منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   الـقصـة القصيرة وق.ق.ج. (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=65)
-   -   ورقة (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=31374)

Arouba Shankan 01 / 05 / 2017 33 : 07 PM

ورقة
 
ورقة:
اقتحمت بخطواتها الأزقة العتيقة التي يسكنُ لياليها هدوءٌ بِعبق الماضي، وروائح الليل العطرية، كان الجو مائلاً للبرودة الخريفية، الطبيعة تستعد لاستقبال تشرين، عِندما لفظتها الغُربة وجعاً استعصى علاجهُ، فاختارت العودة.
تلمست حقيبتها باحِثة عن مفتاح الدار، على مايبدو نسيت أن تتفقده قُبيل مُغادرتها بلاد الإغتراب، ذلك المفتاح الغالي الذي احتفظت به لسنواتٍ داخل دُرج خِزانتها، كيف نسيته، هاهي أصابِعُها تتلمسه، وجدته بارِداً كما جُدران منزلها القديم، دفعت الباب على استحياءٍ، لا جديد الأثاث وقد علاه الغبار، كُل شيء موحشاً، في عودة الذكريات، شعورٌ بالإحباط، وفي زوايا الأماكن صورٌ لا تبرحُ الألباب، وبين الضلوع حسراتٌ مهما حاولت التغلب عليها، تتسلل مِن بين أهداب العيون، تحجبُ الرؤيا وتحجبُنا عن عالم الوجود..
سقطت صريعة الأمس، كم كانت صاخِبةً جُدران الحياة هُنا، وكم منحتها روح الشباب مِساحاتٍ مِن التفاؤل والأمل، عندما ارتبطت به وسافرا لِإكمال الحياة سوية، لكن سُرعان ما اكتشفت حجم سذاجتها التي منحتها سلبية الطاقة، والخمول الذَهني، لقد سلمت له كُل شيء، ليضيع كُل شيء، يحصل أن نخدع أنفُسنا بالحب، ويحصل أن نفشل، ويحصل أن نيأس لِنعود حيث الخطوات الأولى، وقد انتصرت الأقدار علينا، وهاهي ضرباتها لاتُريح ولا تستريح..
استلقت بتأنِ فوق سريرٍ نفضت عنه غُبار الإنتظار، كم بدا موحِشاً، ذاك السرير الذي احتضن كُراسها وغفى فوقه حُلمها بغدٍ ربيعي كما عُمرها الأخضر آنذاك. كم شعرت بِحاجتها لِلبُكاء، وكم تمنت لو استطاعت أن تبكي، أفرغت في حقائب الماضي مافي جُعبتها من دموعٍ، هُناك في أروقة الغربة، اِستنفذت ذخيرتها الأنثوية، عادت والتصحر في مشاعِرها وبين عينيها..
في تلك الليلة بدأ برد الخريف يتسللُ مِن نوافذ غُرفتها،كان أحنُ عليها مِن برودة الغربة، اِلتحفت مِعطفها الصوفي القديم الذي وجدته فوق ركام أشياءٍ بُعثرت بفوضوية.. وعبثاً حاولت النوم، وعبثاً اِستدنت الإحساس بالأمن
استمهلت آلامها حتى الصباح، وكم كان بعيداً ذلك الصباح التشريني حيثُ استيقظت الطبيعة على صدى جُرحٍ نازف، في تدفُقِه حكايةُ صبية في ربيعها العشرون زُفت لإنسانٍ غير مسؤولٍ عن حماقاته، وسط جحيمٍ عائليٍ أراد لها الإبتعاد، أملاً باستيطان سريرها، واستباحة ذكرياتها، غيب الموت فتاة الحي التي عادت وبين يديها ورقة أنهت صلاحيتها في منزله !
******************

رشيد الميموني 02 / 05 / 2017 50 : 12 AM

رد: ورقة
 
مع عودة نور الأدب تتألق صفحاته بأعذب الكلمات واشهى الحروف ..
قرأت نصك هذا عروبة من قبل ولا أمل من قراءته مرات ومرات .
دمت مبدعة وهنيئا لنا بعودة صرحنا المتميز ..
مودتي وورودي

Arouba Shankan 02 / 05 / 2017 00 : 01 AM

رد: ورقة
 
أشكر تجاوبك السريع أ. رشيد
نعم عاد نور الأدب، وطاقاتنا تعد بالمزيد، سنتواصل للرقي بنور الأدب على الدوام
أشكر تقييمك
بانتظار على الدوام
تحيتي وتقديري لك

المصطفى حرموش 02 / 05 / 2017 20 : 04 PM

رد: ورقة
 
صدق من قال:''بعد هذا العمر المديد...كم اشتقت لايام العزوبة...أما الزواج في وطننا فهو بالكاد أراجيف تمدح الإعتقال,''نص جميل وممتع...فرب ضارة نافعة..دمت متالقة الاخت عروبة

بوران شما 02 / 05 / 2017 13 : 11 PM

رد: ورقة
 
قصة رائعة عبرت بها عن صعوبة الغربة والحنين الى الذكريات
والحنين للماضي بأسلوب وكلمات رائعة ، دمت عزيزتي أستاذة عروبة
ودام لك هذا الإبداع والتألق ، ودمت بكل الخير .

Arouba Shankan 03 / 05 / 2017 35 : 04 PM

رد: ورقة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المصطفى حرموش (المشاركة 225402)
صدق من قال:''بعد هذا العمر المديد...كم اشتقت لايام العزوبة...أما الزواج في وطننا فهو بالكاد أراجيف تمدح الإعتقال,''نص جميل وممتع...فرب ضارة نافعة..دمت متالقة الاخت عروبة

أجمل أيام العمر نعم، أشكر مروركم أ. المصطفى حرموش
تحيتي وتقديري

Arouba Shankan 03 / 05 / 2017 35 : 04 PM

رد: ورقة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بوران شما (المشاركة 225406)
قصة رائعة عبرت بها عن صعوبة الغربة والحنين الى الذكريات
والحنين للماضي بأسلوب وكلمات رائعة ، دمت عزيزتي أستاذة عروبة
ودام لك هذا الإبداع والتألق ، ودمت بكل الخير .

ودام تواصلك الرائع أ. بوران شما
مرور وتعليق مشكورين
تحيتي


الساعة الآن 29 : 04 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية