![]() |
الشاعر التونسي (شكري بو ترعة ) في ميزان الإبداع يبتلعه كهف الرحيل
[align=justify]
كثيراً ما تكون حياة المبدع أقصر من حياة سواه .. كثيراً ما تكون القلوب المرهفة عليلة بشفافيتها فلا تطيل المقام خمسون سنة .. ما هي في عمر الزمن ؟! ولد في 2 أيلول / سبتمبر 1967 ومات في 24 أيلول / سبتمبر 2017 بعد صراع مع المرض سقطت ورقة حياته من فوق شجرة الحياة كما تتساقط أوراق الخريف ..! وحدهم حكامنا وزبانيتهم ، في بلاد الدكتاتورية واغتصاب السلطات .. في بلاد القهر والنهب والفساد يعمرون طويلاً .. مات المبدع التونسي شكري بوترعة الليلة الماضية .. ابتلعه كهف الموت كلوحة الغلاف لأحد مؤلفاته يعيش المبدعون عزلة وغربة روحية .. هنا فقط يحن التراب إلى التراب حتى تستسلم أجسادهم .. في مراجعتي لبعض أعماله في نور الأدب ، وجدت له في قسم الأدب الساخر هذا النص: ميتافيزيقا http://www.nooreladab.com/vb/showthread.php?t=7514و هو يعبر الشارع صدمته سيارة الإسعاف .. كان ينزف ... إقتربت منه قليلا كان شبهي تماما .. حزنه ملامح غربته . حبه للغيب كان يحاول أن يموت .. . أشعلت سيجارة و مضيت الى غرفتي .. و حين دخلت لم أجدني هناك .. يقال أنني لم أعد وفي قصيدة النثر كان له عدد منها اخترت لهذا المبدع مع تلويحة الوداع: حزينون تماما .... حزينون تماما .... و ليس لنا في هذه الدائرة سوى رغوة الخمر على شفاهنا غسيل فوضانا بقايا التبغ على أظافرنا الممرغة بالحبر و الفجائع و هذا الطفل الذي يخترع الأخضر في الحرائق يغادر طفولته على نعش الكبرياء حزينون تماما .... حزينون تماما .... باهتة علبة التلوين في ذاكرة الطفل المسجى حين يسيل منها دمه ... و لون الشمس في دفتر الرسم حزينون و الجسد مكيدة الروح بغداد "سؤال الروح المطروح على الروح" هكذا يختتم الوقت إذا! .... بغداد التي أرضعت من قبل ذئاب الأساطير و أينع الزعتر البري على أحراش أهوازها هي نفسها بغداد التي تعلم الآن جلجامش إمساك المسدس في ساحة الدم بغداد هذا الكوكب الذي انحرف عن مدار الهزيمة يحصي أطفاله كل مساء و حين يتشعث ماء الفرات ويخرج سمك دجلة إلى الطرقات و تلقي العصافير بيانها من فوق سطح الإذاعة :كفى هلاكا : مزيدا من الثلج على اللحم الذي يلتصق بالحديد :دعوا الطفل يفتش عن إناء الحليب تحت الركام :دعوا زهرة القلب تنامُ حزينون تماما .... يزوغ نجمنا و يرفو ثغرة في القلب الذي يتأرجح و بغداد لا تتعرى تماما للغزاة هنالك خلف الحقول ذراع نحيلة تحصد القمح و تحصد الطائرات .....أنا لا أرثي العراق إنما أرثي الطعنة التي تفشي رائحة الشقيق أنا لا أرثي العراق إنما أرثي من فتح بوابة البحر كي يمر لنخل العراق الحريق ... تعب القتل و لم يتعب القاتلون فهل تقصفون و هل تقصفون ...... ضواحي الكلام الذي سوف نقول و هل تقصفون ضواحي الكلام الذي لا نقول ........... و من نبض النخيل فينا نعيد إلى بيتنا الكهرباء فهل تقصفون المساء الذي يتنزه على لوحة في الجدار و تقصفون قهوتنا في الصباح و تقصفون سلسلة أفكارنا دعونا إذن ... نكتب قصائدنا في هدوء حزينون تماما ... حزينون تماما ... من أي جهة سيأتي مساء بدون نواح و كيف سنعرف في هذا الخراب بأن الذي على الطاولة دمنا أم قهوة للصباح سيدتي بغداد آخر ما تبقى من ملح الروح على الجسد الملطخ بالوحل و قبعات الجنود .... سيدتي هل تسمعين صهيل الطائرات ؟ هل توقف القلب عن النبض؟ أم انحنى النبض كي يمر ماء الفرات ... حزينون تماما ... تماما ...حزينون أفريل 2003 http://www.nooreladab.com/vb/showthread.php?t=6661 منذ العبارة .. منذ انزواء الماء في جسد الكائن ... منذ استراحة الله .. منذ البشر يحملون حقائبهم و ينزلون الى الأرض منذ اليأس ... و ليل المفهوم .. منذ الجريمة الأولى ... و اكتشاف لون الدم .. منذ الحكمة .. و الخوف .. الحجر في قلب الحيوان .. قبل الملوك .. و الحبل المستدير ... قبل البحر و الذريعة.. قبل القتل و الشرطي و الزرقة و السجن و العزلة و المنفى و الخمر .. قبل البيت من حجر و قبل الرب من حجر ... و شعرية الدم في نصوص الحرب... قبل انزلاق السماء بين يديها.. بين قوسين كانت الأرض تنام .. قالت: أرتق خطاك بخيط الندى .... قالت: أحرسك في المرآة.. قالت: الموسيقى صوت الجسد في قاع الشهوة او في سطح الناي قالت: هنا وهي تشير الى صوتها ينهض من النوم قالت: أخرج من المجاز وادخل جسدي ... ترى اللهاث مؤذن ***** كنت في الحانة وحدي و الندامى فوانيس على وشك البكاء.... شفة واحدة لا تكفي .. كي أنام كنت في العزلة وحدي و العشب يخلع النافذة .... يد واحدة لا تكفي للذهاب الى الآخرة .... http://www.nooreladab.com/vb/showthread.php?t=6693 نعت وزارة الشؤون الثقافية في تونس رحيل الشاعر شكري بوترعة الذي غيّبه الموت اليوم الاحد 24 سبتمبر 2017، ترك الراحل ثلاث دواوين شعرية : "كاريزما" و"لا شيء يحدث الان" و"سونيتات لسيدة النهر". حصل الفقيد على العديد من الجوائز منها جائزة جرسيف للشعر دورة 2014 , جائزة ملتقى ابن منصور الأولى, جائزة مفدي زكريا المغاربية, ومن اصداراته : سونيتات لسيدة النهر لا شيء يحدث الان ثمة موتى يستدرجون القيامة كان المبدع شكري بوترعة قبل المرض الذي غيبه سنوات ، يحاكي الموت .. يناجيه .. يستدرجه .. وكان لديه ثمة شعور بالقهر حد الرغبة بالإنزواء..! كان .. كان أيضاً .. ويقال أنه لم يعد..! رحم الله المبدع شكري بوترعة وأسكنه فسيح جناته ولزوجته وأهله نرجو الصبر على المصاب.. بانتظار قراءتكم لهذا المبدع من خلال ما أوردت من بعض نصوصه أعلاه [/align] |
رد: الشاعر التونسي (شكري بو ترعة ) في ميزان الإبداع يبتلعه كهف الرحيل
مقاربة قصيدة - سونيتات لسيدة النهر - للشاعر شكري بوترعة وأنا أقرأ هذه القصيدة أول مرة ،لم تتوقف ذاكرتي طويلا في حجرة الانتظار ، بل استرجعت مع كل كلمة حكايات أحزاننا ،. التي تتشابه داخل الوطن الواحد .. وفي القصيدة الواحدة .. إذ يحملك الشاعر إلى دائرة مغلقة ، بدايتها ...حزن جلّ وقعه ونهايتها... حزن عظُم فجعه ، دائرة استفاضت فيها نغمة الحزن .. حتى صارت ظاهرة تلفت النظر " على حد تعبير عز الدين إسماعيل. حزينون تماما .... * *حزينون تماما .... * *و ليس لنا في هذه الدائرة * *سوى * *رغوة الخمر على شفاهنا * *غسيل فوضانا * *بقايا التبغ على أظافرنا الممرغة بالحبر و الفجائع * *و هذا الطفل الذي يخترع الأخضر في الحرائق * *يغادر طفولته على نعش الكبرياء * مآسي وأحزان في وقائع يومية ..يصورها الشاعر بإدراك شعري ، يجعلك تتأمل هذه التفاصيل المأساوية في تفاصيل حياة مؤلمة .. ( رغوة خمر، فوضى ، بقايا تبغ ، حرائق ،نعش) مع هذا التأمل تتوسع رقعة الحزن ومأساوية الواقع .. من تفاصيل صغيرة إلى أخرى كبيرة عميقة ، من تفاصيل باهتة ألوانها ،.إلى تفاصيل فاقعة بالدم مخضبة به .. *حزينون تماما .... * *حزينون تماما .... * *باهتة علبة التلوين * *في ذاكرة الطفل المسجى * *حين يسيل منها دمه ... * *و لون الشمس في دفتر الرسم * هكذا هو صراع الروح والجسد صراع أزلي صراع يجسده سؤال البقاء .. سؤال المكيدة .. سؤال حزن أصاب روح الأوطان ' بغداد ' سؤال الروح المطروح على الروح" * *هكذا يختتم الوقت إذا! .... * أسئلة متلاحقة بإيحاءات معنوية .. وبصور مجازية متناسقة متكاملة تبرز للقارئ مخزونا انفعاليا من خلال شحنات داخلية كامنة ... بألفاظ ومفردات موحية دالة على عمق التأثير النفسي وعمق الجرح .. وعمق الهلاك الذي أصاب روح الأوطان ،، *بغداد التي أرضعت من قبل ذئاب الأساطير * *و أينع الزعتر البري على أحراش أهوازها * *هي * *نفسها بغداد التي تعلم الآن جلجامش إمساك المسدس في * *ساحة الدم * *بغداد هذا الكوكب الذي انحرف عن مدار الهزيمة * *يحصي أطفاله كل مساء * *و حين يتشعث ماء الفرات * *ويخرج سمك دجلة إلى الطرقات * *و تلقي العصافير بيانها من فوق سطح الإذاعة * *:كفى هلاكا * لوحة درامية .. تكشف نظاما فنيا يقوم على بنية الاعتراف والتصريح ، ، تصريح يجعل القارئ يطيل التمعن في هذه اللوحة المعتمة بظلالها السوداء .. هي ظلال الهلاك والموت .. ظلال ترخي سدولها على زهرة القلب " بغداد" كل مساء، على الطفل .. على الجسد .. على النجم . .. على ذراع نحيلة .. كل مساء هي ظلال أرخت سدولها على نمط الجملة في القصيدة التي تجاوبت وانقطاع النغمة والتنافر الصوتي مع انتفاضات " الحزن " جمل مبتورة .. وأخرى طويلة متوقدة .. تنتهي بجمل دالة قاطعة ومحددة ، تكشف لنا ذاك التمرد الواعي على شكل سونيتات مختلفة *: مزيدا من الثلج على اللحم الذي يلتصق بالحديد * *:دعوا الطفل يفتش عن إناء الحليب تحت الركام * *:دعوا زهرة القلب تنامُ * *حزينون تماما .... * *يزوغ نجمنا و يرفو ثغرة * *في القلب الذي يتأرجح * *و بغداد لا تتعرى تماما للغزاة * *هنالك خلف الحقول ذراع نحيلة تحصد القمح و تحصد الطائرات * *.....أنا لا أرثي العراق * *إنما أرثي الطعنة * *التي تفشي رائحة الشقيق * لغة وصور بعدسة إنسانية تقلق وعي المتلقي ليعيد قراءة القصيدة من جديد .. ليعيد النظر في مشاهد واقعية بصور إيحائية مجسدة تسهم في تعميق الإحساس بالحزن .. هكذا هي لغة الصورة ذات الإشارات والإيحاءات ،ذات الأبعاد الثلاثية .. لغة تقارب بين عالمين ، عالم القصيدة الرحب وعالم الواقع المرير في عالم يروغ نجمه ويرفو ثغره في القلب الذي يتأرجح * في عالم هنالك خلف الحقول ذراع نحيلة تحصد القمح و تحصد الطائرات ، في عالم يتزايد فيه النغم الدرامي فيصبح قصف الكلام .. قبل الكلام مشروعا ، وقصف الأفكار .. التي ترثي الطعنة .. حقاًمعلوما .. فهل تقصفون المساء الذي يتنزه على لوحة في الجدار نعم لقد قصفوا مساء اللوحة .. قصفوا مساءنا .. قصفوا قهوتنا .. قصفوا أفكارنا .. وتركوا لنا نبض الأحزان .. في كل ركن .. *أنا لا أرثي العراق * إنما أرثي من فتح بوابة البحر * *كي يمر لنخل العراق الحريق ... * *تعب القتل * *و لم يتعب القاتلون * *فهل تقصفون و هل تقصفون ...... * *ضواحي الكلام الذي سوف نقول * *و هل تقصفون ضواحي الكلام الذي * *لا نقول ........... * *و من نبض النخيل فينا * *نعيد إلى بيتنا الكهرباء * *فهل تقصفون المساء الذي يتنزه على لوحة في الجدار * *و تقصفون قهوتنا في الصباح * *و تقصفون سلسلة أفكارنا * *دعونا إذن ... * *نكتب قصائدنا في هدوء * *من أي جهة سيأتي مساء بدون نواح * *و كيف سنعرف في هذا الخراب * *بأن الذي على الطاولة دمنا * *أم قهوة للصباح * إنه الحزن الحقيقي .. لا المتخيل المختلق ، حزن يمزج في قصيدة" جوهرة" ، بسونيتات مرتبة جيدا ، تختتم بنبض أطواله متناقصة كما جمل المقطع ،مختصرة وبالغة التركيز والتصريح .. تفتح أفق القارئ ... ليطيل التمعن في نهاية .. إيقاعها أكثر حزنا وتوترا .. *سيدتي بغداد * *آخر ما تبقى من ملح الروح * *على الجسد الملطخ بالوحل * *و قبعات الجنود .... * *سيدتي هل تسمعين صهيل الطائرات ؟ * *هل توقف القلب عن النبض؟ * *أم انحنى النبض * *كي يمر ماء الفرات ... * نهاية سونيتات تمنح النبض طاقة إيحائية .. تنسجم والرؤيا الشعرية ، حيث تتحد الإيحاءات وإيقاعات الكلمات المترابطة ، وتمتزج مع الحالة الشعورية في قالب يحقق التوازن بين النثر والشعر ، بين الحزن والإبداع ، بين التعبير والتمرد ، في جمل سلسة شفافة ، بلازوائد ولا تعقيدات .. نهاية تجعلنا نصرح مع الشاعر المبدع *إننا حزينون تماما ... * *حزينون تماما ... * وها قد رحلت .. بعد أن تجرعت -وتجرعنا- كؤوس الحزن مرارا .. رحمك الله..!! بتاريخ 29/9/2017 |
رد: الشاعر التونسي (شكري بو ترعة ) في ميزان الإبداع يبتلعه كهف الرحيل
غياب تام لباقي الأعضاء ... وهذا لا يحفز إطلاقا على طرح مواضيع أخرى إن كانت ستجد جفاء ونفورا ننتظركم وننتظر قراءاتكم
مع تقديري واحترامي |
رد: الشاعر التونسي (شكري بو ترعة ) في ميزان الإبداع يبتلعه كهف الرحيل
تتشابه أحزاننا نعم، لكن لكلٍ أبجديته في ترصيفها لنعبر محن هذا الزمن،،
وتغادر الطفولة أوانها على نعش الكبرياء.. حزينون على الدوام، ونبدع في رسم ملامح الحزن الرحمة للشاعر التونسي الذي رسم جرح بغداد غير عابئ بالبعد الجغرافي وعبر عن أحزاننا، وكأن مداد آلامنا حِبرهُ جعلنا نتذوق الكلمة، فشكراً له وشكراً لمن كتب عن شاعرنا شكري بو ترعة كل التقدير والتحية |
الساعة الآن 39 : 12 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية