منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   الاتحاد الأوروبي العربي للديمقراطية و الحوار (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=6)
-   -   و هل يعود المهاجر كما ذهب؟ (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=3205)

نصيرة تختوخ 30 / 03 / 2008 31 : 02 AM

و هل يعود المهاجر كما ذهب؟
 
ظلت تجربة الهجرة عبر العصور تجربة مميزة على المستوى الفردي أو الجماعي وكما جمعت بين الجرأة و المغامرة و التحدي والمعاناة حملت في طياتها حكاوي التيه و اللاعودة.
أذكر أنني سمعت أحد الأساتذة المحاضرين يتمم تحليله بالتساؤل:"و هل يعود المهاجر كما ذهب؟".
نسيت السياق و نسيت اسم الأستاذ و محور الندوة و لم يبقى في ذاكرتي بعد كل هذه السنين (الندوة كانت عام 1994)إلا ذلك السؤال الذي يظل يزورني كل مرة كطيف أو كشيخ مخلص لموسم أو زاوية ما لا يثنيه عنها إلا الموت أو العجز القاهر.
كلما نزلت في ميناء أو مطار ببلدي وأخذني الوطن بين أحضانه إلا و تراودني تلك الجملة التي تتلوها علامة الإستفهام.
وكلما جلست بين زملائي وهم يحكون عن أحداث ميزت طفولتهم ومرت بها هولندا إلا وأحسست بتلك القطع المفقودة عندي لأنني أحمل معي قصصا أخرى وأحداث مختلفة .
في ذاكرتي مثلا: راية حمراء تتوسطها نجمة خماسية خضراء ترفرف فوق بيتنا في الأعياد الوطنية في نونبر و مارس..
نصوص قرأناها عن زلزال أغادير؛ حكايات الجدة عن مجاعة ضربت المغرب وجعلت الناس يأكلون العشب .
وفي ذاكرة زملائي نكبات مشابهة لكن عوض الجفاف هناك فيضانات أغرقت قرى هولندية و موت أتى به هتلر وأسماء أبطال سباقات التزحلق على الجليد.
لا يمكننا أن نكون في مكانين مختلفين في آن واحد ولايمكننا أن نوقف الزمن والأحداث في أحدهما أو كما يقول أدورونو في المينيما موراليا:' لقد بطلت كما نعلم حياة المهاجرين السابقة.
في السابق كان ما أعلن أنه غير قابل للتحويل وغير قابل للتطبيع هو مذكرة الإعتقال،واليوم هو التجربة الفكرية.
كل ماهو غير متشيء،ولا يمكن عده وقياسه ،يكف عن الوجود.
غير أن التشيؤ إذ لا يكتفي بهذا، ينتشر باتجاه نقيضه، الحياة التي لايمكن أن تكون متحققة مباشرة؛ فكل ما يواصل العيش إنما يواصله كفكر وتأمل و ليس غير.
ولقد ابتدع من أجل هذا اسم خاص فهو يدعى" الخلفية" و يظهر على الإستمارة كملحق، بعد الجنس و العمر و المهنة.
ولكي يكمل إنتهاكه ،فإن الحياة تجرجرها سيارة الإحصائيين المتحدين الظافرة، وحتى الماضي لا يعود في مأمن من الحاضر الذي لا يلبث تذكره أن يسلمه إلى النسيان مرة أخرى".
الذكريات السابقة الكثيرة للمهاجر تبطل في المجتمع الجديد الذي ينضم إليه، إنها تصير عديمة المعنى و السياق وحديثه عنها قد يكون مسليا لبعض الوقت لكن غير مرغوب فيه وشاذا اإن تكرر وطال لأنه يحتاج لشرح وتخيل أبعاد قد تستعصي على مخيلة المستمع.
"الخلفية "تظل موجودة في فكر وفي تأملات و في مشاعرالمهاجر لكنها لاتحيا ولا تتفاعل في ممارسته اليومية إن كان عنصرا فعالا في مجتمعه الجديد لأنه يجب أن ينسجم مع نظم و أعراف وثقافة من حوله.عليه أن يتحدث لغتهم ويواكب دواليب التواصل معهم .
في واحد من أجمل الكتب المتحدثة عن تجربة المهاجر و العودة يقول ميلان كوندرا:"لنتخيل مثلا عواطف شخصين لم
يلتقيا بعض منذ زمن طويل ؛ كانا في السابق أو لنقل في زمن مضى يلتقيان بكثافة و لهذا هما يعتقدان أن نفس الذكريات تجمعهما. وهنا يبدأ الخطأ:لأن الذكريات ليست نفسها عند كليهما فكل فرد يخزن ذكرياته بطريقته حتى الكمية التي تم حفظها ستختلف بينهما. أحدهما سيذكر الآخر أفضل و العكس صحيح.
عندما يسكن شخصان نفس المنزل ،يتقابلان كل يوم، يتقاسمان هموم ومسؤوليات و مشاغل اليوم فإن محاوراتهما اليومية ومايتشاركان فيه يخلق ذكرياتهما المشتركة ويجعلهما يتحادثان عن نفس التفاصيل الأمر الذي يكون تأكيدا على أنهما يعيشان سوية.(من كتاب "الجهل" لميلان كوندرا)
نفس المثل يمكن توسيع رقعته وجعل المهاجر ثابتا بعيدا و مجموعة أبناء بلده الأصلي ذلك الآخر الذي خزنت عنه ومعه ذكريات لكن التشارك الغير المتجدد جعل الهوة تكبر والسلاسة في التعامل تصير أكثر تعقيدا.
المسافة التي تحاول وسائل الإعلام والقنوات الفضائية تقليصها بين البلدان وساكنيها قد تقصر نوعا ما مسهلة التواصل الفكري و المعرفي و الثقافي لكنها أبدا لن تمزج ألوان الأوطان و ثقافات البلدان خاصة دول الغرب و الشرق.
لذا قد نجد خاصة عند المثقفين والفنانين الذين غادروا أوطانهم بعد مرحلة الشباب محاولةالإستيطان في كتابتهم و إبداعاتهم التي قد تفشل حين يتسلقون سلم النجاح العالمي أو لأقل تلك الحالة الكونرادية نسبة إلى جوزيف كونراد الكاتب الإنجليزي البولندي الأصل حين يقول:' يقيم الكاتب بيتا...من لم يعد له وطن تغدو الكتابة بالنسبة إليه مكانا للعيش..غير أن الحاجة لأن يتقسى المرء على ذاته تنطوي على الضرورة التقنية المتمثلة بمواجهة أي تراخ في التوتر الفكري بأقصى اليقظة،وإزالة كل مايبدأ بتشكيل قشرة فوق العمل أو يسوقه إلى الكسل و التواني، مما كان في مرحلة سابقة قد أفاد، كما القيل و القال، في خلق الجو الدافئ المساعد على النمو، لكنه تراجع الآن إلى الخلف.
في النهاية ليس يسمح للكاتب أن يعيش حتى في كتاباته."
وهل يعود المهاجر كما ذهب؟ حتما لا حتى وإن سكنه الوطن.

Nassira

هدى نورالدين الخطيب 30 / 03 / 2008 29 : 08 PM

رد: و هل يعود المهاجر كما ذهب؟
 
[frame="1 10"]
أستاذة نصيرة.. تحياتي
هذه قضية شائكة ومعقدة وبغاية الأهمية، كنت قد بدأت في العام الماضي سلسلة " صفحات قاتمة من مفكرة الغربة " نشرت منها هنا حلقة واحدة، لا أعرف إن كنت قد اطلعت عليها
هذا الموضوع يستحق الكثير جداً من الحوار والتشريح من مختلف الجوانب لذا أتمنى نقله إلى منتدى العرب والمهجر حتى نتابع هذه القضية باستمرار
قالت لي يوماً إحدى السيدات في مستهل هجرتي: (( الهجرة تعني القهر وستجدين أنك لست هنا ولا هناك وتصبحين قطع وشظايا يصعب تجميعها في مكان))
شكراً لك على هذه المقالة وهذه القضية التي تستحق الكثير من الحوار وينبغي لنا بالفعل الاهتمام بها ورفدها بشكل دائم في منتدى العرب والمهجر
وتفضلي بقبول فائق آيات تقديري واحترامي

[/frame]

نصيرة تختوخ 30 / 03 / 2008 01 : 09 PM

رد: و هل يعود المهاجر كما ذهب؟
 
الأخت الكريمة هدى؛
لقد كنت أرسلت يوما رسالة إلى الأخ طلعت سقيرق أخبرته فيها أنني أحيانا أحتار أين أضع مواضيعي لأن أفكاري متشابكة نوعا ما وقد تكون تلمس أكثر من جانب.
طبعا يمكن نقل المقالة إلى منتدى آخر إن شئت ذلك.
بالنسبة لما قالته لك تلك السيدة قد يكون قاسيا إن أخذنا بعي الإعتبار الكلمات التي إستعملت و مقبولا إن نظرنا إلى الفكرة الموجودة خلف تصريحها.
قد أتذكر هنا العبقري إدوارد سعيد حين يقول أنه كان مستحبا لدى الأمريكيين أن يقولوا عنه أنه شرق أوسطي لأن لا جنسيته الأمريكية كانت تناسبهم ولا كلمة فلسطيني سهلة للإعتراف بها نظرا للوضعية الشائكة للقضية الفلسطينية خاصة في الفترة التي كانت تتسم بتصريحات مثل قولة غولدا مايير:' ليس هناك فلسطينيين" ..
للمثقف المهاجر رؤاه وتأملاته التي قد تكون أعمق من مايعايشه الشخص الذي يذوب في معركة الحياة اليومية ويتناسى أن يطرح تساؤلات وانتقادات ذاتية ..
وسيكون جميلا و مفيدا حتما لو اكتشفنا تأملات مهاجرين آخرين..
مع التحية

نصيرة تختوخ 09 / 04 / 2008 50 : 02 PM

رد: و هل يعود المهاجر كما ذهب؟
 
http://www.alquds.co.uk/index.asp?fn...b=&storytitlec=
سرني اليوم أن أرى مقالي هذا على جريدة القدس العربي مع أن إسمي لم يكتب تحته وكتب فقط عنواني البريدي الذي أرسلت به المقال.

وهل يعود المهاجر كما ذهب؟


09/04/2008

عبدالله الفواز 25 / 11 / 2009 22 : 05 PM

رد: و هل يعود المهاجر كما ذهب؟
 
نصيره تختون انا اشكر ك على هذا الموضوع الزي قد يحفز التحرك بالحديث نحوا المهجرين من العرب من جميع انحاء الوطن العربي


ولكنني ارى في نفس الوقت واقول ان كل انسان لا بد ان يرجع ذات يوم الى وطنه وارضه --- وان خروجه هذا قد يكون له فوائد عديده لا نعرفها -- واريد ان اذكر بعض الفوائد الاتي استصيغها


هي اولا انه يخرج تاريخ واحداث وطنه في ارض ليست وطنه وهذا الشي يفيده ويفيد وطنه وناسه بتعرف الناس على وطنك معرفه حقيقيه بذكرك لها في تلك الاوطان


ولا شيء ثاني لئن الوطن هو الاول والاخير


سوف يعودوا بأذن الله تعالى

نصيرة تختوخ 25 / 11 / 2009 27 : 10 PM

رد: و هل يعود المهاجر كما ذهب؟
 
للهجرة فوائدها طبعا كما لها آثارها على شخصية ونفسية المهاجر وحين تكون جماعية من قطر لآخر فإن التأثيرفي بلد الإقامة يكون ساري المفعول أيضا.
تحياتي لك أخي الكريم


الساعة الآن 29 : 12 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية