![]() |
صورة العربي في الأدب الصهيوني/الجزء الثالث..
[align=justify]من خلال الإطلالة السريعة التي قدَّمها الجزآن الأول والثاني من هذا البحث، على القليل مما لفقه الأدباء الصهاينة من افتراءات تَصِمُ العربي بأقبح الصفات والخصال وأبشعها، يمكن تسجيل بعض الملاحظات الاستنتاجية التي ربما يكون من أهمها: [/align]
أولاً، لا واقعية صورة العربي في الأدب الصهيوني: [align=justify]لا شك أنَّ وصف هذه الصورة باللاواقعية يستمد صحته، بالدرجة الأولى، من كونها (صورة نمطية = Stereotype)، كما يعترف بذلك العديد من النقاد الصهاينة أنفسهم؛ بمعنى أنها نموذج مركب للإنسان العربي، لا كما هو عليه في الحقيقة والواقع، ولكن كما شاءته رغبات وأهواء الذين رسموا له تلك الصورة من الأدباء والمفكرين الصهاينة... ولعل من أبرز الذين اعترفوا بهذه الحقيقة الناقد (نسيم رجوان) بقوله: (إن الشروع في استخلاص أي شيء يشبه صورة صادقة للعرب في أعمال روائية أنتجت من قبل أدباء إسرائيل، هو جرأة ومغامرة مستحيلة تقريباً)(1).[/align] ثانياً، وظيفة الصورة النمطية للعربي في الأدب الصهيوني: [align=justify]بالتأكيد، لم يُجْهِد الأدباء الصهاينة أنفسهم في تلفيق كل تلك الملامح والصفات القبيحة التي ألصقوها بشخصية العربي، انطلاقاً من كرههم العنصري له فقط، بل فعلوا ذلك من أجل المساهمة في تحقيق الأهداف الآنية والبعيدة، للكيان الصهيوني، والتي يأتي في مقدمتها خلق حافز ذاتي في النفسية اليهودية لخوض الحرب تلو الحرب ضد العرب، وقتلهم وتشريدهم واغتصاب أراضيهم منهم، دون أن تأخذهم بهم رحمة أو شفقة. ومن تلك الأهداف أيضاً، محاولة دفع القارئ الصهيوني إلى رفض السلام مع العربي وقبول التعايش معه، بأي شكل من الأشكال. بل حتى عاطفة الحب التي لا تعترف بحواجز قومية أو إثنية أو دينية، لم تسلم من محاولة توظيف الأدباء الصهاينة لها في الحضِّ على كراهية العربي والنفور منه، على خلفية الزعم بأنه ليس أهلاً لأن يُحِّب ويُحَّب، كما نلاحظ ذلك جلياً، في رواية (حياة حوا جوتلب) لمؤلفتها (مريم شفارتس)(2) التي تخسر بطلتها (حوا) إمكانية الموافقة على انضمامها إلى الكيبوتس الذي أَوَتْ إليه بعد أن اعترفت لسكرتيره بأنها حملت من الشاب العربي محمود الذي تعرفت عليه في أول شبابها. فكما تخبرنا أحداث تلك الرواية، لم يستطع نشاط حوا وإعجابُ جميع الأعضاء بها تمكينَها من تجاوز زلتها المتمثلة بإقامة علاقة عاطفية/جنسية مع عربي. بل أكثر من ذلك، أصبح مولِد طفلها، في الكيبوتس، مشكلة أمنية وجاسوسية، لسبب واحد فقط هو أنَّ أباه عربي.[/align] ثالثاً: رسوخ ملامح الصورة النمطية للعربي في تصورات الصهاينة، وتأثيره: [align=justify]أدى تكرار الملامح البالغة السلبية لصورة الإنسان العربي في الأدب الصهيوني، إلى رسوخ هذه الملامح في أذهان صهاينة الكيان وتصوراتهم، في جميع مراحل حياتهم. وبسبب ما وَلَّدَدْته هذه الصورة في نفوسهم من مشاعر الحقد والكراهية لصاحبها، لم تستطع كل ما عرضته شاشات التلفزة في الكيان والعالم، من مشاهد العنف الوحشي التي ظهر فيها الجنود الصهاينة وهم يقتلون الفلسطينيين، ويكسرون عظام بعضهم، ويسحبون فتياتهم وأطفالهم على الأرض، ويهدمون بيوتهم، لم تستطع هذه المشاهد وغيرها من أشكال العنف التي عاينها يهود الكيان بأنفسهم، أن تُغَيِّر، ولو قليلاً، من موقفهم المعادي للعرب، أو أن تدفعهم إلى التعاطف معهم، بل ظَلَّ العربي، في تصورهم، (كيسَ الرمل الذي يتدرب أطفال إسرائيل على طعنه بالحراب في مدارسهم، تحت نظر الحاخام الواقف إلى جانبهم، دوماً، يشجعهم ويبارك عملهم).[/align] رابعاً، لا فرق بين عربي وعربي، في الأدب الصهيوني: [align=justify]فكما لاحظنا في سياق المحاضرة، لا يُفَرِّق الأدباء الصهاينة في تصويرهم للعربي بتلك الصورة النمطية المشوهة والمثيرة للكثير من مشاعر الاحتقار والحقد التي يُكِنُّونها لصاحبها، لا يُفرِّقون بين عربي من هذا القطر وآخر من ذاك.. بعبارة أخرى، نجد أنَّ لديهم نموذجاً واحداً للعربي في أي مكان هو فيه؛ ولذا، فمن الخطأ الفادح أن نظن أوصافهم التي يلصقونها بالإنسان العربي، مقصورة على العربي الفلسطيني وحده، كما يمكن أن يتبادر إلى الذهن، للوهلة الأولى، بسبب المواجهة الأكثر سخونة ومباشرة بين الفلسطينيين والصهاينة؛ وذلك لأن أي عربي، في تصورهم، هو عدو له نفس الملامح والسمات وأساليب السلوك والتفكير...[/align] خامساً، الفرق بين صورة العربي في الأدب الموجه للصهاينة، وذاك الموجه لغيرهم: [align=justify]من الملاحظ أنَّ نصوص الأدب الصهيوني، غالباً ما تشتطُّ في تشويهها لصورة الإنسان العربي حين تكون مكتوبة بالعبرية، وموجهة بشكل خاص للقارئ الصهيوني؛ أما حين تكون تلك النصوص موجهة للقارئ الغربي فإنها تصبح أقل شططاً، ويصبح التركيز فيها - كما في الدعاية الصهيونية التضليلية الموجهة للغرب - على ما يثير احتقارَ أي إنسان، عادة، لصاحب الخصال السيئة التي تَدَّعِي تلك النصوص أنَّ العربي يتسم بها.[/align] سادساً، لمحة عمن يسمون بأدباء الاحتجاج أو أدباء السلام: [align=justify]يتحدث البعض عن أدباء صهاينة، يصفونهم بأنهم يختلفون في مواقفهم تجاه العرب عن مواقف أمثالهم من الأدباء العنصريين، وقد جرى البعض على إطلاق صفة (أدباء الاحتجاج) أو (أدباء السلام) على أولئك المختلفين، من أمثال (عاموس عوز ودان ألماجور وحانوخ ليفين وشولاميت هارإيفين وعاموس كينان وأ. ب. يهوشوع وداليا رابيكوفيتش وحتى الشاعر يهودا عميحاي أحياناً)، وغيرهم؛ ولكن القراءة الموضوعية للكثير من أعمال هؤلاء، تُؤكد أنَّ مواقفهم تجاه العرب، ظلت تتميز بـ (السطحية)، كما يقول سميح القاسم في حوار معه نشرته مجلة الجديد الصادرة بتاريخ 1/6/1978. بل حتى مشاعر التعاطف مع العرب التي نلمسها في القليل جداً من أعمال هؤلاء الأدباء هي مشاعر دعائية لا حقيقية، لأن أيّاً منهم لم يدفعه تعاطفه مع العرب إلى الاعتراف بأنهم أصحاب حقٍّ مغتصب تجب إعادته إليهم. هذا بالإضافة إلى أنَّ هؤلاء الأدباء قليلو التأثير في يهود الكيان، ولا وزن لهم تقريباً في نظر متخذي القرار الصهاينة، بدليل تنامي التيار اليميني المتطرف المعادي للعرب، في أوساط جمهور الكيان وحكامه معاً، ولو كان من يُسَمَّون (أدباء السلام) مُؤثِّرين فعلاً لكان الميل إلى السلام قد عَبَّرَ عن نفسه في مواقف قرائهم من يهود الكيان، العسكريين والمدنيين، أثناء الانتفاضة الفلسطينية؛ لكن ما حدث كان النقيض، كما نعرف جميعاً. بل إن هؤلاء الأدباء أنفسهم، وفي أول موقف اختبار حقيقي لموقفهم المعلن من العرب، نراهم وقد تراجعوا عن هذا الموقف الدعائي، لينحازوا، ودون تردد، إلى الجانب الصهيوني، ضاربين عرض الحائط بكل طروحاتهم السابقة عن السلام والتعايش السلمي الذي زعموا أنهم من أنصاره، كما يؤكد موقف (عاموس عوز) مثلاً من انتفاضة الأقصى. وهذا كله يفضي، في المحصلة، إلى تأكيد القناعة بأن ما كتبه من يسمون (أدباء السلام) عن العرب لا يعدو كونه جزءاً من محاولة تجميل الصورة القبيحة للكيان الصهيوني، في نظر الرأي العام العالمي، من خلال الزعم بأنه (دولة ديموقراطية)، لأن حكوماته تسمح لمن يُعارض سياستها ضد العرب، برفع صوته دون أن يخشى لومة لائم. [/align] مصادر هذا الجزء: [align=justify]1) Nutty bigotry, Nissim Rejwan, The Jerusalem Post Magazine, February,11,1983, P:12 2) شفارتس مريم، رواية (حياة حوا جوتلب)، ورد تحليل لها في دراسة لفوزي الاسمر، بعنوان (عندما تحمل المرأة اليهودية من عربي)، نُشرت في مجلة الجديد التي كانت تصدر في فلسطين المحتلة؛ القصاصة المطبوعة هذه الدراسة عليها، والتي عثرت عليها عند بعض الأصدقاء، لا تحمل تاريخاً ولا رقم صفحة.[/align] |
رد: صورة العربي في الأدب الصهيوني/الجزء الثالث..
[align=justify]سعدت بإدراج الجزء الثالث من "صورة العربي في الأدب الصهيوني"
وإذا كان موقف الصهاينة من العرب هو واحد باختلاف شرائحهم ، فإنه من الغباء تصور فئة ، ولو قليلة ، تعبر بموضوعية عن العرب . وأعتقد أن الفقرة التالية تفضح كل شيء ولا تدع مجالا للشك في وقوف كل العدو صفا واحدا في عدائهم لنا . =============================== وهذا كله يفضي، في المحصلة، إلى تأكيد القناعة بأن ما كتبه من يسمون (أدباء السلام) عن العرب لا يعدو كونه جزءاً من محاولة تجميل الصورة القبيحة للكيان الصهيوني، في نظر الرأي العام العالمي، من خلال الزعم بأنه (دولة ديموقراطية)، لأن حكوماته تسمح لمن يُعارض سياستها ضد العرب، برفع صوته دون أن يخشى لومة لائم. ============================== شكرا أخي محمد توفيق ودامت لك المحبة[/align] |
رد: صورة العربي في الأدب الصهيوني/الجزء الثالث..
[align=justify]حسب قراءتي المتواضعة لهذا الفصل الثالث الهام ، وجدتُ أنّ هذه الفقرة هي المفصل الأهم :
((رابعاً، لا فرق بين عربي وعربي، في الأدب الصهيوني: فكما لاحظنا في سياق المحاضرة، لا يُفَرِّق الأدباء الصهاينة في تصويرهم للعربي بتلك الصورة النمطية المشوهة والمثيرة للكثير من مشاعر الاحتقار والحقد التي يُكِنُّونها لصاحبها، لا يُفرِّقون بين عربي من هذا القطر وآخر من ذاك.. بعبارة أخرى، نجد أنَّ لديهم نموذجاً واحداً للعربي في أي مكان هو فيه؛ ولذا، فمن الخطأ الفادح أن نظن أوصافهم التي يلصقونها بالإنسان العربي، مقصورة على العربي الفلسطيني وحده، كما يمكن أن يتبادر إلى الذهن، للوهلة الأولى، بسبب المواجهة الأكثر سخونة ومباشرة بين الفلسطينيين والصهاينة؛ وذلك لأن أي عربي، في تصورهم، هو عدو له نفس الملامح والسمات وأساليب السلوك والتفكير...)) اُنظر جيّدا أخي العربي..إنهم لم يخطئوا في نظرتهم إلينا على أننا جنس واحد..عدو واحد..شعب واحد..!!؟؟ فكيف ينتصر كلّ شعب لقُطره ؟! ويتفنّن كل عربي منّا في اتهام عربي آخر بالتّآمر !؟ لأننا باختصار شديد آمنّا بحكّامنا ولم نؤمن بوحدتنا !! شكرا لك أخي الدكتور توفيق على ما تبذله في سبيل إعادتنا إلى صوابنا..أدام الله نشاط قلمك ويقظة قلبك.. [/align] |
رد: صورة العربي في الأدب الصهيوني/الجزء الثالث..
كان الجزء الثالث لصورة العربي في الأدب الصهيوني متمما ومكملا للجزئين الأول والثاني ، وذلك للتأكيد على أن تصوير العرب بالصفات والملامح القبيحة هو ليس من باب كرههم العنصري للعرب فقط ، لكن هدفهم خلق الحافز الذاتي في النفسية اليهودية لخوض الحروب المتتالية ضد العرب لقتلهم وتشريدهم واغتصاب اراضيهم ، والتأكيد ايضا على أن هذا الكره العنصري ليس فقط للعرب الفلسطينيين بل هو للعرب جميعا ، لعلهم ينتبهون لهذه النقطة الهامة ، جزاك الله خيرا دكتور محمد توفيق الصواف ، تحياتي وتقديري . |
رد: صورة العربي في الأدب الصهيوني/الجزء الثالث..
[align=justify]أخي الحبيب رشيد.. أسعد الله أوقاتك بكل خير..
أشكر لك اهتمامك ومتابعتك.. وخصوصاً لموضوع هام كهذا، يُدهشني ألا يلقى اهتماماً إلا من قلة قليلة من القراء، ولا أكتمك أن هذه اللامبالاة تقلقني، لاسيما وأن المختصين بهذا الموضوع من العرب قلائل، كما ذكرت للأخت بشرى كمال، وأن معظمهم قد تُوفوا والباقين منهم كبار مثلي، أي على وشك الرحيل، ولا أحد يخلفنا في هذا الميدان، ولا عبرة بأدعياء المعرفة بهذا الأدب الذين يسرقون جهد غيرهم.. أرجو ألا نندم بعد فوات الأوان على عدم تشجيعنا لباحثين عرب في هذا المجال، بينما يدفع عدونا بعشرات من أبنائه، كل عام، للتخصص بالأدب العربي قديمه وحديثه، وبعلوم اللغة العربية..! لا حباً بالعرب وأدبهم ولغتهم ولكن لمزيد من النجاح في الكيد لهم! شكراً لك مرة أخرى أخي رشيد، وتقبل محبتي وتقديري..[/align] |
رد: صورة العربي في الأدب الصهيوني/الجزء الثالث..
[align=justify]أخي الحبيب محمد الصالح..
صحيح تماماً ما تفضلتَ به.. هم فعلاً لا يُفرقون بين عربي وعربي، فكل عربي عدو لهم.. ولكن العرب في سبات عجيب.. أتمنى صادقاً أن أجد من يأتيني يطلب ميراثي من العلم في هذا المجال، وأنا سأعطيه له كله عن طيب خاطر، ولكن لا أحد يريد أو يهتم، وهذا في نظري العجب العجاب، فأسوأ ما في صراعنا مع عدونا الصهيوني أنه يكيد لنا بمقدار غفلتنا عن مكائده! وبعد ذلك نشتم ونسب الأقدار، والأجدر أن نشتم كسلنا ونسبّ غفلتنا.. إذا ألفتَ كتاباً عن الأبراج أو عن أي تافه من مطربي اليوم ومطرباته ستجد سوقاً لا أول لها ولا آخر لترويج هذا الكتاب الذي سيعود على مؤلفه بثروة، أما إذا كتبت عن الأدب الصهيوني أو الخطر الغربي على بلادنا أو عن العالم الإسلامي فلن تجد لكتابك ناشراً ولو بالمجان، ولن تكسب من تأليفه سوى اللوم والتقريع، هذا إن سلمتَ من تهمة الإرهاب! سلامي لك ومحبتي وتقديري..[/align] |
رد: صورة العربي في الأدب الصهيوني/الجزء الثالث..
[align=justify]أفتخر كثيراً بقارئة واعية مثلك أختي الغالية بوران، لاسيما وأنك على تماسٍّ مباشر مع مفردات هذا الموضوع الخطير..
إنهم يكيدون لنا ليلَ نهار ونحن ماضون في الغفلة عن مكائدهم ليلَ نهار أيضاً! أرجو أن تجد مثل هذه الموضوعات اهتماماً أكبر من باقي أعضاء الموقع، وتفاعلاً أكثر عسى أن يشدّ تفاعلهم آخرين إلى الاهتمام بمثل هذه المواضيع البالغة الخطورة على راهن العرب ومستقبلهم.. أشكر لك اهتمامك وتعاونك وتقبلي محبتي وتقديري..[/align] |
الساعة الآن 24 : 08 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية