغوب فيه أن يكون لدى عامة الشعب وعي سياسي قوي، فكل ما هو مطلوب منهم وطنية بدائية يمكن اللجوء إليها حينما يستلزم الأمر. أضيفت مصطلحات هذه الرواية إلى الاستخدام الشائع ، ومنها: "الأخ الكبير" و " التفكير المزدوج" و" جريمة الفكر" و"الغرفة 101" و "شاشة العرض " و " 2+2=5 " و"بئر الذكريات" وانتشرت صفة " أورويليّ" لتعني الخداع الحكومي والمراقبة السرية وتلاعب الدولة الشمولية السلطوية بالتاريخ الموثق. اختارت مجلة تايم الرواية عام 2005 ضمن أفضل 1000 رواية باللغة الإنجليزية بين سنتي 1923 و2005 ووصلت إلى قائمتي دار نشر ""Modern Library" لافضل 1000 رواية، متربعة في المركز الثالث عشر على قائمة المحرر والمركز السادس في قائمة القراء ووصلت إلى المركز الثامن في استفتاء أجرته هيئة الإذاعة البريطانية . لخص أورويل الفرضية التي تكمن خلف روايته القاسية في عام 1944 والتي استلهمها من عواقب تقسيم العالم إلى مناطق نفوذ بموجب مؤتمر طهران ، ثم شرع في كتابتها بعد ثلاث سنوات على جزيرة جورا الاسكتلندية بين سنتي 1947 و1948 رغم معاناته حينها مع مرض السل. وفي 4 كانون الأول ديسمبر 1948، أرسل المخطوطة النهائية إلى دار النشر وصدرت الرواية في 8 حزيران / يونيو 1949 وترجمت إلى 65 لغك بحلول 1989، أكثر من أي رواية إنكليزية أخرى وكثيراً ما يتم استخدام عنوان الرواية وموضوعاتها واللغة الجديدة ولقب الكاتب، لمناهضة تسلط الدولة، بينما تصف كلمة "أورويليّ" الدولة الشمولية التي تسخّر الحشود، أما "اللغة الجديدة" التي ابتكرها أورويل فهي تسخر من نفاق الحكومات، كان اسم الرواية في البداية "الرجل الأخير في أوروبا"، ولكن أورويل ذكر في خطابه إلى الناشر فريدريك واربيرغ بتاريخ 22 تشرين الأول / أكتوبر 1948، أي قبل ثمانية أشهر من صدور الرواية، أنه حائر بين هذا العنوان و1984 فاقترح عليه واربيرغ أن يختار الثاني لأنه سيحقق رواجاً . منذ صدورها لأول مرة تعرضت الرواية للمنع والملاحقة القضائية في عدد من بلدان العالم، بحجة أنها عمل هدّام أو ذو أيديولوجية تخريبية. في هذه الرواية ، تتحكم في العالم ثلاث دول شمولية متناحرة · أوشينيا: (أيديولوجيا الإنكراكية أو الاشتراكية الإنكليزية) وتشمل نصف الكرة الغربي والجزر البريطانية وأوستراليا وشمال أفريقيا · أوراسيا (أيديولوجيا البلشفية الجديدة) وتشمل أوروبا وروسيا وسيبيريا · إيستاسيا (أيديولوجيا تدمير الذات أو عبادة الموت) وتشمل الصين واليابان وكوريا والهند الصينية تخوض هذه الدول الثلاث حربًا لأجل السيطرة على المناطق المتنازع عليها، وتستغل كل منها مستعمراتها كشمالي أفريقيا والشرق الأوسط وهونغ كونغ والهند ، كمواقع عمل للعبيد، وتعتبر منشوريا ومنغوليا وآسيا الوسطى ساحات حرب بين أوراسيا وإيستاسيا، في حين تتقاتل جميعها للاستيلاء على جزر المحيطين الأطلسي والهادئ. يوضح غولدشتاين في كتابه أن الأيديولوجيات الثلاث المذكورة تتشابه جميعاً وأنه لابد أن يظل العامة على جهلهم كي تظل كراهيتهم مستعرة ضد الأيديولوجيات الأخرى، ولا يتلقى مواطني أوشينيا (وخاصة أعضاء الحزب الخارجي) أي معلومات عن العالم الخارجي سوى بعض الخرائط المصغرة ودعاية الحزب المؤيدة للحرب. يعرف القارئ عبر ذاكرة بطل الرواية وينستون سميث وكتاب إيمانويل غولدشتاين عن بعض الملامح التاريخية التي تسببت بقيام الثورة؛ فقد تأسست دولة أوراسيا بعد الحرب العالمية الثانية ، ويبدو أن ذلك حدث بعد انسحاب القوات الأمريكية والبريطانية من أوروبا ليبتلعها الاتحاد السوفيتي دون معارضة تذكر( حسب الرواية) واحتلت الوليات المتحدة بدورها بريطانيا وكندا وأميركا اللاتينية ، لتتحول بذلك إلى دولة أوشينيا التي تهيمن على ربع الكوكب، وكان ذلك عقب الحروب النووية التي أشعلت نيران الحروب، والمواجهة فيما يبدو كانت نووية قصيرة بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة كرد فعل على توسع كلاهما، وفي خضم المعركة سقطت بعض القنابل على بريطانيا، ومن بينها هجوم نووي على مدينة كولشيستر، بينما الحزب يؤكد أنه لم تنشب أي ثورة على الإطلاق، وإنما هو انقلاب أتى بنخبة من أهل الفكر إلى سدة الحكم. أما إيستاسيا، آخر الدول العظمى ، فتشمل البلدان الآسيوية التي غزتها الصين واليابان، وعلى الرغم من صغر مساحتها مقارنة بأوراسيا، إلا أن ارتفاع عدد السكان يعوضها عن ذلك. حدث كل ما سبق بين أربعينيات وستينيات القرن العشرين، دون تحديد واضح لترتيب الأحداث.. ولكن يمكن التوصل إلى بعض التواريخ، فوينستون يقابل جوليا ذات يوم في أطلال كنيسة دمرت في هجوم نووي قبل ذلك بثلاثين عامًا، أي أن الحرب الذرية التي أطاحت باستقرار المجتمع وسمحت للحزب أن يحكم قبضته على السلطة، تلك الحرب قد نشبت سنة 1954، كما ذكر في الرواية أن الربع الرابع من 1983 يقع ضمن الخطة الثلاثية التاسعة، أي أن الخطة الأولى بدأت في تموز / يوليو 1958، وبذلك يتحدد التاريخ الذي استولى فيه الحزب على السلطة في أوشينيا. توسعت الرواية في شرح الموضوعات حول القومية ونقص المفردات اللازمة لشرح الظواهر الكامنة في بعض القوى السياسية، ولهذا فقد اتخذ من اللغة الجديدة في الرواية وسيلة لشرح الأمر، نظراً لكونها لغة اختزالية فرضها الحزب على الشعب، وتنقسم القومية إلى: · القومية الإيجابية القائمة على الحب، كحب شعب أوشينيا الدائم للأخ الكبير، والقومية الكلتية والإسرائيلية البريطانية (معتقد يقوم على نظرية أن شعوب غرب أوروبا وشمالها تنحدر من القبائل العشر المفقودة من بني إسرائيل). · القومية السلبية القائمة على الكراهية، ككراهية شعب أوشينيا الدائم لإيمانويل غولدشتاين، والستالينية وكراهة الانكليز ومعاداة السامية. · القومية المنتقلة: في نصف جملة ما يغير من يخطب بالشعب هوية عدو أوشينيا، فما يلبث الحشد أن ينقل كراهيته إلى العدو الجديد، أي أن القومية المنتقلة تغير مواضيع الحب والكراهية بسلاسة ودون توقف. أبرز الأمثلة على هذا النوع هي الشيوعية والعنصرية والسلامية والتمييز بين الطبقات. وتجد هذا الموقف في الرواية أثناء مظاهرة للحزب ضد العدو الأصلي، أوراسيا، حين أعلن الخطيب في منتصف حديثه أن أوراسيا طالما كانت حليفًا، ليثور الحشد ويدمر الملصقات التي تندد بفظائع أوراسيا حليفتهم الأبدية، وينادي الكثير بأنها مؤامرة من عدوتهم (وحليفتهم السابقة) إيستاسيا، علماً بأن الحشد نفسه هو من علق تلك الملصقات في المقام الأول، ولكنهم يؤكدون أن إيستاسيا هي غريمتهم منذ الأزل! ويختتم أوبراين نظرته عن القومية بقوله: "إن الملاحقة القضائية غاية لا وسيلة، وكذلك التعذيب، بل والسلطة نفسها". يصف أوبراين، عضو الحزب الداخلي، رؤية الحزب للمستقبل على النحو التالي: "سوف يندثر الفضول، سوف تختفي المتعة من الحياة، سنقضي على كل اللذات المتناقضة، ولكن لا تنس يا وينستون، ستظل نشوة السلطة ولن تغيب البتة، بل ستزداد وتخفى على العامة. سترى دائمًا حشودًا تحتفل بنصر ما ، تنتشي بسحق العدو المغلوب على أمره. إذا أردت تصور المستقبل، تخيل حذاء يدهس وجهاً بشرياً، للأبد." تعد الرقابة من أهم الموضوعات التي تناولتها الرواية في الحكم الشمولي، ولا سيما الجزء الخاص بوزارة الحقيقة، حيث تعدل الصور وتعاد كتابة السجلات العامة لمحو "اللا أشخاص"، أي أولئك الذين اعتقلوا وقرر الحزب أن يمحوهم من التاريخ. ويعلن الحزب على شاشات العرض إحصائيات مبالغ فيها (أو مختلقة) عن الإنتاج لتوحي باقتصاد مزدهر، بيد أن الواقع هو النقيض؛ ومن أمثلة الرقابة نرى المهمة الموكلة إلى وينستون بمحو أي إشارة إلى لاشخص في إحدى المقالات، ثم تأليف مقال عن الرفيق أوجيلفي (عضو في الحزب من نسج الخيال) والإشادة بمناقبه وتضحيته عندما ألقى نفسه من الهليكوبتر إلى قلب البحر حتى لا تقع يد العدو على الحمولة التي كان ينقلها. لا يتمتع سكان أوشينيا، وخاصة أعضاء الحزب الخارجي، بأي خصوصية حيث يعيش كثير منهم في شقق مزودة بشاشات عرض تراقبهم على مدار الساعة، وتنتشر تلك الشاشات كذلك في أماكن العمل والأماكن العامة، وإن لم توجد، فثمة ميكروفونات مخبأة في كل مكان. كما تطلع الحكومة على أي مراسلات مكتوبة قبل إرسالها، وتوظف شرطة الفكر عملاء يتخفون في هيئة مواطنين عاديين ويقدمون تقارير حول أي فرد يبدي ميولا هدامة. ويشجع الأطفال على إبلاغ الحكومة عن أي شخص مريب، والتبرؤ من آبائهم إذا لزم الأمر، وتتحكم تلك الرقابة في المواطنين إلى حد يجعل أبسط تلميح إلى الثورة، ولو بتعبير على الوجه، يلقي بالمرء في غياهب السجن على الفور، وبذلك، يخضع جميع السكان (ولا سيما أعضاء الحزب) للأخ الكبير. "مبادئ اللغة الجديدة " مقالة أكاديمية ملحقة بالرواية" تصف تطور لغة الحزب الاختزالية، وكيف توحد بين فكرة الإنكراكية (الاشتراكية الإنكليزية) وفكر العامة وأفعالهم، وذلك بجعل "جميع أنماط الفكر الأخرى عصية على الذهن تمامًا. كان أورويل يتوقع مستقبل مظلم للبشرية وما يشيع اليوم من سياسات للتحكم في البشر مصداقاً للرواية، ويمكن تفسير محاولة بعض النقاد إبرازها كعمل نهايته متفائلة، في إطار التفكير المزدوج؛ فالحكومات ومؤيدوها يسعون لنفي تهمة الشمولية عن أنفسهم بادعاء أن ما كتبه أورويل محض خيال أو شيء من الماضي أو قصة ذات نهاية مشرقة. تستوحي هذه الرواية أحداثها من الاتحاد السوفييتي والحياة وقت الحرب في بريطانيا ، وقد كتب المنتج الأميركي "سيدني شيلدون" إلى أورويل مبدياً اهتمامه بتمثيل الرواية على المسرح ، فمنحه الحق في ذلك، موضحاً أن الهدف الرئيس من الرواية هو تخيل عواقب حكم نظام شمولي للمجتمع. استلهم الكاتب الرواية من الشيوعية ، لأنها النمط السائد من الشمولية عبارة "2+2=5" التي استخدمت في تعذيب وينستون سميث أثناء التحقيق، يرجع أصلها إلى إحدى شعارات الحزب الشيوعي وخطته الخمسية الثانية، وكان يعني ذلك أن تنجز تلك الخطة في أربعة أعوام بدلا من خمسة، وقد علق هذا الشعار في جميع أرجاء موسكو وإلى جانب ذلك، يشير تحالف أوشينيا مع إيستاسيا عوضًا عن أوراسيا وما تلا ذلك من إعادة كتابة للتاريخ، إلى تغيير الاتحاد السوفيتي لمواقفه من ألمانيا النازية، فقد كان كلاهما في عداء سافر حتى وقّعا معاهدة عدم الاعتداء سنة 1939، فتحولا إلى حلفاء حتى غزا النازيون الأراضي السوفييتية سنة 1941، وبين هاتين السنتين، لم يسمح بأي نقد لألمانيا في الصحافة السوفييتية، ولا لأي إشارة للموقف السابق للشيوعيين، بما في ذلك أغلبية الأحزاب الشيوعية غير الروسية التي كانت تتبع تلك السياسة الرسمية. وكان أورويل قد انتقد الحزب الشيوعي ببريطانيا العظمى في مقال له بعنوان "خيانة اليسار" يدين فيها تأييد الحزب لتلك المعاهدة ؛ وتتشابه ملامح غولدشتاين وتروتسكي إلى حد بعيد، وتصور أفلام دقيقتي الكراهية أولهما على هيئة "خروف ذو ثغاء" تماماً مثلما صورت الأفلام السوفييتية تروتسكي، كما يشبه كتاب غولدشتاين تحليل تروتسكي ذو النبرة اللاذعة للاتحاد السوفييتي بعنوان "خيانة الثورة" وقد صدر سنة 1936. وبالإضافة إلى ما سبق، يتشابه الأخ الكبير دائم الحضور مع "جوزيف ستالين" فكلاهما يعبدهما الدهماء لسطوتهما. تركز الأخبار، مثل نظيرتها في الاتحاد السوفييتي، على الإحصائيات المتعلقة بالإنتاج ، حيث تحطم الأرقام القياسية في المصانع على أيدي "أبطال العمل الاشتراكي" الذين يتلقون تمجيدًا لا يضاهى، وأشهر أولئك "الأبطال" على سبيل المثال عامل يدعى أليكسي ستاكانوف في الاتحاد السوفييتي سنة 1935 كما تماثل ممارسات التعذيب بشرطة الفكر ما اقترفته الاستخبارات السوفينية والحكومات المتأثرة بها في تحقيقاتها، مثل الضرب بالهراوات المطاطية ومنع المعتقل من وضع يديه في جيوبه، وإبقائه في غرف مضاءة بأنوار ساطعة لعدة أيام، والتعذيب باستخدام الفئران الجائعة، ووضع مرآة أمام السجين بعد انهيار جسده. يشير القصف العشوائي لمقاطعة إيرستريب إلى القصف الذي تعرضت له إنكلترا بين عامي 1944 و 1945 - مثلما ذكر سابقًا ـ تشير شرطة الفكر إلى الاستخبارات السوفييتية التي كانت تعتقل أفراد الشعب دون داع سوى إبدائهم بعض التعليقات الناقدة للاتحاد السوفييتي كما تشير أيضاً إلى الشرطة السرية الحربية اليابانية، وكانت كسابقتها تعتقل الأفراد بحجة اعتناقهم أفكاراً "غير وطنية". تتشابه اعترافات "مجرمي الفكر" رذرفورد وآرونسون وجونز مع المحاكمات الشكلية التي عقدت في ثلاثينيات القرن العشرين، وتضمنت شهادات زور أدلى بها بعض ثلاثة من البلاشفة البارزين "نيكولاي بوخارين" و"كريكوري زينوفايف" و"ليف كيمينيف" ومفاد تلك الشهادات أنهم كانوا يحصلون على تمويل من الحكومة النازية كي يوجهوا ألسنة النقد للنظام السوفييتي تحت قيادة ليون تروتسكي. استوحى أورويل "فعاليات الكراهية" من المسيرات التي كانت هيئات الحزب تنظمها في الحقبة الستالينية واجبار الموظفين والعمال على الخروج، وكانت في أغلب الأحيان خطب تلقى على مسامع العمال قبل مواعيد عملهم، كما استمرت في بعض الحالات لأيام، ولا سيما في الاحتفالات السنوية بذكرى الثورة البلشفية؛ أما النظريات المتعلقة باللغة مثل: "اللغة الجديدة" و"التفكير المزدوج" و"وزارة الحقيقة" فترمز للإعلام السوفييتي والنازي، وخاصة اللغة الأيديولوجية السوفييتية التي صيغت بحيث تضمن ألا يتساءل العامة عن صحة ما يسمعونه من تصريحات استند الكاتب في رؤيته لوظيفة وينستون سميث كمراجع للتاريخ على محو نظام ستالين للمنشقين عن الحزب من الصور الجماعية، وعدم الإشارة لهم في الكتب والصحف. وأبرز مثال على هذا هو " لافينتي بيربا " فقد ضمت الموسوعة السوفييتية مقالاً عنه قبيل اعتقاله وإعدامه سنة 1953، وعندما حدث ذلك أصدرت السلطات أمراً إلى الجهات التي كانت تملك نسخ الموسوعة بوضع مقال آخر فوق ذلك المقال المذكور. استلهمت "أوامر اليوم" التي يصدرها الأخ الكبير من الأوامر المتكررة التي كان ستالين يصدرها في زمن الحرب، وقام بجمع بعضها ونشرها مع خطاباته من الفترة نفسها في كتاب بعنوان "عن الحرب الوطنية العظمى التي خاضها الاتحاد السوفييتي " وكان كلا الزعيمين يشيدان في تلك الأوامر بالأبطال الشيوعيين، مثل الرفيق أوغيلفي الذي اخترعه وينستون سميث خصيصًا لإحدى خطب الأخ الكبير. يعيد شعار الإنكراكية (حياتنا الجديدة السعيدة) إلى الأذهان بيان ستالين سنة 1935 الذي صار فيما بعد شعاراً للحزب الشيوعي السوفيتي ، ونصه : "لقد صارت حياتنا أفضل يا رفاق، ها قد تبسم لنا ثغر الزمان". من جهة أخرى في مجال هذا العرض ، في عام 1940 نشر الكاتب الأرجنتيني " خورخي لويس بورخيس " قصة قصيرة تصف إنشاء "مجتمع سري خيّر" يسعى لإعادة صياغة اللغة البشرية والحقيقة ضمن أطر يضعها البشر بأنفسهم، يختتم فيها القصة بملحق يصف نجاح المشروع ؛ وتعالج قصة بورخيس نظرية المعرفة واللغة والتاريخ يشبه ما عرضه لاحقاً أوريل في روايته ، كما أجرى النقاد مقارنات بين رواية أوريل ورواية (( عالم جديد شجاع )) لألدو هكسلي التي صدرت عام 1932، حيث توقع كلاهما مستقبل تهيمن فيه الحكومات على الشعوب والمجتمعات، ولكن أوريل صور الطبقة الحاكمة تسيطر على العامة بالقوة الغاشمة والاستعباد والتعذيب والتحكم في الذهن لإخضاع الأفراد الثائرين، في حين عرض عالم جديد شجاع حكامًا يخضعون مواطنيهم عن طريق المخدرات ومختلف سبل اللهو الجالبة للسرور. أرسل هاكسلي في تشرين الأول / أكتوبر 1949 رسالة إلى أورويل بعد ان قرأ 1984، أخبره فيها بأنه يعتقد أن حكام المستقبل سيكونون أكثر كفاءة في الإمساك بزمام السلطة إذا أحجموا عن القوة الغاشمة وسمحوا للمواطنين بالبحث عن المتعة بأنفسهم، مما يمنحهم شعوراً زائفاً بالحرية : "أ عتقد أن زعماء العالم في الجيل التالي سيكتشفون كفاءة التنويم المغناطيسي بالمخدرات وما إليها كأدوات سيطرة يستعيضون بها عن الهراوات والسجون، وأن شهوة السلطة سيكون لها إغراء يجعل العامة يتغنون بروعة عبوديتهم من تلقاء أنفسهم دون الحاجة لإجبارهم على الطاعة بالقوة الجسدية". في الختام يمكن رؤية تحقق نبوءة كلا المؤلفين بالنظر إلى المجتمعات المعاصرة، فتصور هاكسلي يسيطر على الغرب وتصور أورويل يشيع في الدول الشيوعية السابقة والشرق الأوسط، وقد أشير إلى ذلك في عدة مقالات تقارن بين الروايتين، بما فيها مقال لهاكسلي نفسه بعنوان: ((إعادة نظر في عالم جديد شجاع)). **** المراجع: [/align]الرواية سيرة أورويل وكيبيديا مقال هاكسلي |
رد: قراءة في رواية : ((1984)) للإنكليزي جورج أوريل
[align=justify]37 دقيقة من المتعة ! هي فعلا رواية استشرافية ، مخيفة للأنظمة الشمولية كأنظمتنا العربية ! حدث في العالم أكثر مما توقّعته أحداث الرواية !!! شكرا لك رائعتنا الأستاذة الأديبة هدى نور الدين الخطيب ، على هذه القراءة المفيدة وذات الدلالة العميقة، (وليتدبّر أولو الألباب) !!![/align]
|
رد: قراءة في رواية : ((1984)) للإنكليزي جورج أوريل
[align=justify]جرد مميز وتحليل دقيق لمجريات هذه الرواية الشيقة التي حملتني ولو خيالا إلى حقب تاريخية متنوعة .
غالبا ما تكون نبؤات الكتاب صادقة ، وها نحن نرى تداعيات التسلط والجشع يجرف العالم نحو نهاية رهيبة . استمتعت جدا بهذا التحليل الرائع والمتمكن . شكرا لك أستاذة هدى .. كب المودة والتقدير .[/align] |
رد: قراءة في رواية : ((1984)) للإنكليزي جورج أوريل
[align=justify]أخي الغالي الشاعر الأستاذ محمد الصالح ، ألف تحية وسلام..[/align][align=justify] شهادتك كما تعرف أعتز بها جداً .. هذا هو الغرض .. أن نفتح آفاق القراءة ونطل على مختلف أنواع الآداب ونستعيد متعة القراءة ، هذا من جهة ومن جهة أخرى الأدب السياسي وخصوصاً ما يُعرف بـ (( Dystobia)) لم نعطه حقه بما فيه من استشراف للمستقبل وتحذير وتنوير، وسط آفات كثيرة تغزو العالم وتستعبد الشعوب بمسميات أخرى - تبعاً للمرحلة - نحن نعيش الزمن الأخطر على الإطلاق ، فإن يكن المعسكر الشرقي بما فيه الشرق الأوسط يعتمد النظام الشمولي المخيف ( كما ورد في هذه الرواية ) فالمجتمع الغربي وما يتبعه مما يسمى دولاً ديمقراطية تنطبق عليه الرواية الأخرى لأرسل هاكسلي: (( عالم جديد شجاع)) ، في قارة أميركا يُسمح للهنود الحمر ( أصحاب البلاد الأصليين) بتعاطي المخدرات، وربما بتسهيلها وتحفيزهم على تعاطيها ، ناهيك عن الاستعباد بالتقنيات الحديثة وتسهيل الشراء ببطاقات الائتمان، والديون التي تتراكم على كل فرد وهو يلهث راكضاً طوال حياته لسد ديونه - ويظن نفسه حراً - فيما هو مستعبد ولكن بطريقة حضارية ، لا ترحم أيضاً..! كثير من الناس في عالمنا العربي اعتبروا الربيع العربي الذي تمّ اغتياله بالثورات المضادة ، مؤامرة دولية لتفكيك بلادنا - ولا شك في وجود مؤامرة دولية خطيرة - ولكن ليست الشعوب المهانة المقهورة المستعبدة المنتهكة كرامتها وكل حرماتها من تستدعي الاستعمار لتنفذ مؤامراته، الطغيان هو معين المؤامرة وحارس الاستعمار، الفساد هو داعم المؤامرة، الظلم والحرمان والتجهيل وثراء فئة قليلة على حساب معظم فئات الشعب.. المؤامرة بالقضاء على الطبقة المتوسطة التي هي عماد أي مجتمع سليم، البطالة والتجهيل، تهجير الشباب والفئات المتعلمة والأدمغة التي تحتاجها الأوطان إلخ.. إلخ.. إلخ.. أستغرب كثيراً دفاع بعض الناس عن الطغاة واعتبارهم صمام أمان واعتبار كل من يرفض ظلمهم خائن لوطنه ومنفذ لمؤامرة خارجية .. مجتمعاتنا تحتاج لكثير من التنوير وهذا ما لا تسمح به الأنظمة الشمولية لأن مصالحهم تقتضي تحويل الشعوب إلى مجرد أغنام وعبيد في مزارعهم ، ورحم الله جدي عمر بن الخطاب حين قال: (( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً )) ، فالمواطن المطلع المتعلم الحر هو الذي يبني وطناً قوياً وهو صمام الأمان. تقبل أخي الغالي أعمق آيات تقديري وآسفة على الإطالة.[/align] |
رد: قراءة في رواية : ((1984)) للإنكليزي جورج أوريل
[align=justify]أخي الغالي الأديب الأستاذ رشيد ، ألف تحية وسلام شهادتك أعتز بها ومداخلتك وقراءتك أثلجت قلبي .. فحين يكون أخي رشيد يرتاح قلبي وأطمئن.. نعم .. كما تفضلت تماماً وفصلت أعلاه في ردي على أخي الشاعر الأستاذ محمد الصالح.. نحن يا أخي نعيش زمناً مرعباً بكل المقاييس .. يبدو أن العالم ينحدر بسرعة فائقة نحو الهاوية والدمار الذاتي، وما صعود اليمين المتطرف في الغرب سوى هذا القطار غير المبصر .. ما الفرق بين لوبان وترامب وبين حاكم كويا الشمالية كيم جونغ أون؟! لقد قام العلماء هذا العام بتقصير الساعة الزمنية لعمر الأرض بعد فوز ترامب وصعود اليمين المتطرف..! أخي الغالي يسرني جداً استمتاعك بعرض الرواية تقبل على الدوام أعمق آيات تقديري واحترامي[/align] |
رد: قراءة في رواية : ((1984)) للإنكليزي جورج أوريل
شكرا أستاذة هدى نور الدين الخطيب على عرضك المميز هذا، وشكرا على تحليلك. شكرا لأنك ذكرتنا بها. أنا قرأت الرواية و هي جد ممتعة، وتملك خصوصية ما. فالقارئ حينما يقرأها يستمع بالأحداث ويتابع محاولة البطل الدائمة للخروج من المآزق الكاتمة على النفس والروح، ولكن في نفس الوقت يحس بكآبة رهيبة، كأنما لا منفذ ولا مخرج إلى حد الغثيان. أنا استمعت بقراءتها ، لكن لم تعجبني النهاية لأن النظام المستبد هو الذي انتصر. يجب أن يظل دائما هناك أمل.
تحياتي وتقديري. |
رد: قراءة في رواية : ((1984)) للإنكليزي جورج أوريل
باقة شكر لك أديبتنا الفضلى هدى نور الدين الخطيب
على قراءة متمكنة في جرد كل التفاصيل المهمة والأحداث الأساسية والشخوص المحورية ، هي قراءة جد رائعة لرواية أظنها ستبقى حية خالدة ما دامت القيم مهمشة ، وما دامت هذه السياسة القمعية النمطية هي السائدة ، وما دامت الأحزاب الحاكمة ، ديكتاتورية متسلطة بارعة في خلق صورة وهمية متكررة وإن اختلفت ملامح الوجوه " صورة الأخ الأكبر" الذي يراقب ويتجسس ويسيطر ....فيتمكن من فرض الرقابة وإحصاء أنفاس وحركات وتفكير المواطنين .. "لا مهرب لك، أنت لا تملك سوى تلك السنتيمترات المكعبة داخل جمجمتك“. إنه الولاء المطلق ...للكراهية .. والخيانة والقسوة والجفاء .. ولاء للخوف والاستعباد والذل ولاء يُغيب التفكير ، فيغيب معه الوعي والإدراك ،بأهمية السلام ، والحق في الحرية ،ومشروعية الحب .. دمت مبدعة ودام قلمك متميزا .. احترامي وتقديري |
رد: قراءة في رواية : ((1984)) للإنكليزي جورج أوريل
[align=justify]الأديبة العزيزة أستاذ بشرى تحياتي لك.. في البداية اسمحي لي أن أقدم اعتذاري لك ولصديقتي العزيزة دكتورة رجاء على التأخر بالرد ، بدواعي السفر والغياب الاضطراري عن نور الأدب. رائع صديقتي أن يكون قد سبق لك قراءة الرواية ، وخرجت بهذه الانطباعات والملاحظات الهامّة... أظن صديقتي روايات الخيال السياسي المعروفة باسم: " ديستوبيا / Dystobia ، غالباً إن لم يكن دائماً نهاياتها مأساوية وقاتمة ، حتى تترك أثراً لا يمحى في نفوس القراء بقصد الدرس والتحذير مما يمكن أن تصل به هذه الأنظمة الشمولية المستبدة بتركيبتها الهداّمة من مآسي وكوارث على البشرية والعالم واستمرار الحياة الإنسانية. شكراً لقراءتك الرائعة مع أعمق آيات تقديري واحترامي[/align] |
رد: قراءة في رواية : ((1984)) للإنكليزي جورج أوريل
[align=justify]صديقتي الغالية الأديبة الناقدة دكتورة رجاء هو كذلك للأسف .. منذ أقل من ثلاثة أشهر، في أحد بلادنا العربية السعيدة، عثر الأمن على نسخة من هذه الرواية مع طالب في الجامعة ، فتم القبض عليه وإيداعه أحد المعتقلات .. تصوري الحال الذي وصلنا إليه ومدى تشابهه مع مجريات الرواية..! ربما ما نعيشه اليوم أشد سوءاً.. فكرة الأمن والمخابرات المعكوسة.. تدريب عناصر إلى أن تغدو وحوشاً بشرية تفلت على بسطاء الناس ، وعين على كل إنسان والأعداء الحقيقيون باتوا أصدقاء.. العدو فقط هو المواطن البسيط الشريف الذي لم يدخل دائرة الفساد والمتاجرة بكل شيء ، والعدو المغتصب حليفاً .. إنه عصر سحق كل القيّم الإنسانية بامتياز..! جزيل الشكر لك صديقتي الناقدة المتميزة مع أعمق آيات تقديري واحترامي[/align] |
رد: قراءة في رواية : ((1984)) للإنكليزي جورج أوريل
هي حقًا إحدى الأعمال الخالدة وانعكست أحداثها بصورة مباشرة على عالمنا العربي، حيث أطيح بالربيع العربي في مهده، وللأسف وجدنا حتى المثقفين وضحايا الأنظمة الشمولية تدافع بحرقة عن الأنظمة الاستبدادية، على أيّة حال "لا يغيّر الله ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم". مشروع رائع لاستعراض الأعمال الكبيرة وتحليلها في محاولة لمعرفة انعكاساتها على الواقع.
مودّتي. |
الساعة الآن 06 : 10 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية