منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   الأحاديث النبوية، السيرة ومكارم الأخلاق والشمائل (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=177)
-   -   معارج الهمم الوالهة في معرفة الله (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=31878)

عمر الريسوني 12 / 11 / 2017 48 : 04 AM

معارج الهمم الوالهة في معرفة الله
 
معارج الهمم الوالهة في معرفة الله

حارت العقول في فهم مجد عظمة الله وتاهت الأفكار في لجي غوامض أسراره ، وهو المنزه بذاته عن رؤية كل رائي ومعرفة كل عارف وتوحيد كل موحد وعبادة كل عابد وجحود كل جاحد وجهل كل جاهل ووصف كل واصف فكلهم في نكرة النكرة معزولون من حقيقة معرفته وجعلهم بعيدين كل البعد عن إدراك حقائق نعوته وصفاته بالحواس، وقد امتنع الحق بصمديته عن وقوف العقول عليه ومن جلي حكمته أنه سبحانه كاشف الوالهين بقوله تعالى هو وكاشف الموحدين بقوله تعالى الله وكاشف العارفين بقوله تعالى أحد وكاشف العلماء بقوله تعالى الصمد وكاشف العقلاء بقوله تعالى لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، ولقد عجز الواصفون عن الوصف فلم يصلوا إلى الموصوف فاحتجبوا بالغيب وانصرفوا حيارى عطاشا غير مدركين كنه هذه الحقائق العظيمة في هذا العرفان واعترفوا بالعجز عن الإدراك وإدراك الإدراك ولما عجزهم حقيقة هويته تجلى لهم بنعوت الجمال لطفا وترحما من لباس الأفعال فهاموا بحبه في بيداء أنوار جماله وجلاله وكماله، ولكي نستشف عمق هذه الحقائق التي ترتقيها هممنا حبا ومعرفة، فالله تعالى خلق مداركنا وهيئها بعلمه وحكمته لترتقي آفاقا معرفية كبرى، ومواهبنا تتقبل هذه الأنوار العرفانية بما رزق الواهب الحكيم، والحكمة الربانية تقتضي أن نعي بحزم وعزم هذا العرفان بعد طول تأمل وتدبر عن حب مغروس فينا بعناية فائقة، والمخلوق ليس له إلا أن يعرف خالقه الذي أكرمه ومن عليه من فضله وعطاءه، وأول ما يتبادر إلينا في باب هذا العرفان الأعظم أن الله تعالى بخلاف كل الأشياء المخلوقة ولا تخضع معرفته لأي تصور أو نظرية أو وهم أو خيال فليس الله يعرف بالأشياء ما دامت مخلوقة لذا كان التنزيه المحكم للخالق وتنزهه عن كل الأشياء المخلوقة وهو خالقها وموجدها ، وكل الأشياء المخلوقة تعرف به سبحانه وتعالى، فالعقول المدركة تعطي دوما تصورا عن نموذج محدود المعالم والمسطر لها بعناية ربانية حتى يرتقي الفهم وفق مدارج المعارج نحو تصور أكبر يفوق ما تمثله المخلوقية ففي قوله تعالى (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) الآية، هذه الآية الكريمة تجعل فهمنا وتصورنا يرتقي لما هو أكبر في هذا العرفان الأعظم، حيث ترسم لنا معالما كبرى تتسع بآفاقها الحكيمة كقوله تعالى في محكم كتابه العزيز (لاتدركه الأبصار ) الآية، فالأبصار خلقت لترى وفق النموذج البشري المعد لها بعناية ورحمة ، والآية الكريمة لا تشير إلى الرؤية بل الإدراك وبتأمل حصيف فالمخلوق لا يمكن أن يدرك ما وراء أبعاد حدوده الإدراكية والحكمة المراد منها أن نفقه أن الخالق بخلاف المخلوق من الأشياء وأن الخالق سبحانه وتعالى أظهر من المخلوقين بوجوده وحضوره ومعيته ، وهو سبحانه ليس بحاجة أن يكون شيئا أو جسما حتى يكون مرئيا بالإبصار ، فمعرفته سبحانه بما ارتقى فهمنا وأحكمنا تصورنا ، فكم هي عظيمة هذه الحقائق ببساطتها وإنها لتتجلى روحا في القلوب التي نهلت وارتقت في عرش أنوار هذه الحقائق فتعيها كشفا الهمم المحبة الوالهة، لذا كان التنزيه والتوحيد مبني على نفي كل ما لا يوصل إليه فترتقي بذلك مداركنا لتصور أكبر يليق بما نزه الله به نفسه بما يستحق من جلال وجمال وكمال.

حسن الحاجبي 13 / 11 / 2017 47 : 11 PM

رد: معارج الهمم الوالهة في معرفة الله
 
ما أمتعك وما أحلاك سيدي
شكرا جزيلا على روعة الطرح وجمال التصوير
حللت أهلا ونزلت سهلا في نور الأدب أيها الرائع

ناهد شما 14 / 11 / 2017 28 : 03 AM

رد: معارج الهمم الوالهة في معرفة الله
 
الأستاذ الفاضل عمر الريسوني
يسعدني أن أرحب بك في نور الأدب
مرحبا بك بين إخوانك وأخواتك
فعندما يصمت اللسان ويطلق للقلم العنان ليعبر عن خفايا النفس ومكنوناتها
نرى إبداع الخالق فينا وعندما ينساب القلم ويريح في مرفأه نرى قطرات الشهد تتساقط من بين الأنامل
عندما تكتبون نرى الإبداع الحق والمواهب المصقولة نرى الفنون والجمال الذي تخطه أياديكم هنا
في نور الأدب نحييك وكلنا أمل أن تجد الفائدة والمعرفة وأن نرتشف من ينابيعك قطرات
تروي عطشانا للمعرفة فمرحبا بك ، حللت أهلاً ونزلت سهلاً فلك أرق وأعطر التحايا وأصدقها
وشكرا لهذا الموضوع الرائع وما احلاها من معارج
دمت بخير
:nic93:

عمر الريسوني 16 / 11 / 2017 49 : 01 AM

رد: معارج الهمم الوالهة في معرفة الله
 
أهلا بالأحباب ، فالله الله
يا أخي العزيز حسن
سئل أحد
الأحباب الصالحين : كيف اصبحت ؟ فارتجل وقال :
أصبحت ألطف من مر النسيم سرى
على الرياض يكاد الوهم يؤلمني
من كل معنى لطيف احتسي قدحا
وكل ناطقة في الكون تطربني

عمر الريسوني 16 / 11 / 2017 02 : 02 AM

رد: معارج الهمم الوالهة في معرفة الله
 
ما أجمل شذى عطر كلماتك يا ناهد
فهو ينساب كالجواهر واللآلئ المتدفقة
في حلل بهية من المعاني السامية الفياضة
وبخصوص هذا الموضوع العلمي العرفاني فاني
أرى أنه كلما تعمقنا في العلم بكل تجرد ونهجنا
نهجا سوية بلغنا حقيقة أنه الله ، الحقيقة السرمدية
التي ليس بعدها حقيقة ، فعمق التوحيد أن نعرف
معنى وجودنا ، وبمعرفة هذا المعنى المزهر تسكن
النفوس وتطمئن وتسمو الى غايتها بعزم ويقين


الساعة الآن 42 : 12 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية